أسرار عسكرية إسرائيلية على الهواء

[خبيب]

أسرار عسكرية إسرائيلية على الهواء

كشفت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أمس الأول واحدا من أخطر الاخفاقات الأمنية الإسرائيلية عندما أذاعت نبأ بث تجربة سرية على صاروخ جديد بشكل حي عبر قمر صناعي مدني. وأعلن عن تشكيل لجنتي تحقيق في وزارة الدفاع وفي الصناعات العسكرية.
وبحسب صحيفة <<هآرتس>> كان بوسع أي صحن لاقط في الشرق الأوسط التقاط البث الذي استمر أكثر من ثمان وأربعين ساعة منذ بدء الاستعدادات لاطلاق الصاروخ وحتى فشل التجربة بعد دقيقتين من اطلاقه. وكانت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي قد قامت بتسجيل البث وبعد أيام عرضت التسجيل على الرقابة العسكرية التي سمحت بنشر مقاطع صغيرة منه.
وذكرت صحيفة <<يديعوت أحرنوت>> ان واحدا من أكثر الاسرار العسكرية يكشف عن طريق الخطأ وبات يمكن الاطلاع عليه من جانب ملايين العرب في منطقة تقع بين ايران وليبيا، وهي المنطقة التي يغطيها القمر الصناعي المدني الإسرائيلي. وقد اجتمع كبار القادة العسكريين، وبينهم ثلاثة جنرالات هم نائب رئيس الأركان غابي أشكنازي وقائد الاسلحة البرية يفتاح رون طال وقائد فرقة، أيال بن روبين، في قاعدة عسكرية سرية لمراقبة التجربة. وكان القمر الصناعي ينقل الى غرفة المراقبة مسار الصاروخ أثناء تحليقه.
وكتبت <<يديعوت أحرنوت>> انه في غرفة المراقبة التي تعتبر <<قدس أقداس المؤسسة الأمنية>> عرضت على شاشات التلفزيون صور ومعطيات: خريطة لمناطق التجربة ومعلومات كاملة عن مسار الصاروخ، وكذلك معطيات عن مدى وسرعة الصاروخ بل ومعالم دقيقة لمنظومة السلاح هذه. وقالت إنه في غرفة المراقبة وضعت كاميرا تلفزيونية لبث ما يجري الى غرفة أخرى أثناء الاستعدادات وأثناء الاطلاق. والأهم أنه كان بوسع أي مشاهد من الخارج للبث التلفزيوني ان يسمع الأحاديث الجانبية بين الحاضرين.
وأشارت <<يديعوت>> الى أن الاخفاق الأمني لم يقف عند هذه الحدود، فأثناء البث كان مديرو التجربة يتحدثون عن قضايا سرية أخرى. وقد تبادلوا أثناء ذلك كلمات سرّ لفتح الحواسيب في الصناعات العسكرية.
ورأت صحيفة <<معاريف>> ان هذا كان أحد الاخفاقات الأكثر إذهالاً في التاريخ الإسرائيلي وهو إخفاق يصعب تصديق حدوثه في الواقع. وقالت إن المثير للسخرية هو ان أحد مدراء التجربة طلب من أحد الحاضرين إبلاغه بكلمة السر للحاسوب وصرخ نحوه قائلا: <<لا تهتم، لا أحد يسمعنا>>.
وذكرت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، التي عرضت، بعض مقاطع من تسجيلات التجربة، ان أحد الفنيين لديها اكتشف الأمر بالصدفة وأبلغ المراسل العسكري للقناة بذلك. وطلب المراسل منه مواصلة التسجيل. وفقط بعد ثمانٍ وأربعين ساعة من التسجيل، وبعد الاعلان عن فشل تجربة الصاروخ الذي كان يفترض ان يحلق ثلاث دقائق لكنه سقط في البحر بعد دقيقتين جرى إبلاغ السلطات العسكرية بذلك. وحينها بدأت الفضيحة بالظهور. وقد أصيبت وزارة الدفاع الإسرائيلية بالذهول. واضطرت الصناعات الجوية الإسرائيلية للاعلان عن أنها <<نفّذت اليوم تجربة على مقذوف مدفعي طويل المدى وبالغ الدقة، وقد جرت التجربة مقابل السواحل الإسرائيلية. ولم تتحقق غايات التجربة>>.
وذكرت صحيفة <<معاريف>> ان التجربة الفاشلة كانت على صاروخ بحري بعيد المدى. وقالت إنه تبين ان الصاروخ خرج عن مساره فجرى تدميره فوراً. وأوضحت أن الصاروخ يستهدف تحقيق ثلاث غايات: زيادة المدى مقارنة بالصواريخ الأخرى، تحسين دقة الاصابة، وتجربة إمكان إطلاقه من البحر.
من جهته قال ميخائيل غوردوس، الراصد الإسرائيلي المشهور: <<هذا إهمال. فقد اوكل نقل التجربة من غرفة الى أخرى الى شركة مدنية، وكان بوسعهم تشفير البث>>. وأوضح ان هذا يحدث مراراً.