مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 11-12-2006, 08:03 AM
محمد العاني محمد العاني غير متصل
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,514
إفتراضي رحلةٌ إلى ضفافِ دِجلة

رِحلةٌ إلى ضِفافِ دِجلة


حيث ظلام الموت أشد سطوعاً من أشعة الشمس




ملاحظة:بعض حقائق هذه القصة أشد إيلاماً من أن تكون خيالية، و ليتها كانت.


بدأت رحلتي من الساحة الهاشمية في قلب العاصمة الأردنية عمان. بدأت السيارة بالتوجّه إلى الحدود العراقية التي تبعد خمسمائة كيلومترٍ عن عمّان تقريباً. كانت الرحلة حتميّةً بالنسبة لي لأن زوجتي و ابنتي الوحيدة ذات الأشهر الخمسة في بغداد منذ مدّةٍ و لا مناص من أن أذهب إليهم لأخلصهم من جحيمِ الأحياء المسمى جُزافاً "بغداد".
كان معي في السيارة اربعة اشخاصٍ لا أعرف أحداً منهم إلا أن كلفة الذهاب إلى بغداد تكون عالية جداً إذا ما استأجرت السيارة لوحدك. و الأمرُّ من ذلك أن الذي يدخل العراق وحيداً عند نقطة الحدود سوف يُعطي إنطباعاً للسرّاق و قطّاع الطرق المنتشرين في الطريق بين الحدود العراقية و بغداد أنّه غني. أي أنه سيكون فريسةً مُناسبةً جداً لهم.
لكون الطريق طويل، لا مفرّ من الحديث بين الركاب في محاولةٍ يائسةٍ لتضييع الوقت. إثنان من الركاب أحدهما ،وهو ابن عم الآخر، قال أنه يعود لبغداد لأن أخيه قد أصيب بانفجار عبوةٍ ناسفةٍ و هو في المستشفى الآن بحالةٍ خطرةٍ. و كان واضحاً على لهجةِ الشاب و ابن عمّه أنهما من جنوب العراق. شخصٌ آخر عرّف نفسه بأنه من أهل الموصل في شمال العراق و بدت لهجته بأنه فعلاً من هناك. قال أن سبب ذهابه إلى بغداد أن اخيه ،الساكن في بغداد، قد أختُطف من قبل إحدى العصابات التي احترفت الخطف و أن بسبب اختطاف اخيه تعرّضت والدته لجلطةٍ في الدماغ و هي الآن في المستشفى و خاطفوا أخيه يُطالبون بفديةٍ تقرب من مئةِ ألف دولار امريكي. أما الشخص الأخير، فلم يكُن يتكلم كثيراً، كان يستمع إلى أحاديث الجميع ولا يُبدي إهتماماً بحديث.
وصلنا إلى الحدود الأردنية (مركز حدود الكرامة) فيما يقارب الثامنة صباحاً بعد ست ساعات من المسير في الطريق الأظلم المتعرج من عمان. بالطبع، وكما يفعل كل العراقيين هناك، وقفنا أولاً في صفٍ خاصٍ بدفع الغرامات المترتبة على تجاوز الفترة المسموحة للإقامة. إذ أن أطول فترةٍ ممكنة لإقامة الشخص العراقي الإعتيادي (و أقصد بالإعتيادي هو الذي لا يملك الملايين قيستطيع الحصول على حق الإقامة كمستثمر) هو ثلاثة شهور. و تتباين الفترات حسب قناعة ضابط الجوازات في تلك الفترة. فمن الممكن أن لا تدخل إلى الأردن. ذلك أن دخول العراقيين إلى الأردن ليس بحاجة إلى (فيزا). ولكن بشكل عام إذا كنت محظوظاً فسوف تدحل و بفترةِ إقامةٍ لا تتجاوز الأسبوعين. عموماً سأترك هذا الموضوع إلى النصف الثاني من الرحلة.
بعد أن دفعنا الغرامات المترتبة علينا و البالغة دينار اردني و نص عن كل يوم تأخير (ما يقارب 2.25$)، بدأنا بالجزء الأصعب من الرحلة. عند البوابة الكبيرة للحدود العراقية تجد سيذاراتٍ للقوات الأمريكية واقفةً بعد المدخل و بجانبها سيارات كبيرة تحمل على ظهرها ما يشبه بيوت البناء الجاهز. و بعد أن مررنا بين هذه السيارات قرأت على إحداها أنها تحتوي على اجهزة للأشعة السينية (X-Ray). و لم يُنبهنا أحد إلى ذلك، فالمفترض أن تر السيارات فقط فيها من دون البشر. و لوهلةٍ تذكرت ابنتي حديثة الولادة عندما مرت من هنا عائدةً إلى بغداد قبل مدّةٍ من الزمن..!!!
أجهزة مشابهةٌ لهذه الأجهزة موجودة في الجانب الأردني، إلا أن الأردنيون كرماء بما فيه الكفاية ليُنزلوا الناس من السيارات قبل تمريرها في هذا الجهاز. بينما على الجانب العراقي يقبع الأمريكان و القردةُ من الجيش العراقي معهم دون أن يُحركوا ساكناً.
