مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 21-05-2006, 07:13 AM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي بوتفلـــــــــــــــيــــــــــــــــــقة بين الوهم والحقيقة



رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء ذكرى أحداث 8 مايو 1945



قالمة،7 مايو 2006

باسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الـمرسلين

وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين



بني وطني الأعزاء ،



أتوجه إليكم بالخطاب، ومشاعري موزعة بين الفخر والاعتزاز، وبين الأسى العميق، في هذه الذكرى الخالدة و الأليمة من تاريخنا الوطني .



إن إحياءنا اليوم ذكرى 8 مايو 1945 يعني أول ما يعني، الامتثال لواجب استقصاء حقيقة الأمور، الذي يتجاوز في مضمونه واجب الذكرى والتذكر، إلى الأساس الذي لا بد أن ينبنى عليه.



ذلك أن الأهمية الكامنة لا محالة في محطة 8 ماي لا تكمن فقط في شجاعة متظاهرين شباب رفعوا في سطيف وقالمة و بعض المدن الجزائرية، الراية الوطنية، وكان نصيبهم التقتيل والتمثيل على يد زبانية الدولة المحتلة.



إن الأهمية الكامنة لا محالة في محطة 8 ماي لا تكمن فقط في شجاعة فلاحي الشرق الجزائري الذين قرروا بمحض إرادتهم لاقتصاص لأنفسهم .



كما أنها لا تكمن فقط في تلك المطاردة الرهيبة التي طالت أصحاب الأرض، كلا ولا في الاغتيالات الجماعية التي لا يصدقها العقل، والتي حصلت بالفعل، وأزهقت أرواحا عديدة، وأراقت على مدى أسابيع أنهارا من الدماء الزكية في شرق وطننا الحبيب .



إن إحياء ذكرى 8 ماي لن يدرك معناه بالتمام والكمال، إلا إذا بذلنا الجهد المطلوب لإعادة وضع تلك الأحداث ضمن مسارها التاريخي، أي ضمن المنطق الثلاثي المتمثل في : إعادة تشكيل العالم غداة الحرب العالمية الثانية، وفي تطور حركتنا الوطنية، وفي طبيعة الوجود الاستعماري الاستيطاني الفرنسي في بلادنا .



في هذا الإطار ينبغي فهم وتصور أحداث 8 ماي 1945، وما تلاها من القمع الإبادي الرهيب، ليس من حيث إنها أحداث جرت الويلات على الشعب الجزائري وإنما كضرورة قاسية مؤلمة لا مناص منها .



إن يوم 8 ماي لا وجود له في حد ذاته، فهو وإن لم يكن في حقيقته كسائر الأيام، إلا أنه لا يمثل إلا يوما في الهبة السلمية التي اختارت حركتنا الوطنية خوضها، منذ صياغة بيان الشعب الجزائري سنة 1943، ذلك البيان الذي طالبت فيه بدستور خاص بالجزائر، وبالحرية والمساواة المطلقة بين كافة القاطنين بها دون تمييز من حيث العرق أو الدين .



لقد أقرت كبريات تيارات حركتنا الوطنية الثلاثة التي أخذت تتهيكل، في نهاية العشرينيات، والتي كان يتزعمها كل من مصالي الحاج، وفرحات عباس، والشيخ محمد البشير الإبراهيمي ذلكم البيان، وبه دخلت حركتنا الوطنية مرحلة نوعية جديدة، مرحلة التعددية الجامعة، إذ أصبحت « جمعية أحباب البيان والحرية » البوتقة التي انصهرت فيها المواطنة الجزائرية الناشئة .



وتبين أن وسائل القمع الاستعماري المعهودة من اعتقالات وفرض الإقامة الجبرية، لم تجد فتيلا في كبح حركة الإقبال العارم على الانضمام إلى جمعية أحباب البيان والحرية، في كل ربوع الجزائر، من جميع الفئات الاجتماعية.



ومع انخراط أكثر من 500.000 في صفوف الجمعية في بداية 1945 أصبحت بطاقة الانتماء إليها لدى الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب الجزائري هي بطاقة التعريف الحقة .



