صراع من أجل التسليم للإيمان..جفرى لانج ( 16 ) .. يتبع
( 16 )
صراع من أجل التسليم للإيمان
Struggling to Surrender Dedication
بقلم جفرى لانج
الفصل الثانى
القرآن الكريم
حينما يقرأ أحدنا القرآن الكريم ، ويرى وصف شرائح من الناس كيف يفكرون وكيف يعملون ، والضياع الروحى لمعظمهم ، وقصص عينات كثيرة منهم ، يحدث له تغير ملحوظ . من هذه الصور ، ومن آيات القرآن ، ومن سوره ، يبدأ فى الذهن ظهور صورة واضحة . هناك فى نفسك يبدأ سطوع فجر جديد واضح حاد المعالم ، متغلغل فى جنباتها . يقترب منك القرآن دون أن تشعر ، ويصبح مرآة لنفسك ، ليظهر عيوبها ، وضعفها ، وألمها ، وخسارتها ، ويبين لك إمكانياتك وفشلك . ويخترقها بعمق ، ويأتى بها مذعنة لتقر ... بما كان مختبأ فيها من قبل ، ولكنه العند والجحود ... بأنه "لا إله إلا الله " .
على كل حال ، فالمعرفة ليست تماما كالإلتزام ؛ هناك ما زال حاجز من الخوف ، واعتقاد بالفصل بين الإيمان والتسليم . ولكن هناك آيات ترد فى القرآن تساعد المرء فى صراعه للإختيار بين البدائل . تأتى هذه الآيات كيد ممتدة من السماء إلى قلبك المضطرب وكأنها تتكلم مع روحك . حينما تريد أن تعرف بأن الله سبحانه معك ويسمعك ، يقول سبحانه لك :
وهناك آيات أخرى تؤكد لك أنه سبحانه لن يتركك إذا بحثت عنه . وأول مرة أقرأ فيها سورة الضحى ، أخذت بوعد الله لنا سبحانه وتعالى ، وبكيت ، ماذا سيحدث لى بعد نصف ساعة ؟؟؟ شعرت بأنى كالطفل التائه ، وأخيرا وجد والديه ، فالسورة تقول لنا أن الله لن يتركنا فى أى وقت سواء نهارا أو ليلا :::
"مداخلة : لفت نظرى هذا المفهوم الجديد ، وقد تعجبت منه لأول وهلة ، فهذه السورة الكريمة نزلت فى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو مشهور ، إلا أن من يقرأها لأول مرة ولا يعلم سبب نزولها ، كالكاتب ... وبتدبر وجهة نظره ... وجدت أن لها شيئا من الوجاهة ، فهناك قاعدة تقول أن التفسير يأخذ بعموم اللفظ لا بسبب النزول ، ومن إعجاز القرآن الكريم ، أن آياته يكون لها عدة معانى فى نفس الوقت ، أو فى وقت متقدم بعد أن يتقدم العلم ، ولا تتعارض هذه المعانى مع بعضها ، وهذا ليس لنظم آخر غير القرآن الكريم .
نعم ، نحن نولد أيتام ، لا يرعانا أحد إلا بفضل من الله ، بغض النظر عن وجود الأب والأم !!! فهما لا شئ إطلاقا لولا رحمة الله سبحانه التى خلقت فيهم وأودعت الحب والعطف ، ولولا ذلك لما رعانا أحد ، فالرعاية التى تحدث لنا ، هى أصلا من رحمته سبحانه ، وهذا تفسير "ما ودعك ربك وما قلى" ، أى هيأ لك المناخ الذى لا يجعلك يتيما ... وإذا التزمنا بالآيات الأخيرة فى السورة ، فلا نقهر اليتيم ، ولا ننهر السائل ، ونتحدث بيننا بنعم الله سبحانه وتعالى علينا ، وأى نعمة هى أكبر من نعمة الإسلام ؟؟؟ ... حينئذ تكون آخرتنا فى الدنيا والآخرة ، أفضل من وضعنا الأول ، بمعنى أنه سبحانه يزيد الذين اهتدوا هدى ، فإذا أحسنت ، أحسن الله إليك . وإذا أتيته تمشى أتاك هرولة ، فأى جمال بعد هذا الجمال ؟؟؟" .
وقد سبق أن قلت بأن القرآن الكريم ليس له بداية أو نهاية ، بمعنى أن مفاهيمه الأساسية يمكِن أَن تتحقّقَ بغض النظر عن ترتيب قراءتك له . ولكن بالنسبة لمن هو على وشك الإستجابة لندائه ، فالترتيب محورى ، فكلما تقدم فى قراءته ، كلما كان تأثيره عليه أشد عمقا وعاطفة . وكنتيجة لهذا ، كلما اقترب الإنسان للتحول فى مفاهيمه ، كلما وجد أن القرآن يستدعيه للمثول بين يديه . السور القصار فى آخره ، تركز النصح والتحذير . وبعد تنبيه أخير للثمن المرعب للتكبر والعند ، تأتى الثلاث سور الأخيرة لتعلمك ماذا تقول لخالقك بشوق . ثلاث مرات متتالية كلمات تفصل بينها سطور قليلة ، حاثا لك على أن تنطق وتعلن إيمانك ، قائلا :::
إلى هنا يكون القارئ للقرآن ، قد وصل إلى حافة حياة والتزام جديدين ، معبرا عن هذا الوضع الجديد ... كما حدث لى فى مسجد الطلبة ... بالكلمات التالية : "أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله" .
وبالنسبة لأولئكم الذين اعتنقوا الإسلام ، هذا القرآن يشهد على صفات الله سبحانه وتعالى ، الباقى ، الرقيب ، الرزاق ، الهادى . وكأن القرآن هو محيط رائع واسع ، تغريك موجاته المبهرة لتغوص فيه أعمق وأعمق . ولكنك لا تغرق فى ظلمات البحر ، ولكنك تجد نفسك فى خضم محيط من النور الإلهى والرحمة المهداة .
وبعد إسلامى ، واظبت على أداء الصلوات فى المسجد فى جماعة ، وخصوصا صلاة المغرب والعشاء والفجر ، لأنها صلاة جهرية ، تخالف صلاة الظهر والعصر الغير جهرية . وقد أثار هذا الوضع انتباه أحد المشاركين فى الجماعة لأنه يعلم أنى لا أعرف اللغة العربية لأنها غريبة عنى . ولم أكن أعير أنا هذا الموضوع أى انتباه ، ولكنى كنت أرتاح لسماع القرآن الكريم بالغريزة ، "فلماذا يرتاح الطفل حين سماع صوت أمه ؟" بالرغم من أنه لا يفهم شيئا مما تقول ، ذلك لأم صوت يريحه ويسكن له ، صوت يعرفه من على البعد ويسكن إليه . هناك أوقات أتمنى أن أعيش فى حماية هذا الصوت للأبد ، ولكن المؤمن الجديد فى الإسلام يعيش وينمو فى جو حقيقى من الإيمان .
يتبع ... الجزء الثالث "رسول الله "
آخر تعديل بواسطة أبو إيهاب ، 28-08-2007 الساعة 12:17 AM.