صدور الاحكام في قضية الاخوان

[بنغازي]

أعلنت في ليبيا أمس السبت 16 فبراير 2002 أحكام بالإعدام والسجن لفترات متفاوتة في حق 160 شخصا اعتقلوا في صيف عام 1998 بتهمة الإنتماء الى تنظيم "الإخوان المسلمون". وفي تصريح لقناة "الجزيرة" الفضائية قال السيد فرج غيث المتحدث باسم منظمة التضامن لحقوق الإنسان الليبية – ومقرها جنيف – إن الأحكام الصادرة عن محكمة الشعب الليبية تعتبر سيئة جدا، خاصة أن جماعة "الإخوان المسلمون" أعلنت مرارا أنها تنبذ العنف، ولا تستعمل إلا الأساليب السلمية في عملها ومناهجها.

وقد جاءت الأحكام كالتالي:
إعدام: الدكتور عبدالله أحمد عزالدين من تاجوراء (طرابلس)، متزوج وله 4 أبناء. دكتوراه هندسة نووية – أستاذ محاضر بكلية الهندسة جامعة طرابلس. التهمــة: تولي منصب المراقب العام لجماعة "الإخوان المسلمون" في ليبيا.

إعدام: سالم بوحنك من بنغازي، متزوج وله 5 أبناء. دكتوراه كيمياء – رئيس قسم الكيمياء بكلية العلوم، جامعة بنغازي. التـهمة: تولي منصب نائب المراقب العام للجماعة.

كما أصدرت المحكمة أحكاما بالسجن المؤبد في حق عشرة أسخاص بتهمة أنهم أعضاء في مجلس شورى التظيم. وحكمت بالسجن لفترات متفاوتة على نحو 70 آخرين. كما أفرجت عن 70 متهما باعتبار انقضاء مدة الحكم حيث أنهم مكثوا في الإعتقال لما يقرب من 4 سنوات.

ومن بين المتهمين عشرون شخصا يحملون شهادة الدكتوراه، وثمانية يحملون شهادة الماجستير في مجالات علمية مختلفة. أما البقية فهم مهندسون وأطباء وطلاب جامعة وأئمة مساجد.

وأكد المتحدث باسم التضامن لحقوق الإنسان إنه بموجب القانون الذي أنشئت به محكمة الشعب ليس للمتهمين حق في طلب الإستئناف، وأن الأحكام نهائية وغير قابلة للنقض أو الطعن.

انعقدت الجلسة الأولى لهذه المحكمة في 18 مارس والثانية في 29 أبريل والثالة في 3 يونيو 2001. كما أجلت جلسة كان من المقرر عقدها في ديسمبر الماضي. وأفادت مصادر منظمات حقوق الإنسان الليبية أن المتهمين يحاكمون بتهمة الإنتماء الى تنظيم سري حسب القانون 71 لعام 1972 المعروف بقانون "تجريم الحزبية". ويشمل النشاط الحزبي حسب هذا القانون جميع صور النشاط الجماعي التي يمكن تفسيرها بأنها سياسية. ويعتبر القانون هذه النشاطات خيانة في حق الوطن عقوبتها الإعدام.

إلا أن المحاكمة تعتبر خرقا للميثاق الدولي لحقوق الإنسان والميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية. فقد تعرض المتهمون للإعتقال التعسفي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية اثناء الإعتقال والعزل لفترة طويلة قبل المحاكمة. كما حرموا الضمانات والحقوق القانونية للدفاع عن أنفسهم.

إضافة الى ذلك فإن محكمة الشعب هي محكمة استثنائية ولا تعتبر منصفة أو محايدة. كما أن القائمين عليها ليسوا من أهل الإختصاص القانوني ويعينهم مؤتمر الشعب العام.

ويقول المراقبون إن النظام الليبي يهدف من وراء هذه الأحكام الى التأكيد للعالم – وخاصة الولايات المتحدة وحلفائها - أنه يعادي التنظيمات الإسلامية ويحاربها. ويراهن النظام على أن ذلك سيرفع من رصيده لدى الإدارة الأمريكية التي يسعى هذه الأيام حثيثا لإرضائها والتقرب إليها.

ويعتبر الشباب الذين صدرت بحقهم هذه الأحكام من خيرة النخب الليبية وأعلاها تعليما وتأهيلا. وقد كانوا قبل اعتقالهم غير الشرعي يقدمون خدمات جليلة في مواقع حيوية مختلفة لصالح المجتمع الليبي وتطوره. أما النشاطات التي اعتقلوا بسببها فهي سلمية ثقافية دينية مسوح بها في غالبية الدول العربية والإسلامية الأخرى. وتؤكد الأحكام أن النظام الليبي الذي يدعي الإنفتاح ونبذ العنف والإرهاب ما زال مصرا على قمع وتجريم كل من يخالف توجهاته العقائدية والسياسية أو يخرج عن دوائر كوادره ولجانه الثورية.

ومن المفارقات العجيبة المخزية أن تتظاهر ما يسمى مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية باهتمامها بقضايا حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم من الفلبين الى أفغانستان وبلغاريا ولبنان وغيرها، بينما هي تغض الطرف عما يتعرض له أبناء الشعب الليبي من انتهاكات صارخة لحقوقهم الإنسانية والمدنية والقضائية، وعما يواجهونه من عسف وظلم وأحكام جائرة بسبب تهم ملفقة، بعيدا عن القواعد والمعايير والقيم التي اقرها المجتمع الدولي وتعارفت عليها الإنسانية.