الأخ علي
لغيابي السابق لم أتابع الكثير من الموضوعات واليوم أخذت جولة وانتبهت لموضوعك وكان توقيت جيد ليتم تثبيته في هذا اليوم " وهو ذكرى احراق المسجد الأقصى "
لذلك أتمنى أن يكون هذا الموضوع بمثابتة توثيق لأحداث المسجد الأقصى ونرصد فيه تطورات قضية الأقصى .
وبالصدفة وقع في يدي اليوم مجلد لوالدي رحمة الله بعنوان ( اليوميات الفلسطينية ) المجلد الخامس عشر من 1/1/ 1972الى 30/6/1972 .. اصدار مركز الأبحاث لمنظمة التحرير الفلسطينية و مركز الدراسات والوثائق بأبوظبي وصدر المجلد عام 1974 وعدد صفحات المجلد 722 وبسعر 20 ليرة لبنانية
يابلاش
وكنت أتمنى أن أجد باقي المجلدات لأنني متأكدة أن والدي رحمه الله حريصا على هذا التاريخ ولابد أن اقتناها ولكن سأبحث
[HR]
وهذا مقال جيد عن احراق المسجد الأقصى
بمناسبة مرور 35 عاما على الحدث
وقائع أحراق المسجد الأقصى
د/ سعيد محمد أبو صافي ـ باحث وكاتب
كيف تمّ إحراق المسجد الأقصى المبارك قبل 35 عاماً على أيدي الإرهابيين والمتطرفين، وما هي النتائج المأساوية التي عانت منها أولى القبلتين وثالث الحرمين، وكم بلغ حجم الدمار الهائل الذي لحق بالأقصى آنذاك، والأهم من ذلك ماذا فعلت الدولة العبرية (الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط لمنع الحريق أو إطفائه)، ومن هو الذي ارتكب أبشع جريمة عرفتها البشرية ضد المقدسات الدينية ؟
إنه أسترالي الجنسية ينتمي إلى "كنيسة الرب" التي تضم طائفة متعصبة تؤمن بنبوءات التوراة التي تزعم أن نزول السيد المسيح عليه السلام إلى الأرض لن يتم إلا بعد بناء هيكل بني إسرائيل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.
دخل المجرم "دنيس مايكل روهان" إلى فلسطين المحتلة كسائح استرالي في أوائل عام 1968 وانضم إلى عدد من أعضاء كنيسة المتطوعين في إحدى المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية . كان "دنيس روهان" قد حاول بتاريخ 11/8/1968 إحراق المسجد الأقصى ولكنه فشل في تنفيذ جريمته، وتسترت عليه السلطات الإسرائيلية حتى تمكن من إعادة محاولته المدبرة، وقام فعلاً بإحراق المسجد الأقصى المبارك بعد أن قُدمت له كل المساعدات المطلوبة لتنفيذ هذه الجريمة البشعة بحق التراث والفن العربي الإسلامي بتاريخ1969/8/21 .
ولقد نشب الحريق في ثلاثة مواضع من المسجد :
الأول: في مسجد عمر، الثاني: في وسط الجدار الجنوبي وفي منبر صلاح الدين، والثالث: في الشباك الواقع في الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى ، وهذا الشباك يرتفع عشرة أمتار فوق أرضية المسجد ويصعب الوصول إليه من الداخل ، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن هناك إسرائيليون آخرون ساعدوا المجرم "دنيس روهان" من الخارج من الناحية الغربية في إشعال الحريق.
كانت الخطة الصهيونية تقتضي أن يدمر الحريق المواضع الثلاثة السابقة الذكر، وأن يتصل مع بعضه ويدمر الواجهة الجنوبية بالكامل، ومن ثم يمتد شمالاً ليحرق المسجد بالكامل، ولكن النار في الشباك المرتفع قد انطفأت وحدها، ولذلك لم يحترق إلا الوسط والجهة الشرقية. ولقد احترق من المسجد حوالي 1500 متر مربع من أصل المساحة الإجمالية للمسجد البالغة 4400 متر مربع، أي ثلث مساحة المسجد الأقصى تقريباً، ومن الجدير ذكره أنه في نفس يوم الحريق وقبل تنفيذ الجريمة البشعة قطعت بلدية القدس الصهيونية الماء عن الحرم الشريف لكي لا يستعمل في إطفاء الحريق مما يدلل على أن الحادث كان مدبراً ، كما جاءت سيارات الإطفاء الإسرائيلية بعد أن خمدت النيران ولم تفعل شيئاً رغم الاتصال بها منذ بداية الحريق. أما الذين أطفئوا الحريق فهم السكان العرب جيران المسجد، الذين يقيمون حول الحرم الشريف في البلدة القديمة داخل الأسوار، وذلك بمساعدة سيارات الإطفاء العربية الفلسطينية التي قدمت من مدينتي الخليل ورام الله.
