وأما الحسن u فقد روى المفيد في الإرشاد عن أهل الكوفة أنـهم: شدوا على فسطاطه وانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته فبقى جالساً متقلداً السيف بغير رداء) (ص190) أيبقى الحسن u بغير رداء مكشوف العورة أمام الناس؟ أهذه محبة؟.
ودخل سفيان بن أبي ليلى على الحسن u وهو في داره فقال للإمام الحسن: (السلام عليك يا مذل المؤمنين! قال وما علمك بذلك؟ قال: عمدت إلى أمر الأمة فخلعته من عنقك، وقلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله؟) (رجال الكشي 103).
هل كان الحسن u مذلاً للمؤمنين؟ أم أنه كان معزاً لهم لأنه حقن دمائهم ووحد صفوفهم بتصرفه الحكيم ونظره الثاقب؟
فلو أن الحسن u حارب معاوية وقاتله على الخلافة لأريق بحر من دماء المسلمين، ولقتل منهم عدد لا يحصيه إلا الله تبارك وتعالى، ولمزقت الأمة تمزيقاً ولما قامت لها قائمة من ذلك الوقت.
وللأسف فإن هذا القول ينسب إلى أبي عبد الله u ووالله إنه لبريء من هذا الكلام وأمثاله.
وأما الإمام الصادق فقد ناله منهم شتى أنواع الأذى ونسبوا إليه كل قبيح، اقرأ معي هذا النص:
عن زرارة قال: (سألت أبا عبد الله u عن التشهد .. قلت التحيات والصلوات .. فسألته عن التشهد فقال كمثله، قال: التحيات والصلوات، فلما خرجت ضرطت في لحيته وقلت: لا يفلح أبداً) (رجال الكشي 142).
حق لنا أن نبكي دماً على الإمام الصادق u نعم ..كلمة قذرة كهذه تقال في حق الإمام أبي عبد الله؟ أيضرط زرارة في لحية أبي عبد الله u؟! أيقول عن الصادق u لا يفلح أبداً؟؟
لقد مضى على تأليف كتاب الكشي عشرة قرون، وتداولته أيدي علماء الشيعة كلهم على اختلاف فرقهم، فما رأيت أحداً منهم اعترض على هذا الكلام أو أنكره أو نبه عليه، وحتى الإمام الخوئي، لما شرع في تأليف كتابه الضخم (معجم رجال الحديث) فإني كنت أحد الذين ساعدوه في تأليف هذا السفر وفي جمع الروايات من بطون الكتب، لما قرأنا هذه الرواية على مسمعه أطرق قليلاً، ثم قال: لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة، ما زاد على ذلك، ولكن أيها الإمام الجليل إن الهفوة تكون بسبب غفلة أو خطأ غير مقصود، إن قوة العلاقة بك إذا كنت لك بمنـزلة الولد للوالد، وكنت مني بمنـزلة الوالد لولده تحتم علي أن أحمل كلامك على حسن النية وسلامة الطوية وإلا لما كنت أرضى منك السكوت على هذه الإهانة على الإمام الصادق أبي عبد الله u.
وقال ثقة الإسلام الكليني (حدثني هشام بن الحكم وحماد عن زرارة قال: قلت في نفسي: شيخ لا علم له بالخصومة -والمراد إمامه-)
وقد كتبوا في شرح هذا الحديث:
إن هذا الشيخ عجوز لا عقل له ولا يحسن الكلام مع الخصم.
فهل الإمام الصادق (لا عقل له)؟.
إن قلبي ليعتصر ألماً وحزناً، فإن هذا السباب وهذه الشتائم وهذه الجرأة لا يستحقها أهل البيت الكرام، فينبغي التأدب معهم.
وأما العباس وابنه عبد الله، وابنه الآخر عبيد الله، وعقيل عليهم السلام جميعاً فلم يسلموا من الطعن والغمز واللمز، اقرأ معي هذه النصوص.
روى الكشي أن قوله تعالى: ]لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ[ نزلت فيه -أي في العباس- (رجال الكشي 54).