وفي هذا، و ليس في أي شيء غيره، كمن التحدي الكبير الذي كان على الدولة الاستعمارية الفرنسية أن ترفعه : فإما التفاوض مع الممثلين الشرعيين للشعب الجزائري، هذا الشعب الذي ساهم بالقدر الأوفى في دحر النازية، حول شروط العتق التدريجي من ربقة النظم الاستعمارية، و إما كسر هبة الشعب الجزائري، الوطنية والديمقراطية، باستئناف ما كان ديدنها منذ البداية، أي ممارسة العنف والإبادة.



وقد اتبعت الدولة الاستعمارية الفرنسية، و بكل إصرار، السبيل المعروف، سبيل الوأد المنهجي والمدروس، في المهد، على الديمقراطية الوطنية التعددية الجزائرية.



وبطبيعة الحال، يجب ألا ننسى ما جرى من تقتيل جماعي، في مايو 1945، و لا أفران الجير بحمام برادع ( هليوبوليس Héliopolis ) ولا القصف بالطائرات والبواخر، ولا الإعدامات بلا محاكمة، ولا الاغتصابات، و لا كل تلك الجرائم الانسانية التي إهتزت لها مناطق سطيف وقالمة وخراطة إهتزاز يوم القيامة .



أجل، يجب على مؤرخينا أن يسلطوا الضوء، بكل ما يتأتى من الدقة، على التنكيل الذي سلط على كل مدينة من مدننا وكل قرية من قرانا. يجب ألا نكتفي بروايات غير شافية قد تؤدي إلى إعطاء صورة ضبابية لا دقة فيها ومُحِللة من المسؤولية. إن ما هو حاسم بالنسبة لذاكرتنا الجماعية، في 8 مايو 1945، ليس هو السلوك الشنيع والبغيض لذاك الحاكم أو نوابه، وليس هو الإمعان الحانق المتكالب، في مطاردة العربي " arabe’ la chasse à l" من قبل ميليشيات الاستعمار، بل إنه ذلك التواطؤ الكامل بين كافة أعوانه، الرسميين والخواص، والمحليين والمركزييـن، لكسر إنطلاقة الشعب الجزائري الوطنية والديمقراطية.



إن التقتيل الجماعي الذي اقترفته الهياكل القمعية للدولة الاستعمارية وأذنابها من المستوطنين الأوروبيين لم يكن أبدا تجاوزات يمكن إلصاقها بمسؤولين من الدرجة الثانية أو بظرف جهوي خاص. وإنما هو عنصر من عناصر التصدي الشامل الذي واجهت به الدولة الاستعمارية بزوغ الحركة الوطنية الذي كان على نفس القدر من الشمولية، إذ أصبحت حاضرة في سائر ربوع الوطن وقادرة على أن تحرك، بشكل موحد، مساعي سياسية منسقة على مستوى البلاد بأسرها .



إننا لن ننقص شروى نقير من قدر شهدائنا الأبرار، ولا مما كابده ذوونا، نساء ورجالا، في سطيف وقالمة، إذا قلنا إنهم قد تعرضوا للاغتيال من حيث أنهم كانوا جزءا من الأمة الجزائرية اغتيل نيابة عنها. بل ما نقصده هو عكس ذلك تماما .



قد لا يبدو من الصواب أن تركز الذاكرة على يوم معين، يوم 8 مايو 1945، وعلى مدينتين بعينهما، سطيف وفالمة. ولكن ما جرى في هاتين المدينتين أمر شائن ومثير للمقت والخزي لا يأباه الضمير الوطني الجزائري فحسب، وإنما يأباه ضمير العالم كله .



