[
عندما يتحدث الموتى[
صورة بشعة ما تزال عالقة بذهني صورة ذلك الرجل الوسيم (إيريك) وهو ممدد على الأرض ميتاً ، وقد برز على الشاشة رجل تبدو عليه ملا مح الشر عريض اللحية غير مصفف الشعر ، وقد فرغ الرشاش فيه وقال بتحد:هذا مصير كل رجل مثله.
كنت أشعر بالحقد على هذا الرجل المجرم الذي قتل إنساناً لا ذنب له في الحياة ..لم يفعل كل هذا وما الدافع وراءه؟ إنه رجل وحشي وحشي يجب أن يموت على الفور.
ولم يكد اليوم التالي يمر إلا وصورة طفل صغير في الرابعة جاء مجموعة من الرجال ضربوه ودخلوا بيته وفتشوا بيته بالقوة ولم يجدوا شيئاً فقتلوا أخاه وأباه وأمه وخالته وجده وجدته و.......و...قتلوه بعد ذلك...... ماثلة في ذهني.
صورتان مؤلمتان لم أكن أود أنني رأيتهما من قبل. لا سيما بعد أن رأيت في التلفاز صورة عائلة (إيريك) وهي تبكي عليه.. الرجل الحنون والطيب والمحب لزوجته وأبنائه والمثالي والمحب للخير .....
وكذلك الطفل و ما صار له وكنت أتأمل المشهد بحزن وأقول" إنني أكره الدماء والموت والعنف لماذا لا نعيش في سلام؟ ......." ولكن لم يمر اليوم التالي إلا وهذا الطفل ماثل أمامي في منامي يقول لي :"هل تعرفني ؟ فقلت له نعم أنت الطفل الذي رأيتك...... ثم قال لي هل تعرف ذلك الوسيم ؟ قلت له نعم .......قال لي "إنه الذي قتلني."
يا إلهي هذا هو ...قاتلك؟ لماذا إذا ً أراه في الشاشة والناس يتحدثون عن قتله بشكل وحشي ونسوك أيها الصغير ؟
فقال لي" لأنهم يرون بالعين التي يحبون الرؤية بها ؟ هل تعتقد أنني مذنب ؟" فقلت له :لا. فقال لي "انظر إلى الأرض التي مات عليها وما حولها .. أرض صحراوية تشع منها رائحة ما.. لقد كان الوضع كذلك حقاً..... والنخيل الذي حولها .. يدل على شيء ما .. والمرأة المحتشمة والخيمة والخيل ....هل فهمت شيئاً ؟"
قلت له : نعم فهمت .. فقال لي " أخبر الناس بما فهمت إذاً" ثم قال "ألم تلاحظ شيئاً على إيريك؟"
فقلت نعم .. يا إلهي لقد كان هذا الرجل يرتدي سترة خضراء عليها نجوم .. نعم وفي كتفه شيء أسود له زر يضغط عليه فيقتل الناس وعلى ملبسه شارة علم فيه اللون الأبيض المخطط بالأحمر والنجوم ........
استيقظت من النوم وقلت في نفسي : تبكون على هذا الإيريك المجرم ولم تبكوا على هذا الطفل اتهمتموه بالإرهاب والقتل ... وتقولون لنا نحن مجرمون؟ كلا كلا نحن لسنا كذلك ..بل هو أنت ذلك أيها المقتول . يا عائلة إيريك ....هذا الذي قلتم عليه وحشياً لا ليس وحشي. هو ليس إلا مدافعاً عن وطنه ولا أستبعد أن يكون والد هذا الطفل الصغير وانتقم له..لا إنه ليس وحشي إنه مجاهد نعم مجاهد وأقولها بأعلى صوت هو مجاهد. يازوجة إيريك : زوجك مجرم. إن مشهد بكائك وأبنائك يؤسي القلب حقاً لكن كان علينا أن ننظر بالعين الأخرى للعائلات الأخرى ..أرضهم وترابهم وأموالهم وتاريخهم وحضاراتهم..... لقد مات إيريك لكنه إذا عاد للحياة فإننا سوف نقتله ألف ألف مرة.نعم سنقتل إيريك وجون وجورج وبيل ومايكل وتوم وجيري وكولن و دونالد ........ كما قتلتم أحمد ومحمد وناصر وسالم ... وكما هي عائلة إيريك فهناك لدينا عائلات محمد وأحمد والمثنى وخالد وعمرو وصلاح تشتكي من فقدتهم لكنهم يوماً سيعودوا بإذن الله .لكن لتعلموا لم أنس وصية الطفل سأخبركم بما فهمته :الأرض عربية والنخل عربي والرسم عربي والصوت عربي والسيف عربي ......فلا تحزنوا على قتيلكم المجرم المحتل الأجنبي الذي جاء بالسيف ...نعم الأرض عربية وستظل عربية ولن تموت ..عربية عربية تحديدًا... عراقية