مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 11-04-2007, 12:48 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

وبعدما رأوا أن الشباب في العنابر يسلمون على بعضهم البعض عبر الشجون، وضعوا بينهم مولدات الكهرباء التي يأخذونها الناس معهم إلى البر «الجانوريترات»، بين كل عنبر وآخر خمسة من المولدات، ما ينتج عنه صوت عالٍ ومزعج جدا بحجة ألا يتحدث أحدنا مع الآخر، وهذه حجة هاوية، فلا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار، بالإضافة إلى تسليط الكشافات، وعندما تطفئ الكهرباء فجأة لثوان معدودة والله نشعر كأننا في جنة، وهناك كشافات داخلية وأخرى خارجية من على الأبراج مسلطة على العنابر.
يضعوننا تحت إطار الطائرة، ونسمعها تقترب حتى نظن أنهم سيدعونها تدهسنا، أو نظن أن المروحة الخارجية للطائرة ستضرب رؤوسنا واحدا تلو الآخر، لأننا كنا مغطين الرؤوس، فكنا نعيش في رعب دائم.
من التعذيب النفسي انقطاعنا عن أهلنا بالكلية، فلا رسائل ولا مكالمات ولا أخبار، وفي الآونة الآخيرة وصلتنا رسائل من أهلنا مكتوب فيها: السلام عليكم ورحمة الله أخوك وليد يسلم عليك، ومسحوا باقي الرسالة وفي آخرها مكتوب، لا تهتم ولا تخف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!! فأين باقي الرسالة؟ وبعض أهالي الأسرى ونشروها في وسائل الإعلام، كلها مشطبة، يحطمون بذلك نفسياتنا ويعذبوننا بعدم معرفة أخبار أهلنا وأولادنا وأزواجنا! بل بلدنا بكاملها لا نعرف أخبارها، منقطعين تماما، حتى نتساءل أحيانا هل قامت حرب عالمية ثالثة؟ أو أننا فقط الذين نعيش في العالم أم حصل كذا أو كذا؟ لا نعرف الأخبار نهائيا لا الأحداث التي جرت في الكويت ولا سقوط العراق ولا أي شيء.
وعندما يقدمون لنا الطعام نجد فيه العفن والديدان، وعندما نخبرهم لا نجد استجابة وأحيانا يقولون اننا لا نعلم بذلك!
- العجمي: من وسائل تعذيبهم أنهم كانوا يساومون بعض الأخوة بالأدوية، فبعض الإخوة أصيب بالقرحة، وأصيب بعضه بالروماتيزم بالمفاصل، لأن الأميركان كانوا يعرون الشباب، ويضعونهم على الحديد، وكانت الأرض صاجة، وروماتيزم المفاصل أخطر مرض، وأنا مصاب به الآن، أشعر بمثل السكاكين على جسمي إذا جاءت نفحة هواء باردة، فكانوا يساومون الأخوة.
أذكر أخا اسمه علي من آل حسين من قبيلة وائلة باليمن، كان يعاني من اللوزتين، فجلسوا يساومونه يقولون له: إن كنت تريد علاجا فزودنا بمعلومة عن فلان وفلان، وماذا تعرف عن علان الموجود بالزنزانة التي بجانبك، ولم يكن يجيبهم فأهملوه حتى أصيب بمرض غريب وهو روماتيزم بالقلب، وأسأل الله أن يشفيه، وكثير من الإخوة أصيب بالقرحة ولم يتم علاجهم، بسبب المساومة على العلاج والأدوية.
وهذا أحد الأخوة أسأل الله أن يفرج عنه وعن الباقين جميعا، كان مصابا في أصابعه، فتكلم مع الطبيب ووعدوه بعملية جراحية، فعندما ذهب إلى المستشفى وأعطوه البنج كانوا يتعلمون عليه، فبعد أن أمسى في غرفة العمليات وأصبح وجد أصابعه مبتورة، وكان يشتكي من أصبع واحد فقط!! فالأميركان كانوا يشتغلون جزارين هناك.. وأخونا عمران المكي، كان مصابا بإصابة وكل فترة يقطعون من جسده حتى بتروا رجله. فالحالة الصحية هناك تعيسة جدا.
واتخذوا الأسرى حقل تجارب، والآلام التي نعاني منها كلها من أثر الإبر التي كانوا يعطوننا إياها الأميركان. كانوا يقولون لنا بأنفسهم أن الإبر التي كانوا يعطوننا إياها كلها جراثيم، وكذلك أدوية مرض الكبد وغيرها، ولكن الله حفظنا بفضله ثم بالرقية الشرعية.
والمسلمون في صمتهم تجاه ما يحدث لإخوانهم في غوانتانامو يسألون عن كل صغيرة وكبيرة أمام الله تعالى وفي كل مكان كالأسرى في أبو غريب والأردن وباكستان وأفغانستان.
• هل لمستم شيئا من تعاطف الجنود معكم؟
- الزامل: بعض الجنود كانوا متعاطفين معنا، وأذكر مرة جاءني جندي وقال لي: أنا مستغرب كيف استطعتم الصبر طوال هذه المدة! فالجنود كل ستة أشهر يستبدلون في المعسكر بالكامل، وهذا نوع من الذكاء العسكري، فالإنسان عبارة عن أحاسيس ومشاعر، وفي كل بلد تجد أناسا متعاطفين أو مؤمنين بحقوق الإنسان، وعندما يأتون بالجنود الجدد يقذفون الرعب في قلوبهم ويقولون هؤلاء إرهابيون محترفون وكلهم يلعبون ألعابا قتالية وفي مستوى عال من الذكاء والمكر لا تتعاطفون معهم.
