مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 02-03-2006, 04:10 PM
matar996 matar996 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
المشاركات: 3
Thumbs up

يوه يوه توني خلصت

(بــس قـــــــــــــــــــــــــــويـــــــــــــــة )

ويعطيك العافية
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 08-03-2006, 03:33 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 13)

لم يكن الحديث عن كرة القدم في الماضي ، له مثل هذا الشأن الذي نشاهده اليوم ، فلو ذهبت الى دائرة حكومية ، ستجد مباراة يوم أمس تحتل مساحة ليست بالقليلة بين أحاديث الموظفين و المراجعين .. ولو ذهبت الى محل لبيع الصحف اليومية ، لوجدت أناسا يشترون الصحف ، ولا يبدو على ملامح وجوههم أنهم مهتمون لا ثقافيا و لا سياسيا ، و لا هم بعمر أولئك الذين يتابعون أخبار الوفيات لكي يقوموا بواجب التعزية !

وحتى في مجالس التعزية ، أو في الجلسات التي تسبق (عزومة ) ، فإن أكثر الأحاديث التي يتم تداولها بين الجالسين ، دون أن تؤدي بهم تلك الأحاديث الى سحبهم لمسائلة أجهزة الأمن التي لا تترك ( عزومة) أو لقاء يضم أكثر من اثنين الا و حضرته ، أو كلفت من يحضره ..

كان يتبارى على الحديث في تلك المجالس ، إما أستاذ رياضة متقاعد ، أو لاعب كرة قدم ( اعتزلت أجياله ) .. وكان أي متحدث يتجنب الخوض في أمور الهيئة العليا لاتحاد كرة القدم ، و يخوض فيما دون ذلك براحته ، و يحاول إدخال كلمات لا يعرف الحضور معناها على وجه التحديد ، ويحلل أي مباراة ، يتذكرها مستخدما بعض الألفاظ الأجنبية أحيانا ..

عندما كان التنافس على المقاعد الجامعية ، كان في أسفل سلم القبول ، مقاعد في كليات التربية الرياضية ، فيلتحق بها من يلتحق ، ثم يعودون ليقفون في ساحات المدارس ليشرفون على حصص وضعت في المناهج الدراسية ، كحشو لا يراعي التوقيت ولا مدى استعداد الطلبة على حضور تلك الحصص ، التي غالبا ما توضع في نهاية اليوم الدراسي ..

وتدور الأيام ، فتنتخب هيئة إدارية لنادي رياضي مأزوم ، فتقرر الهيئة الإدارية التي ترشح معظم أعضاءها لرسم حدود لذاتهم ، في شكل عمل عام .. و يقرروا التحرك من أجل رفد النادي بلاعبين صغار السن ، فيتوجهون لصاحبنا الأستاذ .. ويغدقون عليه بدفقات من المديح والثناء .. وهو يحاول لملمة تقاسيم وجهه ، ليبدو صارما ، وليقول لضيوفه أنكم أحسنتم الاختيار في التوجه لي .

ويدور الحديث ، ويتناوب الوفد الإداري الجاهل بأمور الرياضة ، و يبادر أحد أعضاء الوفد الإداري ، ليبين نفسه بأنه ليس تكميل عدد ولكنه صاحب قرار أيضا .. فيفاجئ الحضور بأنه يطلب من الأستاذ الذي قصدوه ، أن يقوم بتدريب الناشئين في النادي ، وسيكون من طرح الفكرة تلك جاهزا أمام زملاءه ، فيما لو استفسروا عن مبادرته المفاجئة ، فأعد جوابا ، بأنه اقترح ذلك دعما للنادي و أسلوبا أكثر ضمانا لانتظام اللاعبين بالتدريب مع أستاذهم !

لكنه فوجئ بأن أحد زملاءه ، قد زايد عليه ، وقال لماذا الناشئين ، ولما لا يكون الأستاذ مدربا للفريق الأول ؟ . وهكذا فقد تم التعاقد مع مدرب ، كمعظم العقود التي تتم في مجتمعاتنا البسيطة ، دون دراسة وافية ودون شرح كاف ودون توقيع ، ودون السماح باستيضاح ، حيث تطغي عبارات المواددة الفضفاضة ، على روح التعاقد الصحيحة ..

وبعد عدة جولات تدريبية ، للفريق الأول ، والذي كان يتغيب عنها كثير من اللاعبين ، بحجة مطالبتهم بمخصصات الموسم السابق ، أو مطالبتهم بالتحرر من النادي للعب في ناد آخر .. فكان الذين يحضرون حصص التدريب من الكثرة بمكان ، لكن الذين سيخوضون المباريات و الذين سجلوا في سجلات اتحاد كرة القدم ، لم يكونوا يحضروا التدريبات ، بشكل يجعل المدرب و الإدارة يعتقدون أن برامج التدريب وتكوين اللياقة قد اكتملت .. ولكن هذا لم يمنع الإدارة و المدرب بتنظيم مباريات ودية مع فرق أخرى ، و لكن تصنيفها أدنى من تصنيف الفريق التابع للنادي ..

تجمع أعضاء الفريق ، وحضر اللاعبون كلهم ، حتى الذين كانوا يغيبون عن التدريبات ، فكان لديهم اعتقاد بأنهم يتفوقون على كل اللاعبين في كل الفرق ، حتى لو لم يتمرنوا و لم يكونوا لياقة كافية في بداية الموسم الكروي !

صفر حكم المباراة لبدئها ، تحت أعين بضع مئات من المتفرجين ، الذين كانوا فاقدين الحماس ، حتى لحضور تلك المباراة الافتتاحية للفريق ، ولكن كونهم هم من أعضاء النادي وهم من أوصلوا الهيئة الإدارية ، فكان حضورهم من باب رفع العتب ، لا أكثر ..

بعد مرور ربع ساعة ، عن بدء المباراة ، سجل الفريق الخصم هدفا في فريق الأستاذ .. فخرج الأستاذ عن صمته ، و أخذ يصرخ ( كل لاعب مع لاعبه ) .. (هي .. فلان .. مد المكسورة ) ( ويقصد رجل اللاعب الذي يخاطبه ) .. حتى طغى صوت الأستاذ المدرب على صوت كل من في الملعب ، من مشجعين ولاعبين يشتمون بعض عندما لا يوصل أحدهم كرة للآخر ، أو عندما لا يحسن استلام الكرة .. ثم تشجع الجمهور و أخذ يشتم مع الشاتمين ، بعدما جاء الهدف الثاني للفريق الخصم ..

