مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13-07-2006, 06:12 PM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي لغتنا العربية


السلام عليكم

أقرأ هذه الأيام في كتاب الأغاني للمرة الثا لثة أو الرابعة و هو موسوعة شاملة لتاريخ جهابذة العرب و قد جاءتني فكرة أن أنقل بعض المقتطفات منه و التي تتمحور حول لغتنا العربية و غناها بالكلمات و المفردات الجميلة و المعبرة

النص الأول لشاعر يصف الأسد

أخبار أبي زبيد ونسبه

كان من زوار الملوك، وكان عثمان يقربه: أخبرني أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي إجازةً قال: حدثني محمد بن سلام الجمحي قال حدثني أبو الغراف قال: كان أبو زبيدٍ الطائي من زوار الملوك وخاصةً ملوك العجم، وكان عالماً بسيرهم. وكان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه يقربه على ذلك ويدني مجلسه، وكان نصرانياً. فحضر ذات يومٍ عثمان وعنده المهاجرون والأنصار ، فتذاكروا مآثر العرب وأشعارها .
استنشده عثمان فأنشده قصيدة فيها وصف الأسد: قال: فالتفت عثمان إلى أبي زبيد وقال: يا أخا تبع المسيح أسمعنا بعض قولك؛ فقد أنبئت أنك تجيد. فأنشده قصيدته التي يقول فيها:

من مبلغ قومنا النائين إذ شحطوا *** أن الفؤاد إليهـم شـيق ولـع

ووصف فيها الأسد. فقال عثمان رضي الله تعالى عنه: تالله تفتأ تذكر الأسد ما حييت. والله إني لأحسبك جباناً هداناً . قال: كلا يا أمير المؤمنين، ولكني رأيت منه منظراً وشهدت منه مشهداً لا يبرح ذكره يتجدد ويتردد في قلبي، ومعذور أنا يا أمير المؤمنين غير ملوم. فقال له عثمان رضي الله عنه: وأنى كان ذلك؟

قال: خرجت في صيابة أشرافٍ من أفناء قبائل العرب ذوي هيئةٍ وشارةٍ حسنةٍ، ترتمي بنا المهارى بأكسائها ، ونحن نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشأم؛ فاخروط بنا السير في حمارة القيظ، حتى إذا عصبت الأفواه ، وذبلت الشفاه، وشالت المياه ، وأذكت الجوزاء المعزاء ، وذاب الصيهد ، وصر الجندب ، وضاف العصفور الضب وجاوره في حجره ، قال قائل: أيها الركب غوروا بنا في ضوج هذا الوادي، وإذا وادٍ قد بدا لنا كثير الدغل ، دائم الغلل ؛ شجراؤه مغنة، وأطياره مرنة . فحططنا رحالنا بأصول دوحاتٍ كنهبلاتٍ فأصبنا من فضلات الزاد وأتبعناها الماء البارد. لإغنا لنصف يومنا ومماطلته ، إذ صر أقصى الخيل أذنيه ، وفحص الرض بيديه. فوالله ما لبث أن جال، ثم حمحم فبال، ثم فعل فعله الفرس الذي يليه واحداً فواحداً، فتضعضعت الخيل، وتكعكعت الإبل، وتقهقرت البغال، فمن نافرٍ بشكاله ، وناهضٍ بعقاله؛ فعلمنا أن قد أتينا وأنه السبع، ففزع كل رجلٍ منا إلى سيفه فاستله من جربانه ، ثم وقفنا له رزدقاً أي صفاً وأقبل أبو الحارث من أجمته يتظالع في مشيته من نعته كأنه مجنوب ، أو في هجارٍ معصوب ؛ لصدره نحيط ، ولبلاعمه غطيط، ولطرفه وميض، ولأرساغه نقيض ؛ كأنما يخبط هشيماً، أو يطأ صريما ، وإذا هامة كالمجن ، وخد كالمسن ، وعينان سجراوان كأنهما سراجان يقدان وقصرة ربلة ، ولهزمة رهلة وكتد مغبط ، وزور مفرط ؛ وساعد مجدول، وعضد مفتول؛ وكف شئنة البراثن ، إلى مخالب كالمحاجن . فضرب بيده فأرهج ، وكشر فأفرج، عن أنيابٍ كالمعاول مصقولة، غير مفلولة، وفم أشدق كالغار الأخرق؛ ثم تمطى فأسرع بيديه، وحفز وركيه برجليه، حتى صار ظله مثليه؛ ثم أقعى فاقشعر ، ثم مثل فاكفهر ، ثم تجهم فازبأر . فلا وذو بيته في السماء ما اتقيناه إلا بأول أخٍ لنا من فزارة، كان ضخم الجزارة ، فوقصه ثم نفضه نفضةً فقضقض متنيه ، فجعل يلغ في دمه. فتذمرت أصحابي ، فبعد لأي ما استقدموا. فهجهجنا به، فكر مقشعراً بزبرته ، كأن به شيهماً حولياً ، فاختلج رجلاً أعجر ذا حوايا ، فنفضه نفضةً تزايلت منها مفاصله، ثم نهم ففرفر ، ثم زفر فبربر ، ثم زأر فجرجر ، ثم لحظ ، فوالله لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه، من عن شماله ويمينه، فأرعشت الأيدي، واصطكت الأرجل، وأطت الضلاع ، وارتجت الأسماع، وشخصت العيون، وتحققت الظنون، وانخزلت المتون. فقال له عثمان: اسكت قطع الله لسانك! فقد أرعبت قلوب المسلمين

و لي عودة إن شاء الله لشرح المعاني
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #2  
قديم 13-07-2006, 07:38 PM
Ali4 Ali4 غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الوطن العربي - ومن القطر الفلسطيني تحديدا !
المشاركات: 2,299
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى Ali4
إفتراضي

شكرا لك عزيزي على هذا الموضوع المفيد
__________________


إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية - جمال عبد الناصر


* ما اخذ بالقوة لا بد ان يسترد بالقوة

*وما نيل المطالب بالتمني ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال ... اذا الاقدام كان لهم ركابا

Ali_Anabossi@hotmail.com


اضغط هنا
  #3  
قديم 15-07-2006, 01:33 PM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