كنت تجد الجنود في بداية وجودهم يبدوا عليهم الخوف الشديد منا حتى إذا أرادوا إعطاءنا شيئا ما يتعامل بحذر شديد جدا، وبعد فترة من الزمن يصبح كأنه واحد منا وهذا ينطبق على الكثير من الجنود، فيقول لنا أحدهم: سمعت أنكم إرهابيون ومجرمون، ولكن الذي رأيته خلاف ذلك، وعندما أرجع بلدي سأخبر أهلي ووالدي بما رأيت منكم.. فتجد كثيرا من الجنود غير راضين بالوضع القائم في غوانتانامو، حتى قال لي أحدهم والله لو كنت مكانكم لأصبحت مجنونا بعد ثلاثة شهور فقط مما تلاقونه..فكنت استغله بالدعوة وأخبره أن هذا تثبيت الله سبحانه وتعالى، وكل شيء بيد الله تعالى.
كان الجنود في بعض الأحيان يستغربون صبرنا ومكوثنا في غوانتانامو فهو مكان حار جدا ومليء بالأوبئة والحشرات والعقارب والثعابين، والعديد منا لدغ من حية أو عقرب ولم يكن مسموح لنا أن نقتل الثعابين أو العقارب، وهناك أيام في السنة تخرج علينا القباقب «سرطعون البحر» صغيرة ولونها برتقالي، فتخرج علينا بالملايين، والله اني نائم وفوق جسدي أكثر من ألف واحدة منهم، ولو دسنا أحدهم بأرجلنا فستنقلب رائحة المكان «زفرة»، ولا ينظفون المكان ولا يزيلون هذه القباقب فيستمر التعذيب النفسي لنا.
• عادل هل ارتكبت ضدك عقوبة معينة نتيجة لارتكابك فعلا معينا؟
- الزامل: منذ أول خمسة أيام قدمت فيها غوانتانامو وضعوني في سجن انفرادي في مكان حار، صندوق من حديد قياسه متران في متر، مغلق من جميع النواحي، وله فتحة واحدة والجو فيه حار جدا..
• والسبب؟
- الزامل: لا يوجد سبب نهائيا، فوضعوني في هذا المكان، ولم توجه لي أي تهمة أصلا عن أحداث 11 سبتمبر، فكل القضية والقتال الجاري إلى اليوم كلها بأسباب 11 سبتمبر، ونحن لا دخل لنا بتلك الأحداث، فلسنا ممن فجروا الطائرات ولسنا نتبع تنظيم القاعدة، ولا دخل لنا بأي شيء بتاتا.
والأسئلة التي طرحت علينا في أول الأيام فقط، تعرف أسامة بن لادن أو أيمن الظواهري أو فلان أو فلان، فقلنا لا، وانتهت الاسئلة.. ثم كان التحقيق المستمر بعد ذلك لا دخل له بالقاعدة أو بغيرها، بل كان عن تعدد الزوجات وعن القبائل عنزة ومطير وشمر وغيرهم، ومدى قرابتهم لبعض، وهل كندري يقرب للكندري الآخر، وعن الديوانيات الكويتية وأصحاب الديوانية والأحاديث التي عادة ما تقال في الديوانيات، وكلام كثير من هذا القبيل.. ولم توجه لنا أي تهمة بخصوص أحداث 11 سبتمبر، وكان مكوثنا طوال تلك المدة من دون تهمة.
• وكيف كانت حياتك داخل الصندوق؟
- الزامل: تركوني لمدة شهر داخل هذا الصندوق، والطعام دائما يكون قليلا جدا، ويوجد مرحاض في نفس المكان لقضاء الحاجة، والملابس بوليستر مئة بالمئة وهذا نوع من التعذيب النفسي الجسدي، والخبر ليس كالمعاينة والذي يحترق ليس كالذي يتفرج، وأحيانا يضيق صدري حتى أدعو الله أن يأخذ حياتي.
الهم الذي كنا نعانيه يدك الجبال، تخيل.. حرا شديدا، ولا يوجد علاج، وممنوع عليك الكلام، والله اني لما أستيقظ من نومي أجد الوسادة مملوءة بالماء من شدة العرق الذي نعرقه والحر الذي نعانيه.
وهناك فتحة صغيرة في الباب قياسها تقريبا 30 سم في 10 سم ليدخلوا منها الطعام، ووالله الذي لا إله إلا هو انني أقترب منه حتى آخذ النفس لضيق النفس الذي نعانيه، حتى أشعر أني أكاد أموت.
وبعد هذه العقوبة بشهر تقريبا أدخلوني في نفس الصندوق ولكنه بارد جدا، فيه فتحة سنترال، ودرجة الحرارة فيه تحت الصفر، ونزعوا عني ملابسي باستثناء شورت فقط، من غير فانيلا أو سروال وأنام على الحديد، حتى أشعر أني سأتجمد من البرد، وألعب رياضة وأقفز بالليل حتى لا أتجمد، ولا أستطيع النوم.
والغريب في الأمر أنهم حينما يستدعوني للتحقيق يسألوني أين أنت، من باب التعذيب النفسي، فأخبرهم أني في الانفرادي الفلاني فيقولون: من ذهب بك إلى هناك كأنهم لا يعلمون، وما يريدون إلا اللعب في نفسياتنا، ثم يسألوني عن فلان أو فلان، ويظنون أننا في غوانتانامو كلنا نعرف بعضنا البعض، وأنا شخصيا لا أعرف أحدا من الكويتيين الموجودين في غوانتانامو مسبقا إلا سعد العازمي كنت أعرفه قبل خروجي من الكويت. فكيف أعرف غيرهم!! وأكدت لهم أنني لا علاقة لي بأحد.
