الأفكار والمعتقدات :
ـ الحلول والاتحاد : وهو ان من هذّب نفسه في الطاعة وصبر عن اللذات والشهوات يرتقي إلى مقام المقربين، ثم لا يزال يرتقي ويصفو في درجات المصافاة حتى يصفو من البشرية، فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ حل فيه روح الله الذي حل في عيسى بن مريم ولم يُردْ حينئذ شيئا إلا كان كما أراد وكان جميع فعله فعل الله تعالى.
ونقل ان ابا يزيد البسطامي دخل مدينة فتبعه منها خلق كثير فالتفت إليهم وقال : (أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني) فقال الناس : لقد جن أبو يزيد وتركوه.
ـ وحدة الوجود : وهو ان الله هو الروح لكل الموجودات، والموجودات جسم لتلك الروح، وجميع تلك الأجسام تشير إلى الروح التي هي الله وهو كل شيء، وانه تعالى متحد وموجود في كل الصور، والاختلاف بين الناس في المعبود انما هو في الشكل لا في الجوهر، وقال بعضهم في تحديد حقيقة الوجود : ان الوجود حقيقة هو ذات الحق تعالى وليس لتلك الأعيان والماهيات الظاهرة وجود حقيقي ذاتي لها والذي نشاهد منها هو انصباغها بنور الوجود الحق على نحو من انحاء الظهور وطور من اطوار التجلي الخفي، فهو الظاهر من جميع المظاهر المشهور في كل التعينات بحسب استعدادها، ومن ذلك قول ابن عربي :
لـــولاه لما كنـا * ولا نحن ما كانا
فان قلنـا بانـا هو * يكون الحق إيانا
فيظهـرنا ليظهر هو * سرارا ثم إعلانا
ـ الحقيقة المحمدية : وهي أول المخلوقات، ومبدأ خلق العالم، وهي النور الذي خلقه الله قبل كل شيء وخلق منه كل شيء، أو هي العقل الإلهي الذي تجلى الحق فيه لنفسه فكان هذا التجلي بمنـزلة أول مرحلة من مراحل التنزل الإلهي في صور الوجود، وهي الصورة الكاملة للإنسان الكامل الذي يجمع في نفسه جميع حقائق الوجود. ومن الشعر الصوفي في الحقيقة المحمدية الأبيات التالية :
ذات لـهـا في نفسها وجهـان * للسفل وجه والعلا للثانـي
ولكل وجه في العـبـادة والادا * ذات وأوصاف وفعل بيان
ان قلت واحدة صدقت وان تقل * اثـنان حـق انـه اثنـان
ـ ان الولاية لا صلة لها بأي شأن من شؤون العالم ولذلك لم يكن لها زمان، دون زمان وان النبوة احدى مراتب الولاية مقضي عليها بالانقطاع لانها من الصفات التي تزول عمن يتصفون بها اما الولاية فلا زوال لها، والعلم الباطن أعلى وأتم من العلم الذي يتوصل إليه النبي بواسطة الوحي، وان أي رسول من حيث هو ولي أتم وأكمل منه من حيث هو رسول أو نبي. وان الولي يطلق على العبد إذا اكتملت فيه حقا صفات الولاية.
واخص صفات الولاية الإسلامية هي الفناء في الله والتحقق بالوحدة الذاتية بين الحق والخلق، فإذا وصل العبد إلى هذا المقام فقد وصل إلى غاية الطريق الصوفي وحق له ان يسمي نفسه لا باسم الولي وحده بل بأي اسم من الاسماء الإلهية، وإذا فني الصوفي عن صفاته البشرية وتخلق بصفات الألوهية سموا ذلك تخلقا، وإذا فني عن ذاته وتحقق بوحدته مع الحق سموا ذلك تحققا وإذا بقي بعد الفناء وعرف ان لا وجود له ولا قوام إلا بالله وحصل في مقام القرب الدائم منه سموا ذلك متحلقا.
ـ للأولياء ثلاث مراتب : القطب الأول هو القطب الواحد وهي روح محمد وتعد أكمل مظاهره. والثاني قطب العالم الإنساني، وهي أن الأرض لا تخلو من رسول حي بجسمه. والقطب الثالث هو قطب الغوث وهذا القطب لا يكون منه في الزمان إلا واحد وهو قد يكون ظاهر الحكم ويحوز الخلافة الظاهرة، وسمي بالغوث من حيث اغاثة العوالم بمادته ورتبته الخاصة. ـ للقطب إمامان وهما بمنزلة الوزيرين احدهما عبد الرب والآخر عبد الملك، ويخلفه احدهما عند موته. كما ان الأوتاد أربعة في كل زمان يحفظ الله بأحدها المشرق وبالثاني المغرب وبالثالث الجنوب وبالرابع الشمال، وان الابدال سبعة يحفظ الله بهم الأقاليم السبعة، وهم عارفون بما أودع الله سبحانه وتعالى الكواكب السيارة من أمور واسرار في حركاتها ونزولها في المنازل المقدرة.
