مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #21  
قديم 09-03-2006, 12:27 PM
الوردة الندية الوردة الندية غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة دايم العلو
بارك الله فيك أخي الكريم ماهر
واسال الله أن يكون قبري وقبرك روضة من رياض الجنة
وأن يحسن لن الختام والفوز بالجنان
تذكرة وموعظة لأولي الألباب
وجهد تشكر عليه

أمين
دام لنا عطائك أخي ماهر
ليكن موضوعك وقفة مع النفس دائما ..
بارك الله فيك
__________________




  #22  
قديم 30-03-2006, 06:35 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

أخواي العزيزين دايم و ورد

بارك الله فيكما على دعائكما الطيب و أسأل الله أن يغفر لكما ذنوبكما و ينقيكما كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس و يغسلكما بالماء و الثلج و البرد و يعصمكما من فتنة القبور و يشربكما من حوض المصطفى صلى الله عليه و سلم و يدخلكما جناته جنات الخلد

اللهم آمين


المنجيات من عذاب القبر

الذي ينجي المرء من عذاب القبر بإذن الله هو أن يكون مستعدا للموت مشمرا له ، حتى إذا فاجأه الموت لم يعض أصبع الندم ، ومن الاستعداد للموت الإسراع في التوبة ، وقضاء الحقوق ، والإكثار من الأعمال الصالحة ، فبالإيمان والصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد وبر الوالدين وصلة الأرحام ، وذكر الله عز وجل وغيرها من الأعمال يحفظ الله عبده المؤمن ، وبها يجعل الله له من كل ضيق فرجا ، ومن كل هم مخرجا وقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن الأعمال الصالحة تحرس الإنسان في قبره ، يقول ابن تيمية ( في الحديث المشهور حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه أبو حاتم في صحيحه ، وقد رواه الأئمة قال : ( إن الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه ، فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، وكان الصيام عن يمينه ، وكانت الزكاة عن يساره ، وكان فعل الخيرات من الصدق والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يمينه ، فيقول الصيام: ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يساره ، فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى من قبل رجليه ، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والإحسان إلى الناس : ما قبلي مدخل ، فيقال له : اجلس ، قد مثلت له الشمس وقد دنت للغروب ، فيقال له : ما هذا الرجل الذي كان فيكم ، ما تقول فيه ؟ فيقول : دعوني ، حتى أصلي ، فيقولون : إنك ستفعل، أخبرنا عما نسألك عنه ، فقال : عم تسألوني ؟ فيقولون : ما تقول في هذا لرجل الذي كان فيكم ، ما تشهد به ؟ فيقول : أشهد أنه رسول الله وأنه جاء بالحق من عند الله ، فيقال: على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله تعالى، ثم يفتح له بابا من أبواب الجنة ، فيقال له : ذلك مقعدك منها، وما أعد الله لك فيها ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفتح له بابا من أبواب النار ، فيقال : ذلك مقعدك منها ، وما أعد الله لك فيها [ لو عصيت الله ] ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا ، وينور له فيه ، ويعاد جسده كما بدئ ، وتجعل نسمته في نسم الطيب ، وهي طير تعلق في شجر الجنة )
الاستعاذة بالله من عذاب القبر : لما كانت فتنة عذاب القبر من الأهوال الكبار ، والشدائد العظيمة ،
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من ذلك في صلاته وفي غير الصلاة ، وكان يأمر أصحابه بذلك. فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعوا فيقول : ( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ، والجبن والبخل والهرم ، وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ) رواه أحمد وعن عائشة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم ، ومن فتنة القبر ، وعذاب القبر .. ) ، عزاه الألباني في صحيح الجامع إلى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه ( تعوذوا من عذاب القبر ) ، فيقولون : ( نعوذ بالله من عذاب القبر ) رواه مسلم وكان يقول لهم: ( استجيروا بالله من عذاب القبر ، فإن عذاب القبر حق ) رواه الطبراني وكان يأمرهم أن يستعيذوا من أربع فيقول ( استعيذوا بالله من عذاب القبر، استعيذوا بالله من جهنم ، استعيذوا بالله من فتنة المسيح الدجال ، استعيذوا بالله من فتنة المحيا والممات ) ، عزاه في صحيح الجامع إلى الترمذي والنسائي وكان يأمرهم بالاستعاذة في الصلاة بعد التشهد من عذاب القبر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع . يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال) رواه مسلم

***

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
  #23  
قديم 30-03-2006, 06:54 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

محاضرة حول المنجيات من عذاب القبر للأستاذ مسعد أنور

MP3

http://audio.islamweb.net/Lecturs/mo...nwar/28448.mp3

الحجم ( MB 4.31 )


RM

http://216.176.57.210:8080/Lecturs/m...anwar/28448.rm

الحجم ( MB 3.08 )
  #24  
قديم 07-06-2006, 02:19 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على من أكمل الله به الدين وأتم به النعمة، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. أما بعد:


أسباب عذاب القبر

أورد ابن القيم رحمه الله سؤالاً حول عذاب القبر وأجاب عليه، في كتابه "الروح".

قال ـ رحمه الله تعالى ـ يقول السائل: ما الأسباب التي يعذب بها أصحاب القبور؟ وجواب ذلك من وجهين: مجمل، ومفصل:

أما المجمل: فإنهم يعذبون على جهلهم بالله، وإضاعتهم لأمره، وارتكابهم معاصيه، فلا يعذب الله روحاً عرفته وأحبته وامتثلت أمره واجتنبت نهيه، ولا بدناً كانت فيه أبداً، فإن عذاب القبر وعذاب الآخرة أثر غضب الله وسخطه على عبده، فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ومات على ذلك، كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه، فمستقل ومستكثر، ومصدق ومكذب.

وأما الجواب المفصل: فقد أخبر النبي عن الرجلين اللذين رآهما يعذبان في قبورهما، يمشي أحدهما بالنميمة بين الناس، ويترك الآخر الاستبراء من البول، فهذا ترك الطهارة الواجبة وذلك ارتكب السبب الموقع للعداوة بين الناس بلسانه وإن كان صادقاً، وفي هذا تنبيه على أن الموقع بينهم العداوة بالكذب والزور والبهتان أعظم عذاباً، كما أن في ترك الصلاة التي الاستبراء من البول بعض واجباتها وشروطها فهو أشد عذاباً. وأخبر عليه الصلاة والسلام - كما في رواية - أن أحد هذين اللذين يعذبان كان يأكل لحوم الناس، فهو مغتاب، وذلك نمام.