وهذا التعذيب لظنهم أننا نكذب، فيمارسون معنا ممارسات شرسة جدا.
• ألم تكن تعارضهم في شيء أو تستهجن فعلا معينا أو تقاومهم؟
- الزامل: أنا بطبعي هاديء جدا لا أحب المشاكل، فأحيانا يجلسوني في غرفة ويشغلون المسجل صوت الموسيقى بصوت عال جدا، ويتركوني لمدة ساعتين أو ثلاث، فيدخلون علي ويقولون منذ متى وأنت هنا، أجيبهم منذ فترة، فيقولون هل تريد الموسيقى أو تريدنا نطفيها فأجيبهم افعلوا ما تشاءون وما يحلو لكم. واليوم الذي بعده مباشرة يجلسوني ويشغلون الشيخ عبدالباسط بصوت عال جدا، ويتركوني ثلاث ساعات ثم يدخلون علي بنفس الطريقة فأقول لهم عندما يسألوني إن كنت أريد إغلاق المسجل أو تخفيض الصوت: افعلوا ما يحلو لكم «كيفكم»، فأنا مأسور وليس لدي كلمة، وأعرف أن ليس لدي حق، وأنا مربوط وأحيانا يجلسوني بطريقة تكسر الظهر وأنا أنتظر دخولهم علي.
وعند التحقيق يدخلوني غرفة باردة جدا، ويتركوني بالساعات، ثم يدخلون علي يحققون معي لمدة ساعة إلى ساعتين ثم يخرجون ويتركوني ساعتين أخريين، وهكذا لمدة ست إلى سبع ساعات. وعندما أصل العنبر أظل لفترة ويدي كأنهم متجمدتان، من شدة البرودة.
ومن أساليب التحقيق النفسي التي قتلتني قتلا وأثرت فيني كثيرا ولم يسبق أن قلتها لأحد لا وسائل إعلام ولا حتى لإخواني، ولا أنسى هذا الأمر أبدا، كان يأتيني شخص أميركي كبير بالعمر بالـ55 إلى 60 سنة تقريبا، نحيف، طوله مناسب ويعتبر طويلا، كان يأتيني بين فترة وأخرى وأول ما يدخل علي يقول لي: احفظ وجهي جيدا فلعلي أراك مرة أخرى، فيسألني إن كنت أعرف انكليزية فأقول له: أعرف القليل، فيقول أنت تتحدث جيدا، فأقول له: لا أعرف إلا القليل، فيبدأ بأساليب تعذيب أود الاحتفاظ بها في نفسي ولا أود ذكرها لأحد، فيبدأ بالتعذيب، وكلما يأتيني يقول لي نفس الكلام، وكان يضع ملصقا على اسمه، ولكن مرة من المرات سقط الملصق عن اسمه ورد ركبه، فكان اسمه يتكون من أربعة أحرف أو خمسة، لم أتمكن إلا من قراءة الحرف الأول والأخير، كان الأول حرف H والأخير حرف D، واسمه قصير، وكان يكرر علي عبارة: تذكر وجهي لعلي أراك مرة أخرى ثم يبدأ بالتعذيب.
وكذلك المحققة التي استمرت معي لمدة سنتين واسمها «ميغن»، وكانت تقول لنا: إذا لم تكونوا خائفين فلماذا تضعون كنى مثل أبو معاذ وأبو كذا؟ لماذا لا تذكرون أسماءكم الحقيقية؟ فقلت لها: أنتم كذلك لديكم كنى، فهي تزعم أن اسمها «ميغن» بينما اسمها الحقيقي «ماغي»، واكتشفت اسمها عندما نسيت هويتها مكشوفة، وعندما قدمت نحوي رأيت الهوية، وإلا ففي العادة فإنها تنزع الهوية أو تخبئها، ولم أقل لها أنني أعرف اسمها الحقيقي، ولم أقل لأحد إلا بعد وصولنا الكويت. فحتى المحققين أحيانا يخطؤون بالتحقيق بدلا من أن يقل «ميغن» قالت لك كذا، فإنه يقول «ماغي» قالت لك كذا، فيخطؤون في التحقيق.
وهذه المحققة كانت تأتي مع شخص يجلسان سويا، من أساليب التعذيب، فيقول لها أمامي: أنا معك نستطيع فعل المستحيل الذي لا تستطيع الاستخبارات الأميركية فعله، ونستخرج معلومات لا يستطيعون استخراجها، فتجيبه: أنا أعرف، بل أنا متأكدة من ذلك، ثم يبدأون بتعذيبي بطريقة أحتفظ فيها لنفسي.
وكانت دائما تدندن حول هذا الكلام، وكانت تقول للشخص الذي معها: أنا أثق بك ثقة جيدة وأنت صاحب مهارات، وتستطيع أن تحقق الذي لم تستطع الـ FBI والاستخبارات تحقيقه، فيقول لها نعم، وسترين الآن ما سنفعله، ثم يبدأون بالتحقيق معي، وهذا اسلوب رعب، فكانت هذه الطريقة تؤثر بنفسي جدا.


غداً...
