تقدم
العدد الرابع من سلسلة "لقد كان في قصصهم عبرة " :
تريدونها دولة إسلامية؟
تريدونها دولة إسلامية؟
دمار مثل دارفور والصومال ؟؟
هيا هيا فلنبدأ التحقيق.. سيجيبنا على كل الأسئلة فيما بعد!
هكذا كان الإستقبال من طرف أعوان مخابرات أحد الدول الغربية المحسوبة كمشارك أساسي في "الحرب على الإرهاب" و أحد الإخوة النشطين على الجهاد الإعلامي..
طبعا, وكما عودناكم في أحداث هذه السلسة من سرد لقصص واقعية, فإن أخانا حينما رآهم واقفين أمام باب غرفة التحقيق كاد ينفجر من الضحك , فلقد رآى أمامه طفلين.. تماما كالجنود لذين نراهم في التلفاز يعربدون ويتوعدون, ثم ينقل لنا إخوتنا من صحفيين مسلمين رافقوا جحافل الكفر هذه للتغطية الإخبارية .. يأكدون لنا أن ما نراه في التلفاز هم ممثلين محترفين من هوليود يصورون للشعب الأمريكي والغرب بصفة عامة, والمسلمين بصفة خاصة قوة خرافية لا تهزم, إلا أننا وبفضل الله وعونه ومنّه أولا, وجهاد إخوة لنا على الميادين ...تبيّن لنا جهارا زيف نبإهم, وسقط في ايدي أعداء الله كيف كشف امرهم..ولنا عودة لهذه النقطة..
كاد يضحك إذن صاحبنا فهو سيعيش مغامرة طريفة مع من يظنون أن خيوط اللعبة بيدهم , و حقيقة ان: الأمر كله لله..
بدأت الأسئلة تتساقط عليه.. من تنزيل لأفلام جهادية , توزيعها .. عرضها على المسلمين, التحدث عن همّ الأمة وأوجاعها..
كان أخونا يجيب بإنكار وهو مبسوط في قرارة نفسه من كون الجهاد الإعلامي قد اتى بأكله وهو يرى عيانا وجع الضرب الإعلامي لهم, فها هو ذا يحقق معه ! العدو يريد وقف هذا العمل ! إذن الامر مرير عليهم ..
رجع أخونا إلى بيته وهو متعب من ظغط التحقيق, فهم حقيقة لم يأخذو منه شيء لكن التعب موجود ..
الأمر إستوقف صاحبنا, فهو الآن أحس بل أيقن أن الله وضعه في مرحلة أخرى من الصراع, ويجب عليه أن يعد لها العدة ويتهيأ لها!
مالذي يأثر على عدوّي فأزيد منه ؟ مما يخاف مني ؟ لماذا ؟
من اعدائي الآن... من معي ومن ضدي ؟
من يسيء إلي ويضربني كعدوي ولكنه لا يسمي نفسه بعدوي؟
من مصلحته تتقاطع مع مصلحتي؟
من أين سأستسقي قوتي..إمداداتي..؟
أسئلة عديدة...لكن الله معنا!
لاحظ الأخ ان مما يأرق بالهم هو الأفلام الجهادية وتوزيعها على الأمة ... لمع ذهنه بالمواجهات الاخيرة لللجيش الأمريكي في العراق وتحطيمه لوسائل البث المباشر التي من شأنها أن تعين قنوات التيارات الجهادية من بثّها لإنجازات وبطولات إخوتنا..
ربط هذا بكلام الراحل رامسفيلد وأن ما يأرّقه هو الإعلام الجهادي..تفكّر الأخ قليلا.. وتذكر أن الحرب التي بدأها الصليبي بوش الإبن هي مبنية أساسا على الجانب النفسي المنهزم للأمة... يأيد ذلك ,السياسات الأمريكية المنتهجة على المنطقة العربية وهي الترهيب والتحسيس بالتفوق العسكري والتكنلوجي للغرب , وكون المسلم عليه التسليم بهذا الواقع...
لا داعي للمقاومة فالنتيجة محسومة مسبقا إذ كل الحسابات العقلانية والمنطقية , زعموا.., تأيد نظرية تفوق الغرب الكافر !! وهذا من آخر ما وصى به الرئيس الأمريكي الراحل كسنجر" تركت لكم امة إسلامية نائمة.. لكن إنتبهوا إذا ما أفاقت إسترجعت في سنين ما بنيناه في قرون"
نعم, هو كذلك, إن الأفلام الجهادية تبين العكس, تفوق الجهاد الإسلامي المسلح على الآلة العسكرية الغربية, بل وتسخر منهم !