وجاء عنه { أن رجلاً ضرب في قبره سوطاً فامتلأ القبر عليه ناراً؛ لكونه صلى صلاة واحدة بغير طهور، ومر على مظلوم فلم ينصره }

وأخبر كما في حديث سمرة بن جندب الذي رواه البخاري عن تعذيب من يكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وعن تعذيب من يقرأ القرآن ثم ينام عنه بالليل ولا يعمل به في النهار، وعن تعذيب الزناة والزواني، وعن تعذيب آكل الربا، أخبر عنهم كما شاهدهم في البرزخ.

وفي حديث آخر أخبر عن رضخ رؤوس أقوام بالصخر لتثاقل رؤوسهم عن الصلاة، وعن الذين يسرحون بين الضريع والزقوم لتركهم زكاة أموالهم، وعن الذين يأكلون اللحم المنتن الخبيث لزناهم، والذين تقرض شفاههم بمقارض من حديد لقيامهم في الفتن بالكلام والخطب.

وجاء في حديث رواه أبو سعيد عنه ذكر أرباب بعض الجرائم وعقوباتهم: فمنهم من بطونهم أمثال البيوت وهم على سابلة آل فرعون، وهم أكلة الربا، ومنهم من تفتح أفواههم فيلقمون الجمر حتى يخرج من أسافلهم، وهم أكلة أموال اليتامى، ومنهم من تقطع جنوبهم ويطعمون لحومهم، وهم المغتابون، ومنهم من لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم، وهم الذين يمزقون أعراض الناس.

وأخبر النبي عن صاحب الشملة التي غلها من المغنم؛ أنها تشتعل عليه ناراً في قبره، هذا وله فيها حق، فكيف بمن ظلم غيره ما لا حق فيه؟!

فعذاب القبر من معاصي القلب والعين والأذن والفم واللسان والبطن والفرج واليد والرجل والبدن كله: فالنمام، والكذاب، والمغتاب، وشاهد الزور، وقاذف المحصن، والموضع في الفتنة، والداعي إلى البدعة، والقائل على الله ورسوله ما لا علم له به، والمجازف في كلامه، وآكل الربا، وآكل أموال اليتامى، وآكل السحت من الرشوة وغيرها، وآكل مال أخيه المسلم بغير حق، أو مال المعاهد، وشارب المسكر، والزاني، واللوطي، والسارق، والخائن، والغادر، والمخادع، والماكر، وآخذ الربا ومعطيه وكاتبه وشاهداه، والمحلل والمحلل له، والمحتال على إسقاط فرائض الله وارتكاب محارمه، ومؤذي المسلمين ومتتبع عوراتهم، والحاكم بغير ما أنزل الله، والمفتي بغير ما شرع الله، والمعين على الإثم والعدوان، وقاتل النفس التي حرم الله، والملحد في حرم الله، والمعطل لحقائق أسماء الله وصفاته الملحد فيها، والمقدم رأيه وذوقه وسياسته على سنة رسول الله ، والنائحة والمستمع إليها، ونواحو جهنم، وهم المغنون الغناء الذي حرمه الله ورسوله، والمستمع إليهم والذين يبنون المساجد على القبور، ويوقدون عليها القناديل والسُرج، والمطففون في استيفاء ما لهم إذا أخذوه، وهضم ما عليهم إذا بذلوه، والجبارون، والمتكبرون، والمراءون، والهمازون واللمازون، والطاعنون على السلف، والذين يأتون الكهنة والمنجمين والعرافين فيسألونهم ويصدقونهم، وأعوان الظلمة الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، والذي خوفته بالله وذكرته به فلم يرعوِ ولم ينزجر، فإذا خوفته بمخلوق مثله خاف وارعوى وكف عما هو فيه، والذي يهدي بكلام الله ورسوله فلا يهتدي، ولا يرفع به رأساً، فإذا بلغه عمن يحسن به الظن ممن يصيب ويخطئ عض عليه بالنواجذ ولم يخالفه، والذي يقرأ القرآن فلا يؤثر فيه، وربما اشتغل به، فإذا سمع قرآن الشيطان ورقية الزنا ومادة النفاق طاب سره وتواجد وهاج من قلبه دواعي الطرب، وود أن المغني لا يسكت، والذي يحلف بالله ويكذب، فإذا حلف بالولي أو برأس شيخه أو أبيه أو حياة من يحبه ويعظمه من المخلوقين لم يكذب ولو هدد وعوقب، والذي يفتخر بالمعصية ويتكثر بها بين أقرانه، وهو المجاهر، والذي لا تأمنه على مالك وحرمتك، والفاحش اللسان الذي تركه الخلق اتقاء شره وفحشه، والذي يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها وينقرها ولا يذكر الله فيها إلا قليلاً، ولا يؤدي زكاة ماله طيبة بها نفسه، ولا يحج مع قدرته على الحج، ولا يؤدي ما عليه من الحقوق مع قدرته عليها، ولا يتورع من لحظِة ونظره ولا من لفظه ولا أكله ولا خطوِه، ولا يبالي بما حصل من المال من حلال أو حرام، ولا يصل رحمه، ولا يرحم المسكين ولا الأرملة ولا اليتيم، ولا يرحم الحيوان البهيم، بل يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين، ويرائي للعالمين، ويمنع الماعون، ويشتغل بعيوب الناس عن عيبه، وبذنوبهم عن ذنبه.

فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم، بحسب كثرتها وقلتها، وصغرها وكبرها. ما لم يغفر الله لهم ويتجاوز عنهم بتوبة أو رحمة منه تعالى.

ولما كان أكثر الناس كذلك، كان أكثر أصحاب القبور معذبين، والفائز منهم قليل، فظواهر القبور تراب، وبواطنها حسرات وعذاب، ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات، وفي باطنها الدواهي والبليات، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها، ويحق لها وقد حِيل بينها وبين شهواتها وأمانيها.

