مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 25-04-2002, 04:31 PM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
إفتراضي وماذا بعد الحصار؟

بسم الله الرحمن الرحيم

وماذا بعد الحصار ؟!

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي



وماذا بعد الحصار؟ سؤال يتردد على كل لسان، ويقرأ في كل عين، ويتقاول به الناس في كل مجلس، وقد بهرتنا الشدائد وأجهدتنا المفاوز، وفدحتنا الضحايا، وبتنا كالقافلة المكروبة تتخبط منذ زمن طويل في مجاهل الأرض وخوادع السبل، وأدلاؤها الغواة يلتهمون زادها مع الوحش، ويقتسمون مالها مع المغير، ويغتنمون ضلالها مع الحوادث!!

وماذا بعد الحصار؟! لقد أيقظت هذه الانتفاضة المباركة روح الجهاد في الأمة، وفجرت العربدة الصهيونة وما ارتكبته من مجازر بشعة في أرض المعراج براكين الغضب في أعماق كل من يؤمن بالله واليوم الآخر، وربما في أعماق بعض من لا يؤمنون كذلك! فقد تجاوزت كل حد، وفاقت كل خيال، وسوف تظل جرحا نازفا في ضمير أجيال كاملة، إلى أن يمن الله على هذه الأمة بتأييده، ويرفع عنها مقته وغضبه.

لقد تجاوب الحس الإسلامي العام مع ما يجرى على أرض المعراج من أحداث، وعبر عن ذلك في صورة هذه المسيرات الحاشدة التي طوفت أرجاء العالم الإسلامي، ترسل رسالة سخط ولعنة إلى الطغاة، وترسل رسالة حب وتأييد إلى المجاهدين والمرابطين، كما تجاوبت إلى حد ما بعض الٌقيادات العلمانية المتنفذة، فلم تسحق هذه المسيرات، ولم تتهمها هذه المرة بالعمالة أو الخيانة أو التآمر لقلب نظام الحكم كما كان ديدنها في التعامل مع مثل هذه الأحداث، وبدا الإعلام العربي متجاوبا إلى حد كبير مع هذه الأحداث، لأن عواصفها لم تستهدف أهل الإيمان وحدهم، بل استهدفت معهم كرامة هذه النظم وشرعيتها، وأوشكت أن تأتي على بنيان بعضها من القواعد، بالإضافة إلى ما خلفته من تشويه بالغ لصورة هؤلاء أمام شعوبهم وحلفائهم.

ولكن هذا الوضع فيما يبدو لن يستمر طويلا، لقد تعود أهل الباطل أن يسارعوا إلى تغيير مجرى الأحداث إذا بدأت في التحول لصالح أهل الإسلام، والذي يظهر من قراءة الأحداث- والغيب لله- أن القوم سيتداعون إلى مؤتمر سلام يتقاسمون فيه على إدانة ما نعتوه بالإرهاب ( الجهاد المسلح، والعمليات الاستشهادية، وكل ما يرتبط بها من وسائل وأسباب مادية أو معنوية ) ويتدافعون فيه إلى التوقيع على وثيقة سلام، تفرض تحت الحصار، وتحت تهديد الآليات العسكرية، نفس الآليات التي أشاعت الخراب والدمار في جينين وقلقيلية ونابلس وطولكرم ورام الله وغيرها!! وسوف تتحول جميع النظم العربية إلى مخافر ومسالح ترعى الكيان الصهيوني ، وتؤمن وجوده، وتسحق كل محاولة لاختراقه أو النيل منه!

وسوف تحجب عن الشرعية بالتبع كل أو جل الجهود الرامية إلى دعم الانتفاضة والعمل المسلح، فلن يجمع لها مال، ولن يفتح لها مكاتب، ولن يكشر في وجهها أحد، وقد يتنادى فئام من الدعاة من فوق المنابر بطاعة طغاة العلمانية ممن يستعلنون بالفصل بين الدين والدولة، وإن جلدوا الظهور وأخذوا الأموال، وأن الجهاد والصلح، أو الحرب والسلم من القرارات السيادية التي تفوض إلى هؤلاء، ولا مدخل فيها للعامة وأشباه العامة، وسوف تدخل القضية الفلسطينية في منعطف جديد بالقياس إلى كل ما مر بها من أحداث، وما تعاقب عليها من محن! قد تأخذ هذه التداعيات بعض الوقت، وقد لا يتزامن حدوثها في وقت واحد، وقد تمارس كلها أو بعضها من الناحية العملية في الوقت الذي ترفع العقائر بنقيضها من الناحية النظرية، إلا أن استقراء الأحداث والوقائع يقول إن ذلك قادم لا محالة، وإن نذره قد بدت تلوح في الأفق! فأين نحن من هذا كله ؟ وما ذا أعددنا له من العدة ؟ ويبقى السؤال جذعا: وماذا بعد الحصار؟!