شكرا أخي علي على مرورك و الحمد لله أن نال الموضوع رضاك




خرجت في صيابة خيار و سادة أشرافٍ من أفناء قبائل العرب لا يدري أي القبائل هم ذوي هيئةٍ وشارةٍ حسنةٍ، ترتمي بنا المهارى بأكسائها هي نجائب تسبق الخيل منسوبة إلى مهرة وهو حي من قضاعة من عرب اليمن ونحن نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشأم؛ فاخروط طال بنا السير في حمارة القيظ، حتى إذا عصبت الأفواه جفت وذبلت الشفاه، وشالت المياه قلت ، وأذكت الجوزاء المعزاء الأرض الصلبة كثيرة الحصى وذاب الصيهد السراب الجاري و شدة الحر وصر الجندب صوت الصغير من الجراد وضاف العصفور الضب وجاوره في حجره ، قال قائل: أيها الركب غوروا بنا إأتوا الغور و هو ما انحدر من الأرض في ضوج منعطف هذا الوادي وإذا وادٍ قد بدا لنا كثير الدغل ، دائم الغلل الماء الذي يجري بين الأشجار شجراؤه مغنة، وأطياره مرنة . فحططنا رحالنا بأصول دوحاتٍ كنهبلاتٍ فأصبنا من فضلات الزاد وأتبعناها الماء البارد. فإنا لنصف يومنا ومماطلته طوله و امتداده ، إذ صر أقصى الخيل أذنيه سواهما و نصبهما للاستماع ، وفحص الارض بيديه. فوالله ما لبث أن جال، ثم حمحم صوت الخيل دون الصهيل فبال، ثم فعل فعله الفرس الذي يليه واحداً فواحداً، فتضعضعت الخيل، وتكعكعت تاخرت الى الوراء الإبل، وتقهقرت البغال، فمن نافرٍ بشكاله الحبل الذي تشد به قوائم الدابة بعقاله؛ فعلمنا أن قد أتينا وأنه السبع، ففزع كل رجلٍ منا إلى سيفه فاستله من جربانه غمده ثم وقفنا له رزدقاً أي صفاً وأقبل أبو الحارث من أجمته يتظالع في مشيته من نعته كأنه مجنوب مصاد بذات جنب أو في هجارٍ معصوب حبل يشد في رسغ رجل البعير ثم يشد الى حقوه لصدره نحيط زفير ولبلاعمه غطيط ولطرفه وميض، ولأرساغه نقيض صوت كأنما يخبط هشيماً، أو يطأ صريما الحب المقطوع من الزرع وإذا هامة كالمجن الترس وخد كالمسن الحجر الذي يسن به او عليه وعينان سجراوان ان يخالط بياضها احمرار كأنهما سراجان يقدان وقصرة اصل العنق اذا غلظت ربلة اللحمة الغليظة ولهزمة عظم ناتئ تحت الاذن رهلة منتفخة وكتد ما بين الكاهل الى الظهر مغبط مرتفع و زور صدر مفرط عظيم جاوز قدره وساعد مجدول وعضد مفتول؛ وكف شئنة خشن البراثن ، إلى مخالب كالمحاجن العصا منعطفة الراس كالصولجان فضرب بيده فأرهج اثار الغبار، وكشر فأفرج، عن أنيابٍ كالمعاول مصقولة، غير مفلولة، وفم أشدق كالغار الأخرق؛ ثم تمطى فأسرع بيديه، وحفز دفع وركيه برجليه، حتى صار ظله مثليه؛ ثم أقعى جلس فاقشعر تقلص جلده و وقف شعره ، ثم مثل انتصب قائما فاكفهر كشر، ثم تجهم صار وجهه كريها فازبأر تنفش حتى ظهرت اصول وبر شعره فلا وذو الذي بيته في السماء ما اتقيناه إلا بأول أخٍ لنا من فزارة، كان ضخم الجزارة كبير الراس و اليدين و الرجلين، فوقصه دق عنقه ثم نفضه نفضةً فقضقض متنيه كسر متني ظهره فجعل يلغ في دمه. فتذمرت لمتهم و حرضتهم و حثثتهم أصحابي ، فبعد لأي ما استقدموا. فهجهجنا صحنا به و زجرناه به، فكر مقشعراً بزبرته شعر كتفي الاسد، كأن به شيهماً ما عظم شوكه من ذكور القنافذ حولياً من الحول، فاختلج انتزع رجلاً أعجر مليئا ذا حوايا امعاء فنفضه نفضةً تزايلت منها مفاصله، ثم نهم اخرج صوتا كالانين ففرفر صاح ، ثم زفر اخرج صوتا بعد مده اياه فبربر صاح ، ثم زأر فجرجر ردد صوته في حنجرته ثم لحظ نظر بمؤخر العين يمينا و يسارا بغضب ، فوالله لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه، من عن شماله ويمينه، فأرعشت الأيدي، واصطكت الأرجل، وأطت صوتت الاضلاع ، وارتجت الأسماع، وشخصت العيون، وتحققت الظنون، وانخزلت المتون فقال له عثمان: اسكت قطع الله لسانك! فقد أرعبت قلوب المسلمين
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #4  
قديم 04-10-2006, 04:56 PM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

فضل اللغة العربية


من آيات الله البينات على عظيم قدرته ، وحسن إبداعه ، وإتقان خلقه ، اختلاف البشر في أشكالهم ، وألوانهم ولغاتهم ، فرغم أن أصلهم واحد ، فأبوهم آدم وأمهم حواء إلا أنهم انقسموا إلى أجناس وقبائل وألسن وألوان مختلفة لا يعلم عددها إلا الله تعالى ، كما قال سبحانه وتعالى : ] وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ [ ( الروم : 22 ) .
إن اختلاف لغات البشر آية عظيمة ، فهم مع اتحادهم في النوع كان اختلاف لغاتهم آية دالة على ما كَوَّنَه الله تعالى في غريزة البشر من اختلاف التفكير ، وتنويع التصرف في وضع اللغات ، وتبدل كيفياتها باللهجات والتخفيف ، والحذف، والزيادة ، بحيث تتغير الأصول المتحدة إلى لغات كثيرة .

وامتن الله تعالى على الإنسان بأن خلقه ، ثم أتبع ذلك بذكر نعمة قدرته على التعبير عما في نفسه إما بالنطق وهو أكمل ، وإما بالإشارة إذا عجز عن النطق ، وذلك في قوله تعالى : ] الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ القُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ [
( الرحمن : 1-4 ) ، فقدَّم جل ثناؤه ذكر البيان على جميع ما توحَّد بخلقه ، وتفرَّد بإنشائه من شمس ، وقمر ، ونجم ، وشجر ، وغير ذلك ، ولمَّا خصَّ الله جل ثناؤه اللسانَ العربي بالبيان علم أن سائر اللغات قاصرة وواقعة دونه .

إرسال الرسل بلغات أقوامهم :

ما ترك الله المكلفين حتى بيَّن لهم السبيل إليه ، فأرسل لهم الرسل ، وأنزل عليهم الكتب ، وعلَّمهم ما يحتاجون العلم به ، كما قال سبحانه : ] رُسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [ ( النساء : 165 ) وكل رسول بعثه الله تعالى إنما بعثه من نفس قومه ، لا من غيرهم، يعرفونه ويعرفهم ، ويتكلم بلغتهم ، كما في قوله سبحانه : ] وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الَعَزِيزُ الحَكِيمُ [ ( إبراهيم : 4 ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لم يبعث الله نبيًّا إلا بلغة قومه ) .
ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل وأفضلهم ، أُرْسِلَ إلى الناس كافة ، وخُوطِبَ بدعوته العرب والعجم ، بعثه الله تعالى من قريش أوسط العرب وأفصحهم وخوطب الناس بالعربية ؛ لأن أمة العرب أفصح الأمم لسانًا ، وأسرعهم أفهامًا ، وأقدرهم بيانًا ، وألمعهم ذكاءً ، وأحسنهم استعدادًا لقبول الهدى والرشاد .

العربية محفوظة :

أنزل القرآن بلغة العرب ؛ لأنها أصلح اللغات ، جمع معان ، وإيجاز عبارة ، وسهولة جري على اللسان ، وجمال وقع في الأسماع ، وسرعة حفظ قال الله تعالى : ] وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ [ ( الشعراء : 192-195 ) فوصفه الله تعالى بأبلغ ما يُوصف به الكلام وهو البيان .
وارتبطت اللغة العربية بهذا الكتاب المُنَزَّل المحفوظ ، فهي محفوظة ما دام محفوظًا ، فارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم كان سببًا في بقائها وانتشارها حتى قيل : لولا القرآن ما كانت عربية .