تالله لقد وعظت فما تركت لواعظ مقالاً، ونادت: يا عُمار الدنيا، لقد عمرتم داراً موشكة بكم زوالاً، وخربتم داراً أنتم مسرعون إليها انتقالاً، عمرتم بيوتاً لغيركم منافعها وسكناها، وخربتم بيوتاً ليس لكم مساكن سواها، هذه دار الاستباق، ومستودع الأعمال وبذر الزرع، وهذه محل للعبر، رياض من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.

أصلح الله لنا ولكم العاقبة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

  #25  
قديم 07-06-2006, 02:21 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي


كيفية النجاة

يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في هذا السياق: إن الأسباب المنجية من عذاب القبر من وجهين: مجمل، ومفصل.

أما المجمل فهو: تجنب الأسباب التي تقتضي عذاب القبر، ومن أنفع أسباب تجنب عذاب القبر: أن يجلس الإنسان عندما يريد النوم لله ساعةً يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد له توبة نصوحاً بينه وبين الله، فينام على تلك التوبة، ويعزم على ألا يعاود الذنب إذا استيقظ، ويفعل هذا كل ليلة، فإن مات من ليلته مات على توبة، وإن استيقظ استيقظ مستقبلاً للعمل مسروراً بتأخير أجله، حتى يستقبل ربه، ويستدرك ما فاته، وليس للعبد أنفع من هذه النومة، ولا سيما إذا عقب ذلك بذكر الله واستعمال السنن التي وردت عن رسول الله عند النوم، حتى يغلبه النوم، فمن أراد الله به خيراً وفقه لذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وأما الجواب المفصل: فنذكر أحاديث عن رسول الله فيما ينجي من عذاب القبر:

فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول الله يقول: { رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات أجري عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان }.

ومعنى الرباط: الإقامة بالثغر مقوياً للمسلمين على الكفار، والثغر: كل مكان يخيف أهله العدو ويخيفهم. والرباط فضله عظيم وأجره كبير، وأفضله ما كان في أشد الثغور خوفاً.

ومما ينجي من عذاب القبر ما دل عليه ما رواه النسائي عن رجل من أصحاب النبي أن رجلاً قال: ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: { كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة }.

وروى الترمذي وابن ماجه وغيرهما بسند صحيح عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، عن رسول الله قال: { للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه }، وهذا لفظ ابن ماجه وعند الترمذي: { ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجه من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه }. وهذا بعض فضل الجهاد في سبيل الله والاستشهاد فيه.

ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما ثبت عند أبي داود والترمذي وابن ماجه والنسائي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: { سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى غفر له }. فدل هذا الحديث وما جاء في معناه من الآثار على أن من حافظ على قراءة سورة الملك وداوم على ذلك وعمل بما دلت عليه؛ فإنها تنجيه من عذاب القبر.

ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما صح عن النبي أنه قال: { من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره } [رواه الترمذي] وهذا يحمل من أصيب بداء البطن أن يصبر ولا يجزع، ويحتسب الأجر عند الله، وأن يحتسبه أهله كذلك.

ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما رواه الإمام أحمد وغيره أن رسول الله قال: { ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله تعالى فتنة القبر }. وهذا محض فضل الله وتوفيقه لحسن الخاتمة.

ومما يستأنس به في هذا الباب: ما رواه ابن حبان في صحيحه وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: { إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه، فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره، فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى من قبل رجليه، فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قبلي مدخل. فيقال له: اجلس، فيجلس، وقد مثلت له الشمس وقد أدنيت للغروب، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: دعوني حتى أصلي، فيقولون: إنك ستفعل. أخبرنا عما نسألك عنه، أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم، ما تقول فيه؟ وماذا تشهد عليه؟ قال: فيقول: محمد، أشهد أنه رسول الله، وأنه جاء بالحق من عند الله، فيقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك مت، وعلى ذلك تُبعث إن شاء الله، ثم يُفتح له باب من أبواب الجنة، فيقال له: هذا مقعدك منها، وما أعد الله لك فيها، فيزداد غبطة وسروراً، ثم يُفتح له باب من أبواب النار، فيقال له: هذا مقعدك منها، وما أعد الله لك فيها لو عصيته، فيزداد غبطة وسروراً، ثم يُفسح له في قبره سبعون ذراعاً، وينور له فيه، ويعاد الجسد لما بدأ منه، فتجعل نسمته في النسم الطيب، وهي طير يعلق في شجر الجنة }، قال: فذلك قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ إلى آخر الآية [إبراهيم:27]، ثم ذكر تمام الحديث.

وقد دل على ذلك أن تلك الأعمال من الصلاة والزكاة والصيام وفعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس من أسباب النجاة من عذاب القبر وكربه وفتنه.

والجامع في ذلك تحقيق التقوى لله تعالى، كما قاله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأحقاف:13].

اللهم اجعل قبورنا وإخواننا المسلمين رياضاً من رياض الجنة، وقنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، يا كريم، وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
  #26  
قديم 18-10-2006, 05:52 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي هاشم محمدعلي المشهداني


عذاب القبر


ملخص الخطبة

1- القبر أول منازل الآخرة. 2- مشروعية زيارة القبور. 3- ماذا يكون في القبر. 4- عذاب القبر في الكتاب والسنة. 5- أسباب عذاب القبر. 6- أسباب النجاة من عذاب القبر. 7- موقف المسلم من عذاب القبر.


الخطبة الأولى

قال تعالى: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون [المؤمنون:99-100].

هذه قولة الكافر عند الاحتضار ثم ما يقوله في قبره في لهفة أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، يقول قتادة رحمه الله: إن الكافر لن يطلب أن يعود إلى مال أو أهل أو ولد إنما يتمنى أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر عندما يرى العذاب، والبرزخ الحاجز بين الدنيا والآخرة، وهي القبور حيث يُنعم المؤمنون ويُعذب الكافرون والعاصون.

فما القبر؟ وما صفته؟ وهل للقبر عذاب؟ وما أسبابه؟ وكيف النجاة منه؟

القبر: أول منازل الآخرة، يكرم فيه المؤمن تهيئة لما ينتظره في الجنة ويعذب فيه الكافر والعاصي تهيئة لما ينتظره في جهنم.

وينبغي أن تعلم:
أن الموت كأس وكل الناس شاربه قال تعالى: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن :26-27]. كل نفس ذائقة الموت [آل عمران:185]. كل شيء هالك إلا وجهه [القصص:88]. فلا منجى ولا مهرب.

