مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 16-05-2002, 10:36 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي قصة إنجليزية لسومرست موم: لا بد من الزواج!

ميبل بقلم: وليم سومرست موم1 ـــ ترجمة: خالد حداد
وصلتُ إلى باغن، في بورما، ومن هناك ركبت السفينة البخارية إلى ماندلي، ولكن قبل وصولي بيومين، وعندما توقف القارب لتمضية الليل عند قرية على ضفة النهر، قررت النزول إلى الشاطئ. أخبرني الربان بأن ثمة نادياً صغيراً لطيفاً يمكنني الذهاب إليه والشعور بالراحة فيه؛ فهم متعودون هناك دائماً على نزول الغرباء بهذا الشكل من السفينة؛ كما أن أمين سر النادي شخص بالغ الدماثة، ويمكنني حتى أن أشترك بلعبة من ألعاب الورق. لم يكن لديّ ما أفعله على الإطلاق، وهكذا ركبت إحدى العربات الخفيفة التي كانت تنتظر قرب الرصيف، وانطلقتُ نحو النادي.‏
رأيت هناك رجالاً جالساً، وحين دخلت رحّب بي وسألني عما أُفضّل من أنواع الشراب، ولم يفكر مطلقاً باحتمال عدم رغبتي في أي منها. فاخترت شراباً من النوع الذي يستغرق شربه وقتاً طويلاً وجلست. كان الرجل طويلاً نحيلاً، سمّرت بشرتَه الشمس. ولم أعرف اسمه، ولكن بعد تبادلنا الحديث مدة قصيرة دخل رجل آخر وقال إنه أمين سر النادي، ثم نادى صديقي باسم جورج، وسأله:‏
-ألم تصلك أخبار من زوجتك بعد؟‏
أشرقت عينا الرجل الآخر وهو يجيب:‏
-بلى، لقد كانت لي رسائل في بريد اليوم. إنها تمضي وقتاً طيباً.‏
-وهل طلبت منك ألا تقلق؟‏
أطلق جورج ضحكة صغيرة، ولكن هل تراني كنت مخطئاً في اعتقادي أن ثمة انطباعاً من الندم كان يتخللها؟‏
-لقد طلبت ذلك حقاً. لكن القول أسهل من الفعل. إنني أعرف طبعاً مدى حاجتها إلى إجازة، كما أنني سعيد لحصولها عليها، لكن الأمر صعب علي.‏
واستدار نحوي متابعاً:‏
-كما ترى، إنها المرة الأولى التي أنفصل فيها عن زوجتي، وأنا الآن مثل كلب تائه من دونها.‏
-وكم مضى على زواجك؟‏
-خمس دقائق.‏
-لا تكن أحمق يا جورج. لقد مضى على زواجك ثماني سنين.‏
بعد تبادلنا الحديث قليلاً قال جورج، بعد أن نظر إلى ساعته، إن عليه الذهاب لتبديل ثيابه استعداداً للعشاء، ثم غادرنا. وراقبه أمين السر وهو يبتعد مختفياً في الظلام بابتسامة لم يكن ينقصها الود. ثم أخبرني:‏
-إننا جميعاً نستفسر منه بقدر استطاعتنا وهو في وحدته هذه يشعر بالتعاسة البالغة منذ سفر زوجته إلى الوطن.‏
-لابد أن يكون من دواعي سرورها وغبطتها معرفتها بأن زوجها يحبها بهذا القدر.‏
-إن ميبل نوع فريد من النساء.‏
استدعى النادل وطلب مزيداً من الشراب. إن هؤلاء الناس الكرماء لا يسألونك هل تريد شيئاً، بل يفترضون أنك تريد فعلاً. ثم جلس باستقرار في كرسيه الطويل وبدأ يدخن. وحكى لي قصة جورج وميبل.‏
كان جورج قد طلب يدها وهو في إنكلترا، ووافقت على الزواج به، وعندما عاد إلى بورما وُضعت الترتيبات على أن تلحق به في غضون ستة أشهر. لكن الصعوبات بدأت تتوالى الواحدة إثر الأخرى؛ فقد توفي والد ميبل، ونشبت الحرب، وأُرسل جورج إلى منطقة نائية لا تصلح لوجود امرأة بيضاء، بحيث انقضت سبع سنوات قبل أن تتمكن من البدء في رحلتها أخيراً. وهكذا وَضَع ترتيبات الزواج كلها، وحَجَز مكاناً يوم وصولها كي ينطلق إلى رانغون لاستقبالها. وفي صبيحة اليوم الذي كان ينتظر فيه وصول السفينة استأجر سيارة وقادها لملاقاتها.‏