الصحوة المسلمة أنقضت عروش أعدائنا إذن, على صعيدها العلمي الشرعي, وعلى صعيدها التوعوي, وعلى مستواها الميداني الدعوي, ونحن حين ما نقول الدعوي نقصد به الدعوة العلمية لطلب العلم الشرعي والدعوة الجهادية التي هي ذروة سنام الإسلام, وعلى مستواها الإعلامي..
بالفعل, إن من ضمن الأسئلة التي سئلت لأخينا, ما سبب إهتمامك بالعلم الشرعي؟ لماذا تدعو الناس ؟ سمعنا أنك داعية مفوّه وتقنع من يخاطبك ؟ تريدون ان تجعلوا منّا مثل دول البلقان؟ يدخلون للإسلام عنوة لكي لا يدفعوا اموال الجزية ؟
طبعا هنا لم يتمالك أخانا نفسه وقال لهم برصانة: " بل نريدها كأندونيسيا دخلوا للإسلام بملك إرادتهم حين رأوا أخلاق التجارالمسلمين ولا يزاون على تلك الحال لحد الآن.. مسلمين !" هنا أسقط في يدي المحقق.
علم أخونا أن الداخلين في دين الله أفوجا, يأرق الساسة الغربيين, فكيف سينجحون في دحر عدوهم اللدود والماء يجري من تحت اقدامهم ؟!!؟؟
ما هو شعورك وانت تشاهد الأفلام الجهادية؟ سؤال آخر يهتم به العدو..
هذا أيظا أكّد النظرية العسكرية الجديدة التي ما فتأ ينظّر لها الخبراء العسكريين: "الحرب النفسية", ولكم أن تقرؤوا مقال نشر على النت للأخ الحبيب أبي مارية القرشي " الجيل الرابع من الحروب"..
نعم يريد الغرب معرفة كيف تأثر هذه الأفلام على نفسية المسلم.. هم يرون بأم أعينهم كيف أن شاب... مستقبل وردي ينتظره.. يضحي بكل هذا ويوتجه للموت بساقيه !!! هذا الشاب الذي ما فتأت مؤسساتهم الغربية تعمل لقرون لإيجاد بيئة تسهل له أسباب التعلق بالحياة: من وضيفة محترمة, وفرص سانحة في كل وقت للفجور واتباع الهوى تحت ذريعة الحرية الشخصية, وعوامل جانبية تهيئ له البيئة المشجعة لذلك من قنواة فضائية , وفضائات خلوية سمية بالسياحة, وعقليات متحررة لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا...
آلة إيديولوجية كاملة وضفة عبر عقود من الزمن, وسخّرت لها عقول و كتابات ودعايات ومؤسسات لترسخ هذا كله, ثمّ....
تأتي في سطرين رساة من الشيشان أو أفغانستان أو العراق, تنقل خبر إستشهاد مجاهد ورائحة العبير التي فاحة من بدنه بشارة له ولمن حوله من رفقائه ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون..
سطرين فقط, يأجّجان في نفسية هذا المسلم التائه وراء السراب مشاعر الرسالة المحمّدية, والأجر العظيم الذي ينتظره, فينتسف في لحظة ما بناه الغرب في عمق هذا الشاب في عقود !!
وينقلب هذا الشاب مراجع لنفسه, مشتاق للقرآن الذي طال هجره له خلال تلك السنون.. يسرع إلى حلقات العلم الشرعي, يبحث عن سبيل لنصرة إخوته في الثغور, وكله إيجابية و ثقة في نصر الله, نعم لقد سمع كثيرا من الدروس عن نصر الله لعباده المؤمنين, ولكنه رئى بأم عينه خلال ذلك الفلم الجهادي تحقيق وعد الله, فازداد شعلة وحماسا...
لقد صرّح المحققون لهذا الأخ إستيائهم من كون مواطنيهم من بنو جلدتهم, ولدوا وترعرعوا في الغرب وأشربوا علوم وأفكار غربية, ينتفظون بمجرد استماعهم لخطابات القادة من على رؤوس الجبال وهم يذكرونهم موعود الله, ويرسمون لهم معالم النصر والثبات, ويرشدونهم عن ما يستطيعون فعله نصرة لهم وللمجاهدين..