إن زيارة القبور مستحبة لقوله : ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة))([1]).

لما فيها من التذكر والاعتبار وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته فسئل عن ذلك وقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي إذا وقفت على قبر؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: ((إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعد أشد))([2]).

يقول ابن القيم رحمه الله: كان النبي إذا زار القبور يزورها للدعاء لأهلها والترحم عليهم والاستغفار لهم ومر يوما بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر))([3]).

كان الربيع بن خثيم قد حفر في داره قبر فكان إذا وجد في قلبه قسوة دخل فيه فاضطجع ثم يصرخ (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) ثم يرد على نفسه: يا ربيع قد رجعت فاعمل، ووقفة على القبور تريك الأعمار المتفاوتة، ومآلك إلى هذه الحفرة الضيقة، فناء هذه الأبدان التي أوليتها اهتمامك، تركك وحيدا فلا زوجة ولا ولد.

وأما صفة القبر: فاعلم أن للقبر:

أ- كلام: للحديث: ((إن الميت يقعد وهو يسمع خطو مشيعيه فلا يكلمه شيء إلا قبره ويقول: ويحك ابن آدم أليس قد حذرتني وحذرت ضيقي ونتني ودودي فماذا أعددت لي؟))([4]).

ب- ضمة: للحديث: ((للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ)) وفي رواية: ((هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه))([5]).

ج- فتنة: اتفق أهل السنة والجماعة على أن كل إنسان يسئل بعد موته قبر أم لم يقبر فلو أكلته السباع أو صار رمادا لسئل عن أعماله وجزي بالخير خيرا وبالشر شرا: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع خفق نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله قال: فيقول: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، وأما الكافر والمنافق فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقولان: لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين))([6]).

وأما هل للقبر عذاب؟: فإن عذاب القبر ثابت في الكتاب والسنة.

من الكتاب

1- قال تعالى: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون [السجدة:21]. قال ابن عباس: جزء منه في الدنيا والنصيب الأكبر منه في القبر والعذاب الأكبر هو عذاب جهنم، قال مجاهد: يعني به عذاب القبر.

2- قوله تعالى: وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر:45-46].

قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبر([7]). حيث أثبت سبحانه لآل فرعون عذابا في الليل والنهار ويوم تقوم الساعة ينتقلون إلى العذاب الأكبر في جهنم.

قوله تعالى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [الأنعام:93]. فالأمر لا يتأخر إلى انقضاء الدنيا فهم يعذبون قبل قيام الساعة الكبرى وهو عذاب القبر.

ب- ومن الحديث:

حديث: ((القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار))([8]).

((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يريكم عذاب القبر فقالت أم بشر: وهل للقبر عذاب؟ فقال: : إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم))([9]).

ومن دعائه وبعد التشهد الأخير: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال))([10]).

ما هي أسباب عذاب القبر:

1- التهاون في الطهارة وسوء الخلق: للحديث: ((إن النبي مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة))([11]).

النميمة نقل الكلام للإفساد بين الناس والتنزه هو الاستبراء والتطهر للحديث: ((تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه))([12]).

2- التهاون في الوضوء وتركه نصرة أخيه المظلوم للحديث: ((أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة فما زال يسأل الله عز وجل حتى صارت جلده فلما ضرب اشتعل عليه قبره نارا فلما أفاق قال: علام جلدتموني؟، فقيل له: إنك صليت صلاة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره))([13]).

وأمة الإسلام واقعة في هذا الإثم فكم من مستصرخ أو مستنجد تستباح أرضهم وأعراضهم وأمة الإسلام لاهية سادرة في عبثها ولهوها.

3- أو جريمة كالسرقة: كان رجل يقال له كركرة على متاع رسوله فمات فقال النبي : ((هو في النار وإن الشملة تشتعل عليه نارا في قبره)) فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها))([14]). والغلول: السرقة من الغنيمة. والشملة: هي الكساء من الصوف يتغطى به.

يقول ابن القيم رحمه الله: فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات([15]).

وأما أسباب النجاة من عذاب القبر:

1- أعظم أسباب النجاة من عذاب القبر هي الشهادة في سبيل الله فنسأل الله أن يبلغنا إياها بمنه وكرمه أمين.

سئل رسول الله : ((ما بال الشهداء لا يفتنون في قبورهم؟ فقال: كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة))([16]).ويقول: ((إن للشهيد عند الله سبع خصال: أن يغفر له من أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه))([17]).

2- المداومة على قراءة سورة تبارك للحديث: ((إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له))([18]).

3- الأعمال الصالحة الخالصة: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولوا مدبرين فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتي عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان: ما قبلي مدخل))([19]).

4- أن يموت يوم الجمعة أو ليلتها: للحديث: ((من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء))([20]).

5- المرابط في سبيل الله: للحديث: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان))([21]).

6- أن يحاسب العبد نفسه ويجدد توبته قبل النوم، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن أنفع الأسباب المنجية من عذاب القبر أن يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحا، ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته تلك مات على توبة وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخر أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته([22]).

ولا سيما إذا أعقب ذلك استعمال السنن عند النوم.

7- الدعاء للميت والاستغفار والصدقة عنه ووفاء ديونه وقضاء ما قصر فيه من حج فإنه له نفع للأحاديث: ((كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل))([23]).

أن رجلا أتى النبي فقال: ((يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها (فاجأها الموت) ولم توص واظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم))([24]).

وأما موقف المسلم:

الإيمان المطلق والتصديق الذي لا شك فيه فالله ربنا ونحن عبيده، ورسول الله نبينا ونحن أتباعه وصدق الله العظيم: ومن أصدق من الله حديثا [النساء:87]. وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4].

إن عذب القبر ونعيمه غيب كما أن الجنة والنار والملائكة غيب ومن سمات المؤمنين قال تعالى: الذين يؤمنون بالغيب [البقرة:3].

إن للنفس أربع دور كل دار أعظم من التي قبلها.

الأولى (في بطن الأم) حيث يتخلق فيه وتنفخ فيه الروح.

الثانية (دار الدنيا) وفيها يكتسب العبد الحسنات والسيئات.

