إستشهاد أبو الوليد الغامدي في الشيشان .
الرنتيسي وأبو الوليد الغامدي استشهدا في يومين ، كلاهما في معركة يحرر فيها أرض المسلمين ، فبرقت سماء النصر في أفقيها الشرقي والغربي ، بوميضين هائلين بهرا الأنظار ، وامتلأت آفاق الأرض بعبق عبير رقراق مبهج ، فيا للبشرى .
إن النماذج الإيمانية الرفيعة المجاهدة في ديننا العظيم ، تشرق على الناس في حياتها بالعطاء بكرة وأصيلا ، يضرب الله تعالى بهم مثلا للمؤمنين ، في أقوالها وافعالها وأحوالها ، ويجعلها أسوة لهم .
إنها لحظة مهيبة توقد جذوة نار لاتلبث حتى تشتعل اشتعال البركان ، فتحيل أنين الحزن إلى صيحات الغضب ، وتحيل ذهول ودهشة اليأس العابر ، إلى عزيمة من حديد لاتلين لشيء ، وتصهر أمامها كل عوائق النصر .
إن استشهادهم يثير كوامن الطاقات في الأمة فيفجرها تفجيرا ، إن عظمة استشهادهم أكبر من عظمة كل عطاءهم الحياتي ، أليست هي عظمة إعلان الإنتصار نفسه .
ولهذا جمع الله تعالى بين معنى النصر ، ومعنى الحياة في الاستشهاد قال تعالى " ولاتقولوا لمن قتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون " ، وقال " قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون " .
فالشهادة انتصار النفس على الشيطان والهوى والخلود إلى الأرض ، والفتح انتصار الأمة ، وكلاهما انتصار ، فلهذا كانت معركة الإسلام مع أعداءه ، هي المعركة الوحيدة في الوجود التي حسمت نتيجتها قبل أن تبدأ ، فمن بقي في صف الإسلام منصور لا محالة ، إما الشهادة أو الفتح ، وإنه لقريب بإذن الله .
__________________
يدنو فيرحب بي سم الخياط كما** يضيق بي حين ينأى السهل والجبل
|