وما ذكر لا يدع مجالاً للشك أن إحراق المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان مقصوداً ومخططاً له من قبل، سواء تم ذلك بيد "دنيس روهان" أم بيد غيره، وكل الوقائع دلت على اشتراك أكثر من شخص واحد بالجريمة وأن هناك تسهيلات كثيرة قُدمت لضمان نجاحها، ولكن الإسرائيليين ادّعوا أن "روهان" المجنون هو الوحيد الذي قام به حيث تم تسفيره لبلده الأصلي استراليا تغطية للجريمة ولذرّ الرماد في العيون العربية والإسلامية المغمضة أصلاً.
وفيما يلي ذكر لأهم الأجزاء التي أحرقت داخل مبنى المسجد الأقصى المبارك:
ـ منبر صلاح الدين الذي يعتبر قطعة فنية نادرة يرمز إلى انتصار القائد صلاح الدين الأيوبي ودخوله القدس .
ـ مسجد عمر الواقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى .
ـ محراب زكريا المجاور لمسجد عمر.
ـ مقام الأربعين .
ـ ثلاثة أروقة ممتدة من الجنوب شمالاً مع الأعمدة والأقواس والزخرفة والسقف الذي سقط على أرض المسجد.
ـ عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة.
ـ القبة الخشبية الداخلية والزخرفة الملونة عليها .
ـ المحراب الرئيسي للمسجد
ـ الجدار الجنوبي والرخام الداخلي كله .
ـ 48 نافذة فريدة بصناعتها من الجبس والزجاج الملون.
ـ السجاد العجمي .
ـ سورة الإسراء التي تبتدئ من فوق المحراب.
حاولت الدولة الصهيونية التعتيم على الجريمة، ولكن الأمر افتضح عالمياً فاضطرت إلى إلصاق التهمة "بدنيس روهان"، ثم قامت بتبرئته بزعم أنه كان مجنوناً ومصاباً بهوس ديني . ومن الملفت للنظر أن هذه الصفة يطلقونها على كل من ينجح في تنفيذ مخططاتهم والاعتداء على المقدسات ، وكأن هذه الاعتداءات الآثمة لا يتقنها إلا المجانين.
وقد أعيد على إثر ذلك الحادث تشكيل لجنة إعمار المسجد الأقصى في عام 1969 ، لإزالة آثار الحريق.
الإعمار بعد الحريق
وقد جرى الإعمار بعد دراسة تاريخية وأثرية وهندسية وتوثيق دقيق واستشارة خبراء من اليونسكو ومؤسسة ايكروم الإيطالية، للتأكد من أن الإعمار يجري بالطريقة العلمية والهندسية الصحيحة، وتم ذلك فعلاً ونالت لجنة الإعمار جائزة الآغا خان العالمية للعمارة الإسلامية في عام 1986.
أما تكاليف إزالة آثار الحريق فكانت حوالي ثمانية ملايين دولار تم دفعها من الأردن واللجنة الفلسطينية الأردنية المشتركة والمؤتمر الإسلامي. وهناك خطة لإعادة صناعة منبر صلاح الدين الأيوبي على المستوى العربي والإسلامي تقدر تكاليفها حوالي مليون دولار.
وضمن خطة إعادة الإعمار تم الاتصال مع جمعية عاديات حلب من أجل صناعة منبر جديد للأقصى في الحلوية في مدينة حلب في نفس المكان الذي صُنع فيه منبر الأقصى القديم وانتهى في زمن نور الدين زنكي مع المحراب الذي صنع بنفس الطريقة ولا زال موجوداً في الحلوية.
إن وجود المحراب في الحلوية يساعد في صناعة المنبر الجديد حيث سيتمكن الصناع من الاسترشاد بطريقة الصناعة القديمة والمخططات الزخرفية وكذلك المخططات التفصيلية لطريقة توصيل القطع بعضها مع بعض والتي جهزها مهندسو لجنة الإعمار في القدس. وتتطلب صناعة المنبر الجديد توفير مواد ثمينة مثل خشب الأبنوس الأسود والعاج الأصلي والخيوط الفضية، يحتاج الخشب إلى نوع خاص من الدهان. وقبل ذلك يجب تدريب فنيين اختصاصيين يتم تفرغهم لهذا العمل الكبير لسنوات عدة حتى يتمموا هذا المنبر الجديد الذي كان يسمى منبر صلاح الدين الأيوبي فاتح القدس ومحررها من الصليبيين.
ومن الجدير ذكره أن المسجد الأقصى يقع إلى الجنوب من قبة الصخرة المشرفة ويبلغ طوله ( 80 ) متراً وعرضه ( 55 ) متراً ويقع على ( 53 ) عموداً من الرخام و(49 ) سارية مربعة الشكل ، وللمسجد الأقصى مكانة مقدسة كبيرة لدى أتباع الديانات الثلاث . وقد كانت المساجد في صدر الإسلام تبنى من الخشب وبعض المواد الأخرى
وعندما جاء الخليفة عبد الملك بن مروان أمر ببناء المسجد الأقصى مستخدماً بعض العناصر المعمارية المتقدمة في عام ( 72 هـ / 692 م ) في نفس الموقع الذي كان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد بنى مسجده فيه.
وقد قام أمراء المسلمين وخلفاؤهم على مر العصور بتطوير هذا المسجد وصيانته والإنفاق عليه والاهتمام به وبزوّاره، وزيادة محاريبه وقبابه ومنائره على مر الزمان.