ففي يوم الهدنة، حيث حصل الإقرار بانتصار الحلفاء على النازية، أطلقت الشرطة الفرنسية النار على حشود من الجزائريين كانوا مقبلين على الإعلان سلميا عن حبهم للحرية لغيرهم ولأنفسهم برفعهم العلم الجزائري وسائر أعلام الحلفاء، بما فيها العلم الفرنسي، لكن في الواقع فإن هبة الحركة الوطنية لم تكن مقتصرة على هاتين المدينتين، ولا على يوم 8 مايو 1945. ذلك أن موجة أولى من المظاهرات حدثت يوم أول مايو بالجزائر العاصمة، ووهران، وبجاية، وتلمسان، وقسنطينة، ومستغانم، وقالمة، وغليزان، وسطيف، وباتنة، وبسكرة، وعين البيضاء، وخنشلة، و سيدي بلعباس، وسوق أهراس، وشرشال، ومليانة ، وسكيكدة، وواد الزناتي، وسعيدة، وعنابة، وتبسة، وسور الغزلان، والقائمة طويلة.... ففي كل مكان، دخلت حشود من الجزائريين دخولا سلميا الأحياء الأوروبية مرددة : « الجزائر حرة !» ، «الدستور !» ، « أطلقوا سراح مصالي !» ، و رافعة في بعض الأحيان العلم الوطني. وقد أطلقت الشرطة النار في العاصمة ووهران وسقط أوائل شهداء الحركة الوطنية الجزائرية و جرحاها.



وتفاديا لما يستجد من استفزازات من قبل الشرطة، أُجتنب تنظيم أية مظاهرة في العاصمة ووهران يوم 8 مايو 1945، و هو ما يشكل برهانا إضافيا، إن كانت هناك حاجة إلى برهان، على التوجه السلمي لحركة مايو 1945. وفي بقية البلاد، تم تنظيم نفس المظاهرات السلمية بسطيف وقالمة، وكذلك بالبليدة، وتيزي وزو، والبرواقية، وبوسعادة، ومستغانم ، وسيدي بلعباس، وتلمسان، والعلمة، وخنشلة، وباتنة، و بسكرة، وواد الزناتي، والخروب، والقل، وسكيكدة، وعزابة، والحروش، وقسنطينة وعنابة ، وغير ذلك من المدن.



ففي سطيف وقالمة عمد أفراد الشرطة وأعضاء الميليشيات إلى فتح النار على المتظاهرين العزل، فاستشرت الأحداث وبلغت الأرياف المجاورة. وبكل عفوية، هب الفلاحون ليخلفوا إخوانهم الذين لقوا حتفهم في المدن. وأغتيل عدد من الأوروبيين وتم الهجوم على بعض المزارع والبيوت الغابية. ولم يقم مسؤولوا حركة أحباب البيان والحرية، في أي و قت من الأوقات، بتنظيم العنف الريفي المضاد الذي صدر بشكل تلقائي، ومن دون أسلحة ولا أي تدبير مسبق .



وسادت الموقف المذبحة التي هي بالذات لما اصطلح على تسميته بالإبادة التي استمرت على امتداد ثلاثة أسابيع. فمقابل قرابة مائة قتيل أوروبي، بلغ عدد الجزائريين الذين أزهقت أرواحهم عشرات الآلاف، لا لأنهم كانوا يحاربون المحتل شاهرين السلاح، بل لأنهم كانوا يتوقون إلى العيش في حرية، عيش شعب سيد مصيره، عيش شعب حر مستقل.



وعلى المدى القصير، حققت مجازر مايو 1945 الإبادية هدفها بشكل مزدوج تمثل في : كسر هبة الشعب الجزائري الوطنية والديمقراطية. ذلك أنه أمام قمع ما فوقه قمع ، قمع حاقد إلى حد الجنون ومشحون بأبشع نعرات العنصرية والتعطش الضاري الشرس للفتك والتقتيل بكل أشكاله، تراجع التوثب الشعبي؛ و على وجه الخصوص، مكن ذلكم القمع الجنوني الذي قادته أهم المراكز الحساسة للدولة الاستعمارية، من خلال أداة دعائية في مستوى العبقرية السياسية الفرنسية الخارقة للعادة، من تحميل جمعية أحباب البيان والحرية مسؤولية إشعال فتيل « أعمـال الشغب » . إن تلك الهبة الوطنية الجزائرية لم تنته في المدافن الجماعية ومحارق الشرق الجزائري حيث زج بعشرات الآلاف من النساء والرجال الذين كان ذنبهم الوحيد هو أنهن جزائريات و أنهم جزائريون، ليس غير. بل انتهت كذلك بحل جمعية أحباب البيان من أجل الحرية واعتقال آلاف المناضلين السياسيين الذين ذاقوا ألوان الهوان والعذاب في زنازن السجون الاستعمارية.

الرابط
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م