لقد تعودنا على ردود الأفعال الموقوتة، التي سرعان ما تفتر وتتلاشى، وتصبح هشيما تذروه الرياح! إننا نجد اليوم حماسا وتجاوبا وتهيؤا للبذل والتضحية، لبشاعة المذابح من ناحية، ولتجاوب الإعلام في عرضها وتعريف الناس بها من ناحية أخرى، لكن أخوف ما أخافه أن يفتر هذا الحماس وأن تذهب شرته، وأن تضطرب الأولويات، وأن يشتغل كل منا بخصوصياته وأولوياته بعد حين، فينفض السامر ويهجع السمار! والأمر جد خطير، ومسيس الحاجة فيه إلى الصبر والمصابرة والمرابطة، وتجهيز الأمة لرحلة طويلة من البذل والمعاناة لا يخفى على متامل!

إننا لا نجد جوابا على هذا إلا قول الله جل وعلا { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} الصف: 10 -11 وقوله تعالى { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم } التوبة: 111 فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام، وهو الذي لا يعدله عمل من الأعمال ، فعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَاد،َ قَالَ: لَا أَجِدُهُ، قَال:َ هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُر،َ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِر،َ قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟! قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ

ومعنى قوله (ليستن) يمرح بنشاط، من الاستنان وهو العدو. (طوله) حبله الذي يشد به من طرف ويمسك طرفه الآخر، ثم يرسل في المرعى. (فيكتب له حسنات) يكتب مرحه ورعيه حسنات لصاحبه]. وما ترك قوم الجهاد إلا ضربت عليهم الذلة والمسكنة، ونزعت مهابتهم من قلوب أعدائهم، وأكلتهم الفتن، واكتووا بنيرانها!

على أنه ينبغي أن يؤخذ الجهاد بمفهومه الواسع : جهاد السيف، وجهاد الكلمة، وجهاد المال، ( جاهدوا المشركين بأيديكم وألسنتكم وأموالكم)، فكل هذه مجالات تستوعب طاقات الأمة، وتوظف كل إمكاناتها في هذه المواجهة، وتفسح لكل صاحب جهد مجالا لكي يدلي بدلوه، ويشارك في دعم جهاد أمته، وفي إنهاضها وإقدارها على الرباط والمصابرة، في هذه الرحلة الطويلة المضنية!

فإذا عجز الناس في مرحلة من المراحل عن إقامة الجهاد بمفهومه الخاص ( جهاد السيف )على وجهه كما أمر الله عز وجل، لنقص في العدد أو في العتاد، أو لعدم ملاءمة في التوقيت أو غير ذلك ، فإن لهم في مفهومه العام من جهاد الكلمة وجهاد المال منادح ومتسعا تبقيهم على نية الجهاد بمفهومه الخاص من ناحية، وتتيح لهم المشاركة في تعبيد سبله وتهيئة أسبابه من ناحية أخرى، وإذا كان العبد لا يزال في صلاة ما دامت تشغله الصلاة ويتجهز لها، فإنه لا يزال في جهاد ما دام يشغله الجهاد ، ويعد له العدة، ويهيئ له الأسباب.
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 25-04-2002, 04:33 PM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
إفتراضي

وإن إعداد العدة في هذا المقام طريق ذو ثلاث شعب:

الشعبة الأولى: شعبة الإيمان والاعتقاد الصحيح، وخلاصته التأكيد المستمر والإلحاح الدائم على أن القضية الفلسطينية قضية إسلامية خالصة، وتخليصها - على الأقل في حس المؤمنين بالله واليوم الآخر - من الأقنعة العلمانية، والنزعات العرقية أو الإقليمية، وذلك يقتضي ما يلي:

