بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الموضوع : ( من هم الملعون ؟ ) الجزء الأول :
يوم عزمت الكتابة فى هذا الموضوع و هي المرويات الواردة فى اللعن كنت منطلقاً من مبدأ أننا معشر المسلمين مسئولون عن كل أمر من أمور هذا الدين ، و عن خدمة كل قول نطق به الصادق المصدوق ، و أن الإسلام كل لا يتجزأ ، و أن كل ما فيه خير و هداية و رشد ، لكن هناك دوافع شجعتني للشروع فيما اخترت من هذه الدوافع ما يلي :
أولاً : أن اللعن من أشد المحرمات التى حرمها الله و من الكبائر التي توعد فاعلها اشد وعيد 0
ثانياً : جهل كثير من الناس بأحاديث اللعن 0
ثالثاً : كثيرة مستحقي اللعن ، إذ أننا نعيش فى زمن كثير فيه الإقدام على الأعمال التي لعن فاعلها الله ورسوله وكثير المرجون لها 0
رابعاً : شيوع و انتشار اللعن على السنة كثير من الناس حتى أصبحت لديهم عادة دارجة على الألسن ، تطلق في مواضع الهزل و الجد 0
ولقد اقتصرت على ذكر الأحاديث الصحيحة و استبعدت الأحاديث الضعيفة .
أسأل الله أن يكون عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم و أن يتقبل منا صالح أعمالنا ويتجاوز عن سيئاتنا أنه قريب سميع الدعاء 0
تعريف اللعن في اللغة : هو الابعاد والطرد من الخير .
و تعريف اللعن في الشرع : هو الطرد و الابعاد عن رحمة الله .
وليعلم الجميع أن الأعمال التى لعن فاعلها هي من كبائر الذنوب 0
و هنا سؤال مهم و هو : من يستحق أن يوجه إليه اللعن ومن لا يستحق ؟
الجواب :
1 ) لعن المسلم المعين لا يجوز وهذا مما أجمع على تحريمه وعدم جوازه
للأحاديث الكثيرة في النهى عن اللعن و منها الحديث المتفق عليه عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (( لعن المؤمن كقتله )) و قد نقل الإجماع على التحريم الإمام النووي و الإمام الذهبي 0
2 ) اللعن بالأوصاف العامة مثل : لعنة الله على اليهود و النصارى أو الظالمين أو الفاسقين أو الكاذبين وغير ذلك من أوصاف العموم فهذا جائز لا خلاف فيه .
و قد نقل الإجماع على جواز اللعن بأوصاف العموم ابن العربي و ابن حجر الهيتمي 0
3 ) لعن الكافر المعين و فيه ثلاث حالات :
الحالة الأولى : لعن من عرف أنه مات على الكفر ، مثل فرعون و أبو جهل وغيرهم ممن عرف انه مات على الكفر فهذا جائز لعنة ولا خلاف فيه .
الحالة الثانية : لعن من عاش كافراً وجهل موته على الكفر ، فهذا ايضاً جائز لعنه ولكن يقيد في حال موته على الكفر ، فالأفضل أن نقول : لعنه الله إن كان مات كفراً .
وهذه طريقة بعض علماء الأمة مثل ابن كثير و غيره 0
الحالة الثالثة : لعن الكافر الحي كقوله : فلان اليهودي لعنه الله .
فقد اختلف العلماء فى ذلك على قولين :
القول الأول : جواز لعن الكافر المعين .
القول الثاني : عدم جواز لعن الكافر المعين و هو الصحيح و الله أعلم .
لأنه قد يسلم هذا الكافر فيموت وهو مؤمن .
وقد قال تعالى : (( أن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين )) فقد قيدت هذه الآية استحقاق اللعنة بالوفاة على الكفر 0
4 ) لعن المسلم العاصي المعين .
ذكر ابن العربي انه لا يجوز لعن العاصي المعين اتفاقاً ولكن المسألة فيها خلاف بين العلماء
والراجح والصحيح والله أعلم وهو : أنه لا يجوز لعن العاصي المعين
لأنه كما تقدم أنفا انه لا يجوز لعن الكافر المعين فكيف بالعاصي المسلم المعين ، ولأنه سبحانه وتعالى أنزل على الرسول صلي الله عليه وسلم آية و هي قوله تعالى : (( ليس لك من الأمر شي )) عندما كان يلعن اشخاصاً كفاراً بأعيانهم فكيف بالمسلمين و غير ذلك من الأدلة 0
وقد يقول : قائل لو أن رجل فعل فعلاً من الأفعال التي لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم فاعلها فهل يلعن ؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : أنه لا يجوز لعنه لأن هناك موانع لحوق الوعيد واللعن متعددة منها التوبة ، و منها الاستغفار ، و منها الحسنات الماحية للسيئات و منها بلاء في الدنيا و مصائبها و منها رحمة أرحم الراحمين 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التكملة مع الجزء الثاني إن شاء الله
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته