مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 07-06-2005, 01:43 AM
ريان الشققي ريان الشققي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2002
المشاركات: 63
إفتراضي غبطة الممرات

اللون الأبيض أعمى نظري، هو في كل اتجاه وفي كل زاوية، بعضه ثابت وبعضه متحرك، أخذ يرمقني ويترصدني، منذ دخولي وهو يرسل سهامه نحوي، رأيي حتما سيتغير حياله، ممرات وممرات ومصاعد وحركة دائبة، ها هي الغرفة المطلوبة، باب موصد يعلوه ضوء أحمر، لا أحب الأحمر أيضا وهو يمتزج مع صراخ اللون الأبيض في كل مكان، الخطر يقترب والعمر يداهم أوقاتي الماضية، جلست متماسكا على المقعد، عظمة الحوض تلامس الخشب الأبيض، والعمود الفقري يتنضد على الجدار ويطبع نتوءات متعرجة محاطة بهالات بيضاء، في الداخل جرح ينز في الخفاء، لا أحد يراه أو يسمعه، الغرفة أمامي مقفلة والضوء الأحمر تزداد حدته لحظة بلحظة، وأنا أقرأ بين لحظة وأخرى: غرفة التنظير الشعاعي. حرارة البروتستات تعلو وتعلن الحرب على الجسد، أنين صامت في الأسفل يصل جزء منه إلى خلايا الدماغ، هو لا يتعطل عن الحركة بل عن التفكير والانطلاق، وهو لا يجرؤ أن ينتقل إلى مسامات الكون البعيدة كي لا أخاف فأقعد ولا أقوم، توازن حذر شفاف، وهناك ضحكات تنطلق من الغرفة المجاورة لغرفة الأشعة، ضحكات تعلو ثم تخبو مختلطة بالكلام والأكل، مشروع سعادة غامرة للقلوب، أحسست برذاذ من الطعام شلالا من أفواه تأكل وتتكلم وتضحك ثم تضحك، الباب مغلق تقريبا إلا من قيد إصبع، تنحبس فيه الضحكات ثم تنفجر نحو الممر الأبيض، تعلن الفرحة والسرور وتغمر الممرات البيضاء والمصاعد، والجرح يتقد في الداخل، يكشر عن أنيابه ثم يهاجم نهايات الأعصاب الحسية، يهتك ستر الخلايا التفكيرية ويحكي للدماغ حكايا لا تنتهي، ما هو الأسوأ! ما هو الآتي! ماذا سيجدون هنا في هذه الغرفة! ثم انتبهت إلى نفسي تقول: إنه قسم العظام، العظام البشرية، أعضاء الجسم البشري، الهيكل الذي يحملنا ويحمل العبء في الحركة والنزال مع الحياة. تململتُ ورفعت طرف مقعدي عن الخشب الأبيض، ونبض الألم يتزايد، انفتح باب غرفة الأشعة وخرجت منه ممرضة، اتجهت نحوي قائلة:
- أين الورقة.
مددت يدي نحوها بعبوس وسألتها:
- لماذا حولوني إلى هنا، أليس هذا قسم العظام؟
سحبت الورقة من يدي قائلة:
- نعم إنه جناح العظام وهذه غرفة الأشعة للمنومين في هذا القسم، حولوك من جراء الازدحام في الأشعة التابعة للعيادات الخارجية.
ومازالت الضحكات تتعالى والكلام يختلط في صداها من كل حدب وصوب، إنها حفلة تنكرية أم حفلة عرس، في المستشفى!! اتجهت بنظري نحو الغرفة المجاورة ثم نحوها علامة الاستنكار من الضحكات، أومأت برأسها ورفعت حاجبيها مبتسمة ثم اختفت وأوصدت باب غرفة الأشعة خلفها، الضوء الأحمر يسطع، وقسم العظام يتمدد من الضحكات في الممرات، أسندت ظهري إلى الجدار أنتظر دوري، آلاف الومضات في خاطري تحثني على الفزع ونبضات تخرجني من الدنيا وأحلامها الوديعة، قالوا عليك بالتصوير بالأشعة الصوتية من الأسفل، البروتستات خداعة، انتبه، وأخافوني ثم وضعوني على جناح الرعب يطير بي ثم يهوي بي في مكان عميق ويحبسني في لجة مظلمة، أستيقظ من جديد وأعود إلى رشدي ثم تنطمس أفكاري إلى الهاوية مرة أخرى، طال انتظاري وتحجرت عظامي: لأتمشى قليلا في الممر، ومازالت الضحكات تتعالى والقهقهات تتمازج مع الكلام، هم يأكلون ويمرحون، نظرت من فتحة الباب فلم أر إلا ضحكات وضحكات، خرجت الممرضة مرة أخرى فأشرت إليها وهي متجهة بعيدا عني فقالت: جاءتنا حالة مستعجلة أرجو الانتظار. ثم ذهبت وابتلعها الممر الأبيض، العقل في عمل والبال في حراك وتوتر، والضحكات تشغلني تارة وتزعجني تارة، مهموم مهموم، عجبي من النتيجة، ما هي! أريد أن أعرف، لماذا الانتظار، هي الدنيا هكذا انتظار في انتظار، ثم ماذا! ضحكات وضحكات، ثم خبت الضحكات وتحول الهرج والمرج إلى كلام ومحادثة، طرق مسامعي صرير مفاصل الباب، صوت حاد يتداخل مع أجواء اللون الأبيض في الممرات، خرج من الغرفة كرسي متحرك ثم خرج آخر ثم تبعهما آخر، نظرت إلى الداخل فإذا بطاولة عليها بقايا من طعام وشراب وكرسي متحرك فارغ إلى جانب السرير وعلى السرير شخص متمدد نصفه الأسفل مسجى بالبياض، هو في مقتبل العمر وهم كلهم كذلك، يتحركون بأيديهم، خرجوا وقد انتشرت الضحكات إلى الأجواء والممرات وتبدلت إلى ابتسامات مألوفة منتعشة، وأضحى المقعد الخشبي وسادة طرية، وها هي الجدران خضراء تزهو، توقف الجسد عندي عن الإيلام، وابتلع العقل كل الألوان، مزجها بعفوية وحللها بأريحية وها هو يرسلها قوساً للمطر.
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م