بانت أثر سوء اللياقة على لاعبين الأستاذ ، فأخذوا يسقطون على الأرض ويصرخون من ألم مفتعل بصوت عال كأنهم ذكور جواميس هائجة ، علهم يحصلون على ضربة خطأ .. ولكن الحكم أنذر اثنين منهم .. ثم طرد آخر ..

انتهت المباراة بأربعة أهداف نظيفة ، و ذهب الأستاذ بسيارته الخاصة ، ولم يلتق بأعضاء الإدارة ولا الفريق .. لتوضع تلك الفترة بسجل حياته المهنية كنقطة سوداء !!
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 23-02-2006, 07:14 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 10 )

عندما دخل المبنى الذي تقع فيه الصيدلية المركزية ، وضع يديه في جيبيه ، حتى لا تتلامس مع أي شيء ، فكان عنده اعتقاد أن المستشفيات و العيادات أكثر الأمكنة التي تنتقل فيها الأمراض من المرضى للأسوياء .. فاذا أراد الصعود بمصعد لا يستخدم اصبعه ، بل يستخدم زاوية باكيت التبغ الذي يحمله ، هذا اذا لم يكن هناك من يضغط على زر المصعد من الزوار الآخرين ..

تساءل وهو يتجه الى مكان تسليم العلاجات ، هل أخذ ( كازو تانجا ) الياباني الذي صمم هذا المستشفى التعليمي الضخم ، بالحسبان هذا الكم الهائل من المراجعين ، والذين يتنفسوا كلهم في آن واحد ويتزاحموا على ما تبقى من أكسجين ، وينفثوا ثاني أكسيد الكربون المخلوط بأشكال متنوعة من الجراثيم .. كان بين مصدق بأنه قد أخذ بالحسبان ذلك الجانب ، والا لماذا كانت أجوره خمسة ملايين دولار ، فقط للتصميم ؟

ثم يعود ليتأمل ، إن كانت هناك آلية لتعقيم الأنفاس المنفوثة من أنوف و أفواه لا يقل عن ألف مراجع ، فلا يجدها ، فيحاول التسلح بحذره الشديد ، لكن كيف له أن يحتمي ، فالغاطس في الماء ان لم يصعد للهواء الطلق ، لا بد أن يبتلع كمية منه ، ان استمر في الغطس ، أوليس هذا أشبه بالغطس ، لكن في هواء مخلوط من تلك الأنفاس ؟

توجه الى انبعاج في الصالة الكبرى ، ليجد أمامه حاجزا زجاجيا بطول عشرة أمتار ، يجلس خلفه مجموعة من الموظفات و الموظفين ، ومحفور في أسفل الحاجز ، عشرة دوائر ، لاستلام الوصفات ، وقد كتب فوقهم على قطع متدلية بالسقف ، اسم المهمة التي تقوم بها الموظفة أو الموظف ، ( استلام الوصفات ، تسليم العلاجات ) وهكذا .. فتساءل : ما كانت دراسة هؤلاء الأشخاص ، هل كانت مادة الطب أم الصيدلة ؟ أم القراءة فقط ؟

كان هناك أربعة مسارب ، يفصل بينها سلاسل من جنزير مصقول ، ومثبتة بأعمدة أسطوانية مدهونة بدهان صقيل .. يصطف المراجعون الذكور في أحدها ، و تصطف المراجعات الإناث في طابور خاص بهن ..

لفت انتباهه ، أن عدد المراجعات هو ضعف عدد المراجعين ، فتساءل لماذا تلك الظاهرة ؟ هل تجد الإناث متنفسا في مراجعة المراكز الطبية ، أم أن تلك المهمة التي تتعلق بهن و بأطفالهن ، قد أوكلها الرجال لهن ، وتركوهن لتتلاطم أجسادهن في بحر المراجعين ، في حين أنهن يطرقن الباب بلطف اذا ما أردن أن يحضرن الشاي في بيوتهن لضيوف الرجال !

كان يستطيع معرفة ان كانت إحداهن متزوجة أم لا ، من خلال أوزانهن والكتل الدهنية التي تتكدس على أجساد المتزوجات ، نتيجة للافراط بتناول النشويات ، وتحويلها لدهون حسب دورة ( كريب ) ..

كان معظم الحاضرات يمضغن البان ( العلكة ) بتروي ، كإبل تجتر على مهلها ، فتساءل : ما الذي يجعلهن يضعن العلكة في أفواههن ؟ هل للتخلص من روائح بعض الأطعمة ؟ أم لكي يعوضن ثرثرتهن في الأحوال العادية ، فلكي لا تنسى عادة طق الحنك ، فانها تمرن حنكها ، كتشغيل سيارة مركونة بين فترة وأخرى كي لا تموت بطاريتها !

انها قدرة عجيبة ، لتلك الموظفات التي تقرأ ما كتب على الوصفات بخطوط الأطباء المستعجلة دائما ، وتدفع بورقة يكتب عليها رقم ، بعد الاستعانة بجهاز الكمبيوتر ، الى المراجع ، ليتحول الى طابور جديد ، يوصله الى موظف رجل ، يربض تحت قطعة متدلية فوقه ، كتب عليها المحاسب ..

لم يكن كل المراجعين يدفعوا للمحاسب نقودا ، فقد كان معظمهم يحمل إعفاءات تحت مسميات مختلفة ، وما جعله يتيقن من ذلك ، هو ضئالة النقود في المكان الذي رد له المحاسب ما تبقى من فرط بعدما دفع له ، فلم تكن تلك النقود تتلاءم مع هذا الكم من المراجعين ..

طلب منه المحاسب أن ينتظر ويجلس على أحد المقاعد الخمسين ، التي رصت في خمسة صفوف ، بمواجهة الحاجز الزجاجي ، فالتفت فوجد أن عدد الوقوف يزيد كثيرا عن عدد الجالسين ، ففرح حتى لا يحدث التماس مع الكراسي أو الجالسين عليها ..

كان يتجول بنظره بين الواقفين والجالسين ذكورا و إناثا ، فيركب سيناريوهات ، من خلال إشارات الشخوص التي لم تكن أصواتهم واضحة ، بل تختلط مع صوت الأنفاس و ارتطام الأقدام بالممرات ، وحديث يجري خلف الحاجز الزجاجي الذي يتصدر الانبعاج في القاعة ..