سعة اللغة العربية :

اللغة العربية أوسع اللغات ، وأكثرها بيانًا وإفهامًا بحاجة الإنسان ، قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : ( لسان العرب أوسع الألسنة مذهبًا ، وأكثرهم ألفاظًا ، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي ) .
إن اللغة العربية غنية بثروة لغوية لا قدرة لأحد على أن يحصيها ، لأن هذه الثروة من الضخامة والسعة بحيث لا تسلس قيادها لمن يريد حصرها أو إحصاءها وإن أكثر مواد اللغة العربية غير مستعملة ، وكثير منه غير معروف قال الكسائي : ( قد دَرَس من كلام العرب كثير ) .
وقال أبو عمرو : ( ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله ، ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علم وشعر كثير ) وذكر الزبيدي في مختصر العين أن عدة مستعمل الكلام كله ومهمله ستة آلاف ألف وتسعة وخمسون ألفا وأربعمائة ( 6059400 ) والمستعمل منها خمسة آلاف وستمائة وعشرون ( 5620 ) والمهمل ستة آلاف ألف وستمائة ألف وثلاثة وتسعون ( 6600093 ) ، وذكر عبد الغفور عطار أن المستعمل في العربية في عصرنا الحاضر لا يكاد يزيد على عشرة آلاف مادة مع أن الصحاح للجوهري يضم أربعين ألف مادة ، والقاموس ستين ألف مادة ، والتكملة ستين ألف مادة ، واللسان ثمانين ألف وأربعمائة ، والتاج عشرين ومائة ألف مادة، حتى قال ابن فارس فأين لسائر الأمم ما للعرب .
ومع أن المستعمل من مواد اللغة العربية ليس إلا أقل القليل منها فإنها لم تضق عن حاجة الإنسان ، وتجاربه ، وخواطره وعلومه ، وفنونه ، وآدابه ، بل وسعت روافد الحضارة والعلوم غير المعروففة عند العرب في أزهى العصور الإسلامية .

انتشار اللغة العربية :

لقد كان المسلمون في القرون الأولى يفتتحون الدول ، ويُمَصِّرُونَ الأمصار ، وينشرون الإسلام ، والداخلون في الإسلام من غير العرب يتعلمون العربية حتى يعقلوا كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويتعلموا أحكام الإسلام ، فعمت اللغة العربية أقطار الأرض ، وصارت لسان أكثر البشر ولغة التخاطب والعلم الرسمية فيما بين الأمم ، حتى التي لم تدخل في الإسلام ، ولقد عجب مؤرخو أوربة من انتشار هذه اللغة في الأرض ، وغزوها للشعوب الغربية ، قال المؤرخ الغربي رنان : من أغرب ما وقع في تاريخ البشر وصعب حل سره : انتشار اللغة العربية ، فقد كانت هذه اللغة غير معروفة بادئ بدء ، فبدت فجأة على غاية الكمال سلسة أية سلاسة غنية أي غنًى ، كاملة بحيث لم يدخل عليها منذ ذلك العهد إلى يومنا هذا أدنى تعديل مهم ، فليس لها طفولة ولا شيخوخة ، ظهرت لأول أمرها تامة مستحكمة ، إلى أن قال : فإن العربية ولا جدال قد عمت أجزاء كبرى من العالم ولم ينازعها الشرف في كونها لغة عامة أو لسان فكر ديني أو سياسي أسمى من اختلاف العناصر إلا لغتان : اللاتينية واليوناينة ، وأين مجال هاتين اللغتين في السعة من الأقطار التي عم انتشار اللغة العربية فيها اهـ [14] ، ويقول جورج سرطون : وأصبحت العربية في النصف الثاني من القرن الثامن للميلاد لغة العلم عند الخواص في العالم المتمدن ، وصارت حاملة علم التقدم الصحيح وحافظت على تفوقها وتصدُّرها في المرتبة الأولى بين جميع الألسن الأخرى إلى القرن الحادي عشر على أقل تقدير .

مفاخرة شباب أوربة بالعربية :

لقد مضى على العربية زمان كان شباب أوربا يفاخرون بتعلمها وينافسون أقرانهم في إتقانها ، حتى أصدرت الكنيسة قرارًا قالت فيه : إن هؤلاء الشبان الرقعاء الذين يبدؤون كلامهم بلغات بلادهم ، ثم يكملون كلامهم باللغة العربية لنعلم أنهم تعلموا في مدارس المسلمين ، هؤلاء إن لم يكفوا عن ذلك فستصدر الكنيسة ضدهم قرارات حرمان . ولم يمض على فتح الأندلس أكثر من خمسين سنة حتى اضطر رجال الكنيسة أن يترجموا صلواتهم بالعربية ليفهمها النصارى ؛ لأنهم زهدوا في اللغة اللاتينية ، ونشأ لهم غرام بالعربية ، فأخذوا يتقنون آدابها ، ويتغنون بأشعارها ، ويكتبون بها كأبنائها ، ويعجبون ببلاغتها إعجاب أهلها بها .
قارن أيها القارئ ، هذا بحال كثير من أبناء المسلمين اليوم الذين زهدوا في لغتهم لغة القرآن ، وولوا شطرهم إلى الغرب بلغاته المختلفة يلوون ألسنتهم بلغات أجنبية يخلطون بها عربيتهم ؛ ليبرهنوا على أنهم مثقفون ومتحضرون ، في عصر كثر فيه المنهزمون مع أنفسهم ، وقل الواثقون بتراثهم وحضارتهم ، فإلى الله المشتكى ، ونسأله تعالى أن يعصمنا من الزيغ ومن التقليد الأعمى .

المؤامرات على العربية :

اللغة العربية ظلت قوية ثابتة ، وستظل كذلك إلى أن يشاء الله تعالى ، لقد تآمر عليها أعداء كُثُر من الشعوبيين القدماء ، والمستشرقين أيام الاستعمار الأجنبي للبلاد الإسلامية ، حيث حاولوا إلغاء اللغة العربية ، واستبدالها بلغات أجنبية إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل ، ثم ظهر أفراخ الغرب وعملاؤه في بلاد المسلمين ليقوموا بذات المهمة عن طريق إحياء اللغات البائدة من الفرعونية ، والكردية ، والأمازيغية وغيرها ، وتمجيد اللهجات العامية ، والشعر العامي ، وإفساد الذوق العربي بهدم أوزان الشعر ، والولوغ في الطلاسم والرمزية باسم الحداثة والتجديد ، والدعوة إلى إلغاء الإعراب والحركات ، وتسكين أواخر الكلمات ، وكل محاولة منها تفشل بعد الأخرى ، ويُقَيِّضُ الله تعالى رجالاً يُنَافِحُون عن لغة القرآن ، ويَرُدُّونَ كَيْدَ الأعداء .
يقول الكاتب الغربي ميليه : إن اللغة العربية لم تتراجع من أرض دخلتها ، لتأثيرها الناشئ من كونها لغة دين ، ولغة مدنية ، وعلى الرغم من الجهود التي بذلها المبشرون ، ولمكانة الحضارة التي جاءت بها الشعوب النصرانية ، لم يخرج أحد من الإسلام إلى النصرانية.