الثالثة (دار البرزخ) وهي أوسع ونسبتها إليه كنسبة هذه الدار إلى الأولى.

الرابعة (دار القرار) وهي الجنة أو النار فلا دار بعدها

فتبارك الله أحسن الخالقين
[المؤمنون:14].


--------------------------------------------------------------------------------

([1])أحمد ومسلم . ([2])الترمذي وحسنة وابن ماجة . ([3])رواه الترمذي . ([4])ابن أبي الدنيا ورجاله ثقات . ([5])رواه النسائي . ([6])رواه الشيخان . ([7])ابن كثير مجلد3 ص246. ([8]) الترمذي . ([9])رواه مسلم . ([10])رواه مسلم . ([11])البخاري . ([12]) الدار قطني . ([13])الطبراني . ([14])البخاري ومالك . ([15])الروح ص112-113. ([16])النسائي . ([17])أحمد والطبراني . ([18])أبو داود والترمذي . ([19])الطبراني في الأوسط وابن حيان في صحيحه . ([20])رواه أحمد والترمذي . ([21])رواه مسلم . ([22])الروح / ابن القيم ص 115. ([23])أبو داود وقال الحاكم صحيح الإسناد . ([24])رواه الشيخان .
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #27  
قديم 03-05-2007, 03:40 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى التوحيد، الساعي بالنصح للقريب والبعيد، المحذر للعصاة من نار تلظى بدوام الوقيد، المبشر للمؤمنين بدار لا ينفذ نعيمها ولا يبيد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، صلاة لا تزال على كرر الجد يدين في تجديد، وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد فإن الله جل جلاله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه، ويخافوه خوف الإجلال والتعظيم.
وذكر جل وعلا شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن نبذ أمره وعصاه ليتقوه بصالح الأعمال.
ودعا عباده إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه وياباه.
وبعد فقد عزمت إن شاء الله تعالى أن أجمع من كلام الله جل جلاله وتقدست أسماؤه، ومن كلام رسوله ومن كلام أهل العلم، ما يحثني وإخواني المسلمين على التأهب والاستعداد لما أمامنا، من الكروب والشدائد والأهوال والأمور العظائم والمزعجات المقلقات الصعاب.
وسميت هذا الكتاب "اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات".
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفعنا به وإخواننا المسلمين إنه القادر على ذلك وصلى الله على محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.


(فصل)
تكلم أحد العلماء في صفة يوم القيامة ودواهيه وأساميه فقال: فاستعد يا مسكين لهذا اليوم العظيم شأنه المديد زمانه القاهر سلطانه القريب أوانه يوم ترى السماء فيه قد انفطرت، والكواكب قد انتثرت، والبحار قد سجرت، والنجوم قد انكدرت، والشمس قد كورت، والجبال قد سيرت، والعشار قد عطلت، والوحوش قد حشرت، والنفوس قد زوجت، والجحيم قد سعرت، والجنة قد أزلفت، والجبال قد نسفت، والأرض قد مدت.
يوم ترى الأرض فيه قد زلزلت زلزالها، يوم فيه تخرج الأرض أثقالها، وتحدث أخبارها يومئذ يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم، يوم تحمل الأرض والجبال فدكتا دكةً واحدة.
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ.
يومٌ فيه تسير الجبال وترى الأرض بارزة، يوم ترج فيه الأرض رجًا، وتبس فيه الجبال بسًا، فكانت هباءًا منبثًا، يوم يكون فيه الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المفنوش.
يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حملٍ حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار.
يوم تنسف الجبال فيه نسفًا فتترك قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا، يوم ترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، يوم تنشق فيه السماء فتكون وردةً كالدهان، فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جان يوم فيه يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام، يوم تعلم فيه كل نفسٍ ما أحضرت، يوم تنطق فيه الجوارح.
يوم شيب ذكره سيد المرسلين إذا قال له الصديق أراك قد شبت يا رسول الله : "شيبتني هود وأخواتها" وهي الواقعة والمرسلات وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت.

قال ابن القيم رحمه الله في ذكر بعض أهوال يوم القيامة:
وَتَحَدِّثُ الأرضُ التِيْ كُنَّا بهَا ** وتَظلُ تَشْهَدُ وهْيَ عَدْلٌ بالذي
وتُمَدُّ أيضًا مِثْلُ مَدِّ أدِيْمِنَا ** وَتَقْيءُ يومَ العَرضِ مِن أكبادِهَا
كلُ يَراهُ بعَيْنِهِ وعِيَانِهِ ** وكذا الجِبالُ تُفَتُ فَتًا مُحْكَمًا
وتَكُونُ كالعِهْنِ الذي ألوانُهُ ** وتُبَسُ بَسًا مِثْلَ ذاكَ فَتَنْثَنِي
وكَذَا البِحَارُ فإنَّها مَسْجُورةٌ ** وكَذَا لِكِ القَمَرَان يَأْذَنُ ربُنَا
هَذِيْ مُكَوَّرةٌ وَهَذا خَاسِفٌ ** وكَوَاكِب الأَفْلاكِ تُنْثَرُ كُلُّهَا
وكَذَا السَّمَاءُ تُشَقُ شَقًا ظاهِرًا ** أخْبَارَهَا في الحَشْرِ لِلرَّحمنِ
مِن فَوقِها قد أحَدَثَ الثَّقلانِ ** مِن غيرِ أوْدِيةٍ ولا كُثْبَانِ
كالأصْطِوَانِ نَفَائِسَ الأثْمَانِ ** ما لامِرْئٍ بالأخذِ منه يَدَانِ
فَتَعُودُ مِثْلَ الرَّمْلِ ذِي الكُثْبَانِ ** وصِبَاغُه مِن سَائِر الألْوَانِ
مِثْلَ الهَبَاءِ لِنَاظِرِ الإِنْسانِ ** قد فُجرتْ تَفْجِيرَ ذِي السُلطَانِ
لَهُمَا فَيَجْتَمِعَانِ يَلْتَقِيَانِ ** وكِلاَهُمَا في النَارِ مطْرُوحَانِ
كَلالِئٍ نُثِرَتْ عَلى مَيْدَانِ ** وتَمُورُ أيضًا أَيَّمَا مَوَرَانِ


