ماذا لو اخترعوا بديلاً للنفط .. !؟ (فهد الأحمدي)

[عربي سعودي]

ماذا لو اخترعوا بديلاً للنفط !؟

تسمعون - مثل ما أسمع - عن الطفرة الاقتصادية في البلد وإمكانية وصول أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل . وفي حين لا يعارض أحدنا وصول أسعار النفط لهذا المستوى لا أكف عن تصور التداعيات الخطيرة المترتبة على ابتكار - أو اكتشاف - تقنية جديدة تطيح باقتصاديات الدول النفطية !
فأنا شخصيا لا يقلقني الحديث عن قرب نضوب النفط - أو حتى فرض ضرائب باهظة على استهلاكه في الدول المستوردة - بقدر ما يخيفني نجاح عالم مجنون في ابتكار محرك بديل لا يستعمل النفط لتسيير السيارات العادية .. فابتكار كهذا سيضمن انهيار أسعار البترول بشكل مخيف وسريع (يتوارى أمامه خجلاً انهيار البورصة السعودية في الفترة الأخيرة) ..

وفي الحقيقة يمكن لسياراتنا العادية أن تتحرك من خلال بدائل معروفة وموجود حاليا كالهيدروجين والغاز والكهرباء - بل وحتى الفحم وزيت الزيتون والقلي ؛ ولكن ما يجعل المحرك البترولي (أو محرك الاحتراق الداخلي) مفضلا على غيره هو سعره الزهيد وفعاليته الكبيرة مقارنة بحجمه الصغير نسبيا .. فالسيارة الكهربائية مثلا (التي يعتقد البعض أنها سيارة المستقبل) اخترعت قبل السيارة البترولية بفترة طويلة . غير أنها خرجت من الأسواق بفضل فعالية المحرك البترولي - من جهة - وضخامة وثقل بطاريات الرصاص من جهة أخرى .. ولكن .. لو حدث ونجح العلماء في تصغير بطاريات السيارة الكهربائية وزيادة فعاليتها لمدة أطول (أو حتى وجدوا وسيلة سريعة لاستخراج الهيدروجين من الماء العادي) لتم الاستغناء عن النفط بلا تردد - وبدون مراعاة لظروف الدول المنتجة - !

.. وفي مناسبات عديدة شعرت بأننا على وشك خسارة النفط بسبب تقنيات مبتكرة كهذه ؛ ففي بداية الثمانينيات ادعى وزير المواصلات الاسرائيلي أن العلماء في إسرائيل اخترعوا محركا من نوع جديد سيجعل «العرب يشربون نفطهم» . ولكنه تحدث عن ضرورة الانتظار للانتهاء من التجارب قبل الكشف عن هذا الاختراع من خلال «شركة أمريكية كبيرة» لانتاج السيارات .. وحينها زايدت الصحف الاسرائيلية على ادعاء الوزير مما جعلنا نخشى فعلا من اقتراب اليوم الذي نشرب فيه نفطنا ... ولكن كما هو واضح «ربنا لطف» ومر الموعد المضروب بدون نتيجة تذكر واتضح ان المسألة برمتها من قبيل الحرب النفسية !

.. أما المرة الثانية فحدثت في مارس 1989حين ادعى عالمان من جامعة يوتا اكتشافهما طريقة لتوليد الطاقة النووية الاندماجية (التي لا تحدث إلا في الشمس والنجوم) في درجة الحرارة العادية .. وهي بالاضافة لكونها (طاقة خرافية) تعتمد على الهيدروجين الذي يستخرج بسهولة من ماء البحر . وفي ذلك العام ادعى العالمان ستانلي بونز ومارتن فلشمان انهما اكتشفا طريقة لبدء الاندماج النووي في المختبر (أي في درجة حرارة الغرفة) . وحينها رقص العالم فرحا لأن هذا الاكتشاف يعني نهاية عصر النفط وتوفير الطاقة بكميات خرافية وبسعر مياه البحر . غير ان التجربة التي اجراها العالمان لم تنجح مرة اخرى ولم يستطع أي مختبر في العالم تكرارها ( ... وهكذا بقينا أسياد النفط لأجل مسمى) !

.. أما المرة الثالثة فحدثت قبل أربعة أعوام تقريبا حين تحدثت الأخبار عن قرب ظهور محرك جديد سيغير طريقتنا في التنقل ويلغي جميع السيارات . وبسبب التعتيم الذي أحيط به هذا المحرك عرف مرة باسم «جنجر» ومرة باسم «سيجواى» كما عرف بين العامة بالاختراع (IT ).. وبعد أشهر طويلة من التشويق (وحرق الأعصاب) تم الكشف عن هذا الاختراع من خلال محطة ABC (التي استضافت المخترع في برنامج صباح الخير امريكا) . وأذكر حينها أنني تنفست الصعداء لأن الاختراع المنتظر بدا شبيها ب«السكوتر» وغير منافس للسيارة في المسافات البعيدة ولا يتسع سوى لشخص واحد (وهو مالا يعوض سعة وسرعة السيارات النفطية) !

على أي حال رغم أن للنفط استعمالاً آخر مهماً (هو الصناعات البتروكيماوية) إلا أنني لا أرتاح عموما لفكرة رهن مستقبل أي أمة «بسلعة» يمكن استبدالها في أي لحظة !!


فهد عامر الأحمدي
كاتب شهير بجريدة الرياض