وجوب تعلم العربية :

إن لغتنا جزء من ديننا ، بل لا يمكن أن يقوم الإسلام إلا بها ، ولا يصح أن يقرأ المسلم القرآن إلا بالعربية ، وقراءة القرآن ركن من أركان الصلاة التي هي ركن من أركان الإسلام ، ولذا فإن العناية بتعلمها وإتقانها مطلوبة مرغوب فيها من أجل إقامة شعائر الإسلام وفهم نصوص الكتاب والسنة ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( ومعلوم أن تَعَلُّمَ العربية وتعليم العربية فرضٌ على الكفاية وكأن السلف يؤدبون أولادهم على اللحن ، فنحن مأمورون أمر إيجاب أو أمر استحباب أن نحفظ القانون العربي ، ونصلح الألسن المائلة عنه ، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة ، والاقتداء بالعرب في خطابها ، فلو تُرِكَ الناس على لحنهم كان نقصًا وعيبًا ، فكيف إذا جاء قوم إلى الألسنة العربية المستقيمة ، والأوزان القويمة فأفسدوها بمثل هذه المفردات والأوزان المفسدة للسان ، الناقلة عن العربية العرباء إلى أنواع الهذيان الذي لا يَهْذِي به الأقوام من الأعاجم الطماطم العميان ) .
وينبغي لمن دخل الإسلام من الأعاجم أن يتعلم العربية فقد سمع عمر رضي الله عنه رجلاً يتكلم في الطواف بالفارسية فأخذ بِعَضُدِهِ وقال : ابتغ إلى العربية سبيلا قال عطاء : رأى عمر بن الخطاب رجلين وهما يَتَرَاطَنَان في الطواف فعلاهما بالدِّرَّةِ وقال : لا أُمَّ لكما ، ابتغيا إلى العربية سبيلا .

وعلي رضي الله عنه ضرب الحسن و الحسين على اللحن .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يضرب أولاده على اللحن ولا يضربهم على الخطأ .
  #5  
قديم 16-10-2006, 07:53 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


فضل اللغة العربية عَرَفَ عظمة اللغة العربية مَنْ اطّلع عليها وتعلّمها وغاص في أسرارها من العرب في القديم والحديث ، ولا عجب في أنْ يشهدوا بعظمتها لأنهم أهل اللغة ، والاطّلاع على أقوالهم يزيدنا علماً وثقةً بها ، لكنّ الاطّلاع على شهادات غير العرب في العربية له طَعْمٌ آخر ، لأنّهم عرفوا قيمةَ لغتنا وهم ليسوا منّا ، وهو ما يدفعنا إلى محاولة معرفة ما عرفوه منها ، لنزداد اعتزازاً بها ونغرس الاعتزاز في نفوس أبنائنا. إنّ كثيراً من أبناء المسلمين يجهل فضل لغته وجوانب عظمتها ، ولذا ترى كثيراً منهم يقف في صفّ الأعداء - دون أن يقصد - لجهله بها ، فهو مقتنعٌ قناعةً قويّةً بأنّ العربية لغةٌ متخلّفةٌ صعبةٌ تخلو من الإبداع والفنّ ، فبسبب جهله بها يقف هذا الموقف ، وفي الجانب الآخر ترى بعض العجم من غير المسلمين وهو يكيل المديح والإشادة بالعربية لما رآه فيها من مواطن العظمة . من أجل هذا الواقع المرّ نحتاج جميعاً إلى ما يزيدنا قناعةً واعتزازاً بها ، وممّا يقنعنا بها قراءة تلك الأقوال سواءً قالها عربيٌ أم غير عربي.

وهذا بعض من اقوال العرب والغرب في فضل العربية :

* قال ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله :" وإنّما يعرف فضل القرآن مَنْ عرف كلام العرب ، فعرف علم اللغة وعلم العربية ، وعلم البيان ، ونظر في أشعار العرب وخطبها ومقاولاتها في مواطن افتخارها ، ورسائلها ... "
الفوائد المشوق إلى علوم القرآن ص 7

* قال ابن تيميّة رحمه الله :" فإنّ اللسان العربي شعار الإسلام وأهله ، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميّزون "
اقتضاء الصراط المستقيم ص 203

* قال ابن تيميّة رحمه الله :" وما زال السلف يكرهون تغييرَ شعائرِ العربِ حتى في المعاملات وهو التكلّم بغير العربية إلاّ لحاجة ، كما نصّ على ذلك مالك والشافعي وأحمد ، بل قال مالك مَنْ تكلّم في مسجدنا بغير العربية أُخرِجَ منه ) مع أنّ سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها ، ولكن سوغوها للحاجة ، وكرهوها لغير الحاجة ، ولحفظ شعائر الإسلام "
الفتاوى 32/255

* قال ابن تيميّة رحمه الله :" اعلم أنّ اعتياد اللغة يؤثر في العقلِ والخلقِ والدينِ تأثيراً قويّاً بيّناً ، ويؤثر أيضاً في مشابهةِ صدرِ هذه الأمّةِ من الصحابةِ والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقلَ والدينَ والخلقَ ، وأيضاً فإنّ نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرضٌ واجبٌ ، فإنّ فهم الكتاب والسنّة فرضٌ ، ولا يُفهم إلاّ بفهم اللغة العربية ، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب "
اقتضاء الصراط المستقيم ص 207

* قال ابن تيميّة رحمه الله :" معلومٌ أنّ تعلمَ العربية وتعليمَ العربية فرضٌ على الكفاية ، وكان السلف يؤدّبون أولادهم على اللحن ، فنحن مأمورون أمرَ إيجابٍ أو أمرَ استحبابٍ أن نحفظ القانون العربي ، ونُصلح الألسن المائلة عنه ، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنّة ، والاقتداء بالعرب في خطابها ، فلو تُرك الناس على لحنهم كان نقصاً وعيباً "
الفتاوى 32/252

ونقل شيخ الإسلام عن الإمام أحمد كراهة الرَطانةِ ، وتسميةِ الشهورِ بالأسماءِ الأعجميّةِ ، والوجهُ عند الإمام أحمد في ذلك كراهةُ أن يتعوّد الرجل النطقَ بغير العربية .

* قال مصطفى صادق الرافعي رحمه الله :" ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ ، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمر لغته فرضاً على الأمّة المستعمَرة ، ويركبهم بها ، ويُشعرهم عظمته فيها ، ويستلحِقهم من ناحيتها ، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً في عملٍ واحدٍ : أمّا الأول فحَبْس لغتهم في لغته سجناً مؤبّداً ، وأمّا الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً ، وأمّا الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها ، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ "
وحي القلم 3/33-34

* قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله :" لا بُدّ في تفسير القرآن والحديث من أن يُعرَف ما يدلّ على مراد الله ورسوله من الألفاظ ، وكيف يُفهَم كلامُه ، فمعرفة العربية التي خُوطبنا بها ممّا يُعين على أن نفقه مرادَ اللهِ ورسولِه بكلامِه ، وكذلك معرفة دلالة الألفاظ على المعاني ، فإنّ عامّة ضلال أهم البدع كان بهذا السبب ، فإنّهم صاروا يحملون كلامَ اللهِ ورسولِه على ما يَدّعون أنّه دالٌّ عليه ، ولا يكون الأمر كذلك "
الإيمان ص 111

* ذكر الشافعيِّ أَنّ على الخاصَّة الّتي تقومُ بكفاية العامة فيما يحتاجون إليه لدينهم الاجتهاد في تعلّم لسان العرب ولغاتها ، التي بها تمام التوصُّل إلى معرفة ما في الكتاب والسُّنن والآثار ، وأقاويل المفسّرين من الصحابة والتابعين، من الألفاظ الغريبة ، والمخاطباتِ العربيّة ، فإنّ من جَهِلَ سعة لسان العرب وكثرة ألفاظها ، وافتنانها في مذاهبها جَهِلَ جُملَ علم الكتاب ، ومن علمها ، ووقف على مذاهبها ، وفَهِم ما تأوّله أهل التفسير فيها ، زالت عنه الشبه الدَّاخلةُ على من جَهِلَ لسانها من ذوي الأهواء والبدع.

