كيف ينظر العرب لأشقائهم ؟

[ابن حوران]

كيف ينظر العرب لأشقائهم

استمعت لحوار بين أخوين عربيين ، أحدهما من مصر و الآخر من الأردن ، وكان المصري معجب بالأردني لثقافته وحسن خلقه ، و لما كانا في دولة أجنبية في زيارة عمل ، بادر الأخ المصري بدعوة الأردني لزيارة مصر ، وزاد في دعوته حيث وضع مبرراتها .. لكي يطلع المصريين على نمط هذا الأردني الذي يخالف الصورة التي تكونت في مصر عن طبيعة أبناء الأردن !

لم يكن المصري يعلم أن الصورة التي تكونت لدى المصريين عن الأردنيين ، ليست الوحيدة التي تتصف بالسلبية ، فهناك صورة تكونت عن المصريين لا تقل سوءا عن تلك التي تكونت عن الأردنيين . كما أن هناك صورا سلبية تكونت عن كثير من أبناء الشعب العربي ، فابن الخليج له صورة سلبية عند البعض وابن العراق له صورة سلبية عند البعض وابن السودان وابن ليبيا وهكذا ، لا يكاد شعبا عربيا ، لم يسلم من رسم صورة سلبية عنه .

وعوامل تشكيل الصورة تأتي من عدة مصادر :
1ـ قوانين الدولة القطرية ، وتبدأ من الحدود وقت الدخول ، وتنتهي في الحدود وقت الخروج . وتمر في مرحلة معاملة الإقامة ، ومعاملات العمل ، أو المبيت في الفنادق ، وتكون غالبا متسمة بنظرة الدولة تجاه أبناء الشعب الذي ينتمي له المعني في نقل الصورة ، فاذا كانت ترتجي خيرا من دولة المعني فان ذلك سينعكس إيجابا على معاملته ، وإذا كان الزائر هو من يرتجي خيرا فان المعاملة له ستكون ليست كما في الحالة الأولى .

2 ـ التصورات المسبقة للمواطنين عن دولة الزائر . وتلك التصورات تتكون من سلسلة مواقف سياسية من قبل دولة الزائر تجاه القضايا القومية ، كما تتكون من أنماط الأعمال السينمائية والتلفزيونية و تراكم شهادات الزائرين ، والعاملين من المواطنين العرب في دولة ثالثة .
3 ـ الأوضاع السياسية الراهنة ، فتكون ردات فعل المواطنين فورية بالتقييم تجاه دولة الزائر . وان كانت لا تظهر بشكل المعاملة ، إنما يلمسها الزائر بشكل عدم رضا مستتر في عيون من يستقبله .

4ـ سلوك الزائر نفسه ، فهناك من الزوار من يتسلح بنظرة فوقية تجاه الدولة العربية التي يزورها ، فيظهر عليه بعلامات مستترة أيضا يقرأها موظف الجمارك والجوازات ، ويتصرف إزاءها بأدب حذر ولكنه غير مريح للزائر . كما أن كثيرا من الزوار يعتقدون أنهم أمام شبكة من المتآمرين عليهم من أجل الاحتيال عليهم ونهب ما لديهم من أموال !

5 ـ في حالة العاملين العرب في دولة شقيقة : فان ذاكرة العامل ترتبط بمن تعامل معه من أبناء تلك الدولة ، فان كان جيدا ستكون الذاكرة متسمة بالمدح وان كان رب العمل سيئا فان تقييم العامل عن تلك الدولة وشعبها سيكون سيئا.

6ـ الحياة الاجتماعية للزائر ، فاذا كان أعزبا ، وأسرته ليست معه فسينعكس ذلك على توجس الجيران منه وبالتالي يؤثر ذلك على الانطباع لديه .

7 ـ المشاركة بالوفود العامة وضيوف الحلقات التلفزيونية ، ان هذا سيعزز من تكوين صورة ، وهي ليست بالضرورة صادقة ، فأعضاء الوفود و ضيوف حلقات التلفزيون يكونون دائما على ارتباط ذهني مع أنماط حكوماتهم ، أو تياراتهم المذهبية عندما يكونوا في المهجر .

8ـ شبكات الإنترنت وهي عامل جديد ، لكنها مهم ، حيث أن أعداد العرب من المتسكعين على شبكاتها كثر وهم يتسمون في الغالب بطابع ضحل ، لا يحاور بموضوعية بل يبادر لشتم البلد الذي ينتمي إليه محاوره .

[] خلاصة : ان تكوين صورة مما سبق ، لا تعني بالضرورة أنها صادقة ، بل هي عرض من أعراض حالة الأمة ، ونحن لو تجردنا لوجدنا أن هذا التمايز والتحامل لا يأتي تجاه شعب في قطر عربي تجاه الآخر بل نجده في القطر نفسه من أبناء إقليم تجاه أبناء إقليم آخر . وهذه الأمور لا تعدو كونها معارك تذاوت بائسة ، لعدم توظيف أبناء الأمة في مسارات البناء و حل المشاكل الكبرى ، وأبناء الأمة ما أن ينخرطوا في ذلك حتى تزول مظاهر التنابز بينهم .