وتصير بعد الانشقاق كمثل هذا المهل أو تكُ وردةً كالدهان

وقال القحطاني رحمه الله:
يَوْمُ القِيَامَةِ لَوْ عَلِمْتَ بِهَوْلِهِ ** يَوْمٌ تَشَقَّقَتِ السَّمَاءُ لِهَولِهِ
يَوْمٌ عَبُوْسٌ قَمْطَريْرٌ شَرُهُ ** يَوْمَ يَجِيءُ المُتَقُونَ لِرَبهم
ويَجِيءُ فِيه المُجْرِمُونَ إِلى لَظَى ** لَفَرَرْتَ مِن أهْلٍ ومِن أوْطَانِ
وتشيبُ مِنه مَفَارِقُ الوِلَدَانِ ** في الخَلْقِ مُنْتَشِرٌ عَظِيْم الشَّأنِ
وَفْدًا عَلَى نُجُبٍ مِن العِقْيَانِ ** يَتَلَمَّظُونَ تَلَمُظَ العَطْشَانِ
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #28  
قديم 03-05-2007, 03:42 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي


"موعظة"
فيا أيها المهملون الغافلون تيقظوا فإليكم يوجه الخطاب ويا أيها النائمون انتبهوا قبل أن تناخ للرحيل الركاب قبل هجوم هادم اللذات ومفرق الجماعات ومذل الرقاب، ومشتت الأحباب، فيا له من زائر لا يعوقه عائق ولا يضرب دونه حجاب، ويا له من نازل لا يستأذن على الملوك ولا يلج من الأبواب، ولا يرحم صغيرًا ولا يوقر كبيرًا ولا يخاف عظيمًا ولا يهاب ألا وإن بعده ما هو أعظم منه من السؤال والجواب، ووراءه هول البعث والحشر وأحواله الصعاب من طول المقام والازدحام في الأجسام والميزان والصراط والحساب والجنة أو النار.
اللهم انظمنا في سلك الفائزين برضوانك، واجعلنا من المتقين الذين أعددت لهم فسيح جناتك، وأدخلنا برحمتك في دار أمانك، وعافنا يا مولانا في الدنيا والآخرة من جميع البلايا، وأجزل لنا من مواهب فضلك وهباتك ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #29  
قديم 03-05-2007, 03:50 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

اعلم وفقنا الله وإياك أن الموت أعاننا الله وإياك وجميع المسلمين على شدائده وسكراته وغمومه هو الخطب الأفظع، والأمر الأشنع، والكأس التي طعمها أكره وأبشع.
وإنه الحادث الهائل العظيم، الهادم للذات، والأقطع للراحات، والأجلب للكريهات، وإن أمرًا يقطع أوصالك، ويفرق أعضاءك، ويفتت أعضادك، ويهدد أركانك، لهو الأمر العظيم، والخطب الجسيم، وإن يومه لهو اليوم العقيم.
وما ظنك رحمك الله بنازل ينزل بك، فيذهب رونقك وبهاءك، ويغير منظرك وحسنك ويمحو صورة جمالك، ويمنعك من اجتماعك واتصالك.
ويردك بعد النعمة والنظرة والسطوة والقدرة والنخوة والعزة إلى حالة يبادر أحب الناس لك وأرحمهم بك وأعطفهم عليك فيقذفك في حفرة من الأرض قريبة أنحاؤها مظلمة أرجاؤها محكم عليك طينها وأحجارها متحكم فيك هوامها وديدانها.
ثم بعد ذلك يتمكن منك الإعدام، وتختلط بالرغام، وتصير ترابا توطؤ بالأقدام، وربما ضرب منك إناء فخار أو أحكم منك بناء جدار أو طلي منك محبس ماء أمو موقد نار.
أو نحو ذلك.
لَعَلَّ إِنَاءً مِنْهُ يُصْنَعُ مِرَّةً ** ويُنقَل مِن أرَضٍ لأخْرى وما دَرى
فَيَكْلُ مِنْ أَرَادَ ويُشرَبُ ** فواهَا لَهُ بَعْدَ البلا يَتَغَرَّبُ


ثم اعلم وفقنا الله وإياك للاستعداد لما أمامنا من الأهوال والشدائد والكروب والأمور المزعجات.
أنه جدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه، والدود أنيسه ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده.
أن لا يكون له فكر إلا في الموت، ولا ذكر إلا له، ولا استعداد إلا لأجله، ولا تدبير إلا فيه، ولا تطلع إلا إليه، ولا تأهب إلا له، ولا تعريج إلا عليه، ولا اهتمام إلا به، ولا انتظار ولا تربص إلا له.
وحقيق بالعاقل أن يعد نفسه من الموتى ويراها من أصحاب القبور، فإن كل ما هو آت قريب قال الله جل وعلا: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ وقال تبارك وتعالى: أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ وقال صلى الله عليه و سلم : "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" الحديث.
واعلم أنه لو لم يكن في الموت إلا الإعدام وانحلال الأجسام ونسيانك أخرى الليالي والأيام، لكان والله لأهل اللذات مكدرًا، ولأصحاب النعيم منغصًا ومغيرًا، ولأرباب العقول الراجحة عن الرغبة في هذه الدار زاجرًا ومنفرًا، وللمنهمك في الدنيا وزخارفها منذرًا ومزعجا ومخدرًا.
قال مطرف بن الشخير: إن هذا الموت نغص على أهل النعيم نعيمهم، فاطلبوا نعيما لا موت فيه، فكيف ووراءه يوم يعد فيه الجواب وتدهش فيه الألباب، وتفنى في شرحه الأقلام والكتاب.