وهذا بعض ما قاله الغرب عن لغتنا :

* قال المستشرق المجري عبد الكريم جرمانوس :" إنّ في الإسلام سنداً هامّاً للغة العربية أبقى على روعتها وخلودها فلم تنل منها الأجيال المتعاقبة على نقيض ما حدث للغات القديمة المماثلة ، كاللاتينية حيث انزوت تماماً بين جدران المعابد . ولقد كان للإسلام قوة تحويل جارفة أثرت في الشعوب التي اعتنقته حديثاً ، وكان لأسلوب القرآن الكريم أثر عميق في خيال هذه الشعوب فاقتبست آلافاً من الكلمات العربية ازدانت بها لغاتها الأصلية فازدادت قوةً ونماءً . والعنصر الثاني الذي أبقى على اللغة العربية هو مرونتها التي لا تُبارى ، فالألماني المعاصر مثلاً لا يستطيع أن يفهم كلمةً واحدةً من اللهجة التي كان يتحدث بها أجداده منذ ألف سنة ، بينما العرب المحدثون يستطيعون فهم آداب لغتهم التي كتبت في الجاهلية قبل الإسلام " .
( الفصحى لغة القرآن - أنور الجندي ص 301 )

* قال المستشرق الألماني يوهان فك إن العربية الفصحى لتدين حتى يومنا هذا بمركزها العالمي أساسياً لهذه الحقيقة الثابتة ، وهي أنها قد قامت في جميع البلدان العربية والإسلامية رمزاً لغوياً لوحدة عالم الإسلام في الثقافة والمدنية ، لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة يقصد بها زحزحة العربية الفصحى عن مقامها المسيطر ، وإذا صدقت البوادر ولم تخطئ الدلائل فستحتفظ العربية بهذا المقام العتيد من حيث هي لغة المدنية الإسلامية"
( الفصحى لغة القرآن - أنور الجندي ص 302 )

* قال جوستاف جرونيباوم :" عندما أوحى الله رسالته إلى رسوله محمد أنزلها " قرآناً عربياً " والله يقول لنبيّه " فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدّاً " وما من لغة تستطيع أن تطاول اللغة العربية في شرفها ، فهي الوسيلة التي اختيرت لتحمل رسالة الله النهائية ، وليست منزلتها الروحية هي وحدها التي تسمو بها على ما أودع الله في سائر اللغات من قوة وبيان ، أما السعة فالأمر فيها واضح ، ومن يتّبع جميع اللغات لا يجد فيها على ما سمعته لغة تضاهي اللغة العربية ، ويُضاف جمال الصوت إلى ثروتها المدهشة في المترادفات . وتزيّن الدقة ووجازة التعبير لغة العرب ، وتمتاز العربية بما ليس له ضريب من اليسر في استعمال المجاز ، وإن ما بها من كنايات ومجازات واستعارات ليرفعها كثيراً فوق كل لغة بشرية أخرى ، وللغة خصائص جمّة في الأسلوب والنحو ليس من المستطاع أن يكتشف له نظائر في أي لغة أخرى ، وهي مع هذه السعة والكثرة أخصر اللغات في إيصال المعاني ، وفي النقل إليها ، يبيّن ذلك أن الصورة العربية لأيّ مثل أجنبيّ أقصر في جميع الحالات

وقد قال الخفاجي عن أبي داود المطران - وهو عارف باللغتين العربية والسريانية - أنه إذا نقل الألفاظ الحسنة إلى السرياني قبُحت وخسّت ، وإذا نُقل الكلام المختار من السرياني إلى العربي ازداد طلاوةً وحسناً ، وإن الفارابي على حقّ حين يبرّر مدحه العربية بأنها من كلام أهل الجنّة ، وهو المنزّه بين الألسنة من كل نقيصة ، والمعلّى من كل خسيسة ، ولسان العرب أوسط الألسنة مذهباً وأكثرها ألفاظاً " .
الفصحى لغة القرآن - أنور الجندي ص 306

العرب والمعاجم

قال المستشرق الألماني أوجست فيشر :" وإذا استثنينا الصين فلا يوجدُ شعبٌ آخرُ يحقّ له الفَخارُ بوفرةِ كتبِ علومِ لغتِه ، وبشعورِه المبكرِ بحاجته إلى تنسيقِ مفرداتها ، بحَسْبِ أصولٍ وقواعدَ غيرَ العرب"
( مقدمة المعجم اللغوي التاريخي - أوغست فيشر )

قال هايوود :" إن العرب في مجال المعجم يحتلّون مكان المركز ، سواءً في الزمان أو المكان ، بالنسبة للعالم القديمِ أو الحديثِ ، وبالنسبة للشرقِ أو الغربِ " .





آخر تعديل بواسطة maher ، 16-10-2006 الساعة 08:06 AM.
  #6  
قديم 16-10-2006, 08:07 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي




شمول العربية واكتمالها

قال المستشرق ألفريد غيوم عن العربية :" ويسهل على المرء أن يدركَ مدى استيعابِ اللغةِ العربيةِ واتساعها للتعبير عن جميع المصطلحات العلمية للعالم القديم بكل يسرٍ وسهولة ، بوجود التعدد في تغيير دلالة استعمال الفعل والاسم ...
... ويضرب لذلك مثلاً واضحاً يشرح به وجهة نظره حيث يقول :" إن الجذر الثلاثي باشتقاقاته البالغة الألفَ عَدّاً ، وكلٌ منها متّسق اتساقاً صوتياً مع شبيهه ، مشكّلاً من أيّ جذر آخر ، يصدر إيقاعاً طبيعياً لا سبيل إلى أن تخطئه الأذن ، فنحن ( الإنكليز ) عندما ننطق بفكرة مجرّدة لا نفكر بالمعنى الأصلي للكلمة التي استخدمناها ، فكلمة (Association) مثلاً تبدو منقطعة الصلة بـ ( Socins ) وهي الأصل ، ولا بلفظة (Ad) ، ومن اجتماعهما تتألف لفظة ( Association ) كما هو واضح وتختفي الدالّة مدغمة لسهولة النطق ، ولكن أصل الكلمة بالعربية لا يمكن أن يَسْتَسِرّ ويَسْتَدِقّ على المرء عند تجريد الكلمة المزيدة حتى يضيع تماماً ، فوجود الأصل يظلّ بَيّناً محسوساً على الدوام ، وما يعدّ في الإنجليزية محسّناتٍ بديعيةً لا طائل تحتها ، هو بلاغةٌ غريزيةٌ عند العربي ".
( مجلة المورد – المجلد 5 العدد 2 ص 43 " مقدمة مدّ القاموس – إدوارد لين – ترجمة عبد الوهاب الأمير ) .

