لغـتـنـا العـربـيـة ودورك ايتها الام
لغـتـنـا العـربـيـة
لم أستطع أن أحبّب ابنتي بلغتي ولغتها العربية.
كثيرا ما حاولت فما استطعت. كان الفشل حليفي، فاستسلمت. اشتريت لها كتبا كثيرة حسبت انها تناسبها، وقرأت لها منها بعضا من الصفحات تشجيعا. اتخذت دور الراوي - الأب العتيق الذي يروي لابنه حكايات وذكريات ومشاهد عتيقة تعود الى أيام صباه في الضيعة، فتابعت وقتا قصيرا قراءتي وشروحي، ثم ضجرت. كتب كثيرة غير تركتها مهملة على طاولتها، بعدما قرأت منها صفحة او صفحتين. ادعها وشأنها مدة، واتركها تلتهم في ليلة او اثنتين كتابا من سلسلة كتب الفتيان والفتيات الانكليزية بل والفرنسية التي جمعت منها عشرات في مكتبتها. وبعد يوم او يومين تقول لي: اشتر لي كتابا من سلسلة "كلاب دو بيبي سيتر" ، فأفعل صاغرا. اذكرها بالكتب العربية الكثيرة المهملة على طاولتها، فتسكت او تتذمّر قائلة: لماذا يتكلمون هكذا في الكتب العربية؟! أسألها: كيف هذا؟ إنهم يخطبون ويلقون الحكم والمواغظ، تقول. مواعظ في الخير والحب والجمال والبيئة والطاعة والاخلاق الحسنة والصدق والاحترام والاجتهاد... ولا يتكلّمون كلام الناس العادي. وحين تقول لي هذا اسكت أنا، ولا اعود اعرف بماذا اجيبها، كأنها انتصرت علي بكتبها الفرنسية والانكليزية التي احضرتها لها بنفسي.
اقول أتركها وشأنها حتى تكبر، فربما تكون اللغة العربية لغة للكبار. لكنها كانت صغيرة وكبرت، افكر، وها هي ذي في كل سنة تنقضي من عمرها تظل صغيرة على اللغة العربية، فمتى تصير، اذا، في عمر اللغة العربية الكبير؟
ايتها المرأة
فلتاخذي دورك واطفالك صغارا كي لاتفقديم وهم كبارا
__________________
التطرف آفة عظيمة وصفة ذميمة تدمر الوطن وتضع المجتمع
|