- تجديد الإيمان واستفاضة البلاغ بأن النصر من عند الله وحده، وأنه لا يستحقه إلا المؤمنون حقا. قال تعالى { وما النصر إلا من عند الله } ( الأنفال: 10 ) وقال تعالى { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم } ( محمد: 7 ) وقال تعالى { وكان حقا علينا نصر المؤمنين}

- تجديد الإيمان واستفاضة البلاغ بأن هذه الأمة منصورة ومرحومة، وأن العاقبة لها بإذن الله، وأنه لا تزال طائفة منها قائمة على أمر الله لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله ، وأنها قد مرت عبر التاريخ بأطوار من الضعف والانحطاط أكثر بشاعة مما تمر به هذه الأيام، وأنها قد خرجت من كل ذلك، واستعادت عافيتها، واستأنفت مسيرتها، وحملت رسالة ربها إلى العالمين، وأن نذكر أنفسنا دائما بسنة الله الثابتة في إهلاك الطغاة والمستكبرين، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ، { ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد } الفجر: 6-9

- تجديد الإيمان واستفاضة البلاغ بأن أول الطريق إلى النصر على الأعداء هو الانتصار على النفس في معركة الشهوات والشبهات، وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة، وأن ذنوب الأمة أخوف عليها من عدوها، وأن تقوى الله من أعظم الخطة في الحرب، ومن أقوى المكيدة على العدو، وأن كل خطيئة ترتكب في أرض الإسلام فهي حبل من الناس يمد به العدو بمزيد من القوة ، وقذيفة مدمرة تقدم إليه، وتضاف إلى رصيده من العتاد غنيمة باردة بلا ثمن ليبطش بها كما شاء !

- تجديد الإيمان واستفاضة البلاغ بأن العلمانية والإيمان نقيضان، وأن اللبوس العلماني الذي نسجه المبطلون للقضية الفلسطينية كان أحد أسباب الخيبة الماضية، وأن الإصرار عليه إصرار على السير في طريق الخيبة والبوار!

- تجديد الإيمان واستفاضة البلاغ بأن قضية فلسطين هي قضية إسلامية خالصة، قضية الأقصى، وأرض الإسراء والمعراج، أولى القبلتين وثالث الحرمين، وأن الدفاع عن مقدسات المسلمين من آكد فروض الأعيان، وأن الجهاد يتعين في المقام الأول على أهلها، وعلى بقية الأمة إقدارهم على ذلك وإنهاضهم له وإعانتهم عليه، فإن عجز أهلها لقلة عددهم أو عتادهم، ولم يقووا على خصومهم، امتد تعيين الجهاد إلى الذين يلونهم من المؤمنين، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وهكذا في دوائر تتسع تدريجيا إلى أن يعم الوجوب العيني للجهاد أرض الإسلام قاطبة.

- التعرف الدقيق على نفسية بني إسرائيل، والقراءة الواعية لتاريخهم وسيرهم مع أنبيائهم من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وكيف نقضوا مواثيقهم وقتلوا أنبياءهم وسبوا خالقهم مسبة لم يسبها له أحد من العالمين، وكيف أورثهم هذا كله قسوة في القلوب وغلظة في الرقبة، وذلة ضربت عليهم أينما ثقفوا، ولعنة تتابع عليهم أبناء وأحفادا ! فإن التعرف على العدو جزء لا يتجزأ من الإعداد للمواجهة وحسن التخطيط لها. قال تعالى { فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية } ( المائدة : 13 ) وقال تعالى { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون } ( المائدة : 78-79 ) وقال تعالى { ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} ( أل عمران : 112 )

- الاهتمام البالغ بتزكية الأنفس، وتربية الناشئة على الإيمان والجهاد، وحمايتهم من غوائل التغريب والعلمنة، فإن المعركة طويلة المدى، وقد لا تحسم على يد هذا الجيل، فيجب إعداد العدة لمثل هذا الامتداد على مستوى الزمان كما نعد له على مستوى المكان!