قال المستشرق الألماني نولدكه عن العربية وفضلها وقيمتها :" إن اللغة العربية لم تَصِرْ حقّاً عالميةً إلا بسبب القرآن والإسلام ، وقد وضع أمامنا علماءُ اللغة العرب باجتهادهم أبنيةَ اللغة الكلاسيكية ، وكذلك مفرداتها في حالة كمالٍ تامٍّ ، وأنه لا بدّ أن يزداد تعجب المرء من وفرة مفردات اللغة العربية ، عندما يعرف أن علاقات المعيشة لدى العرب بسيطةٌ جداً ، ولكنهم في داخل هذه الدائرة يرمزون للفرق الدقيق في المعنى بكلمةٍ خاصّةٍ ، والعربية الكلاسيكية ليست غنيّةً فقط بالمفردات ولكنها غنيةٌ أيضاً بالصيغ النحوية ، وتهتمّ العربية بربط الجمل ببعضها ... وهكذا أصبحت اللغة ( البدويّة ) لغةً للدين والمنتديات وشؤون الحياة الرفيعة ، وفي شوارع المدينة ، ثم أصبحت لغةَ المعاملات والعلوم ، وإن كلَّ مؤمنٍ غالباً جداً ما يتلو يومياً في الصلاة بعض أجزاء من القرآن ، ومعظم المسلمين يفهمون بالطبع بعض ما يتلون أو يسمعون ، وهكذا كان لا بُدّ أن يكون لهذا الكتاب من التأثير على لغة المنطقة المتّسعة ما لم يكن لأيّ كتابٍ سواه في العالم ، وكذلك يقابل لغة الدين ولغة العلماء والرجل العادي بكثرة ، ويؤدّي إلى تغيير كثيرٍ من الكلمات والتعابير في اللغة الشعبية إلى الصحّة " .
( اللغة العربية – نذير حمدان ص 133 )

قال المستشرق الفرنسي رينان :" من أغرب المُدْهِشات أن تنبتَ تلك اللغةُ القوميّةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمّةٍ من الرُحّل ، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها ودقّةِ معانيها وحسنِ نظامِ مبانيها ، ولم يُعرف لها في كلّ أطوار حياتها طفولةٌ ولا شيخوخةٌ ، ولا نكاد نعلم من شأنها إلاّ فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبارى ، ولا نعرف شبيهاً بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير تدرّج وبقيت حافظةً لكيانها من كلّ شائبة " .
مجلة اللسان العربي 24 /85

قال المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون :" استطاعت العربية أن تبرز طاقة الساميين في معالجة التعبير عن أدق خلجات الفكر سواءً كان ذلك في الاكتشافات العلمية والحسابية أو وصف المشاهدات أو خيالات النفس وأسرارها .
واللغة العربية هي التي أدخلت في الغرب طريقة التعبير العلمي ، والعربية من أنقى اللغات ، فقد تفرّدت بتفرّدها في طرق التعبير العلمي والفني والصوفي ، إنّ التعبير العلمي الذي كان مستعملاً في القرون الوسطى لم يتناوله القدم ولكنه وقف أمام تقدّم القوى المادية فلم يتطوّر .
أما الألفاظ المعبّرة عن المعاني الجدلية والنفسانية والصوفية فإنها لم تحتفظ بقيمتها فحسب بل تستطيع أن تؤثر في الفكر الغربي وتنشّطه .
ثمّ ذلك الإيجاز الذي تتسم به اللغة العربية والذي لا شبيه له في سائر لغات العالم والذي يُعدّ معجزةً لغويةً كما قال البيروني " .
( الفصحى لغة القرآن - أنور الجندي ص 301 -302 )

قالت المستشرقة الألمانية زيفر هونكة :" كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمالَ هذه اللغة ومنطقَها السليم وسحرَها الفريد ؟ ، فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللغة ، فلقد اندفع الناس الذين بقوا على دينهم في هذا التيار يتكلمون اللغة العربية بشغفٍ ، حتى إن اللغة القبطية مثلاً ماتت تماماً ، بل إن اللغة الآرامية لغة المسيح قد تخلّت إلى الأبد عن مركزها لتحتلّ مكانها لغة محمد " .
مجلة اللسان العربي 24/86 عن كتاب ( شمس العرب تسطع على الغرب )

قال المستشرق الألماني كارل بروكلمان :" بلغت العربية بفضل القرآن من الاتساع مدىً لا تكاد تعرفه أيُّ لغةٍ أخرى من لغات الدنيا ، والمسلمون جميعاً مؤمنون بأن العربية وحدها اللسانُ الذي أُحِلّ لهم أن يستعملوه في صلاتهم ... " .
( من قضايا اللغة العربية المعاصرة – المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ص 274 )

قال د. جورج سارتون :" وهبَ اللهُ اللغة العربية مرونةً جعلتها قادرةً على أن تدوّن الوحي أحسن تدوين ... بجميع دقائق معانيه ولغاته ، وأن تعبّر عنه بعباراتٍ عليها طلاوة وفيها متانة " .
المصدر السابق

أكّد المستشرق أستاذ اللغات الشرقية بجامعة أستنبول " أن اللغة العربية أسهل لغات العالم وأوضحها ، فمن العبث إجهاد النفس في ابتكار طريقةٍ جديدةٍ لتسهيل السهل وتوضيح الواضح ، إن الطلبة قبل الانقلاب الأخير في تركيا كانوا يكتبون ما أمليه عليهم من المحاضرات بالحروف العربية وبالسرعة التي اعتادوا عليها – لأن الكتابة العربية مختزلةٌ من نفسها – أما اليوم فإن الطلبة يكتبون ما أمليه عليهم بالحروف اللاتينية ، ولذلك لا يفتأون يسألون أن أعيد عليهم العبارات مراراً ، وهو معذورون في ذلك لأن الكتابة الإفرنجية معقّدةٌ والكتابة العربية واضحةٌ كلّ الوضوح ، فإذا ما فتحتَ أيّ خطابٍ فلن تجدَ صعوبةً في قراءةِ أردأ خطٍّ به ، وهذه هي طبيعة الكتابة العربية التي تتسم بالسهولة والوضوح " .
( فنّ الترجمة وعلوم العربية – إبراهيم بدوي الجيلاني ص 91 )

العالم اللغوي أفرام نعوم تشومسكي Afram Noam Chomsky ابن معلم اللغة العبرية وأحد خريجي جامعة بنسلفانيا ( وهو أستاذٌ في معهد ماساشوست ومفكرٌ يهوديٌ كبير) فإنه أقرّ بالحق العربي وبمكانة العربية ، وقد تزعّم الدراسات اللغوية المعاصرة وكوّن نظريةً جديدةً قلبت الفكر اللغوي رأساً على عقب ، أصدر كتابه الأول في التراكيب النحوية Syntactic Structure في سنة 1957م نقد فيه مدرسة علم اللغة الوصفي De******ive Linguistics التي كانت سائدةً في الغرب حتى عهدٍ قريبٍ ، وقد ميّز بين بنيتين في الجملة هما البنية العميقة والتركيب السطحي ، وأوضح أن البنية الأولى هي أساس الثانية .
نوّه تشومسكي في معرض ردّه على استفسارٍ وُجّه إليه في سنة 1989م بأن تأثيراتِ النحو العربي كبيرةٌ على نظريته في دراسة اللغة ، وأنه قرأ كتاب سيبويه كمرجعٍ له " .
( فن الترجمة وعلوم العربية – إبراهيم بدوي الجيلاني ص 166 )

أشاد ماريو بِلْ مؤلف كتاب ( قصة اللغات The Story of Language ,p155,277 ) بأن العربية هي اللغة العالمية في حضارات العصور الوسطى ، وكانت رافداً عظيماً للإنكليزية في نهضتها وكثيرٍ من الأوربيّات ، وقد أورد قاموس Littre قوائمَ بما اقتبسته هذه اللغات من مفرداتٍ عربيةٍ ، وكانت أولها الإسبانية ثم الفرنسية والإيطالية واليونانية والمجرية وكذلك الأرمنية والروسية وغيرها ، ومجموعها 27 لغة ، وتقدر المفردات بالآلاف .
( فن الترجمة وعلوم العربية – إبراهيم بدوي الجيلاني ص 178 )