وفجأة، من دون إنذار، شعر بالخوف. لم يكن قد رأى ميبل طوال سبع سنوات. لقد نسي شكلها، وأصبحت غريبة تماماً. وشعر بهبوط رهيب في معدته، وبدأت ركبتاه ترتجفان. لم يعد بإمكانه القيام بذلك. وعليه إخبار ميبل بأنه آسف جداً، لكنه لا يستطيع، لا يستطيع فعلاً أن يتزوجها. ولكن كيف يتسنى لرجل أن يخبر فتاة بأمر كهذا وقد كانت تترقب الزواج منه طوال سبع سنوات، وقطعت ستة آلاف ميل لإتمام ذلك؟ ومع ذلك فهو لا يستطيع الإقدام على هذا الأمر. لقد سيطرت على جورج جرأة اليأس. كان ثمة قارب يوشك على الانطلاق نحو سنغافورة، وكتب رسالة سريعة لميبل، ومن دون أن يصطحب أية أمتعة على الإطلاق، بل بثيابه التي يرتديها فحسب، قفز إلى متن القارب.‏
كانت الرسالة التي تسلّمتها ميبل تحتوي على شيء كهذا:‏
"عزيزتي ميبل، لقد استُدعيت على عجل لأمر هام ولا أدري متى أعود. أعتقد أنه من الأفضل أن تعودي إلى إنكلترا،‏
فمخططاتي مشوشة جداً. المحب لك جورج".‏
لكنه عندما وصل إلى سنغافورة وجد برقية بانتظاره:‏
"مفهوم تماماً. لا تقلق. مع حبي. ميبل".‏
وجعله الخوف يفكر بسرعة. وقال في نفسه:‏
-يا إلهي، إنني متيقّن من أنها تلحق بي.‏
وأرسل برقية إلى مكتب السفر البحري في رانغون، وتأكد له أن اسمها كان على قائمة المسافرين في السفينة التي كانت متجهة إلى سنغافورة. لم يكن هنالك مجال لإضاعة دقيقة واحدة. قفز إلى القطار المتجه إلى بانغوك. لكنه كان قلقاً، فهي لن تعدم وسيلة لاكتشاف سفره إلى بانغوك، وسيكون الأمر شديد السهولة أن تذهب في القطار كما فعل هو. ولحسن الحظ كانت هنالك سفينة مبحرة في اليوم التالي إلى سايغون، فانطلق بها. سيكون آمناً في سايغون، ولن تفترض مطلقاً أنه قد توجه إلى هناك، وإن افترضت ذلك، فعندئذ ستكون قد فهمت الأمر بالتأكيد.‏
استغرقت الرحلة خمسة أيام من بانغوك إلى سايغون، وكانت السفينة بالغة القذارة، ومزدحمة وغير مريحة مطلقاً. وشعر بالسرور حين وصل وأخذ سيارة أجرة إلى الفندق. وهناك سجل اسمه في سجل النزلاء وسرعان ما تسلّم برقية كانت بانتظاره. كانت تحتوي على ثلاث كلمات فقط:‏
"مع حبي. ميبل".‏
وكان ذلك كافياً لجعل العرق يتصبب منه. وسأل:‏
-متى تنطلق السفينة التالية إلى هونغ كونغ؟‏
لقد باتت رحلته الآن كثيرة الجدية. وأبحر إلى هونغ كونغ، لكنه لم يجرؤ على البقاء هناك؛ فانطلق إلى منيلا؛ وبدت مانيلا وكأنها مصدر تهديد له، فاتجه إلى شنغهاي. وجعلته شنغهاي يشعر بالقلق، كان كلما خرج من الفندق يتوقع أن تحتويه فوراً ذراعا ميبل. كلا، إن شنغهاي لم تكن تناسبه على الإطلاق، والحل الوحيد هو أن يسرع إلى يوكوهاما. ومع وصوله إلى الفندق الكبير في يوكوهاما كانت برقية بانتظاره:‏
"آسفة جداً لعدم استطاعتي اللحاق بك في مانيلا. مع حبي. ميبل".‏
وراح يتفحص أخبار السفن بصورة محمومة. أين هي الآن؟وعاد من جديد إلى شنغهاي. وفي هذه المرة انطلق مباشرة إلى النادي وسأل عن البرقية فسُلِّمت إليه:‏
كلا، كلا، لم يكن من السهل الإيقاع به. كان قد وضع خططه فعلاً. إن اليانغ - تسي نهر طويل ومستواه يتدنّى الآن. واستطاع في آخر لحظة أن يلحق بآخر سفينة يمكن أن توصله إلى تشنغكينغ، وعندئذ لن يتمكن أحد من السفر حتى الربيع القادم إلا بقارب صغير. ورحلة كهذه في قارب صغير كانت مستحيلة بالنسبة إلى امرأة وحيدة.وانطلق إلى هانكاو، ومن هنكاو إلى إيتشانغ، وبدّل السفينة هناك، ومن إيتشانغ اتجه إلى تشنغكينغ. لكنه أصبح في حال يائسة الآن، لم يكن ينوي القيام بأية مجازفات. كان ثمة بلدة اسمها تشنغ - تو، وهي عاصمة إقليم ستشوان، وتبعد مسافة أربعمائة ميل. ولا يمكن الوصول إليها إلا بطريق مليء بقطّاع الطرق. وشعر بأنه سيكون آمناً هناك.‏
