الاختلاف بين المسلمين ووسائل الانسجام معه ودفعه .

[مسلم فاهم]

الحمدلله رب العالمين وصلاة وسلاما تامين اكملين على البشير النذير الذي ابتعثه رب العباد رحمة للعالمين نبينا محمد وأله وصحابته اجمعين .


أما بعد فأن الله جل وعلا قد سن سنة كونيه وركب خلقة بشرية قائمة على ان الاختلاف أمر لازم والتفرق امر حتمي اقتضته سنة الله عز وجل ليعلم الله الصادق من الكاذب والمؤمن من الفاجر قال عز وجل :

(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) .

قال الحسن رحمه الله ( قال: الناس كلهم مختلفون على أديان شتى ).

وقال مجاهد أمام المفسرين : ( هل الحق وأهل الباطل. {إلا من رحم ربك} قال: أهل الحق ) .

رواهما ابن جرير في تفسيره .


غير ان الله عز وجل بعث نبيه وانزل كتابه لرفع الاختلاف ونبذ التنازع بين الناس كما قال تعالى : (( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)).

وقال تعالى عن كتابه : (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ) .


فاوجب الله سبحانه على الناس وعلىالمتنازعين ان يكون ملاذهم ومآلهم وقاطع التنازع بينهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما أمر سبحانه فقال : (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) .

قال مجاهد وغير واحد ردوه الى كتاب الله وسنة رسوله .

ولقد بين رسول الله انه سيحصل تنازع بين الناس من بعده فبين عليه الصلاة والسلام الفرقان في ذلك وبين النجاة من هذا الخلاف والتنازع فقال عليه الصلاة والسلام : (( انه يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة )) أخرجه الترمذي .

فحض عليه الصلاة والسلام على اتباع هديه وهدي صحابته الذين نقلوا الدين عنه والتمسك بهديهم واتباع آثارهم .

هذا هو المخرج وهذا هو الملاذ عند التنازع ( كتاب الله وسنة رسوله وهدى اصحابه الذين امر رسولنا بمتابعة آثارهم ) .

وبين رسول الهدىان امته ستختلف اختلافا وتفترق افتراقا كما حدث هذا في الامم السالفة كما قال عليه الصلاة والسلام : ( وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة) قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: (ما أنا عليه وأصحابي).

قا ل القرطبي رحمه الله : أخرجه ( الترمذي ) من حديث عبدالله بن زياد الإفريقي، عن عبدالله بن يزيد عن ابن عمر، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. قال أبو عمر: وعبدالله الإفريقي ثقة وثقه قومه وأثنوا عليه، وضعفه آخرون. انتهى .

فالدين الخالص هو الدين الذي كان عليه رسولنا واصحابه الكرام لا ما ابتدعته بعض الفئام وحرفته الكثير من الاقوام عدوا عن صراط الله وسلوكا لغير سبيل رسول الله .

نسأل الله التوفيق والنجاح وللحديث بقية بأذن الله .