قال المستشرق الألماني فرنباغ :" ليست لغة العرب أغنى لغات العالم فحسب ، بل إن الذين نبغوا في التأليف بها لا يكاد يأتي عليهم العدّ ، وإن اختلافنا عنهم في الزمان والسجايا والأخلاق أقام بيننا نحن الغرباء عن العربية وبين ما ألفوه حجاباً لا يتبيّن ما وراءه إلاّ بصعوبة" .
( الفصحى لغة القرآن - أنور الجندي ص 303 )

قال الأستاذ ميليه :" إن اللغة العربية لم تتراجع عن أرض دخلتها لتأثيرها الناشئ من كونها لغة دين ولغة مدنية ، وعلى الرغم من الجهود التي بذلها المبشرون ، ولمكانة الحضارة التي جاءت بها الشعوب النصرانية لم يخرج أحد من الإسلام إلى النصرانية ، ولم تبق لغة أوربية واحدة لم يصلها شيء من اللسان العربي المبين ، حتى اللغة اللاتينية الأم الكبرى ، فقد صارت وعاءً لنقل المفردات العربية إلى بناتها ".
( الفصحى لغة القرآن - أنور الجندي ص 303 -304 )

قال الفرنسي جاك بيرك :" إن أقوى القوى التي قاومت الاستعمار الفرنسي في المغرب هي اللغة العربية ، بل اللغة العربية الكلاسيكية الفصحى بالذات ، فهي التي حالت دون ذوبان المغرب في فرنسا ، إن الكلاسيكية العربية هي التي بلورت الأصالة الجزائرية ، وقد كانت هذه الكلاسيكية العربية عاملاً قوياً في بقاء الشعوب العربية " .
( الفصحى لغة القرآن - أنور الجندي ص 304 )


  #7  
قديم 20-10-2006, 06:12 PM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

السلام عليكم

أسوق لكم مناظرة للنعمان ابن المنذر مع كسرى حول العرب و فضلهم يليها مناظرة لأكثم ابن صيفي, و هي من أجمل وجوه البلاغة العربية







وفد النعمان الى كسرى و عنده وفود من الروم والصين والهند فذكروا وتفاخروا بملوكهم وبلادهم فافتخر النعمان بالعرب .فقال كسرى وفي جبروت : يا نعمان لقد فكرت في أمر العرب ، وغيرهم من الأمم ، فوجدت الروم لها حظا في اجتماع إلفتها وعظم سلطانها، وكثرة مدائنها ووثيق بنيانها، وإن لها دينا يبين لها حلالها وحرامها، ويرد سفيهها ويقيم جاهلها، ورأيت الهند نحوا من ذلك في حكمتها وطبعها مع كثرة انهار بلادها وثمارها ، وعجيب صناعاتها وطيب أشجارها ، وكثرة صناعات أيديها، وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب وصناعة الحديد ، وإن لها ملكا يجمعها ، والترك والخزر على ما بهم من سوء الحال في المعاش ، وقلة الريف والثمار والحصون ، وما هو رأس عمارة الدنيا من المساكن والملابس ، لهم ملوك تضم قواصيهم وتدبر أمرهم ، ولم أر للعرب شيئا من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا ولا حزم ولا قوة، ومع أن مما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها، محلتهم التي هم بها مع الوحوش النافرة، والطير الحائرة، يقتلون أولادهم من الفاقة، ويأكلون بعضهم بعضا من الحاجة، قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ومشاربها ولهوها ولذاتها، فأفضل طعام ظفر به ناعمهم لحول الإبل ، التي يعافها كثير من السباع ، لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها، وإن قرى أحدهم ضيفا عدها مكرمة، وإن أطعم أكله عدها غنيمة تنطق بذلك أشعارهم، وتفتخر بذلك رجالهم، ما خلا هذه التنوخية، التي أسس جدي اجتماعها، وشد مملكتها، ومنعها من عدوها ، فجرى لها ذلك آثارا ولبوسا وقرى وحصونا، وأمورا تشبه بعض أمور الناس !!

وبعد ان انتهى كسرى من كلامه ذلك ، طلب النعمان الأمان، فلما استؤمن قال النعمان فيما قاله :

((( أمّا أمتك أيها الملك فليست تنازع فى الفضل لموضعها الذى هى به من عقولها وأحلامها وبسطة محلّها وبحبوحة عزّها وما أكرمها الله به من ولاية آبائك وولا يتك وأمّا الأمم التى ذكرت فأيّ أمة تقرنها بالعرب إلا فضّلها .
قال كسرى :- بماذا .
النعمان :-
بعزّها ومنعتها وحسن وجوهها وبأسها وسخائها وحكمة ألسنتها وشدّة عقولها وأنفتها و وفائها .
فأما عزّها ومنعتها ، فأنها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دوّخوا البلاد ووطدوا الملك وقادوا الجند لم يطمع فيهم طامع ولم ينلهم نائل حصونهم ظهور خيلهم ومهادهم الأرض وسقوفهم السماء وجنّتهم السّيوف وعدّتهم الصبر ـــ إذ غيرها من الأمم أنّما عزّها الحجارة والطّين وجزائر البحور .
وأما حسن وجوهها وألوانها ، فقد يعرف فضلهم فى ذلك على غيرهم من الهند المنحرفة والصيّن المنحفة والترك المشوهة والرّوم المقشّرة .
وأما أنسابها وأحسابها ، فليست أمة من الأمم وقد جهلت آباءها وأصولها وكثيرا من اوّلها حتى أنّ أحدهم ليسئل عمن وراء أبيه دنيا فلا ينسبه ولا يعرفه ـــ وليس أحد من العرب إلا يسمّى آباءه أبّا فأبا حاطوا بذلك أحسابهم وحفظوا به أنسابهم فلا يدخل رجل فى غير قومه ولا ينتسب إلى غير نسبه ولا يدعى إلى غير أبيه .
وأما سخاؤها ، فانّ أد ناهم رجلا الذى تكون عنده البكرة والناب عليها بلاغه فى حموله وشبعه وريّه فيطرقه الطارق الذى يكتفى بالفلذه ويجترى بالشّربه فيعقرها له ويرضى أن يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الاحدوثه وطيّب الذكر ز
وأما حكمة ألسنتهم ، فان الله تعالى أعطاهم فى أشعارهم ورونق كلامهم حسنه ووزنه وقوافيه مع معرفتهم بالاشياء وضربهم للامثال وابلاغهم فى الصّفات ماليس لشىء من ألسنة الأجناس ـــ ثم خيلهم أفضل الخيل ونساؤهم أعفّ النساء ولباسهم أفضل اللّباس ومعادنهم الذهب والفضّة وحجارة جبالهم الجزع ومطاياهم التى لا يبلغ على مثلها سفر ولا يقطع بمثلها بلد قفر .
وأما وفاؤها فان أحدهم يلحظ اللحظة ويومى الأبماءة فهى ولت ( أى عهد ) وعقدة لا يحلها إلا خروج نفسه وأن حدهم يرفع عودا من الأرض فيكون رهنا بدينه فلا يغلق رهنه ولا يخفر ذمته وأن حدهم ليبلغه أن رجلا استجار به عسى أن يكون نائبا عن داره فيصاب فلا يرضى حتى يفنى تلك القبيلة التي أصابته أو تفنى قبيلته لما أخفر من جواره وانه ليلجأ إليهم المجرم للحدث من غير معرفة ولا قرابة فتكون أنفسهم دون نفسه وأموالهم دون ماله .
وأما قولك أيها الملك يئدون أولا دهم فأنما يفعله من يفعله منهم بالإناث أنفة من العار وغيرة من الأزواج .
وأما قولك إنّ أفضل طعامهم لحوم الإبل على ما وصفت منها فما تركوا مادونها إلاّ احتقارا له فعمدوا إلى أجلّها وأفضلها فكانت مراكبهم وطعامهم مع أنّها أكثر البهائم شحوما وأطيبها لحوما وأرقّها ألبانا وأقلّها غائلة وأحلاها مضغة وأنه لا شيء من اللحمان يعالج ما يعالج به لحمها إلاّ استبان فضلها عليه .
وأما تحاربهم وأكل بعضهم بعضا وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعهم فأنما يفعل من يفعله من الأمم إذا أنست من نفسها ضعفا وتخوّفت نهوض عدوّها إليها بالزحف وأنّه أنما يكون فى المملكة العظيمة أهل بيت واحد يعرف فضلهم على سائر غيرهم فيلقون إليهم أمورهم وينقادون لهم بأزّمتهم .
وأما العرب فأن ذلك كثير فيهم حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكا أجمعين مع أنفهم من أداء الخراج والوطث ( أي الضرب الشديد بالرّجل على الأرض ) بالعسف .
وأما اليمن التى وصفها الملك فأنما أتى جدّ الملك الذى أتاه عند غلبة الجيش له على ملك متسق وأمر مجتمع فأتاه مسلوبا طريدا مستصرخا ولولا ما وتر به من يليه من العرب لمال إلى مجال ولو جد من يجيد الطّعان ويغضب للاحرار من غلبة العبيد الأشرار .

