ملاحظات حزينة على إعدام صدام !!

[د. سليمان الخضاري]

والآن .. وبعد أن طويت صفحة هامة من تاريخ العراق بإعدام الطاغية صدام حسين، وبعد أن شاهد الجميع جسده يتدلى بحبال المشنقة، التي واجهها للمرة الأولى بعدما أذاقها آلافا من الأبرياء..
بعد كل هذا لا بد لنا من وقفة قصيرة نقرر بها جملة من المواقف المبدئية، والمشاعر الشخصية، التي تداعت إثر عملية القصاص هذه ..
بداية .. أبوح لكم بسر خطير...
لم أكن سعيدا وأنا أشاهد مصرع صدام حسين ..!
ولإلا يساء الفهم .. -وهذه سمة واضحة في حوارات هذه الأيام!- ..فإن مصدر الحزن ينبع من قراءة استراتيجية وأخلاقية للحدث المذكور..
إذ أن علامات الاستفهام تبقى قائمة وبقوة على اسباب اختيار هذه القضية بالذات رغم ضآلتها بالنسبة لفظائع صدام الأخرى ..ناهيك عن أن المحللون القانونيون "المحايدون" قد أشبعو بحثا وشرحا قضية هزلية المحاكمة بقيادة قاضيها غريب الأطوار ..!
ناهيك عن التنسيق الواضح بين حكام العراق الجدد وغزاة وطنهم الأمريكيين فيما يخص سرعة التخلص من الرجل بعد تصديق محكمة التمييز للحكم الأولي ..وقبل الخوض في القضايا الأكثر خطورة!
إلا أن المحزن وبشدة .. هي تلك الروح الطائفية المتشفية التي بدت على شهود الاعدام .. الذين لم يراعوا حرمة مشهد الموت وقداسته .. بغض النظر عن الميت .. طيبا كان أم شريرا .. خيرا كان أم فاسدا .. عالما أو جاهلا ..داعية حقوق انسان أو طاغية كصدام حسين ..!
الموت هو الموت ..
سيل عارم من الشتائم والشماتة والشعارات المذهبية واسماء لقادات ذوي انتماءات محددة ..!
هل هذا فيه شيء من أخلاق النبل والفروسية والشهامة؟؟!!
لماذا يتم استدعاء مثل هذه الشعارات الطائفية عند إعدام شخص، ما فتئ حكام العراق الجدد يرددون أنه لم يميز في بطشه بين سنة وشيعة؟!
أصدقكم القول..
لقد شعرت بال"قرف" ..من هذا النفس الطائفي البغيض..
قد يقول قائل إن النفوس ملئى من هذا الرجل الذي أهلك الحرث والنسل ..
صحيح ..
ولكن للموت حرمة ..
وفوق هذا كله .. كان يجب أن يكون هذا الاعدام هو العقوبة التي ينزلها كل العراقيين .. بشتى مشاربهم ومذاهبهم .. ولكني رأيت إعداما غلب عليه لون واحد .. وطغت عليه روح التشفي بدلا من القصاص ..
وهذا مؤسف للغاية ...

أما عن تنفيذ هذا الحكم في أول أيام عيد الأضحى المبارك .. فتلك نقطة سوداء في تاريخ من أمر به ..
ناهيك عن التبرير التعس الذي ساقه أحد مسؤولي الحكومة العراقية .. أن العيد في العراق هو يوم الأحد وليس السبت..!!
هل تحاول الحكومة العراقية تكريس الانقسام بين المسلمين حتى في هذه القضية..!

على العموم ..
صدام ذهب إلى ربه .. ملطخة يداه بدماء الملايين ..
ولكي تكون دعاوى الحكومة العراقية صادقة بوجوب طي صفحة الماضي والتوحد بين العراقيين .. فعليها الا تنسى الميليشيات المتطرفة من الفريقين ..وألا تنسب الارهاب والقتل لطائفة واحدة.. هذه الميليشيات الارهابية التي تذكي بعمليات الذبح والذبح المضاد نار الطائفية البغيضة ..
حمى الله المنطقة والعالم بأسره من نارها

تحياتي واحترامي للجميع
أخوكم
د. سليمان الخضاري