جنود اميركان اسلموا على أيدي المعتقلين
وتفاصيل الإغراءات الجنسية
  #2  
قديم 12-04-2007, 10:48 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

الطريق إلى غوانتانامو / (5)


تحقيق أجراه: سالم الشطي: الطريق من الكويت إلى غوانتانامو ومن غوانتانامو إلى الكويت لا تقاس بالمسافات.
هي طريق ملأى بمصاعب التجربة وصعوبة الذكرى.هذه اللقاءات التي نرويها على لسان أصحابها الكويتيين العائدين من غوانتانامو عادل زامل عبد المحسن الزامل مواليد 1963، متزوج من زوجتين ولديه 9 أبناء وعبد الله صالح علي العجمي مواليد 1978، متزوج وسعد ماضي سعد العازمي مواليد 1979،متزوج، سوف تغطي فترة الاعتقال وحتى الفرج والعودة إلى أرض الوطن وهي تروى بألسنة هؤلاء، وهم مستعدون للتعقيب والرد على أي استفسار قد يرد من القراء.
تفاصيل ذهابهم الى باكستان ثم الى افغانستان والعيش في ظل حكومة طالبان ثم الغزو الاميركي لافغانستان والقبض عليهم في باكستان مرورا ترحيلهم الى قندهار واستقرارهم بـ «غوانتانامو» وانتهاء بالافراج عنهم ورجوعهم الى الكويت. تنشرها «الراي» على حلقات يرى القارئ فيها ذلك المعتقل... من الداخل.
وإليكم التفاصيل:


جنود أميركيون أسلموا على أيدي شباب وهم تحت العذاب... لله الحمد
يستكمل اسرى غوانتانامو المحررين قص المعاناة التي عاشوها في المعتقل.
هل مارستم في معتقل غوانتانامو دعوة الجنود الأميركان إلى الإسلام؟ أو تعلمتم اللغة الإنكليزية منهم؟- العازمي: كثير من الاخوة الأسرى في غوانتانامو كانوا يجيدون اللغة الانكليزية، وكانوا يدعون الجنود الأميركان، وأسلم بعضهم ولله الحمد، وعندما علمت إدارة المعتقل بقيادة الجنرال ميلر أن بعض العسكر أشهروا إسلامهم فاستبدل الجنود بآخرين وحذرهم من فتح مجال الأسئلة الدينية مع المعتقلين أبدا، وأن هذا من اختصاص المحققين فقط، فلما جاء الحرس الجدد كانوا يرفضون مجرد الحديث عن الإسلام عندما كان بعض الاخوة يحاولون عرضه عليهم، ويقولون لنا: لو نفتح معكم هذا الموضوع سينقطع راتبي وأحاكم محاكمة عسكرية وقد أسجن من إثر ذلك، فأرجوك لا تفتح معي هذا الموضوع بتاتا.
أما تعلم اللغة الانكليزية، فكنا مهتمين بها منذ بداية اعتقالنا ونريد تعلمها وإجادتها، وأغلب الأسرى في غوانتانامو تعلموها، ثم تركنا الرغبة في التعلم بسبب أن الأميركان كان كلامهم دائما قبيحا جدا، فعندما تتحدث معه تجد كلامهم وخصوصا كلام الاستغراب عندهم كله فحش وكلمات «فك وتركيب»! وأظنك فهمت قصدي.. وأسميناها بذلك لنتجنب الألفاظ السيئة.. وهذا جعلنا نترك ونكره اللغة الانكليزية.. ونتعفف عن تعلمها، ومن الصعب علينا أن نتعلم من أناس بهذه السوقية والوقاحة في الألفاظ، وتوقفنا عن مخالطتهم والحديث معهم عن اللغة، ولكن لطبيعة الحال تعلمنا من اللغة الانكليزية ما نستطيع أن نطلب به أمرا ما، ونخاطبهم بالأمور السطحية البسيطة.
• سعد هل ارتكبت ضدك بعض العقوبات نتيجة لارتكابك فعلا ما؟
- العازمي: سألني مرة أحد المحققين سؤالا، فقلت له: منذ ثلاث سنوات وأنتم تسألونني نفس السؤال وأجيبه أما الآن فلن أجيب، فأتى بالمصحف، وكان طبعة مجمع الملك فهد، وفتحه من نصفه وبصق عليه أمامي، ثم أعطاه للمحققة «ميغن» وقال لها تصرفي به، فأمسكته وضربته بالحائط، ثم أشعلت سيجارتها وأطفأتها بالمصحف..
كيف كان شعورك وأنت ترى إهانة المصحف؟
- شعور محزن، وأحيانا أبكي من القهر، ولكننا أسرى لا حول لنا ولا قوة إلا بالله.
وماذا حصل بعد ذلك؟
- عندما أبديت اعتراضي ورفضي لإهانة المصحف، تم عقابي بالسجن عاريا لشهر وأحيانا أسبوعين، وأضطر بعدها للإجابة حتى لا يزيدوا في إهانتهم للقرآن الكريم.
ولو أسرد لك أنواع التعذيب نوعا نوعا لما انتهينا ولو بعد سنة، فالأميركان مارسوا جميع أنواع التعذيب معنا، سواء كان التعذيب النفسي أو الجسدي أو أي نوع آخر من أنواع التعذيب.