- حسم الجدل الدائر حول بعض القضايا الرئيسة المتعلقة بمشروع المواجهة، من ذلك على سبيل المثال:

- مدى مشروعية العمليات الاستشهادية التي جمعت قلوب السواد الأعظم من الأمة حول القضية الفلسطينية، وأججت جذوة الجهاد في ضمائرها، مع عدم إغفال جانب الجدوى والتوقيت ، فإن إقرار مبدأ الجهاد لا يعنى بالضرورة سلامة توقيته ودقة حساباته في كل مرة، فينبغي أن لا يحملنا الحماس المتأجج للعمليات الاستشهادية على إغفال هذا الجانب العملي الذي يتوقف عليه تحقيق هذه الأعمال لمقصودها أو إخفاقها في ذلك، فالعمليات الاستشهادية فرع من العمليات القتالية العامة وصورة من صورها، فينبغي أن تدور في فلكها وأن تنبثق من مشكاتها.

- مدى مشروعية الاستمرار في العمليات الجهادية وإن حجبتها عن الشرعية بعض القيادات العلمانية، وذلك عندما تلتزم نظم المنطقة كلها بوثيقة سلام، وتوقع عليها في مؤتمر دولي أو غير دولي، ولا يخفى أن الجهاد هو الخيار الاستراتيجي لهذه الأمة، قبل به من قبل ، وأفك عنه من أفك!

- مدى صحة أو بطلان مشروعات الاستسلام والتخاذل التي تتم تحت وطأة الحصار، والتي تسلم إلى الأبد جزءا من بلاد الإسلام إلى المعتدين الغاصبين، والتي يتولى كبرها قيادات لا تنتمي إلى جماعة المسلمين، لخروجها على كثير من المعلوم بالضرورة من الدين! وما مدى شرعية القيادات العلمانية التي تكفر بمرجعية الشريعة في علاقة الدين بالدولة، وفي علاقة الدين بالحياة، ومدى أهليتها لتمثيل الأمة فيما يجري في الساحة الآن من عقود وعهود، ومدى قيام أو سقوط واجب الطاعة بالنسبة لها.

- الاتفاق على مرجعية شرعية يحتكم إليها في النوازل المتعلقة بهذه القضية، ولتتمثل مرحليا في بعض الرموز التي عرفت في الأمة بالكفاية والديانة، بحيث تمثل في مواقعها المرجعيات المعتبرة للإفتاء في مثل هذه النوازل، فسوف يكثر الأدعياء والملقنون، وسوف يكثر الغافلون والمغيبون، ويبقى الحق بعيدا عن دعاوى الملقنين وغفلة المغيبين. ولكن وجه الأرض لن يخلو من قائم لله بحجة.
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 25-04-2002, 04:33 PM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
إفتراضي

الشعبة الثانية: شعبة التوحد والائتلاف، وهذا هو بيت القصيد في مشروع المواجهة، فإن التنازع بريد الفشل وذهاب الريح، وإن نصر الله لا يتنزل على شيع متنازعة متناحرة، وقد قال تعالى { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) ( الأنفال : 46 ) وقد أعطى على رضي لله عنه للخوارج - فيما أعطى - أن لا يمنعهم من الغنيمة والفيء مادامت أيديهم مع المسلمين، وأن لا يبدأهم بقتال ما لم يقطعوا السبيل ويسفكوا الدم الحرام، فلم يمنعهم من القتال مع جماعة المسلمين، ولم يحجب عنهم بسبب ابتداعهم حظهم من الغنيمة والفيء إن هم اشتركوا في هذا القتال المشروع، وقد كانوا من أشد الفرق ابتداعا وتكفيرا للأمة وقتالا لها وخروجا على جماعتها، وقد أعطاهم ما أعطى، وما نفذ إليهم بقتال حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم الحرام.

إن في خندق الجهاد متسعا لأهل القبلة قاطبة، ولم تزل جيوش الأمة عبر التاريخ تضم البر والفاجر، وينتظم في سلكها الصالح والطالح، وإذا كان يجوز التعاون على البر وأعمال الخير مع كل من دعا إليها ولو كان من غير المسلمين، أفلا يجوز ذلك مع المسلمين على ما قد يشوب بعضهم من شائبة ابتداع أو تفريط ؟! وقد تمهد قيام الشريعة على تحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأنه يقاتل مع الظالم من هو أشد منه ظلما، ومع المبتدع من هو أشد منه ابتداعا!