كان يراقب شخصا في الخمسين طوله يقترب من المترين ، يلبس طقما لم يعتني بكيه جيدا ، وكان له كرشا ليس بالضخم بل كان طول الرجل قد أوضح هذا الكرش ، الذي يبدو أنه قد تكون حديثا ، كما هي حالة الزواج من تلك المرأة التي تقف بجانبه هي حديثة ، فقد كان عمرها لا يساوي نصف عمره ، وطولها يزيد عن نصف طوله بمقدار النصف .. وقد تكون تلك العقدة هي سبب قبولها بالزواج منه ..

كانت إحدى الموظفات التي تقف تحت قطعة متدلية فوقها ، كتب عليها تسليم العلاج ، تندب الأسماء من خلال جهاز خاص .. فيقوم المنادى عليه ، فيستلم دواءه و يرحل .. نادت على اسم المريضة التي جاء ليأخذ العلاج لها ، فنهض الى الحاجز الزجاجي واستلم العلاج و غادر ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 26-02-2006, 06:13 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

(11)

في كثير من الأحيان ينشغل أحدنا في تخمين و حساب ما يجمعه صاحب مهنة ما ، فان جلسنا في عيادة طبيب لننتظر دورنا ، فإننا ننظر الى عدد المراجعين في الساعة و نذهب لحسبتها في اليوم والشهر والسنة .. و إذا ذهبنا لحلاق نشغل حاسبتنا ، كم يدخل عليه في اليوم و كم يستغرق من الوقت حتى ينجز تزيين الزبون .. وهكذا في كثير من المهن المنتشرة هذه الأيام ..

و أحيانا تتوه الحسبة مع حاسبها فلا يستطيع إنجازها ، وكأنها سؤال في الرياضيات توجب الإجابة عليه قبل انتهاء وقت الامتحان ..

وقف في يوم جمعة عند بائع فراريج حية ، وكان قد تسلح بنصائح صديقه عن كيفية اختيار الفراريج قبل الطلب من البائع أن يذبحها و ينظفها ، فيجب اختيار الفروج بوزن يساوي كيلوين ، و أن يكون عرفها أحمر و عيونها براقة ، وريشها أبيض به لمعة ، ولا يكون منفوش ، و الساقين صفراوين ..

ثم تذكر ، عندما كان طفلا ، أن تلك المهنة لم تكن موجودة ، فقد كانت العجائز هن من يقمن بتربية الصيصان ، ويتعرفن على الدجاجة التي تصلح لذلك من خلال بعض العلامات التي تجعلها ترقد ، وتصدر صوتا يدل على ذلك ، وحركات عصبية ، شأنها شأن كل الإناث اللبونة و البيوضة ، فهي تكون يدها العليا ، وعليها أن تفخر أنها سترفد جنسها بمخلوقات إضافية ، فلماذا لا تكون عصبية ؟

لقد كانت العجائز يبنين قنا من طين مجبول بالتبن ، حتى لا يتشقق ، ومبني بشكل قبة بها ثقوب ، لغايات التهوية .. وبعد رقاد الدجاجة فوق البيض الذي يجمع من أمهات مختلفات و يكون عدده حوالي العشرين بيضة ، ويتم تقليبه من الأم كل نصف ساعة تقريبا لكي لا تلتصق الفجوة الهوائية التي في داخل البيضة ويختنق الجنين .. وتحافظ على درجة الحرارة اللازمة وهي حوالي 99 درجة فهرنهايت .. تفقس البيضات بعد مرور واحد وعشرين يوما عن كتاكيت لا يساوي عددها ثلثي عدد البيض ..

وبعد أن تقوم العجوز بمساعدة الدجاجة الأم ، بتقديم بعض الأغذية التي تنمو الكتاكيت من تناولها ، وهي تكون من جريش القمح ، والذي يخلط أحيانا بفتافيت البيض المشوي ، لكتاكيت الديك الرومي ..

بعد كل هذه الرعاية ، ينجو من الكتاكيت التي فقست ، أيضا ما يقرب من ثلثي عددها .. وتبقى عدة شهور حتى تصبح قابلة للذبح .. و عادة كان يذبح منها الذكور فقط ، وعندما يأتي أحد الضيوف ، أو في حالات تقديمها للعروس في صباح ثاني يوم من زواجها ، أو للنفس ، وهي كلها مناسبات نادرة وقليلة .

تبسم ، وقال لو بقيت تلك الظروف قائمة ، لما استطعنا أكل اللحوم بهذه الكميات التي نتناولها اليوم ..

شغله عملية حساب هامش ربح صاحب المحل ، فكان عدد الطيور لديه ، لا يزيد عن مائة طير ، وكان الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء لا يزيد عن خمسة سنتات ، يعني أن كامل المربح لا يزيد عن خمس دولارات ، وهو لا يساوي أجرة المحل مع ثمن الغاز المستخدم لغلي ماء التنظيف .. وتبقى ثمن الكهرباء و أكياس التغليف و الماء الخ ..

فرك عينيه ، وتساءل هل يعقل أن هذا البائع يعمل بشكل مجاني ، لقد شغلته الحسبة بشكل احتاج أن يركز من جديد ليخرج بفكرة ما ..

توقفت سيارة لتوزيع الدجاج من المزارع ، فأخذ صاحب المحل منها قفصين إضافيين ، طالما أنه سيرضي أكثر من موزع للدجاج حتى لا ينقطع مستقبلا ، انتبه صاحبنا لعملية الوزن في الجملة فكان هناك سماح من الموزع حوالي ثلاثة كيلوغرام ، ثم استمع لحديث صاحب المحل مع الموزع ، فكان صاحب المحل يطلب من الموزع أن يخصم له ثمن دجاجتين قد نفقتا في الأمس !

راقب عملية الوزن لزبون سبقه ، فكانت الأوزان المستعملة ليست معروفة على وجه التحديد ، فمنها قطع معدنية كتب عليها وزنها ، ومنها قطع حصى ملساء ، ومنها أجزاء من قطع غيار سيارات مهملة .. ولا أحد يستطيع معرفة وزنها على وجه الدقة ..

كان صوت ماكنة إزالة الريش ، و الضجيج و نقنقنة الطيور التي كان يقدم لها الذرة و بجانبها الماء ، مما يجعلها تزداد في الوزن ما يقارب عشر وزنها التي تسلمها صاحب المحل ..