يقال ان الإغراءات الجنسية من أنواع التعذيب في غوانتانامو، فما صحة ذلك؟
- العازمي: نعم كانوا يمارسون معنا الإغراءات الجنسية كنوع من أنواع التعذيب، يأتون ببعض الساقطات في أميركا، أو اللواتي يعشن في أميركا من بعض الجنسيات العربية، مع الأميركيات ويضعنهن في المعسكر، فمتى احتاج المحقق إلى إغراء أحد المعتقلين أو الضغط عليه بالجانب النفسي فإنه يطلب إحداهن فتأتي وتعمل بعض الإغراءات للأسير، وهم يعلمون أن الشباب المسلم الملتزم يغض بصره عن النساء ويجتنبون فتن النساء، فكانوا يستغلون ذلك في التحقيق. يأتون بالساقطة في التحقيق وتتعرى أمام الأسير أو ترقص أو تلبس لبسا عاريا، أو تمسح الأسير، أو تأتي بكريم (..).
على سبيل المثال فإن المحققة «ميغن» التي كشف اسمها عادل الزامل، كانت تحقق معي فترة طويلة وتجلب معها الساقطات منهن عربيات ومنهن أميركيات، وهي نفسها تفتح صدرها وتقول انظر إلى صدري ما رأيك به؟ هل هو جميل؟ على سبيل المثال.. وأحيانا تلبس «شورت» وتضع رجلا على رجل، وتقول انظر إلي وخذ الأمر طبيعي، فأنتم تفهمون الدنيا والحياة بصورة خاطئة، وتحاول أن تشد الأسير بالقوة إذا غض بصره، فتأمره بالنظر إليها أو إدخال قوات مكافحة الشغب لضربه.
وفعلا في أحد الأيام، وكان يوما مؤسفا، جاءت «ميغن» ومعها أميركيتين كن شبه عاريتين، فقالت عليك أن تختار إحدى هاتين المرأتين الفاتنتين، وهما متمرستان بالجنس، لهما باع في كذا وكذا، ويقلن لي انظر إلينا، بينما كنت أغض بصري وأنا مقيد اليدين والبطن مع الرجلين المربوطتين بالأرض ما يعيق حركتي أصلا، فتأتي إحداهما لترفع رأسي بعد أن كنت مطأطأ الرأس، وتقول انظر إلي، ومعها مترجمة من إحدى الدول العربية، فتقول لي انظر إليها ولا تخف، اعتبرها مثل اختك وانظر إليها، وبدأت إحداهن تنزع عنها لباسها، ويريدونني أن أنظر إليها وهي تنزع ملابسها، فضحكن مع بعضهن البعض، فقالت «ميغن»: لا.. هو يحبني أنا أكثر، فقامت «ميغن» الساقطة، وهي ضابطة في البحرية الأميركية، تتعرى وتكشف صدرها وتقول لي: سنعمل معك هكذا حتى تحلق لحيتك وتنام مع النساء هؤلاء وتصبح حياتك عادية جدا، ولكن ولله الحمد الذي ربط على قلوبنا في غوانتانامو، ولم نسمع أن أحدا من الأسرى مارس معهن الجنس، وذلك من فضل الله تعالى.
والغريب أنهم كانوا يجلبون معهن بعض الجنسيات العربية، ويتعرين بنفس الطريقة، ويمارسن نفس ما تمارسه الساقطات الأميركيات، حتى بإهانة المصحف الشريف، ومنعنا من الصلاة.
- العجمي: في أول يوم من أول رمضان أمضيناه في غوانتانامو، كان بجانبي أحد الأخوة، أسأل الله أن يفرج عنه، وهو سعود الجهني من جدة، أخذوه للتحقيق في أول يوم من رمضان، ودخلت عليه ضابطة أميركية سوداء، أسأل الله أن ينتقم منها، ومعها عسكري، وبدأوا يغرون أخينا، وهي تأخذ الدهان وتمسح على جسده، بحجة أنها تريد تدليكه، وبدأت بإغرائه، وكان الأخ يقاومها ولكنها تصر، فاحتار ماذا يفعل إلى أن فكر أن يبصق في فمها، فلما قربت فمها عند فمه تريد منه تقبيلها، بصق في فمها، فمن قهرها منه أمسكت رأسه وضربته بالحديد الموجود بالأرض، ثم دخلوا عليه قوة الشغب وأوسعوه ضربا، حتى كسرت بعض أسنانه، وفي المرة الثانية دخلت عليه الضابطة السوداء مرة أخرى، ولا حيلة له، فاستعان بالله وبدأ يقرأ آية الكرسي وآخر آيتين من سورة البقرة والمعوذتين ثم ينفث عليهم، وهو يحدثني شخصيا يقول: والله الذي لا إله إلا هو أنهم لم يستطيعوا تحمل ذلك ويأمرونه بالتوقف عن ذلك ويضعون أصابعهم في آذانهم، حتى هربوا من عنده بفضل الله تعالى.
وهناك أخ سوري اسمه يعقوب، حافظ القرآن، دخلت عليه محققة أميركية تريد إغراءه لأنه كان لا يتكلم أثناء التحقيق معهم بأي كلمة، لأنه كان يخاف أن تصدر عنه كلمة قد تكون سببا في هدم الإسلام أو إلحاق الضرر بالمسلمين، فبدأت تغريه، فجلس يبكي ويدعو الله عز وجل، حتى انفك القيد من يده، فهربت كالفأرة، وخرجت من غرفة التحقيق واستدعت قوة الشغب، فضربوه وأسقطوه على الأرض ثم ثبتوه على الكرسي، وأتت الخبيثة فتعرت عن ملابسها، ووضعت يدها في فرجها ثم وضعت الحيض على وجه أخينا، أكرمكم الله، وهو لايزال موجودا هناك، نسأل الله أن يفرج عنه.
