مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 10-06-2001, 07:17 PM
الباز الأشهب الباز الأشهب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2001
المشاركات: 49
Post موسوعة المولد النبوي الشريف ( تاريخه - حكمه - أدلته ...

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الملك الجليل , الذي ارسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بواضح البرهان والحجة والدليل , وأذل لوطأته أهل الشرك والإلحاد والأباطيل.

وبعد
إخواني في الله , وأحبابي في رسول الله صلى الله عليه وسلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني يا عباد الله , ويا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم , نحن في ايام شهر الربيع الذي ولد فيه الحبيب الشفيع صلى الله عليه وسلم,وهو النعمة الكبرى , كما أن فقده المصيبة العظمى ( كما قال صلى الله عليه وسلم ), وأهل الصلاح والتقوى من عباد الله وأوليائه يحتفلون برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل يوم ,بل في كل لحظة , ولكن عامة المسلمين يحتفلون به صلى الله عليه وسلم بشكل واضح وملحوظ في ايام شهر الربيع لانه فيه ولد صلى الله عليه وسلم , فينشط محبيه ومادحيه وينشدوا في حبه القصائد والاشعار , تأسياً بالصحابة الكرام في محبته ومدحه عليه الصلاة والسلام.

في المقابل ينشط قلة من المسلمين في التحذير منه ومن الاحتفال بهذه الذكرى العطرة , ويصدورن احكاما تبديعيه وتحريميه وتفسيقيه وتضليليه ليس فقط في حكم الاحتفال بذاته بل في كل من اقره واجازه من المسلمين , ولما لهذا الامر الرهيب الخطير في تفريق كلمة المسلمين وشحن البغضاء والعداوات بينهم, ونحن في زمن نحتاج فيه للتوحد وللتآخي والتعاضد والوقوف مع بعضنا جنبا الى جنب ضد أعدائنا الحقيقين من اليهود الملاعين والنصارى الحاقدين , ولكي نقف وقفة رجل واحد تحت لوائه صلى الله عليه وسلم في حربنا ضد أعداء الإسلام .

وبهذه المناسبة ..نذكر أنفسنا بحديثه صلى الله عليه وسلم(( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ))البخاري ومسلم وأحمد.

فهذه بعض المقالات حول حكم المولد وما يستحب فيه,وما ينهى عن اي عمل محرم فيه, و اراء العلماء فيه , جمعها الاحباب لتكون مرجعا لكل المسلمين المؤمنين.

كل ربيع وانتم الى الله اقرب وعلى التمسك بسنته ( صلى الله عليه وسلم ) اثبت .

شهر الربيع وافانا *** أقبل علينا وهنانا

ونذكر انفسنا بسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم واخلاقه وجهاده وشجاعته صلى الله عليه وسلم.
ولنكثر من الصلاة والسلام عليه , ولا يغيب عنا فوائد وفضائل وبركة والحسنات التي تنهل علينا بالصلاة والسلام عليه( اللهم صل وسلم وزد وبارك وعظم على سيدنا ومولانا محمد وعلى أله وصحبه وسلم).

صلى الله على محمد ********** صلى الله عليه وسلم

ونسأله تعالى ان يكرمنا بصلاة في اقصانا ويرفع شأن المجاهدين وينصرهم ويثبت اقدامهم ويزلزل اعداءهم ويرفع راية الاسلام في فلسطين والشيشان والبانيا واندونيسيا والفلبين والهند وسائر بلاد المسلمين .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

[ 10-06-2001: المشاركة عدلت بواسطة: الباز الأشهب ]

[ 10-06-2001: المشاركة عدلت بواسطة: الباز الأشهب ]
  #2  
قديم 10-06-2001, 07:23 PM
الباز الأشهب الباز الأشهب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2001
المشاركات: 49
Post

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف جائز إذا انتفت المحرمات التي تصاحب هذا الاحتفال ،وقد جاء في كتاب فضيلة الشيخ سعيد حوى ( أحد العلماء والدعاة المعاصرين بسوريا ) التفصيل في هذه المسألة0