ثم تأتي عملية الحساب من قبل صاحب المحل للزبون ، فيفحص طبيعة الزبون من كونه متعب أم مريح ، ويدون أرقاما على قطعة ورق قذرة امتلأت بالماء و قطرات الدم المتناثرة ، ثم يتمتم ويقول الرقم الكلي و يحرص أن يكون فيه من الكسور التي سيتنازل عنها في حالة تبيان معاندة الزبون !!

أدرك صاحبنا أنه كان مخطئا في تخمينه عن كيفية قبول هذا البائع للعمل بشكل شبه مجاني ، وعرف أن لكل مهنة مهارات لا يفهمها بشكل جيد من هو خارجها !
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 02-03-2006, 08:44 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

(12)

لم يكن لفظ ( قاضي) في القديم الا لفظا يسبب لسامعه حالة من الرهبة والاضطراب الوقتي عند سماع اللفظ .. حتى عندما كان يتم تكليف أحدا بالقضاء فان هناك الكثير من الذين يكلفون بذلك ، يمتنعون أو يتمنعون عن القبول بهذا التكليف ، خوفا من أنهم لن يعدلوا .. وقد يكاد القضاء العادل و الحاسم يتناسب طرديا مع قوة الدولة و شيوع الرخاء فيها ، و عندما يتهلهل القضاء و يسوء ، ينفقد معه الشعور بالاطمئنان و يكثر الفساد وتعم الفوضى ..

في العصر الحديث ، وفي بلادنا العربية ـ مع الأسف ـ فان من يتولى القضاء هم خريجو كليات الحقوق ، و القليل منهم بل و النادر من يذهب لتلك الكليات عن رغبة صادقة و استعداد مسبق . و الأكثرية هي من حصلت على شهاداتها من خلال الدراسة بالمراسلة ، او من خلال تنسيب الجامعات أو الجامعات الأهلية التي انتشرت كانتشار الإشاعة ..

في حين يشكل القضاء و التعليم و الأمن العام ، أعمدة الحفاظ على هوية الأمة الحديثة و ضمانا أكيدا لتقدمها .. و تصنع تلك المهن الثلاثة تمهيدا عظيما أمام المهن الأخرى ..

***********

دخل عليه و هو في أثناء محاكمته لعينة من المتخاصمين ، فوقف القاضي وتقدم يعانقه ، ويطلب منه الجلوس على أريكة بجانب المنضدة التي يجلس خلفها القاضي ، و الخصوم في حالة وقوف .. ويضغط القاضي على زر ليسمع صوت الجرس في الخارج ، فيدخل رجل في نهاية الخمسينات ، بخطى ثقيلة ووجه لا ملامح واضحة فيه ، فلا تعرف ان كان يرهب القاضي ، أم يتعامل معه برتابة العمل ، أم لم يكن متحمسا لعمله ، فلا يسأل ان كان القاضي يرضى عنه أم لا ..

طلب القاضي بإحضار ثلاثة فناجين من القهوة ، الفنجان الثالث كان لمحامي يزيد عمره عن عمر القاضي بعشرة سنين ويجلس على المقعد الآخر أمام منضدة القاضي ..

في هذه الأثناء ، التقط الخصوم أنفاسهم ، و استفادوا من تلك البرهة ، ليهيئوا صياغة الأجوبة على أسئلة القاضي ، في حين يجلس على طرف المنضدة شاب يكتب الأسئلة والأجوبة كما يمليها عليه القاضي .. ولم يظهر على وجهه أنه قد تأثر لعدم شموله بالقهوة المطلوبة ، فكان يركز على الحروف التي يكتبها ، كي لا يتعرض للتوبيخ ، واذا ما أخطأ في شيء وهو نادرا ما يحدث ، وانما الذي كان يخطئ هو القاضي نفسه الذي كان يستدرك بين الحين والحين ، بإضافة لا بل كذا ..

طلب القاضي من المتخاصمين ، أن يتصالحا وينصرفا ، أو أن يحولهما للتوقيف ، فوافقا على الفور ، و إن كان أحدهما يحس بالغبطة بوضوح أكثر ، وكان ميكانيكي سيارات ، فاستوقفه القاضي بعدما هما بالانصراف ، و أعطاه مفتاح سيارته و طلب منه أن يرى ما بها ، حيث لم تعجبه حركة الماتور ..

بعدما انصرف المتخاصمان و نهض المحامي وخرج هو الآخر ، قبل أن تصل القهوة ، أخرج القاضي علبة لفافات التبغ و قدم واحدة منها لصاحبنا ، دخل بهذه الأثناء شاب في الثلاثين من عمره ، فسأله القاضي عن اسمه .. فأجاب بشكل اعتيادي ، ولكنه بدلا من يسبق كلامه بسيدي ، قال استاذ ، فلم يعجب القاضي تلك العبارة ، بل أخذ يطلب من الشاب أن يعدل من وقفته .. و

كان القاضي يتكلم خلال تلك الساعة بطريقة ، لم يكن صاحبنا يدرك أسبابها ، فكان القاضي يجعل الحرف الأخير من جملة ، يتدلى من بين شفتيه كذيل ، مع ترك المجال لأسنانه السفلى والتي كانت نقاط تماسها مسودة بفعل الدخان ..

لقد حاول صاحبنا أن يصنف هذا السلوك بالزهو ، و التباهي ، وقد يكون مصدر هذا الزهو ، آت من كثرة من يتشفع عند القاضي ليتكفل موقوفا ، أو يؤجل قضية ، أو يسهل مهمة أحد .. و كان المتشفعين كثر فمنهم من له صفة حكومية ومنهم من له صفة اجتماعية ومنهم له صفة اقتصادية .. وهذا قد يكون أعطى للقاضي هذا الإحساس بأهميته الإستثنائية !!
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 09-11-2006, 08:46 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

ربما كان من المستحيل أن يمر ابن حوران على بساتين الزيتون
في هذه الأيام الجميلة، ثم لا يضفي عليها صبغته الفنية


تحياتي لرجل تحبه الأرض أكثر مما يحبها
خاتون
الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 22-11-2006, 07:54 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

في معصرة الزيتون :

هناك أعمال تدوم بدوام صاحبها في مزاولتها، فنقول حراثة وحرَاث طالما أن يكون هناك من يحرث، ونقول مؤذن طالما كان الأذان يؤدى، ولكن لن يستطيع أي كان التعرف على المؤذن وهو يسير في الأسواق، دون أي يكون من ينظر إليه ليس على سابق معرفة به.

