أنا والغريب على ابن عمي
أنا والغريب على ابن عمي
يردد الناس باستمرار المثل الدارج ، أنا و أخي على ابن عمي ، و أنا وابن عمي على الغريب ، ويستخدمون هذا المثل كمخرج من حرج حل بفاعله بمناصرة أخيه على ابن عمه ..
و فتشت بذاكرتي التي تختبئ بزمن يزيد عن نصف قرن ، علني أجد مطابقة لهذا المثل في الحياة السياسية العربية ، فلم أجد الا ان هناك صيغ معاكسة للمثل ، وهي : أنا والغريب على ابن عمي ، و أنا وابن عمي على أخي ..
ما أن يحدث خلافا ، بين أبناء القطر العربي الواحد ، فسرعان ما يهرب أحد الطرفين ، الى أقرب دولة عربية ، حتى يطلب نصرتها على الطرف الآخر (أخيه) وان حاول أهل الدولة العربية ، عدم الترحيب بهذا الطرف المفارق ، فانه يهاجر الى دولة من الدول التي صاغت اتفاقية سايكس ـ بيكو ، وهناك ينسج خططه ويحاول ليلا نهارا ، ان يؤلب الدولة المضيفة على بلده ، ويسهل لها الأمور ويفلسفها ، حتى تنتقم لشرفه وكرامته من أهله !!
وان هذا النهج الذهني والسلوكي ، قد فرخ فلاسفة وفقهاء ، صدعوا رؤوسنا بمبررات سلوكهم .. ومن يحاول فحص تلك المبررات من باب علمية النقاش وإتاحة الفرصة للطرف الآخر أن تسمعه ، فانه لا يزداد الا تشبثا بتصنيف هؤلاء المستكينين بأنهم ليسوا على ارتباط صميمي وعضوي بهذه الأمة ..
فهم كمن يستجيرون بهم ، ينتقون المبررات انتقاء ، فان غضضت النظر عن عملهم في أيام عبد الكريم قاسم عندما هدد الكويت ، ووضعت اللوم عليه في تهديد دولة عربية ذات سيادة ، و ينسحب هذا الأمر على ما حدث في عام 1990 ولنفس القضية .
فانك تجد نفسك مشدوها ، لعدم مبالاتهم عند تهديد الغرب للعراق ، فالقضية هنا لا تعني أحد ، لأن المبررات جاهزة ، في ان سلوك نظام العراق هو من أوقعه بما حصل !
حسنا ، وعندما تجد أن الصهاينة قد اغتالوا العشرات من أبناء شعب فلسطين ، فلن تسمع الا طرقعة المسابح محوقلين ، وممسدين على لحاهم ، بأنهم لا حيلة لهم أمام هذا المارد الشرير !!
وان فاض الكيل بشاب فلسطيني ، وضع روحه على كفه ، وذهب ليلقي بها في مهاوي الردى انتقاما لكرامة أهله .. ستجد خبراء الحكمة ، يشدوا الرحال الى فلسطين ، مهدئين وناصحين !!
ان هذا لا يشبه ذاك .. لا تقولوا أنكم حكماء و واقعيين .. ولا تتهموا غيركم بالتهور و الحمق .. إنما أنتم مستكينون تستطيبون لقمة الخنوع وحياة الدعة والهنأة الزائفة .. فتتمسكون بشعاركم القبيح أنا والغريب على ابن عمي وانا وابن عمي على أخي ..
__________________
ابن حوران
|