تشدد رايس
في الوقت الذي يسعي فيه العالم أجمع لجعل الحوار-تلك القيمة الحضارية العالية - أساسا لحل أي من المشاكل التي يعيشها الكون، تخرج علينا وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بتصريحات يمينا وشمالا، تحلل وتفصل كما ترغب، لتثبت أنها لا تنتظر المشاكل بقدر ما تسعي إليها، وأن كل ما يحوم حول أمن بلادها هو هدف للآلة العسكرية الأمريكية.
خرجت علينا رايس لحث الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي الإسراع في خططها لعقد اجتماع استثنائي حول إيران للحفاظ علي زخم المساعي التي تبذل حاليا لإحباط ما تسميه تطلعات طهران النووية، محذرة من أن المشكلة في انتظار انعقاد الاجتماع المعتاد في مارس سيجعل طهران تحاول الاستفادة من ذلك لتقديم القليل وتعمد التضليل'' بشأن نواياها النووية، دون حتي أن تنتظر نتائج الاجتماع المغلق في لندن حول إيران.
كما خرجت علينا رايس لتحذر الفلسطينيين من أن إشراك حركة المقاومة الإسلامية حماس في أية حكومة جديدة قد يؤثر علي المساعي التي تدعمها واشنطن لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وبذلك ناقضت الديموقراطية الأمريكية التي تدعو لتطبيقها بالشرق الأوسط، وكأن الديموقراطية تجزأ، وتدخلت في الشؤون الداخلية للشعب الفلسطيني الذي يدرك اكثر من غيره من يمكن أن يمثله في الفترة القادمة.
أما بشأن السودان فقد أدلت رايس بدلوها مفضلة دورا كبيرا للأمم المتحدة في دارفور مطالبة السودان بضرورة التعاون بقبول المساعدة الدولية، رغم أن القوات الإفريقية منتشرة في المنطقة، ولا حاجة لقوات دولية أخري وأن الأفضل دعم القوات الإفريقية الموجودة علي الأرض بالفعل، اللهم إن كانت رايس ترغب بنشر قوات أمريكية من خلال ''الأطلسي'' وهو السؤال الذي تهربت من الإجابة عليه.
أما الطامة الكبري فكان دفاع رايس عن العمليات العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة في اطار ''الحرب علي الإرهاب'' للقضاء علي مسلحي تنظيم القاعدة في المناطق الحدودية في باكستان، وعدم اكتراثها بالقتلي المدنيين من النساء والأطفال.
المتتبع لخطابات رايس في شتي المحافل والمحاضرات والبيانات الرسمية التي تلقيها، يستطيع ان يتفهم طبيعة تفكيرها، فرايس منذ أن تولت الخارجية بدلا عن الوزير المستقيل كولن باول، الذي اعتبر الصوت المعتدل الوحيد في إدارة هيمن عليها صقور الحزب الجمهوري، ألقت بظلالها حول مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية وتصاعد تشددها. فرايس كانت ولا تزال من أشد المتحمسين للحرب علي العراق، ولاتزال تصر علي انه لم يكن هناك أية وسيلة لاحتواء الخطر الذي كان يمثله نظام صدام حسين باستثناء شن الحرب لإطاحته.
مقال عجبني واحببت ان انقله لكم