نماذج يسيرة من قدح السلف في أهل البدع وغيرهم، وبيان أنه ليس بالغيبة المحرمة:
”روى ابن عدي في كامله بإسناده إلى سعيد بن جبير، قال: (قلت لابن عباس: إن نوفاً البكالي يزعم أن موسى صاحب بني إسرائيل ليس صاحب الخضر، فقال: كذب عدو الله).
وساق بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (أتيت الطور؛ فوجدت بها كعب الأحبار (فذكره بطوله)، فلقيت عبد الله بن سلام، فذكرت له أني قلت لكعب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن في الجمعة ساعة لا يصادفها مؤمن وهو في الصلاة يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه)). فقال: ذاك يوماً في كل سنة. فقال عبد الله بن سلام: كذب كعب ..)
ثم روى بإسناده عن ابن محيريز، (أن رجلاً من بني كنانة لقي رجلاً من الأنصار يقال له أبو محمد، فسأله عن الوتر؛ فقال: إنه واجب. فقال الكناني: فلقيت عبادة بن الصامت فذكرت ذلك له؛ فقال: كذب أبو محمد).
ثم روى بإسناده إلى عاصم، قال: (سألت أنس بن مالك عن القنوت، قلت: قبل الركوع أو بعده ؟ قال: قبله. قال: فإن فلاناً أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع. قال: كذب، إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد الركوع شهراً)
[الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 1/61-62]
ثم روى بإسناده إلى أبي مسهر، (أنه سئل عن رجل يغلط، ويَهِم، ويصحف. قال: (بَيِّن أمره). قلت له: أترى ذلك من الغيبة ؟ قال: لا)
ثم قال: (شعبة بن الحجاج)، وذكر فضائله ومزاياه ثم ذكر قوله: (لا تأخذوا عن سفيان الثوري إلا عن رجل تعرفون؛ فإنه لا يبالي عمن حَصَّل الحديث).
وفيه عن النضر بن شميل: (سمعت شعبة يقول: تعالوا حتى نغتاب في الله)
[الكامل 1/81-84]
وسُئل شعبة أن يكف عن إبان؛ فقال: (لا يحل الكف عنه؛ لأن الأمر دين)
قال ابن مهدي: مررت مع سفيان الثوري برجل؛ فقال: (كذاب، والله لولا أنه لا يحل لي أن أسكت، لسكت)
[الموضوعات لابن الجوزي 1/50]
ثم قال: (سفيان الثوري)، وذكر له من نقده قوله: (عبد الوهاب بن مجاهد، كذاب)
[الجرح والتعديل 1/76]
وذكر ابن أبي حاتم في (ترجمة الإمام مالك) بإسناده إلى عبد الرحمن بن القاسم قال: (سألت مالكاً عن ابن سمعان، فقال: كذاب)
[المصدر السابق 1/23]
ثم ذكر ابن عدي (ابن المبارك)، ومن أقواله في الجرح ما قاله الطالقاني: (سمعت ابن المبارك يقول: لو خُيِّرت بين أن أدخل الجنة وبين أن ألقى عبد الله بن محرر، لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة؛ فلما رأيته كانت بعرة أحب إلي منه)
[كثير مما سبق بتصرف من رسالة (المحَجَّة البَيضَاء في حمَاية السُّنَّة الغَرّاء من زَلاَّتِ أهلِ الأَخْطَاء وَزَيغِ أهلِ الأَهْوَاءِ) للشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله]
وقال سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز يرحمه الله تعالى: (ليس من أهل العلم السلفيين من يكفّر هؤلاء الذين ذكرتهم، وإنَّما يوضّحون أخطائهم في تأويل الكثير من الصفات، ويوضّحون أنَّ ذلك خلاف مذهب سلف الأمة، وليس ذلك تكفيرًا لهم، ولا تمزيقـًا لشمل الأمة، ولا تفريقـًا لصفّهم، وإنَّما في ذلك النصح لله ولعباده، وبيان الحق، وعدم كتمانه، والقيام بالدعوة إلى الله، والإرشاد إلى سبيله .
ولو سكت أهل الحق عن بيانه لاستمر المخطئون على أخطائهم، وقلّدهم غيرهم في ذلك، وباء الساكتون بإثم الكتمان الذي توعّدهم الله في قوله سبحانه: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) (البقرة: 159،160)
وقد أخذ الله على علماء أهل الكتاب الميثاق لتبيننه للناس ولا تكتمونه، وذمّهم على نبذه وراء ظهورهم، وحذرنا من اتّباعهم .
فإذا سكت أهل السنة عن بيان أخطاء من خالف الكتاب والسنة شابهوا بذلك أهل الكتاب المغضوب عليهم والضالين) اهـ
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (3/72)]
وقال أيضاً: أما من تمسّك بالحق، ودعا إليه، وأوضح بطلان ما خالفه؛ فهذا لا لوم عليه، بل هو مشكور وله أجران: أجر اجتهاده، وأجر إصابته للحق) اهـ
[المصدر السابق (3/59)]
وقال رحمه الله:
(( فالواجب على علماء المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، أو جمعية ونصح الجميع؛ بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده، ودعا إليه نبينا صلى الله عليه وسلم ، ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله - فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة ، حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه في قوله جل وعلا : ((وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)) ومما لا شك فيه أن كثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي مما يحرص عليه الشيطان أولاً وأعداء الإسلام من الإنس ثانياً ، لأن اتفاق كلمة المسلمين ووحدتهم وإدراكهم الخطر الذي يهددهم ويستهدف عقيدتهم يجعلهم ينشطون لمكافحة ذلك والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين ودرء الخطر عن دينهم وبلادهم وإخوانهم وهذا مسلك لا يرضاه الأعداء من الإنس والجن ، فلذا هم يحرصون على تفريق كلمة المسلمين وتشتيت شملهم وبذر أسباب العداوة بينهم ، نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق وأن يزيل من مجتمعهم كل فتنة وضلالة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه )) .
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (5/202)]
ويقول العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كتابه "الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات" (ص107):
((لا شك ان الضوابط لهذا الخلاف هي الرجوع إلى ما أرشد الله إليه في قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً))، وفي قوله : ((وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله)) فالواجب على من خرج عن الصواب في العقيدة أو في العمل أي في الأمور العلمية والعملية أن يناقش حتى يتبين له الحق فيرجع إليه أما خطؤه فيجب علينا أن نبين الخطأ وأن نحذر من الخطأ بقدر الاستطاعة ، ومع ذلك لا نيأس ، فإن الله قد رد أقواماً لهم بدع كبيرة حتى صاروا من أهل السنة ...الخ ).
وقال أيضاً في نفس المصدر ( ص116 ) :
(إذا كان الخلاف في مسائل العقائد فيجب أن تصحح وما كان على خلاف مذهب السلف فإنه يجب إنكاره والتحذير ممن يسلك ما يخالف مذهب السلف في هذا الباب) اهـ.
مصدر الكلام الأخير المذكور:
http://anti-erhab.com/Salafiyah/naqd/baz-oth_naseeh.htm
ولمزيد بيان من فتاوى علماء السنة المعاصرين يرجى مراجعة هذا الرابط
http://anti-erhab.com/Salafiyah/naqd/manhajanqd.htm