مما استحدث خلال العصور الاحتفال بيوم ميلاد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتوضع حول هذا الموضوع عادات تختلف باختلاف البلدان، وقد تحدث ابن الحاج في مدخله عن كثير مما أنكره من عادات توضعت حول المولد، ووجدت بسبب من ذلك وبسبب من غيره ردود فعل كثيرة حول هذا الموضوع فمن محرم ومن مدافع، وقد رأينا أن لابن تيمية رحمه الله رأيا في غاية الإنصاف، فهو يرى أن أصل الاجتماع على المولد مما لم يفعله السلف ولكن الاجتماع على ذلك يحقق مقاصد شرعية.
والذي نقوله: أن يعتمد شهر المولد كمناسبة يذكر بها المسلمون بسيرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشمائله، فذلك لا حرج، وأن يعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه، وأن يعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه الحديث عن شريعة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه.
وأن مما ألف في بعض الجهات أن يكون الاجتماع على محاضرة وشعر أو إنشاد في مسجد أو في بيت بمناسبة شهر المولد، فذلك مما لا أرى حرجا على شرط أن يكون المعنى الذي قال صحيحا.

إن أصل الاجتماع على صفحة من السيرة أو على قصيدة في مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جائز ونرجو أن يكون أهله مأجورين، فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج.
ألا ترى لو أن مدرسة فيها طلاب خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة شهرا بعينه فهل هي آثمة، ما نظن أن الأمر يخرج عن ذلك.
- بعض أقوال العلماء على المولد:
1- من المعروف أن ابن الحاج في مدخله كان من أشد الناس حربا على البدع، ولقد اشتد رحمه الله بمناسبة الكلام عن المولد على ما أحدثوه فيه من أعمال لا تجوز شرعا من مثل استعمال لآلات الطرب، ثم قال: فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينهما وبين تعظيم هذا الشهر الكريم الذي من الله تعالى علينا فيه بسيد الأولين والآخرين.

فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير، شكرا للمولى سبحانه وتعالى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة، وإن كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات، وما ذاك إلا لرحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمته ورفقه بهم، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم، كما وصفه المولى سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: (بالمؤمنين رؤوف رحيم) لكن أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله عليه الصلاة والسلام للسائل الذي سأله عن صوم يوم الإثنين، فقال له عليه الصلاة والسلام: (ذلك يوم ولدت فيه) فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه.

فينبغي أن نحترمه حق الاحترام، ونفضله بما فضل الله به الأشهر الفاضلة، وهذا منها لقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" ولقوله عليه الصلاة والسلام: "آدم ومن دونه تحت لوائي".
وفضيلة الأزمنة والأمكنة تكون بما خصها الله تعالى به من العبادات التي تفعل فيها لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تتشرف لذاتها، وإنما يحصل لها الشرف بما خصت به من المعاني.
فانظر رحمنا الله وإياك إلى ما خص الله تعالى به هذا الشهر الشريف ويوم الإثنين، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فصل عظيم، لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولد فيه، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به وذلك بالاتباع له ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كونه عليه الصلاة والسلام كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات.
ألا ترى إلى قول البخاري رحمه الله تعالى: "كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان" فنتمثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله عليه الصلاة والسلام على قدر استطاعتنا.

2- ومعروفة شدة ابن تيمية وتشدده، ومع ذلك كان كلامه لينا في قضية المولد ومن كلامه في كتابه "أقتضاء الصراط المستقيم": (وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع، وأكثر هؤلاء الناس الذي تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع، مع ما لهم فيها من حسن المقصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة، تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه.

وأعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضا شر من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل شرا بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكلية، كحال المنافقين والفاسقين..
فتعظيم المولد واتخاذه موسما، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم، لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء أنه أنفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك، فقال: دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال.

3- وللسيوطي في كتابه الحاوي للفتاوى رسالة مطولة أسماها: "حسن المقصد في عمل المولد" وهذه بعض فقراتها: عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف0
وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي عن الشافعي قال: المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة، أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى هذا آخر كلام الشافعي.
وهو أي المولد وما يكون فيه من طعام من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان فهو من البدع المندوبة كما في عبارة ابن عبد السلام.
وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا، قال: وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: "يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى" فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعم، أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء ومن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر، بل توسع قوم نقلوه إلى يوم من السنة وفيه ما فيه، فهذا ما يتعلق بأصل عمله.

وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهد المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخر، وأما ما تبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال ما كان من ذلك مباحا، بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم ولا بأس بإلحاقه به، وكما كان حراما أو مكروها فيمنعه وكذا ما كان خلفا الأولى. انتهى. قال السيوطي تعليقا على كلام ابن حجر.

وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين، وتشريع لأمته كما كان يصلى على نفسه لذلك، فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات، ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى عرف التعريف بالمولد الشريف ما نصه: قد رؤى أبو لهب بعد موته وفي النوم فقيل له ما حالك؟. قال في النار إلا أنه يخفف عني كلي ليلة اثنين وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبإرضاعها له، فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحة ليلة مولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به ، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم.
والله أعلم.

انتهى ملخصا من كتاب السيرة بلغة الحب والشعر للشيخ سعيد حوى رحمه الله.
  #3  
قديم 10-06-2001, 07:24 PM
الباز الأشهب الباز الأشهب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2001
المشاركات: 49
Post

حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وتاريخه
يقول الشيخ عطية صقر: لا يعرف المؤرخون أن أحدًا قبل الفاطميين احتفل بذكرى المولد النبوى ‏ فكانوا يحتفلون بالذكرى فى مصر احتفالا عظيما ويكثرون من عمل الحلوى وتوزيعها كما قال القلقشندى فى كتابه " صبح الأعشى" .‏ وكان الفاطميون يحتفلون بعدة موالد لآل البيت ، كما احتفلوا بعيد الميلاد المسيحى كما قال المقريزى ، ثم توقف الاحتفال بالمولد النبوى سنة ‏488 هـ وكذلك الموالد كلها ، لأن الخليفة المستعلى بالله استوزر الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالى ، وكان رجلا قويا لا يعارض أهل السنة كما قال ابن الأثير فى كتابه " الكامل "ج ‏8 ص ‏302 واستمر الأمر كذلك حتى ولى الوزارة المأمون البطائحى ، فأصدر مرسوما بإطلاق الصدقات فى ‏13 من ربيع الأول سنة ‏517 هـ وتولى توزيعها " سناء الملك " .‏ ولما جاءت الدولة الأيوبية أبطلت كل ما كان من آثار الفاطميين ، ولكن الأسر كانت تقيم حفلات خاصة بمناسبة المولد النبوى، ثم صارت ، رسمية فى مفتتح القرن السابع فى مدينة " إربل " على يد أميرها مظفر الدين أبى سعيد كوكبرى بن زين الدين على بن تبكتكين ، وهو سنِّى اهتم بالمولد فعمل قبابا من أول شهر صفر، وزينها أجمل زينة ، فى كل منها الأغانى والقرقوز والملاهى، ويعطى الناس إجازة للتفرج على هذه المظاهر.‏ وكانت القباب الخشبية منصوبة من باب القلعة إلي ، باب الخانقاه ، وكان مظفر الدين ينزل كل يوم بعد صلاة العصر، ويقف على كل قبة ويسمع الغناء ويرى ما فيها، وكان يعمل المولد سنة فى ثامن الشهر، وسنة فى ثانى عشرة ، وقبل المولد بيومين يخرج الإِبل والبقر والغنم ، ويزفها بالطبول لتنحر فى الميدان وتطبخ للناس .‏ ويقول ابن الحاج أبو عبد الله العبدرى :‏ إن الاحتفال كان منتشرا بمصر فى عهده ، ويعيب ما فيه من البدع " المدخل ج ‏2 ص ‏11 ، ‏12 " .‏ وأَلفت كتب كثيرة فى المولد النبوى فى القرن السابع ، مثل قصة ابن دحية المتوفى بمصر سنة ‏633 هـ ، ومحيى الدين بن العربى المتوفى بدمشق سنة ‏638 هـ ، وابن طغربك المتوفى بمصر سنة ‏670 هـ ، وأحمد العزلى مع ابنه محمد المتوفى بسبته سنة ‏677 هـ .‏ ولانتشار البدع فى الموالد أنكرها العلماء ، حتى أنكروا أصل إقامة المولد ، ومنهم الفقيه المالكى تاج الدين عمر بن على اللخمى الإِسكندرى المعروف بالفاكهانى، المتوفى سنة ‏731 هـ ، فكتب فى ذلك رسالته " المورد فى الكلام على المولد" أوردها السيوطى بنصها فى كتابه " حسن المقصد" .‏ ثم قال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور:‏ وقد أتى القرن التاسع والناس بين مجيز ومانع ، واستحسنه السيوطى وابن حجر العسقلانى ، وابن حجر الهيتمى، مع إنكارهم لما لصق به من البدع ، ورأيهم مستمد من آية {‏ وذكِّرهم بأيام الله }‏ إبراهيم :‏ ‏5 .