كما هناك أعمال تؤدى في مواسم دون غيرها، وتنتهي بنهاية الموسم، وقد تحتاج الى مكائن وآلات خاصة، فماكنة الحصاد للحبوب لا تستخدم إلا في الصيف عند نضج الحبوب واصفرار نباتات القمح والشعير وغيره، فيقوم أصحاب تلك الآلات بتوظيبها وتهيئتها قبل الموسم بمدة بسيطة.

كذلك هي مكائن وآلات عصر الزيتون والمحاصيل الزيتية، والتي جرى عليها تطوير مستمر منذ عهد الإنسان في استخراج الزيوت من المحاصيل الزيتية، فمن فكرة التكسير و الطحن والعجن والتخمير الى استخدام خاصية التباين في الكثافة الى استخدام خاصية الطرد المركزي المستخدمة حاليا، إذ تطرد السوائل المستخلصة من العمليات المتعاقبة ذات الكثافة العالية من خلال مخرج خاص بها لتنساب قطرات الزيت المتجمعة من فتحة خاصة قريبة من المحور الرئيسي لجهاز الطرد المركزي.

يكثر حديث الناس الذين يرتادون الى تلك المعاصر، في حساب أرباح أصحابها فيضربون عدد خطوط الإنتاج بالطاقة الإنتاجية، ثم بأجرة المعصرة، ويقدرون أرباحا مبالغا فيها لأصحاب المعاصر، شأنهم في ذلك شأن كل الناس في كل شيء فإن مروا بمحطة للوقود أشغلوا أنفسهم بكم سيارة تقف بالساعة ويضعون هامشا للربح ويحسبون، وكأنهم يعملون بدائرة ضريبة الدخل ..

لكن الحديث والحساب لن يدوم، فكما يفكر بعض أبناء العشائر ببناء ديوان للعشيرة إذا ما توفي عندهم أحد، وبعد أن تخلص أيام العزاء تتبخر الفكرة لحين وفاة أخرى. ولكن تكرار تلك العمليات الحسابية والأفكار هذه قد تدفع بمغامر أن يحول تلك الأفكار لإجراء.

عندما وصل الى معصرة الزيتون، رأى أكداسا من أكياس الزيتون مكومة مع فواصل بسيطة فيما بينها، لتبين حدود ملكية كل زبون، ورأى أصنافا مختلفة من الناس فمنهم من يقف بملابس فاخرة ويتأفف من التماس مع أكوام الأكياس التي ينز الزيت منها، وعندما يخطو يخشى على أطراف (بنطاله) من أن تعشق شيئا من لزوجة الأرضية، التي لم تعد بلاطاتها تظهر من كثرة ما التصق بها من بقايا سحب الأكياس وأقدام المارين ..

قبل عدة سنين، كان مزارعو الزيتون يذهبون لمسافات تصل الى مائة كيلومتر وراء شهرة إحدى المعاصر، فقد تنتشر الإشاعة بأن تلك المعصرة أفضل معصرة بالبلاد لما تعطي من نسبة عالية من الزيت، وقد يضيف من ينشر تلك الدعايات قصصا عن معاصر زارها وكيف أنه رأى أحد المزارعين أحضر أكثر من طنين من الزيتون دون أن يحصل على قطرة من الزيت، ويكثر الحديث بالدواوين عن أنواع الزيتون الذي يعطي زيتا وفيرا، وعن مواعيد قطف الزيتون وغيرها من المهارات التي لم يكن فيها من الصحة إلا القليل ..

واليوم بعد أن زادت أعداد الأشجار حوالي أربعين ضعفا عما كانت عليه قبل خمس وعشرين عاما، فقد يسجل أحدهم اسمه ويشترط عليه إداريو المعصرة أن يحضر زيتونه، وقد يتناوب على حراسته انتظارا للدور حوالي خمسة أيام، خصوصا أيام أوج الفيض، أو أن يصادف عطلة ما، فإن القطف سيزداد من الموظفين وطلبة المدارس ..

كنت تلاحظ عجوزا تسند ظهرها على مجموعة أكياس وهي مغمضة العينين، وتسمع حوارا بصوت عالي قرب (قادوس) الزيتون عند بداية الخط، وأيدي تمتد لتزيل أوراق الزيتون قبل أن يرفعه(السير) للغسيل و الطحن، وتلاحظ هناك من يفاوض أحد العاملين ليقدم دوره على الآخرين، وتلاحظ رجلا (فني) منكوث الشعر بوجه غاضب يحمل أدوات لفك قطعة من أحد الخطوط، وتلاحظ أحدهم يراقب (عجنته) في قادوس قبل أن تتهيأ لدفعها الى (جهاز الطرد المركزي)..

وتلاحظ أحدهم يجلس على كرسي ومركز ناظريه على سيلان زيته من أنبوب ليستقر في عبوة، في حين تصطف عدة عبوات مليئة بالزيت وراءه وبالقرب منه، وهناك من يزن زيته ويتحدث الى الإداري، ولما أصبحت حصتكم واحد من ثمانية ألم تكن في العام الماضي واحد من إحدى عشر، والإداري يبرر ذلك بارتفاع فواتير الوقود ..

وهناك من يحسب زيته ويحاور نفسه، عمال القطف أخذوا خمس الإنتاج وهؤلاء سيأخذون ثمن الإنتاج، سأبعث الى أخواتي كذا وسأعطي فلان كذا، فينتبه على صريخ أحدهم .. السيارة التي تريد أن تفرغ الماء تعيقها سيارتك .. أبعدها أخي لو سمحت ..

وهناك من تحمل بيدها وعاءا صغيرا تطلب المساعدة وملئه ممن يعصرون، وهناك من يراقب الأدوار وليس معه زيتون، ليجد غفلة من زمن ليأخذ كيسا من زيتون ويضعه الى جانبه ..

وهناك من يأتي بساحبة (تراكتور) ليملأ عربتها ببقايا عجينة الزيتون التي لفظتها المكائن خارج مبنى المعصرة، ليطعمها لأغنامه ..

هذا عالم المعصرة الموسمي ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #8  
قديم 02-12-2006, 06:43 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مندوب المبيعات

في العادة يذهب الناس لمكان السلعة ويطلبونها في الأسواق، لكن أحيانا تأتي السلعة لعند الناس أو يأتي من يبشر بها ويصنع لها الدعاية، وهذا النمط من الخدمات ليس حديثا، فإن حمل السلعة والطواف بها كان يتم قبل سوق (عكاظ)، واستمر بأشكال حتى تطور لهيئات مختلفة، فلا زلت أذكر عندما كان يطوف قبل أربعة عقود مربي الماعز بين حارات المدن ليحلبوا ماعزهم أمام المشتري حتى يلفُوه بهالة من الثقة بعدم الغش ..

لكن أن يمتهن صبايا وشباب بعمر الورد تلك المهنة ويحملون معهم حقائب كبيرة لا يستطيع حمار أن يحملها، ويضعونها برفق وابتسامة تمرنوا عليها جيدا ويرددون كلاما يطلب الصفح والاستئذان ممن يقتحمون عليه المكان سواء كان في مكتب أو بيت أو غيره، ويسارعون في إخراج أفضل ما لديهم من سلع تتناسب مع موسم ما، فدفاتر أو أقلام أو مساطر في موسم افتتاح السنة أو الفصل الدراسي، وسكاكين وأدوات مطبخ قبل موعد الغداء، لارتباط تلك الفترة بفقدان الموظفين للياقتهم البدنية وتهيؤهم للذهاب لتناول الغداء، وما للسكاكين علاقة بذلك .. وأحيانا يستخرجون زجاجات من (عطور) مغلفة بشكل جيد ويفتحون واحدة تلو الأخرى، ويرشون بعض(بخات) منها على يد الزبون، وكأنهم في تمرين للتنويم المغناطيسي، مع ذكر السعر الذي لا يساوي عُشر زجاجة عطر معروفة وتحمل نفس الماركة، وهي حيلة باتت مبتذلة .. كل ذلك كان مستجدا وحديثا برز خلال عقدين من الزمن.

عندما أوقف سيارته الفارهة أمام المكتب، ونزل منها كان يحمل معه عكازا أنيقا يتناسب مع ملابسه الأنيقة، وإن كان عندما يسير يظهر لمن يراه أنه تعرض لحادث كسرت فيه أكثر من عظمة رئيسية، وثبتت بواسطة براغي وقطع معدنية، و يخيل لمن يراه يمشي، أنه يسمع صريك احتكاك القطع المعدنية..

كان مدير المكتب منشغلا في عمل كتابي، في حين كان يجلس على بعد مترين منه أحد الزوار الدائمين الذين استنزفوا مبررات تواجدهم منذ مدة، وهؤلاء كثر يترددون على المكاتب والمتاجر وأحيانا (صالونات الحلاقة)، بشكل برنامج يومي فتبدأ سهرتهم في تلك الأمكنة منذ التاسعة صباحا.. كان يستغل انشغال مدير المكتب بعمله، ليدخل عقلة كاملة من سبابته في أحد فتحتي منخاره، عندما تفاجأ بدخول هذا الرجل المكسَر، والذي يصطحب معه فتاة قد أعياها الجهد حتى دخلت في ملابسها الضيقة و الملونة بألوان غريبة.. فأخرج عقلة أصبعه من فتحة أنفه ليتابع ما رأى..

قامت الفتاة بتقديم السيد (المكسر) الذي ينتهي اسمه باسم عائلة معروفة لمدير المكتب، الذي بادر بسؤاله: هل تعرف فلانا وفلانا؟ ، فأجاب نافيا بابتسامة تدرب عليها جيدا، وقال أنها عائلة كبيرة وتتوزع في عدة مدن، بل بعدة أقطار. ثم انتقل بطريقة محترفة بسبب زيارته، وكانت الفتاة التي استخرجت جهاز كمبيوتر (نقَال)، تعمل معه ثنائي يعرف كل منهما دوره جيدا.. وقد عرضا خدماتهما بأنهما يقومان بتزويد الشركات بدفاتر وأقلام وولاعات وأدوات مكتب، وعرضا منها عينات ممتازة، وكان السعر أقل من الأسعار لسلع مشابهة بحوالي الثلث، فوافق مدير المكتب على عرضهما، وقد يكون تأثير الفتاة التي استخرجت عقلة الأصبع من أنف صاحبها لها دور ..ولم يأخذوا قيمة الصفقة التي بلغت حوالي ستمائة دولار، نقدا، بل بشيك مؤجل لثلاثة شهور، وبعد ثلاثة أيام جيء بالمطلوب الذي تم الاتفاق عليه ..

وفي السنة الثانية تكررت القصة مع نفس الشخصين .. وتم زيادة المطلوب من المواد الدعائية .. كما قام مدير المكتب بخدمة لهما أن أعطاهما بعض عناوين المكاتب ليعرضا خدماتهما عليهم، وهو نفس الدور الذي قام به في العام الفائت، إذ تم تعريفهما بعدة أسماء وعناوين وأرقام تلفونات ..

في السنة الثالثة، وبعد أن اتصل مدير المكتب بالمكسَر على هاتفه الجوَال، حضر ومعه عدة العمل بما فيها الفتاة ضيقة الملابس، وعرضا نماذج من سلع وأدوات دعائية فاخرة جدا، وبأنها بسعر منافس بالسوق، وعليها عرض فيما لو تم الدفع نقدا، وكان الفرق بين النقد والأجل يعادل الثلث تقريبا، على أن يجري التسليم بعد أسبوع، ووافق المدير (المضبوع) بالعرض، ودفع لهما شيكا يصرف بعد أسبوع ..

لكن الأسبوع ذهب، وذهب معه الأسبوع الثاني والثالث، واتصل الذين ينعمون بتلك النماذج الدعائية التي توزع قبل رأس السنة، أين حصتهم من تلك الهدايا؟ والمدير يحاول الاتصال بالمكسَر، عسى أن يجيب، ولكن لا إجابة..