ـ الأولياء من رجال الغيب خمسة أقسام :
القسم الأول : هم المقتفون آثار الأولياء والغائبون عن عالم الأكوان في الغيب المسمى بمستوى الرحمن. القسم الثاني : أهل المعاني الذين يصور الولي بصورهم فهم أرواح وكأنهم أشباح سافروا عن عالم الشهود، وهؤلاء أوتاد الأرض القائمون لله بالسنة والفرض.
والقسم الثالث : ملائكة الإلهام والبواعث، يطرقون الأولياء ويكلمون الأصفياء، لا يبرزون إلىعالم الاحساس ولا يتعرفون لعوام الناس.
القسم الرابع : رجال المناجاة الذين يخبرون بالمغيبات وينبئون عن الاسرار.
والقسم الخامس : أهل الحظوة في العالم ومن اجناس بني آدم يظهرون للناس ويغيبون ويكلمونهم فيجيبون وأكثر ما يسكنون الجبال والقفار والاودية واطراف الانهار.
ـ ان الله تعالى لما تسمى بالملك ورتب العالم ترتيب المماليك فجعل الخواص من عباده جلساءه، ثم جعل حاجباً من الكروبين اعطاه علمه في خلقه وسماه نوناً، ثم عيّن من الملائكة ملكاً آخر دونه في الرتبة سماه القلم واتخده كاتباً وعلمه من علمه ما شاء في خلقه بواسطة نون.
ـ إمكان رؤية الله تعالى بالأبصار في الآخرة، وانه يراه المؤمنون دون الكافرين لان ذلك كرامة من الله تعالى ورؤيته تعالى، جائزة عقلاً واجبة سمعاً، ولا يمكن رؤيته في الدنيا بالأبصار ولا بالقلوب.
ـ ان الله خلق أفعال العباد جميعها خيرها وشرها وان كل ما يفعلونه فبقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته، ولولا ذلك لم يكونوا عبيدا حيث قال الله تعالى { والله خلقكم وما تعملون }، وفي آية آخرى، قال الله تعالى : { ومن شر ما خلق }.
ـ ان الدين على قسمين : شريعة وحقيقة. فأهل الشريعة عندهم أهل الظاهر العوام من الناس الذين يعتمدون على النصوص الشرعية، ومنهم فقهاء المذاهب وعامة فقهاء الشرع ويسمون بعلماء الرسوم. وأما أهل الباطن فهم أهل الحقيقة والطريقة وهم الخاصة من الناس الذين يعتمدون على تأويل النصوص الشرعية والتأويل هو صرف النص إلى معنى لا يحتمله إلا عن طريق الأحلام واستفتاء القلوب.
أبرز الشخصيات :
1 ـ محمد بن علي بن أحمد المعروف بـ (محيـي الدين بن عربي) الملقب بالشيخ الكبير.
2 ـ محمد بن محمد بن أحمد (أبو حامد الغزالي الطوسي).
3 ـ الحسين بن منصور (أبو مغيث الحلاج).
4 ـ أبو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي.
5 ـ الحارث المحاسبي.
6 ـ أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي.
7 ـ ثوبان بن إبراهيم (ذو النون المصري) أبو الفيض.
8 ـ بشر بن الحرث الحافي أبو نصر.
9 ـ أبو محفوظ معروف بن فيروز الكرخي.
10 ـ أبو الحسن سري بن المغلس السقطي.
11 ـ عبد الحق بن إبراهيم بن محمد ـ المشهور بـ ـ ابن دارة ـ والملقب بـ (قطب الدين).
12 ـ رابعة العدوية.
الانتشار ومواقع النفوذ :
ـ انتشرت الفرقة الصوفية في خراسان واصفهان من بلاد إيران وفي بغداد ـ وهي أكبر معاقل التصوف ـ والبصرة والكوفة من العراق، ونشأت أغلب الطرق الصوفية في بلاد المغرب العربي ومنه انتقلت إلى مصر والسودان، وبلغت آراء ومعتقدات الصوفية وطرقهم شبة القارة الهندية والباكستان، ولا تزال لحد الآن تلقى الاتباع والمريدين، ويمارس معتنقوها أعمالهم وشعائرهم في ALIGN][/color]