‏ أخرج النسائى وعبد الله بن أحمد فى زوائد المسند ، والبيهقى فى شعب الإِيمان عن أبى بن كعب عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه فسر الأيام بنعم الله وآلائه "روح المعانى للآلوسى" و ولادة النبى النعمة الكبرى .‏ اهـ .‏ وفى صحيح مسلم عن أبى قتادة الأنصارى قال :‏ وسئل -‏ النبى صلى الله عليه وسلم -‏ عن صوم يوم الاثنين فقال " ذاك يوم ولدت فيه ، ويوم بعثت أو أُنزل علىَّ فيه " روى عن جابر وابن عباس :‏ ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثانى عشر من ربيع الأول ، وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه هاجر وفيه مات أى فى شهر ربيع الأول ، فالرسول صلى الله عليه وسلم نص على أن يوم ولادته له مزية على بقية الأيام ، وللمؤمن أن يطمع فى تعظيم أجره بموافقته ليوم فيه بركة ، وتفضيل العمل بمصادفته لأوقات الامتنان الإِلهى معلوم قطعا من الشريعة، ولذا يكون الاحتفال بذلك اليوم ، وشكر الله على نعمته علينا بولادة النبى وهدايتنا لشريعته مما تقره الأصول ، لكن بشرط ألا يتخذ له رسم مخصوص ، بل ينشر المسلم البشر فيما حوله ، ويتقرب إلى الله بما شرعه ، ويعرِّف الناس بما فيه من فضل ، ولا يخرج بذلك إلى ما هو محرم شرعا .‏ أما عادات الأكل فهى مما يدخل تحت قوله تعالى {‏ كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله }‏ البقرة :‏ ‏172 انتهى .‏ ورأيى أنه لا بأس بذلك فى هذا العصر الذى كاد الشباب ينسى فيه دينه وأمجاده ، فى غمرة الاحتفالات الأخرى التى كادت تطغى على المناسبات الدينية ، على أن يكون ذلك بالتفقه فى السيرة ، وعمل آثار تخلد ذكرى المولد، كبناء مسجد أو معهد أو أى عمل خيرى يربط من يشاهده برسول اللّه وسيرته .‏ ومن هذا المنطلق يجوز الاحتفال بموالد الأولياء ، حبًّا لهم واقتداء بسيرهم ، مع البعد عن كل المحرمات من مثل الاختلاط المريب بين الرجال والنساء ، وانتهاز الفرص لمزاولة أعمال غير مشروعة من أكل أو شرب أو مسابقة أو لهو، ومن عدم احترام بيوت اللّه ومن بدع زيارة القبور والتوسل بها ، ومن كل ما لا يتفق مع الدين ويتنافى مع الآداب .‏ فإذا غلبت هذه المخالفات كان من الخير منع الاحتفالات درءًا للمفسدة كما تدل عليه أصول التشريع .‏ وإذا زادت الإِيجابيات والمنافع المشروعة فلا مانع من إقامة هذه الاحتفالات مع التوعية والمراقبة لمنع السلبيات أو الحد منها بقدر المستطاع ، ذلك أن كثيرا من أعمال الخير تشوبها مخالفات ولو إلى حد ما ، والكل مطالب بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالوسائل المشروعة " يقول الزرقانى فى شرح المواهب للقسطلانى :‏ إن ابن الجزرى الإمام فى القراءات والمتوفى سنة ‏833 هـ علَّق على خبر أبى لهب الذى رواه البخارى وغيره عندما فرح بمولد الرسول وأعتق " ثويبة" جاريته لتبشيرها له ، فخفف الله عقابه وهو فى جهنم فقال :‏ إذا كان هذا الكافر الذى نزل القرآن بذمه جوزى فى النار بفرحه ليلة المولد فما حال المسلم الموحد من أمته حين يُسرُّ بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته فى محبته .‏ يقول الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر :‏
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه ***‏ وتبَّت يداه فى الجحيم مخلدا
أتى أنه فى يوم الاثنين دائما ***‏ يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذى كان عمره ***‏ بأحمد مسرورا ومات موحدا؟
رجح ابن إسحاق أن ميلاد النبى صلى الله عليه وسلم كان فى ثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من عام الفيل وروى ابن أبى شيبة ذلك عن جابر وابن عباس وغيرهما ، وحكوا شهرته عند الجمهور .‏
  #4  
قديم 10-06-2001, 07:31 PM
أبو عاصم أبو عاصم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2000
المشاركات: 800
Lightbulb