إن محكمات الشريعة تؤكد على التوحد والائتلاف، وتنهى عن التفرق والاختلاف، وإن فساد ذات البين هي الحالقة، التي تحلق الدين، ولقد لاحظ كثير من المعاصرين من حملة الشريعة من خلال تجاربهم الدعوية وعبر أسفارهم المتكررة واختلاطهم بتجمعات دعوية متباينة المشارب أن مرد نسبة كبيرة من الاختلافات الواقعة بين المتدينين إلى فساد ذات البين، وليس لمجرد الاختلافات الفقهية أو التباينات العقدية، ولهذا كانت كلمتهم دائما إلى هؤلاء { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} ( الأنفال : 1 ) { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا } ( الأنفال : 46 ) ( إياكم وفساد ذات البين فإنها الحالقة، ألا لا أقول تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين )

وقد لا يتسنى تحقيق الائتلاف الكامل في هذه المرحلة بصورته المنشودة دفعة واحدة، ، ولكن الحد الأدنى الذي لا يعذر مسلم بالتفريط فيه هو الاتفاق على مبادئ كلية تمثل رؤية مشتركة وموقفا عمليا موحدا تجاه هذه القضية، وإن تباينت الأدوار، وتعددت المسارات، لتباين الاستعدادات والقدرات، والاتفاق على بعض الآليات التي تفعل هذه المواقف العملية المشتركة، وتنقلها من حيز الأفكار والأماني إلى حيز التطبيق والممارسة الفعلية.

لتكن قضية تحرير الأقصى هي المشترك الجهادي العام الذي يلتقي عليه العاملون لهذا الدين، والذي تأتلف حوله كلمتهم، وتجتمع حول تحريره قلوبهم، وليتفق الناس على إقرار مبدأ وجوب الجهاد لدحر هؤلاء الغاصبين، وأن هذا الجهاد هو مسؤولية الأمة بأسرها، وليتسع مدلول الجهاد ليشمل كل أنواع الدعم الممكنة :

- الدعم المالي من خلال أموال الزكوات والتطوعات العامة التي تقدم من خلال الهيئات الإغاثية أو الصلات الشخصية، وينبغي الاهتمام بتأمين القنوات الموثوقة التي تصل بالمال إلى أهله، حتى لا تذهب أموال المؤمنين أدراج الرياح، ومما يتصل بهذه النقطة ضرورة توخي الحذر في التعامل مع هذا الملف، فسوف تتهم كل محاولات الدعم على أنها مؤازرة للإرهاب، وستنسج لأصحابها التهم، وتلفق لها الدعاوى سواء في بلاد المسلمين أو في خارجها، وقد يقضون جل أعمارهم في غياهب السجون بسبب جمعهم لدريهمات من المال لإغاثة جريح أو كفالة يتيم! وليست هذه دعوة إلى التثبيط أو إشاعة الهلع، ولكنها دعوة إلى الحذر، واتخاذ أقصى ما يمكن اتخاذه من أسباب الحيطة والحذر.

- الدعم الإعلامي، بإشاعة التعريف بالقضية، وإماطة اللثام عن تاريخها، وما تعاقب عليها من مراحل، وتوظيف كل الوسائل الإعلامية المتاحة مثل خطب الجمعة، والمحاضرات والندوات الإسلامية، والدروس العامة أو الأكاديمية: في الجامعات، أو المدارس: العليا أو المتوسطة أو الأولية، وكل ما يمكن الوصول إليه من قنوات التلفاز المحلية والعالمية، أو المحطات الإذاعية وإعداد الكتيبات والدراسات التعريفية ، والأشرطة المسجلة تسجيلا مسموعا ومرئيا وتبني توزيع ذلك على غير القادرين من قبل أولي الفضل والسعة، لعلنا بهذا نرد غائلة الإعلام المعادي أو نخفف من غلوائه وتفرده بالعقول والأسماع، هذا الإعلام الذي بلغ من استخفافه بعقول العالم أجمع أن يدعو السفاح الأثيم شارون برجل السلام (!) على إثر ما ارتكبه من مذابح جينين وغيرها من المذابح التي تولى كبرها في مخيمات الفلسطينيين(!) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت !! )

- الدعم الفقهي من خلال الفتاوى المجمعية الداعمة للجهاد والمنددة لكل محاولات التفريط أو التخذيل والتثبيط.