• طيب ماذا كان الهدف من هذه الإغراءات الجنسية لمعتقل يعدونه عدوا؟
- العازمي: الأصل فيها رغبتهم أن نترك ديننا وننفتن عنه، كما قال تعالى « ودّ الذين كفروا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء»، فيريدون منا الردة عن الدين وملة محمد صـلى الله عليه وسلم، ويريدوننا أن نتخلى عن مبادئنا الأخلاقية..
يعني ليس لجلب معلومات منكم؟- العازمي: الأصل أنهم يريدون المعلومة، ولكنهم في نفس الوقت يريدون الأسير مثلهم كما قيل (ودت الزانية لو أن كل النساء زنين)، فالأميركان شعب ساقط منحط بلا أخلاق ولا مبادئ ولا قيم، والله أعلم.
هل قابلكم الوفد الكويتي الذي ذهب إلى غوانتانامو؟ وماذا حصل معهم؟
- العازمي: قابلنا مرتين، الأولى كانت في بداية الأسر، والمقابلة الثانية بعد تقريبا ثلاث سنوات من الأسر، حققوا معنا هناك بعض التحقيقات، ووجه لنا التهم التي وجهها لنا الأميركان، وأخذ منا بعض المعلومات ومضى.
- الزامل: كانت مقابلة الوفد الكويتي معنا شبه سطحية، جلب لنا رسائل من أهلنا، وأخذ منا رسائل لهم، ويبدو أنهم كانوا يتفاوضون مع الأميركان حول كيفية استلامنا، وجلب لنا سلامات أهلنا، وأخذ أخبارنا لهم، وأتونا هم مرتين، في السنة الثانية والثالثة على ما أظن.. قالوا لنا بقرب الإفراج عنا، وأهل الكويت ينتظرونكم، ونحن مشتاقون لكم، وسيكون الفرج قريبا، ولا تخافون، ومن مثل هذا الكلام، وقالوا لنا أنهم سيخرجون منا ليذهبوا إلى واشنطن العاصمة للمطالبة بالإفراج وكتابة عقود الاستلام لنا، وكيفية الاستلام. وأخبرونا أن الحكومة الكويتية مازالت تسعى مع الخارجية الأميركية من أجل فك الأسر.
  #3  
قديم 14-04-2007, 12:45 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

• ألم تطالبوهم بشيء ما؟
- العازمي: لا، لأننا لا نعلم أنهم لا يملكون أي شي.
-الزامل: كانت الجلسة قصيرة ومحدودة، ولم نتمكن من شرح ما نتعرض له هناك، وسألونا إن كنا نريد شيئا أو وصية لأهلنا بشيء.
• هل كنتم تعلمون أخبار ما يجري في الخارج؟ ضربة العراق وغيرها من الأحداث؟
- العجمي: لم نكن نعلم ما يدور حولنا، إلا أن الله سخر لنا بعض الجنود هناك فكانوا يخبروننا ببعض ما يحصل في الخارج، ونلتقط بعض الأخبار أثناء حديث الأميركان مع بعضهم البعض. وكان بعض الجنود يأخذ منا رسائل سراً ويرسلها إلى أهلنا من دون علم إدارة السجن، وبعضهم أسلم على أيدينا بفضل الله تعالى. وبعضهم أسلم على يد أخينا فؤاد الربيعة فك الله أسره.
- العازمي: الأميركان كان مكتمين علينا الأخبار فلا نسمع منها شيئا أبدا، ولما خرجنا من غوانتانامو استغربنا الأحداث التي حصلت وتحصل في العالم، ولا نعرف أي شيء حتى أخبار أهلنا التفصيلية لم نكن نعرفها.


غداً...
لماذا مارس المحتجزون الاضراب في غوانتانامو؟ وما صحة حالات الانتحار بينهم؟


الطريق إلى غوانتانامو / (6)



إضرابنا كان احتجاجاً على إهانة الأميركان للمصحف واستهزائهم بالصلاة وتعذيبهم لإخواننا المحتجزين
• كيف علمتم بقرب الفرج عنكم؟ ولماذا أنتم دون البقية من الكويتيين؟
- الزامل: لم أعلم عن خبر الإفراج عني إلا قبل خروجي بساعة واحدة، ويتعمد الأميركان تعذيبنا نفسيا إلى آخر لحظة إن استطاعوا. قبل خروجنا بساعات نقلونا من عنبرنا إلى عنبر آخر، فجلسنا ننظر إلى بعضنا البعض ونحن نجهل مصيرنا، ثم أخبرونا أننا سنسافر ولم نصدقهم في الحقيقة، وحتى لما صعدنا الطائرة، لم نصدق إلا عندما طارت الطائرة. فلم يخبرونا إلا في الساعات الأخيرة فقط.
ولا نعلم سبب الإفراج عنا دون غيرنا وهو في علم الغيب، فالسياسة الأميركية غير واضحة المعالم وأفعالها غير مبررة الأسباب، وأستغرب من الاستراتيجية الخاطئة التي تنتهجها الإدارة الأميركية في غوانتانامو حيث أفرجوا عني مع أنني مؤسس ومدير منظمة «وفاء» للأعمال الإغاثية في كابول، بينما باقي أعضاء ومدراء المنظمة وهم: عبدالله المطرفي، وجمال محمد مرعي، ودكتور أيمن با طرفي، مازالوا رهن الاعتقال، فأنا المؤسس خرجت بينما هم مازالوا هناك، مما يثير الاستغراب من هذا التخبط في الحقيقة!