يا الاشهب

ويقول فيه العلامة سماحة الشيخ صالح الفوزان :
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين, وبعد :

فلا يخفى ما ورد في الكتاب والسنة من الأمر باتباع شرع الله ورسوله, والنهي عن الابتداع في الدين , قال تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) آل عمران/31 , وقال تعالى : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون ) الأعراف/3, وقال تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) الأنعام/ 153, وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن أصدق الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد , وشر الأمور محدثاتها ) . وقال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ). رواه البخاري رقم 2697, ومسلم رقم 1718. وفي رواية لمسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .

وإن من جملة ما أحدثه الناس من البدع المنكرة الاحتفال بذكرى المولود النبوي في شهر ربيع الأول , وهم في هذا الاحتفال على أنواع :

فمنهم من يجعله مجرد اجتماع تُقرأ فيه قصة المولد , أو تقدم فيه خطب وقصائد في هذه المناسبة .

ومنهم من يصنع الطعام والحلوى وغير ذلك , ويقدمه لمن حضر.

ومنهم من يقيمه في المساجد , ومنهم من يقيمه في البيوت .

ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر , فيجعل هذا الاجتماع مشتملاً على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء , أو أعمال شركية كالاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وندائه والاستنصار به على الأعداء وغير ذلك.

وهو بجميع أنواعه واختلاف أشكاله واختلاف مقاصد فاعليه لا شك ولا ريب أنه بدعة محرمة محدثة أحدثها الشيعة الفاطميون بعد القرون الثلاثة المفضلة لإفساد دين المسلمين . وأول من أظهره بعدهم الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس أو أول القرن السابع الهجري , كما ذكره المؤرخون كابن خلكان وغيرهما.

وقال أبو شامة : وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين , وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره.

قال الحافظ ابن كثير في (البدية والنهاية : 13/137) في ترجمة أبي سعيد كزكبوري : (وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاٌ هائلاً .. إلى أن قال : قال البسط : حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي , وعشرة آلاف دجاجة , ومائة ألف زبدية , وثلاثين صحن حلوى .. إلى أن قال : ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر ويرقض بنفسه معهم.

وقال ابن خلكان في (وفيات الأعيان : 3/274) : فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة , وقعد في كل قبة جوق من الأغاني وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي , ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات (طبقات القباب) حتى رتبوا فيها جوقاً .

وتبطل معايش الناس في تلك المدة ، وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم ... " إلى أن قال : ( فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً زائداً عن الوصف ، وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي ، حتى يأتي بها إلى الميدان ... " إلى أن قال : " فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة ".

فهذا مبدأ حدوث الاحتفال وإحيائه بمناسبة ذكرى المولد ، حدث متأخراً ومقترنأً باللهو والسرف وإضاعة الأموال والأوقات وراء بدعة ما أنزل الله بها من سلطان .

والذي يليق بالمسلم إنما هو إحياء السنن وإماتة البدع ، وألا يقدم على عمل حتى يعلم حكم الله فيه .



حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي :

الاحتفال بمناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ممنوع ومردود من عدة وجوه :

أولاً : أنه لم يكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه . وما كان كذلك فهو من البدع الممنوعة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي برقم 2676 .

والاحتفال بالمولد محدث أحدثه الشيعة الفاطميون بعد القرون المفضلة لإفساد دين المسلمين . ومن فعل شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به ، ولم يفعله خلفاؤه من بعده ، فقد تضمن فعله اتهام الرسول بأنه لم يبين للناس دينهم ، وتكذيب قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) المائدة/3 لأنه جاء بزيادة يزعم أنها من الدين ولم يأت بها الرسول صلى الله عليه وسلم .

ثانياً : في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى ، لأنهم يحتفلون بذكرى مولد المسيح عليه السلام والتشبه بهم محرم أشد التحريم ، ففي الحديث النهي عن التشبه بالكفار ، والأمر بمخالفتهم ، ففد قال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) أخرجه أحمد 2/50 ، وأبو داود 4/314 ، وقال : ( خالفوا المشركين ) أخرجه مسلم 1/222 رقم 259 ، ولا سيما فيما هو من شعائر دينهم .

ثالثاً : أن الاحتفال بذكرى مولد الرسول مع كونه بدعة وتشبهاُ بالنصارى وكل منهما محرم فهو كذلك وسيلة إلى الغلو والمبالغة في تعظيمه حتى يفضي إلى دعائه والاستعانة به من دون الله ، كما هو الواقع الآن من كثير ممن يحييون بدعة المولد ، من دعاء الرسول من دون الله ، وطلب المدد منه ، وإنشاد القصائد الشركية في مدحه كقصيدة البردة وغيرها ، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده ، فقولوا عبد الله ورسوله ) أخرجه البخاري 4/142 رقم 3445 ، الفتح 6/551 ، أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مدح المسيح وتعظيمه حتى عبدوه من دون الله ، وقد نهاهم الله عن ذلك بقوله : ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) النساء/171

ونهانا نبينا صلى الله عليه وسلم عن الغلو خشية أن يصيبنا ما أصابهم ، فقال : ( إياكم والغلو ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ) أخرجه النسائي 5/268 ، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم 2863 .

رابعاً : إن إحياء بدعة المولد يفتح الباب للبدع الأخرى والاشتغال بها عن السنن ، ولهذا تجد المبتدعة ينشطون في إحياء البدع ويكسلون عن السنن ويبغضونها ويعادون أهلها ، حتى صار دينهم كله ذكريات بدعية وموالد ، وانقسموا إلى فرق كل فرقة تحيي ذكرى موالد أئمتها ، كمولد البدوي وابن عربي والدسوقي والشاذلي ، وهكذا لا يفرغون من مولد إلا يشتغلون بآخر ، ونتج عن ذلك الغلو بهؤلاء الموتى وبغيرهم ودعائهم من دون الله ، واعتقادهم أنهم ينفعون ويضرون حتى انسلخوا من دين الله وعادوا إلى دين أهل الجاهلية الذين قال الله فيهم : ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) يونس/18 ، وقال تعالى : ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) الزمر/3

مناقشة شبه مقيمي المولد :

هذا ، وقد يتعلق من يرى إحياء هذه البدعة بشبه أوهى من بيوت العنكبوت ، ويمكن حصر هذه الشبه فيما يلي :

1- دعواهم أن في ذلك تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم :

والجواب عن ذلك أن نقول : إنما تعظيمه صلى الله عليه وسلم بطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه ومحبته صلى الله عليه وسلم ، وليس تعظيمه بالبدع والخرافات والمعاصي ، والاحتفال بذكرى المولد من هذا القبيل المذموم لأنه معصية ، وأشد الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم هم الصحابة رضي الله عنهم ، كما قال عروة بن مسعود لقريش : ( أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداًُ صلى الله عليه وسلم ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوءه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدّون النظر إليه تعظيماً له ) البخاري 3/178 رقم 2731 ، 2732 ، الفتح : 5/388 ، ومع هذا التعظيم ما جعلوا يوم مولده عيداً واحتفالاً ، ولو كان ذلك مشروعاً ما تركوه .

2- الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان :

والجواب عن ذلك أن نقول : الحجة بما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن البدع عموماً ، وهذا منها ، وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة وإن كثروا : ( ولا تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) الأنعام/116 ، مع أنه لا يزال بحمد الله في كل عصر من ينكر هذه البدعة ويبين بطلانها ، فلا حجة بعمل من استمر على إحيائها بعد ما تبين له الحق .

فممن أنكر الاحتفال بهذه المناسبة شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ، والإمام الشاطبي في " الاعتصام " ، وابن الحاج في " المدخل " ، والشيخ تاج الدين علي بن عمر اللخمي ألّف في إنكاره كتاباً مستقلاً ، والشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه " صيانة الإنسان " ، والسيد محمد رشيد رضا ألف فيه رسالة مستقلة ، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، وغير هؤلاء ممن لا يزالون يكتبون في إنكار هذه البدعة كل سنة في صفحات الجرائد والمجلات ، في الوقت الذي تقام فيه هذه البدعة .

