مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 25-11-2005, 09:53 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي الذنب

الــذنــــب

أحلفك أيتها الأوراق البيضاء ببياض شعر رأسه..
أحلفك أيتها الأوراق السوداء بظلمتك .. وسواد وجهه...
كم لاقيت من الظلم والقهر والتعسف .. وضياع الهوية والوطن...
يتذكر رفاقه ، زملائه ، أصدقائه ، واحدا ، واحدا .. واحدا .. أولئك الذين كان معهم وكانوا معه.. فلان ؟ لا يدري أين هو ؟ !. ضاع مع بداية ضياع ملامح الإدارة المنظمة...
فلان ؟! ذهب ضحية فوضى الإدارة..
وفلان ؟! غادر مع أول بداية فوضى الإدارة إلى مكان مجهول..
و فلان ؟! ذلك الذي قضى معه سنوات رطبة من الجهد والعمل المنظم و الإلتزام إلى درجة السمو... فكانت النتيجة التشريد والحرمان حتى اليأس أو الموت..!
إن الذي جرى لا يمكن أن يجرى حتى في كوابيس أهل السياسة والعصابات المحترفة و حتى المافيات... إنه كابوس عمره طويل ، عمر حياته الوظيفية الضائعة..
أحلفك أيتها الأوراق الضائعة من ملفات الدواوين الموبقة في المكاتب الكالحة الحالكة ، والكراسي الميتة ، والأجيال القادمة المغادرة إلى اللامكان بلا عودة .. كم مر بك من الغش والظلم والقهر والقتل والتدمير ..!؟
مرت سنوات بقي فيها بلا أصدقاء.. فلقد فقدهم جميعا. فمن مات مات .. ومن غادر ولم يعد ، لم يعد. ومن تلاقفته مثرمة الظلم دون أدنى ذنب فأضحى في غيابات الجب أضحى..
بقي وحيدا وحدة البعير الأجرب المبعد في القطيع ، يلعق حزنه لوحده ، وعلى أن يجد له أصدقاء، أن يصنع له أصدقاء. ولكن هيهات.. هيهات. فمقاسات الصديق الذي يبحث عنه لا يمكن أن تتوافر في أسواق القرن الواحد والعشرين ، وطوفان العولمة وزمن مطاعم الوجبات السريعة و إزدواجية المكاييل والمقاييس والمعايير...
أخيرا جاء به القدر إلى بوابات النيابات والمحاكم والعدالة.. العدالة عاصمة الحزن والبشرية التي تبكي ليلا نهارا على أبوابها.. و من الذين يندبون قلوبهم على مجدها في ملفات العسف والجور ..
جاء به القدر عن شيء لم يعرفه طوال عقود حياته الخمس في هذا الزمن المسلوب . جيء به ، ولم يكن له سابق علم بأنه سيجيء إلى الأصفاد والأقفاص، وهذه الدوائر بعد هذا العمر وهو الغريب المتغرب في غربتين... غربة الروح ، الروح التي ضاع فيها بحثا عن منفى الفضيلة والإستقامة ، وغربة الفكر.. ذلك الذي عاش فيه غربة أبدية لا يمكن أن يعود منها أبدا...
تجربة أضاع فيها كل ما كسب ، وخسر فيها كل ما عرف ..الأقارب ، الأصدقاء، الزملاء ...توارى منهم من توارى في المجهول ، وهو يتذكرهم واحدا واحدا، ولكن لم يعثر حتى على واحد منهم . فـتـش عنهم في سماء طرابلس الصيفية الحالمة ، وفي ليالي شتائها القارسة التي تتكور على قلبه وهو يذرع شوارعها بحثا عن خطا ضائعة ، وعن طرق مسدودة.. وعن أحلام ترملت قبل أن تكتمل ، عاشت في داخله عصورا لا ترحم ، بحثا عن ربيع دائم وفردوس مفقود على أعتاب القهر والتعسف والجور...
فجأة تذكر صديقه فلان . ذلك المفقود في الزمن الضائع والمحنط في أوراق مذكراته وكراساته وقصاصات الورق التي كان يتبادلها معه أيام زمان ... والتي إصفرت وإنشهبت ، لكنها ما زالت تنطق بحروف خضراء في زمن الجفاف.. حروف مشبعة مروية ، في زمن القحط والقحل و العطش..
عاد إلى بيته مسلوبا من القدرة على التحمل ، وعلى التمتع بسليقة النسيان ، يجول بكل زوايا ذاكرته لعله يجد مكانا فارغا يستريح فيه من همومه ، ولكن هيهات .. هيهات.. فذاكرته مشغولة ومشحونة بالحزن الفاخر ، والعدل الواهم...
راح يتصفح أوراق الماضي الشهباء.. وفجأة رن الهاتف وقبل أن ينهض من مكانه إلتقطت إبنته الصغرى سماعته وردت على الطرف الثاني ، ثم قالت له رجل يريد أن يتحدث معك قال إنه صديق قديم.. أوغل نظره في الهاتف .. شعر به ومن أول كلمة عرفه ، رغم بعد السنين ، من صوته المحنط عرفه .. لاحظت إبنته دهشته وهروب صوته ومكابرته لدموعه ، وسمعت بكاءا يتكسر عبر سماعة الهاتف وفي صدره .. إلا أنه لم يستطع البكاء ... فالدمع حتى الدمع صار يشح عند غلبة الحزن ويبخل عند طلبه...
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م