- الدعم السياسي من خلال الضغط على صناع القرار في الدوائر الغربية لحملهم على شيء من التوازن أو الإنصاف في التعامل معها، ومن ذلك تنظيم مسيرات الاحتجاج والاتصالات الهاتفية بصناع القرار ورجال الإعلام وإرسال الرسائل المنددة بالعربدة الصهيونية والشارحة للمعاناة الفلسطينية

وبالإضافة إلى الاستنفار العام للمرابطة على كل هذه الثغور السابقة، فإنه يتعين كذلك التأكيد على ما يلي:

- إبقاء التواصل مع جميع فصائل العمل الإسلامي التي تعنى بالقضية الفلسطينية، وإن علق ببعضها شائبة ابتداع أو شذوذ في بعض الجوانب، مع الاستمرار في بذل النصيحة الواجبة لها بما لا يؤدي إلى مفسدة أعظم، ولنذكر دائما أن أهل الحق عبر التاريخ كانوا أهل السنة والجماعة، فهم يحرصون على الائتلاف واجتماع الكلمة، كما يحرصون على اتباع الحق وموافقة السنة! ولنتذكر أن خندق الجهاد يستوعب أهل القبلة كافة، وأن الجهاد ماض مع كل بر وفاجر! وأنه يقاتل مع المبتدع من هو أشد منه ابتداعا، ومع الظالم من هو أشد منه ظلما.

- إبقاء التواصل مع جميع القوى السياسية الأخرى التي تعنى بالقضية الفلسطينية خارج إطار الحركة الإسلامية، والحذر من أن تنجح وسائل الخصوم في إغراء العداوة والبغضاء بين هذه القوى، لتضرب بعضها ببعض، وتذيق بعضها بأس بعض، قد يصلح أن يخاطب أهل الإسلام باسم الإسلام، ولكن لخطاب الآخرين لغة مختلفة ينبغي التعرف عليها والتعامل بها ما دامت في إطار المفهوم العام للتعاون على البر والتقوى، ولنا في حلف الفضول والصحيفة النبوية في المدينة سوابق يمكن الاستنان بها والاقتباس منها، وذلك لتجسير العلاقة مع بقية القوى السياسية المتفاعلة مع القضية الفلسطينية، والاتفاق على نقاط التقاء وتعاون يمكن التنسيق من خلالها.

الشعبة الثالثة: شعبة الجهاد المسلح، وهذه قد لا تتسنى - في هذه المرحلة على الأقل - إلا لأهل هذه المحلة المحاصرة المغتصبة، فهم أعرف بتعاريج هذه المنطقة، وأقدر على الكر والفر فيها، ولا يتسنى لغيرهم الوصول إليهم نظرا لهذا الحصار الدولي المفروض عليهم، والذي يتوقع أن يزداد شراسة وضراوة مع الأيام القليلة القادمة، وعلى بقية الأمة إقدار هؤلاء على الصمود، وإمدادهم بما يحتاجون إليه من آليات الصمود كالعتاد والخبرات والأموال ونحوه .

إن الحماس في التدفق على الأرض المقدسة للمشاركة في الجهاد في هذه الآونة قد يجر على المرابطين بها من المتاعب أكثر مما يحقق لهم من الصالح أو المكاسب، وإن القياس على الجهاد الأفغاني إبان الاحتلال الروسي قياس مع الفارق، لقد تهيأت للجهاد الأفغاني دار إيواء ونصرة تمثلت في الأراضي الباكستانية التي احتضنت الجهاد والمجاهدين، فأقيمت عليها معسكرات التدريب للقادمين، وآوت ذراري المجاهدين، وانطلقت منها كتائب الغزو للمقاتلين، وأقيمت عليها المؤسسات الإغاثية للجرحى واللاجئين، وهي ظروف لم يتهيأ مثلها للقضية الفلسطينية، ولا يلوح مثل ذلك في الأفق القريب، من أجل هذا كان لا بد أن تؤخذ الدعوة للجهاد بالنفس على مستوى الآحاد والأفراد في هذه الآونة بشيء غير قليل من الحذر والاحتياط.