3- يقولون : إن في إقامة المولد إحياءً لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم .

والجواب عن ذلك أن نقول : إن ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم تتجدد مع المسلم ، ويرتبط بها المسلم لكما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم في الآذان والإقامة والخطب ، وكلما ردد المسلم الشهاتين بعد الوضوء وفي الصلوات ، وكلما صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في صلواته وعند ذكره ، وكلما عمل المسلم عملاً صالحاً واجباً أو مستحباً مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه بذلك يتذكره ويصل إليه في الأجر مثل أجر العامل .. وهكذا المسلم دائماً يحيي ذكرى الرسول ويرتبط به في الليل والنهار طوال عمره بما شرعه الله ، لا في يوم المولد فقط وبما هو بدعة ومخالفة لسنته ، فإن ذلك يبعد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ويتبرأ منه .

والرسول صلى الله عليه وسلم غني عن هذا الاحتفال البدعي بما شرعه الله له من تعظيمه وتوقيره كما في قوله تعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) الشرح/4 ، فلا يذكر الله عز وجل في أذان ولا إقامة ولا خطبة وإلا يذكر بعده الرسول صلى الله عليه وسلم وكفى بذلك تعظيماً ومحبة وتجديداُ لذكراه وحثاً على اتباعه .

والله سبحانه وتعالى لم ينوه في القرآن بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنما نوه ببعثته ، فقال : ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ) آل عمران/124 ، وقال : ( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ) الجمعة/2

4- وقد يقولون : الاحتفال بذكرى المولد النبوي أحدثه ملك عادل عالم ، قصد به التقرب إلى الله !

والجواب عن ذلك أن نقول : البدعة لا تُقبل من أي أحد كان ، وحُسن القصد لا يُسوغ العمل السيئ ، وموته عالماً وعادلاً لا يقتضي عصمته .

5- قولهم : إن إقامة المولد من قبيل البدعة الحسنة لأنه ينبئ عن الشكر لله على وجود النبي الكريم !

ويجاب عن ذلك بأن يقال : ليس في البدع شيء حسن ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أخرجه البخاري 3/167 رقم 2697 ، الفتح 5/355 ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( فإن كل بدعة ضلالة ) أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي رقم 2676 ، فحكم على البدع كلها بأنها ضلالة ، وهذا يقول : ليس كل بدعة ضلالة ، بل هناك بدعة حسنة .

قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين : ( فقوله صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة " من جوامع الكلم ، لا يخرج عنه شيء ، وهو أصل عظيم من أصول الدين ، وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه البخاري 3/167 رقم 2697 ، الفتح 5/355 ، فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين بريء منه ، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة ) انتهي جامع العلوم والحكم ، ص 233

وليس لهولاء حجة على أن هناك بدعة حسنة إلا قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح : ( نعمت البدعة هذه ) صحيح البخاري 2/252 رقم 2010 معلقاً ، الفتح 4/294

وقالوا أيضاً : أنها أُحدثت أشياء لم يستنكرها السلف ، مثل : جمع القرآن في كتاب واحد ، وكتابة الحديث وتدوينه .

والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع فليست محدثة .

وقول عمر : ( نعمت البدعة ) يريد : البدعة اللغوية لا الشرعية ، فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه ، إذا قيل : إنه بدعة ، فهو بدعة لغة لا شرعاُ ، لأن البدعة شرعاً ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه .

وجمع القرآن في كتاب واحد له أصل في الشرع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن لكن كان مكتوباً متفرقاُ ، فجمعه الصحابة في كتاب واحد حفظأً له .

والتروايح قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنهم في الأخير خشية أن تُفرض عليهم ، واستمر الصحابة رضي الله عنهم يصلونها أوزاعاً متفرقين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ، إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه خلق إمام واحد كما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس هذا بدعة في الدين .

وكتابة الحديث أيضاً لها أصل في الشرع ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة بعض الأحاديث لبعض أصحابه لما طلب منه ذلك ، وكان المحذور من كتابته بصفة عامة في عهده صلى الله عليه وسلم خشية أن يختلط بالقرآن ما ليس منه ، فلما توفي صلى الله عليه وسلم انتفى هذا المحذور ، لأن القرآن قد تكامل وضبط قبل وفاته صلى الله عليه وسلم ، فدوّن المسلموت السنة بعد ذلك حفظاً لها من الضياع ، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً ، حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم من الضياع وعبث العابثين .