- العجمي: علمت بخروجي من غوانتانامو عندما طارت الطائرة، ولم أكن أثق بالأميركان، لأنهم كرروا بعض هذه المواقف والمقالب مع بعض الأخوة، فكانوا يأخذونهم ويضعونه في الطائرة ويوهمونه أنه سيفرج عنه، ثم يقولون له انزل كنا نمزح معك. فكنت في عنبر دلتا وهو عنبر السحرة، بتأثير الإبر والحبوب، وعندما خرجت إلى الطائرة كنت تعبان نفسيا ولا أستطيع التركيز، وعندما كان يكلمني بعض الأخوة كنت شارد الذهن خائر القوى.
- العازمي: أنا حالي كحال الأخوة، ولم نكن نصدق الأميركان لكثرة كذبهم ومقالبهم وسخريتهم من الأسرى.
هل تعلم لماذا تم خروجكم على دفعات ولم يكن خروجكم سوية دفعة واحدة؟
- لا والله لا نعلم، فهذا أمر يرجع لهم ولا نعرف الآلية المتبعة في ذلك.
هل كنتم في طريق العودة إلى الكويت بطائرة عسكرية أميركية؟
- الزامل: لا.. طرنا من مطار غوانتانامو طائرة كويتية خاصة بوزارة الخارجية الكويتية، يقال انها خاصة بسمو الشيخ صباح الأحمد، وهي صغيرة بالكاد تكفي لعشرين شخصا أو أقل. وأسجل شكري لسمو الأمير على هذه البادرة بإرسال طائرة تنقلنا إلى أرض الوطن.
كيف كان تعامل واستقبال طاقم الطائرة الكويتية لكم؟ وكيف كان شعوركم أول ما ركبتم الطائرة الكويتية؟- الزامل: لم نصدق أنفسنا ونحن نركب الطائرة الكويتية، كأنه حلم، فقد كنا نظن لن نخرج من غوانتانامو إلى الأبد، وكان يتملكنا شعور لا أستطيع وصفه.
وكان استقبال الوفد الكويتي لنا في الطائرة أكثر من ممتاز، وكادوا يطعموننا بأيديهم من شدة حفاوتهم بنا.
- العجمي: الله تعالى هو الذي أخرجنا من ذلك المكان وله الفضل والمنة، فإنما أمره إن أراد لشيء أن يقول له كن فيكون، وهذا يومنا المكتوب لنا، لم نكن نثق بالأميركان، وعندما صعدت الطائرة لم أكن واثقا من خروجي، وكنت متعبا نفسيا غير قادر على التركيز، ولكن كنت أشعر أنني في طائرة، وقالوا اننا ذاهبون إلى الكويت، ولم أفق إلا وأنا في المستشفى العسكري.
- العازمي: بعدما رأينا الطائرة الكويتية بشعارها، وصعدنا إليها ورأينا الوفد الأمني، لم نتأكد بأنها حقيقة إلا بعد طيرانها، وهذا فضل الله تعالى، وكان استقبالهم طيب لا بأس به، ووصلنا إلى الكويت بحمد الله تعالى.
لوحظ في بداية وصولكم إلى الكويت وبعد الإفراج عنكم عدم تصريحكم لوسائل الإعلام المختلفة، فهل كان ذلك بتوجيه من الأميركان أم من السلطات الكويتية أم من عند أنفسكم؟- الزامل: عدم تصريحنا في وسائل الإعلام كان من عند أنفسنا، ولكن في الآونة الأخيرة وبعد طلب من أخينا الكبير خالد العودة رئيس لجنة أهالي معتقلي غوانتانامو أن نتحدث عن الأسر في ذلك المعتقل وانتهاكات حقوق الإنسان فيه، نصرة للكويتيين الأربعة الباقين هناك، حتى يخرجوا منها، ولا بد أن يعرف العالم أجمع عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تحصل في هذا المعتقل، ولا بد أن نبين للناس حتى يكون هناك ضغوطات وخصوصا مع موسم ذكرى غوانتانامو السنوي، حيث تتحدث كل وسائل الإعلام عن ذلك، ولعل لقاءنا هذا يشكل ضغطا على الحكومة الأميركية حتى تفرج عن باقي إخواننا المأسورين، فك الله أسرهم.
قبيل خروجكم مارس بعض المعتقلين في غوانتانامو ومنكم من مارس معهم الإضراب عن الطعام، ورفضوا رفضا قاطعا تناول الطعام، فما سبب هذا الإضراب؟ وما قصته؟- الزامل: أغلب الإضرابات التي حصلت في غوانتانامو بسبب إهانة القرآن العظيم المستمرة بين فترة وأخرى، وما وجدنا وسيلة ولا سبيل لإيقاف تلك الإهانة إلا بالإضراب الذي لا نملك سواها بعد الله سبحانه وتعالى، فاجتمع الاخوة على رأي الإضراب عن الطعام لعله يكون رادعا لاهانتهم المصحف وحتى يكفوا عن تلك الإهانة، وأغلبها لإهانة المصحف، وبعضها كان بسبب تعذيب الأخوة حيث يؤخذ بعضهم إلى السجن الانفرادي لمدة ثمانية أشهر، وبعضهم يعذب لا نعلم أين نقل وأين أخذوه، فنضرب كنوع من المطالبة بإرجاع الأخ لنا مرة أخرى. وبالنسبة لي لم أضرب عن الطعام نهائيا، أما الأخ عبدالعزيز الشمري فهو أكثر واحد من الكويتيين إضرابا عن الطعام حيث استمر لأكثر من 90 يوما، وأضرب فترة أخرى 90 يوما أخرى، وأعرف أخا فلسطينيا أضرب ما يقارب أربع سنوات، منذ إلقاء القبض عليه إلى آخر لحظة خرجت بها من هناك، والأخ سعد العازمي كذلك شارك في الإضراب.