هذه الإنتفاظة الجذرية, أقلقت كثيرا الغرب, وهم يعترفون علنا بذلك, ويقرون بخسارتهم فيها ولجؤوا بذلك إلى الطريقة الخبيثة القديمة, والتي بيّنها لنا الشيخ الفاضل أبي مصعب السوري حفظه الله وفكّ الله أسره و أقرّنا وإياه بنصر الإسلام وأهله:
ذكر الشيخ في كتابه سرايا المقاومة العالمية أن الرؤيا التاريخية للحروب الصليبية هي مخالفة تماما للتصور العسكري لهذه الحروب, فمن المنظور التاريخي ,عدد الحروب الصليبية يتراوح بين السبع والثمان حروب, على إختلاف المؤرخين لها, بينما يراه هو ثلاث: الأولى هي مجموع الحروب الصليبية والتي توجت بإنتصار الأيوبيين, والثانية هي الحرب العالمية الاولى والثانية, والثالثة هي ما نعيشه اليوم.
كيف بنى هذه النظرية؟ بسيطة: في الحروب الصليبية الأولى كانت المعادلة كالتالي:
صليبيين ضد ملوك المسلمين + علماء الأمة + عامة الأمة
كانت النتيجة محسومة للمسلمين. غيّر بالتالي الصليبييون من إستراتيجيتهم وووضعوا معهم اليهود لتقوية جبهتهم ضمن اللمصالح المشتركة لديهم.. درسوا بعد ذلك سرّ الإنتصارات وظنوا ان القيادة العامة للامة هي سرّ النصر وضربوا على ذلك مثال شخصية قيادات بارة كقطز و نور الدين الزنكي و صلاح الدين الأيوبي وغيرهم, فجلبو لصفهم الملوك المسلمين الذين كانوا حينها يتخافتون على البقاء على عروشهم مهما كلفهم الثمن( إلا من رحم الله), وأصبحت بذلك المعادلة كالتالي:
صليبيين + يهود + ملوك ورؤساء المسلمين
ضد
علماء المسلمين + عامة الامة
طبعا رغم أن الحربين العالميتين الاولى والثانية تسببتا في سقوط الخلافة العثمانية اولا وفي تمزيق الأمة ثانيا , إلا أن الصليبيين لم يستطيعوا البقاء طويلا في بلداننا وذلك نظرا للمقاومة الإسلامية المتناهية , والتي لاحظ الغرب أنها تدار هذه المرّة بقيادة رجالات الدين خذ على ذلك امثلة كالعلامة المصري أحمد شاكر والرموز الدينية كعمر المختار و الأمير عبد القادر الجزائري رحمة الله على الجميع, فقرروا الرجوع سريعا وتوظيف رجالات الدين لصالحهم, وهو ما أقره المخلوع رامسفيلد بانه أحدث مؤسسة إعلامية للدعاية والتظليل, يضم طاقمها جانب كبير من الخبراء النفسيين والإعلاميين... كان المدهش أنه أقر بتسخيره لعلماء للدين ! وأصبحت المعادلة إذن
صليبيين + يهود + ملوك ورؤساء المسلمين + فئة كبيرة من العلماء
ضد
الامة
هنا رجع خيال أخينا المستجوب بسرعة إلى ما سمعه مؤخرا بأذنيه من دعاة يشار إليهم بالبنان و لومهم الشديد والمؤثر على المشاهدين لهذه الافلام الجهادية... طبعا هؤلاء الدعاة الافاضل في أرض الكنانة ممن لا قدرة لنا على الإستغناء عنهم, ولكن حين جرحوا في العاملين على تسويق الأفلام الجهادية بحجة انها تلهي عن الصحوة العلمية للأمة و كونهم لا يرون لها نتيجة...
هنا إلتمس أخونا لهؤلاء الدعاة الأفاضل العذر , وكون حرصهم على الدعوة و امتداد نورها متوقف على البلبة التي تثيرها هذه الافلام, طبعا في نظر اخينا, وفي نظري انا شخصيا أن علينا النظر باكثر شمولية للموضوع, فيجب علينا ان نعترف باننا في حرب مفتوحة من كافة الجبهات, عقائدية , ميدانية, إعلامية...و أن تساؤل المشائخ والدعاة من كون فائدة الأفلام الجهادية غير مجدية ومعدومة, وفي اغلب الأحيان مفسدتها تغلب على مصلحتها, وكون الجانب الآخر من الدعاة الجهاديين لا علم لهم فهم لم يحكموا القواعد الفقهية في الحكم على الواقع ولم يستعملوا " تحقيق المناط" !! أي أن الجهاديين لم ينظروا ولم يدرسوا الواقع ليحكموا فيه قواعدهم...