ويقال أيضاً : لماذا تأخر القيام بهذا الشكر على زعمكم فلم يقم يه أفضل القرون من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ، وهم أشد محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأحرص على فعل الخير والقيام بالشكر ، فهل كان من أحدث بدعة المولد أهدى منهم وأعظم شكراُ لله عز وجل ؟ حاشا وكلا .

6- قد يقولون : إن الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم ينبئ عن محبته فهو مظهر من مظاهرها ، وإظهار محبته صلى الله عليه وسلم مشروع !

والجواب أن نقول : لا شك أن محبته صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين - بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه - ولكن ليس معنى ذلك أن تبتدع في ذلك شيئاً لم يشرعه لنا ، بل محبته تقتضي طاعته واتباعه ، فإن ذلك من أعظم مظاهر محبته ، كما قيل :

لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحبّ لمن يحب مطيع

فمحبته صلى الله عليه وسلم تقتضي إحياء سنته ، والعض عليها بالنواجذ ، ومجانبة ما خالفها من الأقوال والأفعال ، ولا شك أن كل ما خالف سنته فهو بدعة مذمومة ومعصية ظاهرة ، ومن ذلك الاحتفال بذكرى مولده وغيره من البدع ، وحسن النية لا يبيح الابتداع في الدين ، فإن الدين مبني على أصلين : الإخلاص والمتابعة ، قال تعالى : ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) البقرة / 112 ، فإسلام الوجه لله الإخلاص لله ، والإحسان هو التابعة للرسول وإصابة السنة .

7- ومن شبههم : أنهم يقولون : إن في إحياء ذكرى المولد وقراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المناسبة حثاً على الاقتداء والتأسي به !

فنقول لهم : إن قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والتأسي به مطلوبان من المسلم دائماً طوال السنة وطوال الحياة ، أما تخصيص يوم معين لذلك بدون دليل على التخصيص فإنه يكون بدعة " وكل بدعة ضلالة " أخرجه أحمد 4/164 ، والترمذي 2676 ، والبدعة لا تثمر إلا شراً وبعداً عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وخلاصة القول : أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي بأنواعه واختلاف أشكاله بدعة منكرة يجب على المسلين منعها ومنع غيرها من البدع ، والاشتغال بإحياء السنن والتمسك بها ، ويُغتر بمن يروّج هذه البدعة ويدافع عنها ، فإن هذا الصنف يكون اهتمامهم بإحياء البدع أكثر من اهتمامهم بإحياء السنن ، بل ربما لا يهتمون بالسنن أصلاً ، ومن كان هذا شأنه فلا يجوز تقليده والاقتداء به ، وإن كان هذا الصنف هم أكثر الناس ، وإنما يقتدي بمن سار على نهج السنة من السلف الصالح وأتباعهم وإن كانوا قليلاً ، فالحق لا يُعرف بالرجال ، وإنما يُعرف الرجال بالحق .

قال صلى الله عليه وسلم : ( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعيلكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ) أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي رقم 2676 ، فبين لنا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف بمن نقتدي عند الاختلاف ، كما بين أن كل ما خالف السنة من الأقوال والأفعال فهو بدعة ، وكل بدعة ضلالة .

وإذا عرضنا الاحتفال بالمولد النبوي لم نجد له أصلاً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا في سنة خلفائه الراشدين ، إذن فهو من محدثات الأمور ومن البدع المضلة ، وهذا الأصل الذي تضمّنه هذا الحديث وقد دل عليه قوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاًُ ) النساء /59

والرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه الكريم ، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرجوع إلى سنته بعد وفاته ، فالكتاب والسنة هما المرجع عند التنازل ، فأين في الكتاب والسنة ما يدل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي ؟ فالواجب على من يغعل ذلك أو يستحسنه أن يتوب إلى الله تعالى منه ومن غيره من البدع ، فهذا هو شأن المؤمن الذي ينشد الحق ، وأما من عاند وكابر بعد قيام الحجة فإنما حسابه عند ربه .

هذا ونسأل الله أن يرزقنا التمسك بكتابه وسنة رسوله إلى يوم نلقاه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .



كتاب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم بين الإجلال والإخلال ص 139

الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية .
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م