وقفت السيارة في صف التفتيش و نزلنا لنختم جوازاتنا في الجانب العراقي. و بعد أن ختمنا جوازاتنا، لم نحتج إلى أكثر من خمسة دولارات نعطيها لضابط الجيش المسؤول عن تفتيش السيارة لنتجاوز التفتيش دون أن تنزل أي حقيبةٍ من السيارة و دون أن ينزل أحد منا...!!!
الأمن في العراق في هذه النقطة الحدودية معتمدٌ على الجانب الأردني..فماذا الحال إذن في النقاط الحدودية مع لإيران؟؟!!!
عبرنا الحدود و توجهنا بعد النقطة الحدودية مباشرةً إلى محطة تعبئة الوقود في طريبيل (طريبيل هو إسم النقطة الحدودية على الجانب العراقي). محطة الوقود هذه هي مرتع المجرمين و قطاع الطرق الذين يُراقبون السيارات العائدة ليروا أي منها يصلح غنيمةً لهم ليتصلوا بشركائهم ليقطعوا عليهم الطريق. بالتأكيد و أنت في ثاني اكبر دولة نفطية في العالم يكون صف الإنتظار في محطة الوقود طويلاً جداً بحيث نقرر أن نشتري من السوق السوداء (وهي مجموعة من الأشخاص الواقفين عند باب محطة الوقود يأخذون الوقود من المحطة و يبيعونه للناس بخمسة إلى عشرة أضعاف السعر الرسمي). و بما أن الطريق محفوفٌ بالمخاطر من جهة و حظر التجول في بغداد يحين عند الثامنة مساءاً فيجب علينا أن نكون في بغداد قبل ذلك بكثير. فلذلك لجأنا إلى السوق السوداء و بدأنا النصف الثاني من الطريق البالغ طوله خمسمائةٍ و عشرون كيلومتراً بين طريبيل و بغداد.
بعد مرور ما يقارب الساعة من انطلاقنا من طريبيل، صادفنا رتلٌ من القوات الأمريكية المتوجهةِ بنفس اتجاهنا. و عادةً ما تمشي هذه الأرتال بسرعٍ بطيئةٍ على هذا الطريق الدولي خوفاً من العبوات الناسفة و السيارات المفخخة. ولا نستطيع بطبيعة الحال تجاوز الرتل الأمريكي لأنهم سوف يفتحون النار علينا إذا ما اقتربنا منهم. فما هو الحل إذن؟؟
الحل هو ما يسمى بالطريق "القديم". و هو طريقٌ موازٍ للطريق الدولي كان مُستخدماً قبل عشرين عاماً و عند إنشاء الطريق الدولي الجديد تُرك الطريق فصار "قديماً". هذا الطريق القديم يوازي الطريق الجديد و يبعُد عنه ما لا يزيد على الخمسمائة متر. فالحل الكلاسيكي بالنسبة لكل السواق هو أن ننزل على الطريق القديم حتى نجتاز الرتل الامريكي و نعود بعدها إلى الطريق الجديد لنكمل. ذلك أن الطريق القديم فيه بعض التكسرات و كثير من اجزائه مغطاةٌ بالتراب فلا نستطيع المسير عليه بسرعةٍ عالية.
و بينما نحن نجتاز الرتل الأمريكي انفجرت عبوةٌ ناسفةٌ في وسط الرتل الأمريكي على الطريق. و رد الفعل الطبيعي من قبل الأمريكان في هذه الحالة هو أن يفتحوا النار بشكلٍ عشوائي على كلّ ما حولهم. أصيبت السيارة التي كانت تسير امامنا بإطلاقاتٍ نارية و تفاديناها بصعوبةٍ و سلّمنا الله. توقفنا لنرى ما حدث في السيارة التي اصيبت..و كان المشهد مروعاً. شابةٌ في مقتبل العمر حامل في شهرها الثالث قد اصيبت في رأسها و تُوفيت بالحال. وجدنا امها تبكي و تقول ان ابنتها كانت تعاني من صعوبةٍ في الإنجاب و ذهبت الى الأردن للعلاج و بعد أن اصبحت حاملاً ارادت ان تعود لتبشر ابيها إلا أنها لم تستطع. فقد اختار جندّيٌ أمريكي أن يُنهي حياتها و حلم زوجها الشاب بتكوين عائلة.

بعد هذا المشهد المؤلم و نحن سائرون بالطريق أخذتُ أفكر في هذا الشاب الذي فقد زوجته و طفله على يد جُنديٍّ أمريكي. أليس مستعداً الآن أن يُفجر نفسه ليقتُل ولو أمريكياً واحداً؟؟!!
اليس مستعداً أن يُقاتل الأمريكان لما تبقى من حياته؟؟


يُتــبــــع..
__________________


أنا عندي من الأسى جبلُ
يتمشى معي و ينتقلُ
أنا عندي و إن خبا أملُ
جذوةٌ في الفؤاد تشتعلُ
الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م