وعندما استفسر من بقية الذين كان يتردد عليهم المكسَر وجدهم قد وقعوا في نفس الشرَك، وانتهى موسم توزيع الدعايات وانتهت الرغبة في البحث عنه!
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #9  
قديم 24-12-2006, 06:08 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الشيخ حمدان

قد يستغرب البعض أننا وضعنا عنوانا بهذا الشكل، فيستطرف من يريد الاستطراف غامزا، بأن هل من يصبح شيخا سواء بإرادته أو إرادة غيره، هل يعتبر ذلك عملا ويُدرج مع الأعمال؟

كان الشيوخ في الزمن القديم يتم اختيارهم من بين مجموعة عقلاء ووجهاء عشائرهم بأفخاذها وبطونها، فيكون هناك شيخ وشيخ مشايخ، وكان للشيخ وظيفة قيادية متعددة الجوانب، فله دور أمني وثقافي واقتصادي و قضائي، فهو الذي يأمر بالرحيل والإغارة على الغير، وهو من يعبئ القبيلة تعبئة معنوية وهو الذي في ديوانه يقال الشعر والقصص والروايات التي تحمل في ثناياها معاني ذات قيم، وهو الذي يلجأ إليه المحتاج من أبناء القبيلة وهو الذي يقيم جلسات القضاء بين المتخاصمين، وهو الذي يستجير به الغرباء المحتاجين لحمايته، وهو الذي يحضر المناسبات خارج قبيلته، فينقل لأبناء قبيلته ما سمع أو رأى، وهو الذي يعقد الأحلاف مع الغير ..

وكان الناس يقرون بالدور له طالما كانت قراراته صائبة، وطالما كان ذا نخوة وطالما كان عفيفا كريما لا يستأثر بالخير لنفسه، شجاعا يقود من يذود عن شرف العشيرة، ذا أنفة فلا يفتخر بفعل الغير بل بفعل فرسانه. كل ذلك كان يتم عندما تكون آثار الدولة بعيدة عن التأثير في أفراد العشائر وقبائلهم، فكانوا يضعون قوانينهم بالقياس و يتذاكرون بها بالمشافهة.

في العصر الحديث، لا يستغرب أحدكم إذا قيل على مسمعه أن هناك من يفكر ليلا نهارا في أن يكون شيخا، فقد ترى في أرياف بعض البلدان العربية من يحمل (عريضة) ليوقع عليها أكبر قدر ممكن من الناس يؤيدون شخصا ليكون شيخا، وعندما يصدر أمرا من الحاكم الإداري المخول بمثل تلك المسائل، فإنه سيضع قطعة على باب بيته تقول: منزل الشيخ فلان، وقد تسوِل له نفسه أن يكتب على عباءته التي يلبسها الشيخ فلان.. وقد يتجول بين الدوائر الحكومية يوميا، يدخل على المدير قائلا له : (حق سلام) أي جئتك لألقي عليك السلام فقط، ويردف قائلا: ( جيرة الله نتناول طعام الغداء في معيتكم) .. وينتقل بحركات مبتذلة بين الدوائر والأسواق، ولا يتوانى عن حضور أي مأتم أو عرس أو مراسم صلح أو غيرها .. ومع ذلك يبقى مجالا للتندر لدى الكثيرين.

لكن الشيخ حمدان لم يفعل ذلك أبدا، ولم يجمع تواقيع أحد لكي يصبح شيخا، ولكن الدولة والحكام الإداريين والقاصي و الداني يعترف له بالأحقية أن يكون شيخا، كان مبتسما باستمرار دون أن تظهر أسنانه نهائيا، كان في السبعين أو أكثر قليلا من عمره، لكنه بعد عودته من صلاة الفجر، حيث يواظب على الصلوات الخمس في المسجد يبقى يردد بين كل عدة خطوات (لا إله إلا الله) .. حتى يصل بيته، فيفتح مضافته (ديوانه) فيحمس القهوة ومن ثم يدندن بصوت (الهاون) وهو وعاء نحاسي ثقيل يسحن به القهوة أولا بأول .. ويركب (إبريق) الشاي فوق الفحم يتجمع حوله مجموعة من أقاربه في مثل سنه أو أقل قليلا، وواحد من أبناءه الستة أو أكثر، حتى تحضر زوجته (الحجة) الإفطار للجميع، ويكون بيضا مقليا بالسمن العربي وبعض اللبن وأحيانا بعض الكبد المقلي أو ما وجد في البيت ..

لو تفحص أحد المتابعين لهذا الشيخ كلماته التي يرددها في مناسبات مختلفة وما أكثرها، فإن كلفه أحد بأن يعيد (زعلانة) من زوجها أو أن يذهب لخطبة فتاة لأحد الشباب أو يتوسط لأحد المواطنين عند الشرطة أو في دائرة ما، أو يذهب مع أحد المرشحين للبرلمان لجمع المؤيدين وطلب الأصوات، أو أن يدخل في وساطة صلح عشائري كقتل أحد أو غيره، فإن صيغة الكلام في كل المناسبات تكاد تكون متشابهة .. فهو بعد أن يشير الجميع أن يوضع فنجان (الجاهة) أمامه فإنه يبادر بالكلام : ( نحن نتشرف أن أتينا الى بيوتنا .. وكما يقول المثل المصارين بالبطن تتقاتل.. واثنان غانمان لم يصلا قاض) .. هذا في حالة الخصام ورد من تخاصم زوجها.. وحتى في حوادث القتل .. وعندما يريد أن يطلب أصوات لأحد فإنه يقول : ( نحن نتشرف في بيوتنا .. وكما يقول المثل فإن عصانا وعصاكم واحدة ) أي نحن في طيلة حياتنا حلف ..

والعجيب أن الشيخ حمدان والذي تم انتخابه خمس مرات للمجلس البلدي، كان هو الوحيد في أي كتلة انتخابية الذي لم يخفق (يرسب) في أي انتخابات. كان المثقفون يتندرون من أن يتصدر أمثاله المجتمع المحلي، لكن ما أن تحدث مشكلة مع مثقف حتى يسارع الى الذهاب إليه ليذلل له خطبة (عروس) أو يحل له مشكلة (دهس) أحد .. فهم يعرفون جيدا أنه رغم قلة حيلة الرجل الثقافية والمنطقية ، إلا أنه لم يدخل في أي موضوع إلا انتهى لصالح من طلب معونته ، حتى غدا معظم أصدقاءه من المثقفين ..

كان المثقفون يجلسون لمناقشة تلك الظاهرة، فيبتسم أحد الظرفاء منهم ، ويحاول إنها الحديث بقوله: إنها (الكاريزمية) .. فهي لا تعرف شهادة جامعية ولا تعرف مال ولا تعرف قوة عضلات .. إنها (الكاريزمية) ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #10  
قديم 24-01-2007, 06:47 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

موظف الضمان الاجتماعي

الإنسان كائن معقد مهما تشابهت الألوان ومصادر المعرفة وعوامل الوراثة فإن أي إنسان لا يتطابق كامل التطابق مع أي إنسان آخر.