فعجب كسرى لما أجابه النعمان به وقال انك لأهل لموضعك من الرّياسة فى أهل اقليمك ثم كساه من كسوته وسرّحه إلى موضعه من الحيرة


فلما قدم النعمان الحيرة وفى نفسه ما فيها مما سمع من كسرى من تنقص العرب وتهجين أمرهم بعث إلى أكثم بن صيفى وحاجب بن زرارة التميميين وإلى الحارث بن ظالم وقيس بن مسعود البكريين وإلى خالد بن جعفر وعلقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل العامريين وإلى عمرو بن الشريد والسلمي وعمرو ابن معد يكرب الزبيدي والحارث بن ظالم المرّى .

فلما قدموا عليه فى الخورنق قال لهم قد عرفتم هذه الأعاجم وقرب جوار العرب منها وقد سمعت من كسرى مقالات تخوّفت أن يكون لها غور أو يكون انما أظهرها لأمر اراد أن يتخد به العرب خولا كبعض طماطمته فى تأديتهم الخراج إليه كما يفعل بملوك الأمم الذين حوله فاقتص عليهم مقالات كسرى وما رد عليه : فقالوا أيها الملك وفقك الله ما احسن ما رددت وأبلغ ما حججته به فمرنا بأمرك وأدعنا إلى ما شئت .

قال انما أنا رجل منكم وانما ملكت وعززت بمكانكم وما يتخوّف من نا حيتكم وليس شيء أحب إلى مما سدّد الله به أمركم وأصلح به شأنكم وأدام به عزّكم - والرأى أن تسيروا بجماعتكم أيها الرهط وتنطلقوا إلى كسرى - فإذا دخلتم نطق كل رجل منكم بما حضره ليعلم أن العرب على غير ما ظن أو حدّثته نفسه ولا ينطق رجل منكم بما يغضبه فإنه ملك عظيم السلطان كثير الأعوان مترف معجب بنفسه ولا تنخزلوا له انخزال الخاضع الذّليل وليكن أول من يبدأ منكم بالكلام أكثم بن صيفى ثم تتابعوا على الامر من منازلكم التى وضعتكم بها فإنما دعانى إلى التقدمه اليكم علمى بميل كلّ رجل منكم إلى التقدم قبل صاحبه فلا يكوننّ ذلك منكم فيجد في آدابكم مطعنا فانه ملك مترف وقادر مسلّط ثم دعا لهم بما فى خزائنه من طرائف حلل الملوك كل رجل منهم حلّة وعمّمه عمامة وختمه بياقوتة وأمر لكل رجل منهم نجيبة مهرية وفرس تجيبه وكتب معهم كتابا .

قال فيه ((( أما بعد فأن الملك القى إلىّ من أمر العرب ما قد علم وأجبته بما قد فهم مما احببت أن يكون منه على علم ولا يتلجلج فى نفسه أن أمّة من الأمم التى اجتجزت دونه بمملكتها وحمت ما يليها بفضل قوّتها تبلغها من الامور التى يتعزز بها ذوو الحزم والقوة والتدبير والمكيدة - وقد أفدت أيها الملك رهطا من العرب لهم فضل فى أحسابهم وأنسابهم وعقولهم وآدابهم فليسمع الملك وليغمض عن جفاء ان ظهر من منطقهم وليكرمنى با كرامهم وتعجيل سراحهم وقد نسبتهم فى أسفل كتابى هذا إلى عشائرهم )))))

فخرج القوم فى أهبتهم حتى وقفوا بباب كسرى بالمدائن فدفعوا إليه كتاب النعمان فقرأه وأمر بانزالهم إلى أن يجلس لهم مجلس يسمع منهم - فلما أن كان بعد ذلك بأيام أمر مرازبته ووجوه أهل مملكته فحضروا وجلسوا على كراسى عن يمينه وشماله ثم دعا بهم على الولاء والمراتب التى وصفهم النعمان بها فى كتابه وأقام الترجمان ليؤدي إليه كلامهم ثم أذن لهم فى الكلام ...

فقام أكثم بن صيفى فقال :-

((( أن افضل الأشياء اعاليها وأعلى الرجال ملوكها وأفضل الملوك أعمها نفعا وخير الازمنة أخصبها وأفضل الخطباء أصدقها . الصدّق منجاة والكذب مهواة والشر لجاجة مركب صعب والعجز مركب وطى آفة الرّأى الهوى والعجز مفتاح الفقر وخير الامور الصبر ، حسن الظن ورطة وسؤ الطن عصمة ، إصلاح فساد الرّعية خير من إصلاح فساد الرّاعي ، من فسدت بطانته كان كالغاص بالماء . شر البلاد بلاد لا أمير بها ، شر الملوك من خافه البريء ، المرء يعجز لا محالة ، أفضل الأولاد البرره ، خير الأعوان من لم يراء بالنصيحة ، أحق الجنود بالنصر من حسنت سريرته يكفيك من الزاد ما بلغك المحل ، حسبك من شر سماعه الصمت ، حكم وقليل فاعله ، البلاغة الأيجاز ، من شدّد نفّر ومن تراخى تألف ))))

فتعجب كسرى من أكثم ثم قال ويحك يا أكثم ما أحكمك وأوثق كلامك لولا وضعك كلامك فى غير موضعه قال أكثم : الصدق ينبىء عنك لا الوعيد ، قال كسرى : لو لم يكن للعرب غيرك لكفى قال أكثم : رب قول أنفذ من وصول .
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م