وقوله تعالى: ]وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً[ وقوله تعالى: ]وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ[ نزلنا فيه (52-53) وروى الكشي أيضاً أن أمير المؤمنين u دعا على عبد الله بن العباس وأخيه عبيدالله فقال: (اللهم العن ابني فلان -يعني عبد الله وعبيدالله- واعم أبصارهما كما عميت قلوبـهما الأجلين في رقبتي، واجعل عمى أبصارهما دليلاً على عمى قلوبـهما) (52)
وروى ثقة الإسلام أبو جعفر الكليني في الفروع عن الإمام الباقر قال في أمير المؤمنين: (وبقي معه رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام، عباس وعقيل)
إن الآيات الثلاث التي زعم الكشي أنـها نزلت في العباس معناها الحكم عليه بالكفر والخلود في النار يوم القيامة، وإلا قل لي بالله عليك ما معنى قوله: ]فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً[؟.
وأما أن أمير المؤمنين u دعا على ولدي العباس عبد الله وعبيدالله باللعن وعمى البصر وعمى القلب فهذا تكفير لهما.
إن عبد الله بن العباس تلقبه العامة -أهل السنة- بترجمان القرآن وحبر الأمة، فكيف نلعنه نحن وندعي محبة أهل البيت عليهم السلام؟
وأما عقيل u فهو أخو أمير المؤمنين فهل هو ذليل وحديث عهد بالإسلام؟!
وأما الإمام زين العابدين علي بن الحسين فقد روى الكليني: أن يزيد بن معاوية سأله أن يكون عبداً له، فرضي u أن يكون عبداً ليزيد إذ قال له: (قد أقررت لك بما سألت، أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك وإن شئت فبع) (الروضة من الكافي 8/235).
فانظر قوله وانظر معناه:
(قد أقررت بأني عبد لك، وأنا عبد مكره فإن شئت فأبقني عبداً لك وإن شئت أن تبيعني فبعني) فهل يكون الإمام u عبداً ليزيد يبيعه متى شاء، ويبقي عليه متى شاء؟
إذا أردنا أن نستقصي ما قيل في أهل البيت جميعاً فإن الكلام يطول بنا إذ لم يسلم واحد منهم من كلمة نابية أو عبارة قبيحة أو عمل شنيع فقد نسبت إليهم أعمال شنيعة كثيرة وفي أمهات مصادرنا وسيأتيك شيء من ذلك في فصل قادم.
إقرأ معي هذه الرواية:
عن أبي عبد الله u: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا ينام حتى يقبل عرض وجه فاطمة) (بحار الأنوار 43/42).
(وكان يضع وجهه الكريم بين ثديي فاطمة عليها السلام) (بحار الأنوار 43/78).
إن فاطمة سلام الله عليها امرأة بالغة فهل يعقل أن يضع رسول الله وجهه بين ثدييها؟! فإذا كان هذا نصيب رسول الله صلوات الله عليه ونصيب فاطمة فما نصيب غيرهما؟ لقد شكوا في الإمام محمّد القانع هل هو ابن الرضا أم أنه ابن (..).
إقرأ معي هذا النص:
عن علي بن جعفر الباقر أنه قيل للرضا u:
(ما كان فينا إمام قط حائل اللون -أي تغير واسود- فقال لهم الرضا u: هل ابني، قالوا: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى بالقافة -مفردها قائف وهو الذي يعرف الآثار والأشباه ويحكم بالنسب- فبيننا وبينك القافة، قال: ابعثوا أنتم إليه فأما أنا فلا، ولا تعلموهم لما دعوتـهم ولتكونوا في بيوتكم.
فلما جاءوا أقعدونا في البستان واصطف عمومته واخوته وأخواته، وأخذوا الرضا u، وألبسوه جبة صوف وقلنسوة منها، ووضعوا على عنقه مسحاة وقالوا له: ادخل البستان كأنك تعمل فيه، ثم جاءوا بأبي جعفر u فقالوا: الحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا: ليس له ههنا أب ولكن هذا عم أبيه، وهذا عمه وهذه عمته، وإن يكن له ههنا أب فهو صاحب البستان، فإن قدميه وقدميه واحدة، فلما رجع أبو الحسن قالوا: هذا أبوه) (أصول الكافي 1/322)، أي أنـهم شكوا في كون محمّد القانع سلام الله عليه ابن الرضا u، بينما يؤكد الرضا u أنه ابنه، وأما الباقون فإنـهم أنكروا ذلك ولهذا قالوا: (ما كان فينا إمام قط حائل اللون) ولا شك أن هذا طعن في عرض الرضا u واتـهام لامرأته وشك في عفتها، ولهذا ذهبوا فأتوا بالقافة، وحكم القافة بأن محمداً القانع هو ابن الرضا u لصلبه، عند ذلك رضوا وسكتوا.
ـــــــــــــــــــــــــ
ي
ت
ب
ع
ان شاء الله