في بعض الأحيان يُنظر للإنسان كأنه نسخة مكررة من مجموع هائل، فحتى يمكن تمييزها عن الآخرين سيعطى للنسخة رقم وتسلسل يميزها عن غيرها، فيصبح بني آدم كأنه (موتور أو شاصي) لسيارة يحمل رقما يثبت على بطاقته الشخصية و يتم تلطيف هذا الرقم بإضافة كلمة أخرى له ليصبح (الرقم الوطني) وكأن هناك (رقم عميل أو خائن) ..

كثيرة هي المجالات التي يتم التعامل بها مع الإنسان كرقم، فأيام الانتخابات توضع الأسماء وبجانبها أرقام (تكون أهم من الأسماء) في جانبها، فيتساوى الأهبل والمخترع و القائد والأصم في (الحقوق)، ففي وقت الفرز، الأهبل له صوت يضاف لحصيلة مرشح والعالم له صوت مثله.

في الضمان الاجتماعي، وهو اختراع لا أتوقع له مستقبلا زاهرا، وإن كانت صناديق الضمان الاجتماعي في بداية حياتها تتباهى في ضخامة حجم موجوداتها المالية، والسبب في ذلك أنها تأخذ حصص المشتركين ولا تدفع لأحد، ولكن بعد مرور الوقت ستجد تلك الصناديق أن ما تدفعه يفوق كثيرا ما تأخذه. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا كان قبل 15 عاما يدفع 16 مشترك ليأخذ من الصندوق مشترك واحد، واليوم يدفع 16 ليأخذ ثلاثة وبعد 18 سنة سيدفع واحد ليأخذ مقابله واحد .. وستصبح الصناديق تطلب المعونات من الخزينة..

عندما دخل دائرة الضمان الاجتماعي، لم تكن هي الدائرة التي زارها لأول مرة عام 1990، فقليل من الموظفين قد بقي على رأس عمله، ولكن (الأضابير) زادت، حتى أصبحت كأنها بلاط رصف على جانب طريق في يوم ماطر، تستطيع رؤية كثرتها دون القدرة على قراءة ما كتب على حافة الإضبارة. بحث عن أحد ما، حتى يسأله ويكون على معرفة به سابقا، فلم يكمل جولته في الوجوه المنكبة على أرقام.. فبادرته موظفة شابة (تفضل عمي) .. فأخبرها باسم الشركة التي يراجع من أجلها، ولكنها لم تستفد من ذلك، إذ طلبت الرقم الخاص بالشركة.

اكتشف أن هناك وجها، تدل ملامحه بأنه سبق وأن تعرف عليه، فحالت المدة بين آخر مرة رآه بها، حيث كان يبعث موظفا بدلا منه .. وبين اللحظة التي رآه بها للتو، فبادره الموظف (أهلا باش مهندس) .. فتوجه نحوه تاركا الفتاة تنتظر رقم شركته .. طلب الموظف منه الجلوس بجانبه على أريكة تتفوق على كثير من المقاعد المجاورة للمناضد (حيث يجلس المراجعون) .. فأخرج له من حقيبته بعض هدايا رأس السنة .. فقبلها الموظف شريطة أن يقبل منه كوبا من الشراب الساخن.. ناوله بعض المعلومات التي طلبته الدائرة من أجلها، فالتهى الموظف بمراجعة ملف الشركة ..

كانت القاعة واسعة تنتصب على أطرافها رفوف بشكل جدران محشوة بالأضابير، وكان هناك ما يزيد عن عشرين منضدة، تعتلي قسما منها أجهزة حاسوب، ويربض وراءها موظفات أو موظفون، يعرفون حدود صلاحياتهم بالأرقام، ويحددونها ليس جغرافيا بل رقميا، بعكس سيطرة أسود الغابة التي تحدد ببولها منطقة السيادة (جغرافيا) ..

كانت بعض الموظفات تخرج سخانا عملت به بعض الشراب الساخن لترتشف منه بواسطة كوب (بلاستيكي) لم يغسل جيدا، طالما أن استعماله قد حصر بمالكته. وكان يجلس في مكان قريب شخص يلبس (سترة ) لا يستطيع الإنكار أنه ابتاعها من (البالة) .. وهو يسأل: كم 18ألف ؟ فتجيبه الموظفة التي سكبت لنفسها كوبا من السائل الساخن، دون أن تعرض عليه بعضه: نعم 18ألف .. إنكم لم تلتزموا بالتسوية ولم تدفعوا أقساطكم بانتظام.. كانت دائرة الضمان ماكرة في تلك المسألة.. إذ أنها لم تصر على مطالبة باستحقاقات الدفع لتضيف على المكلفين 2% من قيمة الذمم المترتبة عليهم شهريا كفوائد .. أي بفائدة سنوية تصل 24% .. وكيف لا وهي تعرف أن معظم استثماراتها ـ عدا العقارية منها ـ فاشلة، ولا تصل نسبة استثمار الصبر على المكلفين (بمكر).. وهي دائرة حكومية، فلا خوف على ديونها من المكلفين، فهي تحجز على أموالهم بالبنوك وعلى عقاراتهم وتعطل معاملاتهم دون أن يسووا وضعهم!

أقبلت امرأة بالأربعينات من عمرها بجلباب بني فاتح وحجاب ثبتته بطريقة قوية جعلت وجهها الأبيض المليء باللحم أن يبدو وكأنه وضع له إطار إضافي من اللحم أيضا، كانت عيناها الواسعتان تنبئ من يراها بأنها في حيرة من أمرها، هل وضعت ملحا على ( طنجرة المحشي) التي أعدتها في المساء لتضعها على النار بعد انتهاء دوامها أم لا!

رمقت الموظف المشغول في مراجعة الملف، وهمهمت: الهدايا لناس وناس، تكرمي قال لها ستصلك حصتك ..

رفع الموظف رأسه وبادرها بعرض الهدية عليها، فهم المراجع بأن رتبتها الوظيفية أعلى من رتبة من ركن إليه .. تداخل اعتذارها مع طمأنة المراجع بأن حصتها ستصلها.. طلب الموظف من المراجع أن يخرج ختم الشركة ويوقع في أماكن أشار إليها الموظف .. فعل المراجع ذلك وغادر ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م