وَلَمْ يَمْرُرْ بِهِ يَوْمٌ فَظِيْعٌ ** ويَوْمُ الحَشْرِ أفْظَعُ منهُ هَوْلاً
فكَمْ مِنْ ظَالمٍ يَبْقَى ذَلْيلاً ** وشخْصٍ كانَ في الدُّنْيَا فَقْيرًا
وعَفْوُ اللهِ أوْسَعُ كُلِّ شيءٍ ** أَشَدَّ عَلَيهِ مِنْ يَوْمِ الحِمَامِ
إذا وَقَفَ الخلائق بالمَقَامِ ** ومَظْلُومٍ تَشَمَّرَ لِلْخِصَامِ
تَبَوَّأَ مَنْزِلَ النُّجْبِ الكِرَامِ ** تَعَالَى اللهُ خَلاقُ الأَنَامِ


ومن كلام بعضهم يا ابن آدم لو رأيت ما حل بك وما أحاط بأرجائك لبقيت مصروعًا لما بك، مذهولاً عن أهلك وأصحابك.
يا ابن آدم أما علمت أن بين يديك يومًا يصم سماعه الآذان، ويشيب لروعه الولدان، ويترك فيه ما عز وما هان، ويهجر له الأهلون والأوطان.
يا ابن آدم أما ترى مسير الأيام بجسمك، وذهابها بعمرك، وإخراجها لك من سعة قصرك إلى مضيق قبرك، وبعد ذلك ما لذكر بعضه تتصدع القلوب، وتنضج له الجوانح وتذوب، ويفر المرء على وجهه فلا يرجع ولا يؤوب، ويود الرجعة وأنى له المطلوب.


قال الله جل وعلا وتقدس: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وقال تبارك وتعالى: أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)‏ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، وقال تبارك وتعالى: هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وقال عز من قائل: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ، وقال:أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ وقال: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)‏ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي، وقال تبارك وتعالى: فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى، وقال تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا، وقال تعالى: وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ، وقال جل وعلا:وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ، وقال تبارك وتعالى:وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ.


لأَمْرِ ما تَصَدَّعَتِ القُلُوبُ ** وَبَاتَتْ في الجَوانِحِ نَارُ ذِكْرَى
وَمَا خَفَّ اللَّبِيْبُ لِغَيْر شيءٍ ** ذَرَاهُ لائِمَاهُ فَلا تَلُوْمَا
رَأَىَ الأيَّامَ قَدْ مَرَّتْ عَلَيهِ ** وَمَا نَفَسٌ يَمُرُّ عَلَيه إِلا
وَبَيْنَ يَدَيْهَ لَوْ يَدْرِي مَقَامٌ ** وَهَذَا الموتُ يِدُنِيْهِ إِليٍهِ
مَقَامٌ تُسْتَلذُ بِهِ المنَايَا ** وماذا الوَصْفُ بَالِغُهُ ولَكِنْ
وَبَاحَ بِسِرِّهَا دَمْعٌ سَكِيْبُ ** لَهَا مِن خَارِجٍ أَثَرٌ عَجِيْبُ
ولا أَعْيَا بِمَنْطِقِهِ الأرِيْبُ ** فَرُبَّتَ لأئِمٍ فِيْهِ يَحُوْبُ
مُرُوْرَ الرِيْحِ يَدْفَعُهَا الهَبُوْبُ ** ومِنْ جُتْمانِهِ فِيْهِ نَصِيْبُ
بِهِ الِولْدَانُ مِنْ رَوْعِ تَشِيْبُ ** كَمَا يُدْني إِلَى الهَرَمِ المشَيْبُ
وتُدْعَى فِيْهِ لَوْ كَانَتْ تُجِيْبُ ** هِيَ الأمَثالُ يَفْهَمُهَا اللَّبِيْبُ


اللهم ألهمنا ذكرك ووفقنا للقيام بحقك وبارك لنا في الحلال من رزقك ولا فتضحنا بين خلقك يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج يا قاضي الحاجات ومجيب الدعوات هب لنا ما سألناه وحقق رجاءنا فيما تمنيناه يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ما في ضمائر الصامتين أذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #30  
قديم 03-05-2007, 03:55 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

موعظة
الحمد لله المستحق لغاية التحميد، المتوحد في كبريائه وعظمته الولي الحميد، الغني المغني المبدئ المعيد، المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه ولا يبيد، المانع فلا معطي لما منع ولا راد لما يريد.
خلق الخلائق وأوضح لهم أحسن طريق، وهداهم إلى الأمر الرشيد، وصورهم فأحسن صورهم، وبشر من أطاعه بالجنة والنعيم والتخليد، وحذر من عصاه من العذاب الشديد.
وحثهم على ذكره وحمده وشكره ووعدهم بالمزيد، فقال جل وعلا وهو أصدق القائلين وأوفى الواعدين: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ.
وحكم على خلقة بالفناء فما لأحد عنه محيص ولا محيد، فكم أبكي الموت خليلاً بفراق خليله، وكم أيتم طفلاً فشغله ببكائه وعويله.
أوحش المنازل من أقمارها، ونفر الطيور من أوكارها، وعوضهم من لذة العيش بالتنغيص والتنكيد.
فالملك والمملوك والغني والصعلوك والقوي والضعيف، تساوت قبورهم في القفر والبيد.
فسبحانه من إله أذل بالموت كل جبارٍ عنيد، وكسر به من الأكاسرة كل جبارٍ صنديد، وأخرجوا من سعة القصور إلى ضيق القبور، وقطع حبل أمدهم المديد.
أخذ به الأباء والجدود والأطفال من المهود، وأسكنهم بعد اللين والسعة والرفاهية مضيق اللحود، وعفر وجوههم في التراب بعد لين الوسائد والفرش الناعمة والتمهيد وبقوا في تحت الأرض إلى يوم الوعيد.
فيا بؤس للدنيا شد ما عن ثديها فطمتهم ومن سمها أطعمتهم وبيدها الباطشة لطمتهم، وفي ظلمات الأرض وغيابات الثرى طرحتهم، فقلبت قائم تلك الأعيان، وطمست تلك الوجوه الحسان.
وأعمت تلك الأبصار، وأصمت تلك الآذان، وأسالت الحدق على الخدود والوجنات، وغسلت بالصديد جميل القسمات، وملأت بالتراب اللهازم واللهوات.
وكسرت تلك الضواحك والربعيات، وعبثت الديدان بجسوم أولئك الفتيان والفتيات، لطالما أغربوا ضاحكين، وتقلبوا فاكهين، وباتوا على سررهم مطمئنين آمنين.
فكم بها من لسانٍ فصيح، طالما ما أنشد وخطب، وأرهب وأرغب، ومدح وأطنب، وكم من فصيح لسان وعظيم بيان أخرسه الحدثان، وتحكمت في جسده الهوام والديدان.