ويبقى أن التدويل الإسلامي للقضية الفلسطينية بحيث تصبح قضية الأمة بمختلف فعالياتها وطبقاتها وطوائفها ضمانة هامة لاستمرار جذوة الجهاد وبقاء توقده، ففيها يخطب الخطباء، وحولها يدندن المحاضرون، وينظم الناظمون، ويكتب الكاتبون، ويبذل الموسعون، ويرابط المرابطون، من كل حسب طاقته وما بلغه جهده ووسعه، ولا يخفى أن الله تعالى قد قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، والمهم أن تتكافل الأمة كلها في أداء هذا الواجب، وأن يحيا مجموع هذه الفروض على مستوى مجموع الأمة.

وأخيرا فلا ينبغي أن يحجب عنا التشوف لنصرة المجاهدين في هذا الثغر إغفال أو تغافل الرباط على بقية الثغور، وما أكثرها في الأمة في هذه الأيام، حتى لا تتحول هذه الدعوى إلى تأثيم جميع العاملين لنصرة الدين في أي موقع ما داموا لم يهرعوا للانقطاع للرباط في هذا الثغر وحده! وإنما المقصود هو التأكيد على أن هذه المعركة هي معركة الأمة، وأن على جميع أبنائها واجب الدعم والمؤازرة، وتوفير ما يلزم لإنجاحها من الأسباب والوسائل ليحقق هذا الجهاد غايته ويؤتي أكله بإذن الله.

ونختم بما بدأنا به من أن المستقبل لهذه الأمة، ما استقامت على أمر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنها لا تؤتى إلا من قبل أنفسها، وأن ذنوبها أخوف عليها من أعدائها، وأنها قد وعدت بأن تبقى طائفة منها مستقيمة على أمر الله، لا يضرها من خالفها أو خذلها حتى يأتي أمر الله، وأن هذه الطائفة المنصورة هي التي يقوم الله بها اعوجاج الحياة، وتمثل ستارا لقدره على أرضه في إحقاق الحق وإبطال الباطل، ولهذا فإننا نقول لإخواننا في أرض الإسراء والمعراج: إن أجل الله قريب، وإن ما توعدون لآت، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون، فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 26-04-2002, 02:21 PM
محمد السلفيتي محمد السلفيتي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 145
إفتراضي اسف على الخطأ عمر


أأ سف للخطأ عمر
اطلعت على الموضوع في مكتب الشركه
فلم انتبه للمقدمه وظننتك كاتب النص
وانتبهت للخطأ متأخرا
منك السماح شاعري

مع محبتي
محمد السلفيتي


آخر تعديل بواسطة محمد السلفيتي ، 28-04-2002 الساعة 12:58 PM.
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 26-04-2002, 03:29 PM
الصمصام الصمصام غير متصل
ذهـَــبَ مـَــعَ الرِيحْ
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2001
المشاركات: 1,410
إفتراضي

جزاك الله خيرا أخي عمر على هذا الموضوع
موضوع يستحق التثبيت
__________________
-----------------------------
الأصدقاء أوطانٌ صغيرة
-----------------------------
إن عـُـلـّب المـجـدُ في صفـراءَ قـد بليتْ
غــــداً ســـنلبسـهُ ثـوباً مـن الذهـــــــــبِ
إنّـي لأنـظـر للأيـّام أرقـــــــــــــــــــبـهــــا
فألمحُ اليســْــر يأتي من لظى الكــــــرَبِ


( الصـمــــــصـام )
الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 28-04-2002, 11:50 AM
جمال حمدان جمال حمدان غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2000
المشاركات: 2,268
إفتراضي بارك الله بالقائل والناقل

تحية للشيخ الصاوي وتحية لصوت الحق والفكر المستنير

وشكرا للاخ عمر على هذا المجهود الطيب
__________________
يا قدسُ حبُّكِ في الفؤادِ وفي الـدّمَِ
.............. يا قدسُ ما لكِ في المدائن مِنْ سمي
يا مَن لـها تهـفو القلوبُ وباسـمها
................ تشــدُو المـلائكُ في العُـلا بتـرنّمِ
الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 29-04-2002, 03:27 AM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
إفتراضي

السلام عليكم

المقالة لفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي، وقد حصل لي شرف أخذ الموضوع منه مباشرة، وأتمنى أن نستضيفه هنا في خيمة الثقافة والأدب قريبا إن شاء الله.
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م