شكراً للأخت سامية،،،
ولكنها لم تجب على السؤال حتى الآن، وساقت أدلة حدود عورة المرأة، وأدلة منع المعازف، وتحريم النظرة الحرام، والخضوع بالقول، وكل ذلك حق، ولكنها بعيد عما أثاره الأخ درويش وما سألته عن دليل فيه.
وهناك فرق بين القول بإجماع الأمة على تحريم (الغناء) مطلقاً، والقول بتحريم (المعازف) سواءً رافقها غناء أم لم يرافقها، وحكم استخدام المعازف نفسها من مسائل الخلاف وليست من مسائل الإجماع، فبعض آلات العزف مشروعة كالطبل والدف للحرب والحماس وإعلان النكاح وما أشبه مما ذكره أهل العلم، وبالدف استقبل الأنصار رسولَ الله (صلوات الله وسلامه عليه).
كما استشهدت بحجاب أمهات المؤمنين في غير مورده، لأن حجابهن حكم خاص، لا يعني فقط ستر البدن، وإنما يعني امتناعهن عن الوجود مع الرجال بلا حاجز حاجب يمنع الرجال عن رؤيتهن، ولذلك جاءت رواية أم المؤمنين أم سلمة (أنها كانت عند النَبِي (صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم) وميمونة، إذ أقبل ابن متكوم فدخل عليهما، فقال (عليه الصلاة والسلام): (احتجبا منه). فقلت: يَا رَسُولَ اللَّه؛ أليس هو أعمى لا يبصرنا؟ فقال (عليه الصلاة والسلام): (أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه)؟ فقد كان أعمى، ومع ذلك كان على أمهات المؤمنين (رضوان الله عليهن أجمعين) ألا يقعدن معه في حجرة واحدة، وهذا هو معنى حجابهن، وهو خاص بهن وليس واجباً على كل مسلمة حرة، وهن من هن في التقوى والبشارة بالجنة.
وإذا كان علماء المملكة العربية السعودية - كما ادعى بعض المشاركين هنا - أفتوا بتحريم الغناء وآلات العزف مطلقاً، فكيف يفسر ما يقع يومياً في التلفاز والراديو السعودية من العزف والغناء؟ وبعضه يسبق الأذان أو يلحق به، وبعضه يسبق برامج الفقه والفتوى، وبعضها يأتي بعدها؟ وأين هم العلماء وأين هي فتواهم بتحريم ذلك (بالإجماع)؟
وأين هي الفتوى وتطبيقها كذلك فيما يعرف (بالجنادرية) وفيها من العزف والرقص الإيقاعي واستخدام أساليب من الغناء والحدو وسواها؟
وتساؤلي لا يعني من قريب أو بعيد التعريض بعلماء المملكة، وإنما يعني نفي القول بإجماع المسلمين على تحريم الغناء واستعمال آلات العزف، اللهم إلا ما كان منها مثيراً للشهوات وداعياً إلى الفجور أو متضمناً فاحش القول والمحرم منه، أو تلحين القرآن وآياته (كلياً أو جزئياً) كما فعل المغني اللبناني مرسال خليفة بتلحين وغناء آية من سورة يوسف (عليه السلام) لما في ذلك من استخفاف بكتاب الله تعالى.
وحتى لا يختلط الأمر على أحد أقول إن مثار السؤال أصلاً جرأة أحدنا على القول بالحل والحرمة بلا دليل، وتحريم الحلال كتحليل الحرام، سواء بسواء.
وكان الصحابة (رضوان الله عليهم أجمعين) وعلماء التابعين (رحمهم الله) وعلماء السلف، كانوا - كابراً عن كابراً - يتورعون عن القول بالحل والحرمة من عند أنفسهم دون دليل، فكيف وبعضنا ينقل الإجماع وهو لا يملك الدليل؟ أو يستشهد بما ليس في المناط أصلاً، ولا مورد له، ولا يحتمله النص؟
كما لا تعني مداخلتي أنني أشجع الغناء والعزف، وإنما أطلب أن نتبع منهجية علمية فقهية شرعية تقوى على مواجهة أية شبهة، وتعين الملتزم على التزامه كما أمر الشرع لا كما يشتهي أحدنا، ولو كانت توجهاته صحيحة.
|