مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 26-06-2000, 04:00 PM
المعتمد بن عباد المعتمد بن عباد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 392
Post الرسالة الأخيرة .. أول قصة فما رأيك يا ميموزا ؟

الأخوة الكرام .. هذه أول قصة قصيرة أكتبها فأبدوا رأيكم وخصوصاً الأستاذة ميموزا .. فقد افتقدنا صوتها هذه الأيام.

الرسالة الأخيرة :
جلس وهو لا يكاد يقرّ به المجلس ، يحس بالفراش المستأجر الذي يجلس عليه وكأنه قد استحال تحته شوكاً .. هذه الأنوار الصفراء التي تؤذي عينيه كئيبةٌ كأيام حياته .. هذه الوجوه المتجعدة الجامدة حوله تذكره بزبانية الجحيم .. عبثاً يحاول أن يمسح بمنديله قطرات العرق الذي بدأ يغمره بغزارة ، وإن كان في حقيقة أمره إنما يحاول أن يدرك تلك الدمعة التي بدأت تتقلقل في مؤقه فيمسحها قبل أن يدرك أحد الحضور الفرق بينها وبين قطرات العرق الباردة.
حانت منه التفاتة إلى ذلك الباب في آخر المجلس ونظر إلى ذلك الطفل الذي قد دلف لتوّه منه ويده تقبض على شيء لم يستطع التعرّف عليه ، فلم يكلف نفسه مؤنة التفكير في ماهيته ثم أعاد النظر إلى ذلك الطفل مرة أخرى فتأكد من أنه هو .. نعم إنه أخوها . وهل يمكن أن تكون لأحد هاتان العينان إلا أخوها . وما أكثر ما كانت تحدثه عنه تلك الأيام ! إنه يحفظ اسمه والحكايات التي كانت ترويها له عنه بصوتها العذب الحاني عن ظهر قلب .
حين وصل إلى هذه النقطة أغمض عينيه وغاب عمّا حوله .. إذ انتقلت به الذكريات إلى منحى آخر . تنهّد تنهّداً طويلا حينما تذكرها وتذكر تلك الأيام التي اختلساها من عمر الدهر … تذكر أحاديثها العذبة ، ضحكاتها الصافية ، تذكر حتى بكاءها الذي حرمه النوم عدة ليال .
ولكنه أفاق من غمرة ذكرياته على صوت المأذون الشرعي وهو يطلب حضور الشهود فأحس بقلبه يكاد يثب من مكانه . وأخذ ينهر نفسه على المجيء إلى هذا المكان هذه الليلة . كيف طوّعت له نفسه أن يحضر حفل عقد قرانها من آخر لا يساويه حسباً ولا نسبا ولا دينا ولا ثقافة ولا خلقا .. ولكن هو الواجب القبلي والأعراف الاجتماعية وأحسّكأنه يغمد بحضوره خنجراً في صدره . .. ثم انتبه إلى أن المأذون قد طلب منهم أن يذهبوا إليها بكتابه الذي يسجّل فيه العقود لتوقع بموافقتها على العقد . فلم يستطع أن يصبر أكثر من ذلك وانتصب واقفاً ليغادر المكان مسرعاً قبل أن يسمع تلك الأصوات النسائية المنكرة وهي تطلق الزغاريد التي تنوح على ضياعه وضياع حلمه . ولمّا أراد أن يجتاز الباب فاجأه أخوها بورقة يدفعها إليه يفوح منها رائحة عطرها الفوّاح الذي طالما انتشى به .، فألقى على أخيها نظرةً أخيرة وكأنه يتذكّر ملامحها الوضيئة في ملامح وجهه ثم نزل درجات المنزل مسرعا .
وفي الطريق فاجأه أبوها وهو يبتسم له تلك الابتسامة الذئبية التي عرف بها وهو يقول له ضاحكاً : إلى أين ؟! فبادله ابتسامته بنظرة تتلظى وتكاد تفصح عن مدى الألم الذي سببه له ومقدار الرغبة في الانتقام ، وود لو استطاع خنقه بيديه كما خنق أمله الوحيد ولكنه بدّل ملامحه فابتسم ابتسامة حزنٍ واعتذر بأنه يريد رؤية شيء ما في سيارته للحظة وأكمل مسيره ، فنبهه الرجل إلى أن لا يتأخر لأن العشاء جاهز ثمّ رماه بأحد سهامه قائلاً والعقبى لك إن شاء الله . فزفر الشاب زفرة قوية وهو يقول في نفسه : آه لو يدري هذا الوغد العجوز أن دعوته قد تحققت وأنني أواجه نفس المصير المظلم الذي رمى إليه ابنته . واسترجع في عقله ذلك السؤال الذي مازال يؤرقه ويتعب قلبه : كيف رضيت بغيره وقد قطعت له عهداً أنها له ولن تكون لسواه ، كيف رضيت ؟
ولكنه مع ما سببت له من الألم الشديد لم يسمح لنفسه أن يوجه لها لوماً أو عذلا فهذه حياتها وهي حرة في أن تفعل ما تشاء ، وما هو إلا دخيل عليها فما دامت لا تريده فالأولى له أن ينسحب .
لم تقنعه هذه التبريرات وهو يفتح باب سيارته ويشغل محركها فهو متأكد أن ذلك الأب المذؤوب الجشع الذي يرخص كل شيء في سبيل تحصيل المال والثراء . ولا ريب أن ذلك الخاطب قد أغراه بالقناطير المقنطرة حتى سال لعابه فضحّى بابنته ورغباتها .
نفض عنه هذه الخواطر السوداء وجمع شتات ذهنه ليقرأ آخر رسالةٍ تصله من حبيبته .. فتح الورقة التي وقعتها باسمها ولبث يتأمل خطها الحنون الذي لا ينكره وقد كتبت له فيها هذه الأبيات :
أتظنني أرخصت فيك مشاعري ؟ *** أبداً فديتك بالنفائس شاعري
لكنّهم غلّوا يديّ وأخرسوا *** صوتي وسوّدت الذئاب مصائري
فارحل بنفسك ، ما مقامك بينهم *** إني أخافهمُ عليك فحاذرِ
اليوم مذبحي الكبير فقم ولا *** تقعد لتبصر ذبحهم لمصائري

أصابه جمودٌ عجيب إذ مدّ يده إلى ناقل الحركة في آلية ، وتحرّك بسيّارته وعيناه تنظران إلى الفراغ أمامه وقد تحدّرت منهما دمعتان كان يكتمهما مذ سمع بالخبر المشؤوم ، ومازالت تتردد في ذهنه كلمات أبيها .. والعقبى لك .. العقبى لك .. العقبى لك .
الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م