وَلَو كَشَفَ الأجْدَاثَ مُعْتَبِرًا لَهُمْ ** لَشَاهَدَ أحْدَاقًا تَسِيْل وَأوْجُهًا
غَدَتْ تَحْتَ أَطْبَاق الثّرَى مُكْفَهِرَّةً ** فَلَمْ يُعْرَفِ المَوْلَى مِنَ العَبْدِ فِيْهِم
وَأَنَّى لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ بَعْدَمَا ** رَأَى مَا يَسُوءُ الطّرْفَ مِنْهُمْ وَطَالَمَا
رَأَى أَعْظُمًا لا تَسْتَطِيْعُ تَمَاسُكًا ** مُجَرَّدَةً مِنْ لَحْمِهَا فَهِيَ عِبْرَةٌ
تَخَوَّنَها مَرُّ اللَّيَالِي فَأَصْبَحَتْ ** أُزِيْلَتْ عَنِ الأَعْنَاقِ فَهِيَ نَوَاكِسٌ
عَلاهَا ظَلامٌ لِلْبِلَى وَلَطَالَمَا ** كَأنَ لَمْ يَكُنْ يَوْمًا عَلا مَفْرقًا لَهَا
تَبَاعَدَ عَنْهُمْ وَحْشَةً كُلُّ وَامِقٍ ** وَقَاطَعَهُمْ مَنْ كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ
يُبَكِّيْهِمْ الاًعْدَاءُ مِنْ سُوءِ حَالِهِمْ ** فَقُلْ لِلّذِي قَدْ غَرَّهُ طُوْلُ عُمْرِهِ
أَفِقْ وَانْظُرِ الدُّنْيَا بِعَيْنِ بَصِيْرَةٍ ** فَأَيْنَ المُلُوكُ الصَّيْدُ قِدْمًا وَمَنْ حَوَى
حَوَاهُ ضَرِيْح مِنْ فَضَاءِ بسِيْطِهَا ** فَكَمْ مَلِكٍ أَضْحَى بِهَاذَا مَذَلَّةٍ
يَقُودُ عَلَى الخَيْلِ العِتَاقِ فَوَارِسًا ** فَأصْبَحَ مِنْ بَعْدِ التَّنَعُّمِ في ثَرَى
بَعِيْدًا عَلَى قُرْبِ المَزَارِ إِيابُهُ ** غَرِيْبًا عَنِ الأَحْبَابِ والأَهْلِ ثَاوِيًا
تُلِحُّ عَلَيْهِ السّافِيَاتُ بِمَنْزِلٍ ** رَهِيْنًا بِهِ لا يَمْلِكُ الدّهْرَ رَجْعَةً
تَوَسَّدَ فِيْهِ التُّرْبَ مِنْ بَعْدِ مَا اغْتَدَى ** كَذَلِكَ حُكْمُ الله في الخَلْقِ لَنْ تَرَى
لِيَنْظُرَ آثارَ البلا كَيْفَ يَصْنَعُ ** مُعَفَّرَةً في التُّرْبِ شُوْهًا تُفَزعُ
عَبُوْسًا وَقَدْ كَانَتْ مِنَ الِبَشْرِ تَلْمَعُ ** وَلا خَامِلاً مِنَ نَابِهٍ يَتَرَفَّعُ
تَبَيّنَ مِنْهُمْ مَا لَهُ العَيْنُ تَدْمَعُ ** رَأى مَا يَسُرُّ النّاظِرِيْنَ وَيُمْتِعُ
تَهَافَتَ مِنْ أَوْصَالِهَا وَتَقَطَّعُ ** لِذِيْ فِكْرَةٍ فِيْمَا لَهُ يَتَوقَّعُ
أَنَابِيْبَ مِنْ أَجْوَافِهَا الرِّيْحُ تُسْمَعُ ** عَلى التُّرْبِ مِنْ بَعدْ الوَسَائِدِ تُرْفَعُ
غَدَا نُورُهَا في حِنْدِسِ الظُّلْمِ يَلْمَعُ ** نَفَائِسُ تِيْجَانٍ وُدُرٍ مُرَصَّعُ
وَعَافَهُمُ الأَهْلُونَ والنَّاسُ أَجْمَعُ ** بِوَصْلِهِمُ وِجْدًا بِهِمْ لَيْسَ يطْمَعُ
وَيَرْحَمَهُمْ مَنْ كَانَ ضِدًا وَيَجْزَعُ ** وَمَا قَدْ حَوَاهُ مِنْ زَخَارِفَ تَخْدَعُ
تَجِدْ كُلَّ مَا فِيْهَا وَدَائِعَ تَرْجِعُ ** مِنَ الأَرْضِ مَا كَانَتْ بِهِ الشَّمْسُ تَطْلَعُ
يُقَصِّرُ عَنْ جُثْمَانِهِ حِيْنَ يُذْرَعُ ** وَقَدْ كَانَ حَيًَّا لِلْمَهَابَةِ يُتْبَعُ
يَسُدُّ بِهَا رَحْبَ الفَيَافِي وَيُتْرِعُ ** تُوَرِي عِظَامًا مِنْهُ بَهْمَاءُ بَلْقَعُ
فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى القِيَامَة مَرْجِعُ ** بأقْصَى فَلاةٍ خَرْقُهُ لَيْسَ يُرْقَعُ
جَدِيْبٍ وَقَدْ كَانَتْ بِهِ الأرْضُ تُمْرِعُ ** وَلا يَسْتَطِيْعَنَّ الكَلامَ فَيسْمَعُ
زمَانًا عَلَى فُرُشٍ مِنَ الخَزِّ يُرْفَعُ ** مِنَ النَّاسِ حَيًّا شَمْلهُ لَيْسَ يُصْدَعُ

اللهم انهج بنا مناهج المفلحين وألبسنا خلع الإيمان واليقين، وخصنا منك بالتوفيق المبين، ووفقنا لقول الحق وإتباعه وخلصنا من الباطل وابتداعه، وكن لنا مؤيدًا ولا تجعل لفاجر علينا يدًا واجعل لنا عيشًا رغدًا ولا تشمت بنا عدوًا ولا حاسدًا، وارزقنا علمًا نافعًا وعملاً متقبلاً، وفهمًا ذكيًا وطبعًا صفيًا وشفعًا من كل داء، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم آمين
اللهم آمين
اللهم آمين



يتبع إن شاء الله
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م