استدعى جورج حَمَلة المحفات والخدم وانطلق. وأتاه الفرج عندما رأى أخيراً أسوار المدينة الصينية المنعزلة. ومن هذه الأسوار كان بالإمكان عند الغروب رؤية جبال التيبت المغطاة بالثلوج.‏
لقد استطاع في النهاية الوصول إلى الإحساس بالراحة، لأن ميبل لن تستطيع العثور عليه هناك أبداً. وكان من محاسن المصادفات أن القنصل صديقه فنزل في ضيافته. واستمتع بوسائل الراحة في ذلك المنزل الرائع، كما استمتع باستسلامه للكسل بعد ذلك الفرار المرهق عبر آسية؛ أما استمتاعه الأكبر فقد كان إحساسه الرائع بالأمان. ومرت الأسابيع بتراخٍ الواحد إثر الآخر.‏
وذات صباح كان جورج والقنصل يقفان في ساحة الدار وهما يتأملان بعض الأشياء القديمة الغريبة التي أحضرها رجل صيني كي يتفحصاها، وفجأة علا صوت قرع شديد على باب القنصلية الضخم. وفتحه البواب، ودخلت محفّة يحملها أربعة رجال، وتقدمت، ثم أُنزلت بهدوء، وقفزت منها ميبل. كانت بالغة الأناقة والهدوء والحيوية. ولم يكن في مظهرها ما يوحي بأنها قد وصلت من فورها بعد تمضية أسبوعين على الطريق. وشعر جورج بأنه قد تحول إلى تمثال من الصخر، وشحب وجهه حتى الموت. واتجهت ميبل نحوه قائلة:‏
-مرحباً يا جورج. كنت أخشى ألا ألحق بك ثانية.‏
فأجابها بصوت مرتجف:‏
-مرحباً يا ميبل.‏
لم يكن يدري ما عليه أن يقول. وأخذ يتلفت هنا وهناك، أما هي فقد وقفت بينه والباب. ونظرت نحوه وابتسامة تتألق في عينيها الزرقاوين.‏
-إنك لم تتغير مطلقاً. فالرجال يمكن أن يتغيروا بصورة رهيبة في خلال سبع سنوات، وقد خشيت أن تكون قد أصبحت بديناً وأصلع. لقد كنت شديدة القلق. وكان الأمر رهيباً لو أنني بعد هذه السنين كلها لن أتمكن من الزواج بك في آخر الأمر.‏
ثم استدارت نحو مضيف جورج وسألته:‏
-هل أنت القنصل؟‏
-نعم‏
-إذا كنت القنصل فبإمكانك تزويجنا. سأكون جاهزة للزواج به حالما أستحم.‏
وقد تم ذلك فعلاً.‏
بقلم: وليم سومرست موم‏
1 -وليم سومرست موم William Somerset Maugham‏
(1874 - 1965) روائي وقاص إنكليزي ذو أسلوب ساخر ممتع. من رواياته: "حول العبودية الإنسانية" (1915)، "كعك وجعة" (1930)، "حدّ الشفرة" (1944). ومن قصصه القصيرة: ارتجاف ورقة شجرن قوة الظروف، ميبل. (المترجم)‏
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 19-05-2002, 01:05 PM
المتبع المتبع غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2002
المشاركات: 468
إفتراضي

رائع اخي .....أنا يعجبني في الكتاب الانجليز ميلهم الشديد نحو سرد الاحداث ........المباشر .....وايضا هم من اجدر الكتاب الساخرين بل انك تجد مثلا في رواية تشالز ديكنز الشهيره ..اوليفر تويست او حتى بين مدينتين ..انه يميل الى الادب الساخر رغم دراميتيكية القصة .. ...ايضا هم عندهم عدم الجنوح الى الابتعاد عن الواقع عكس مرويات الفرنسيين خاصة ما بعد الثورة انظر مثلا الى روايات فيكتور هوجو او انوريه دي بلزاك في خاتم سليمان .......مع ميل الفرنسيين الى الحب وسحر الشرق المتمثل في الحب وما وراء الطبيعه من الخوارق ....


شكرا اخي مرة اخرى ومع نقولات رائعه منك
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م