- العجمي: شاركنا بالإضراب بسبب إهانة المصحف الكريم والاستهزاء بالصلاة وتعذيب الاخوة، حتى أنهم يستمرون في غرفة التحقيق لأكثر من يومين من دون طعام أو راحة، وكانت الإضرابات نوعا من الانتصار عليهم بفضل الله تعالى، أثرت عليهم، فلبوا مطالبنا وأعادوا اخواننا.
- العازمي: الإضراب كان أغلبه بسبب إهانة القرآن الكريم، وكان فترة معينة لأيام، وشاركت في أحد الإضرابات، حتى يتركوا إهانة القرآن، ووعدنا الأميركان إن فكينا الإضراب بعدم إهانة القرآن مرة أخرى، ففعلنا، ولكنهم عادوا وأهانوا القرآن الكريم.
• ما خشيتوا على أنفسكم الهلاك؟
- العجمي: الموت بيد الله، ولم نكن نخشى إلا الله، فنحن نحتسب الأجر أن ننصر إخواننا، ونرفع الظلم.
- الزامل: من المعلوم أن الإنسان لو أضرب عن الطعام 40 يوما وأكثر من ذلك فلا يصيبه شيء، أما الماء فسيهلك إذا استمر أكثر من 7 أيام، وأظن بعض الأخوة كان يشرب القليل من الماء، أما الطعام فلا، حتى يصبح بعضهم كأنه هيكل عظمي.
أظن أن السلطات الأميركية لا تدع المضرب يموت، فتزوده بالمغذي، أليس كذلك؟
- الزامل: بعد إضراب الأخ لمدة معينة، وبمجرد أن يسقط مغشيا عليه يكاد يموت، فإنهم يضعونه على سرير مربوط اليدين والقدمين، ويضعون في أنفه «هوز» بلاستيك أو «بايب»، ويستخدمون حتى في هذه اللحظة الحرجة التي يعيشها الأسير يسعون لإيذائه قدر الإمكان فيضعون أنبوبا كبير الحجم في أنفه، ليؤلمه عند الدخول وعند الخروج، حتى لا يضرب مرة أخرى.
• وما صحة حالات الانتحار التي نشرت بعض وسائل الإعلام عنها؟
- الزامل: الانتحار لم أره بنفسي، ولكن وانا في الكويت سمعت عن الحالات الأخيرة التي قالوا إنهم انتحروا ولكن الأميركان هم الذين قتلوهم، بحسب ما نقل لنا من الاخوة الذين جاؤوا لاحقا.
وقد كنت هناك عندما زعموا أن الأخ مشعل مدني حاول الانتحار بشنق نفسه، ولكن هذا غير صحيح إطلاقا، لأنه كان في سجن انفرادي اسمه «انديا» ولا يمكن داخل السجن يتعلق بشيء ليشنق نفسه به، فهو عبارة عن صاجة من حديد مغلقة، وحقيقة الأمر هو أنهم أهانوا المصحف الشريف ما أدى إلى استهجان واستنكار أخينا مشعل فأدخلوا عليه قوة مكافحة الشغب، وكنا نسمع ضربهم له، وحدثنا الأخ الذي كان في الزنزانة المقابلة لزنزانة مشعل أنه لما أعطوه الطعام فتحوا له الفتحة الخاصة بالطعام فرأى زنزانة مشعل مليئة بالدماء حتى شمعها الأميركان بالشمع الأحمر بعد خروجه منها، ونقلوه إلى المستشفى حيث مكث لمدة سنتين فاقد الذاكرة، وعندما خرج كان لا يستطيع الحركة إلا على كرسي، وكان نطقه ثقيلا حيث رأيته بأم عيني، وزعموا أنه حاول الانتحار، ثم أفرجوا عنه وهو الآن في المدينة المنورة على كرسي وينسى كثيرا من ذاكرته
  #4  
قديم 26-05-2007, 11:49 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

. الحلقة الأولى1/4 . عادل كامل عبدالله يتذكر الحلقة الأولى1/4 . عادل كامل عبدالله يتذكر
التعريف

الاسم عادل كامل عبدالله، أبلغ من العمر 41 عاماً. ولدت ونشأت في فريج العمامرة بالمحرق، وهو حي بسيط يتصف كما هو حال فرجان المحرق بترابط أهله وفطرتهم السليمة وخلقهم الأصيل، وقد أعانتني تلك الصفات على أن أكون محافظا على الصلاة والصيام منذ كنت صغيراً. تخرجت من مدرسة المنامة الثانوية التجارية عام 1983م. كنت أعمل في قوة دفاع البحرين حتى سفري إلى أفغانستان. متزوج ولي ابنة واحدة تركتها وهي في الصف الخامس الابتدائي وعمرها عشر سنوات وعدت إليها وهي في الرابعة عشرة من عمرها وبالصف الثالث الإعدادي، وهي ابنتي الوحيدة التي أعطيتها وما زلت كل محبتي. كنت حنوناً عليها، كثير المزاح معها، وكثيرا ما كنت آخذها للحدائق العامة وللسباحة بالبحر، فقد كانت وهي صغيرة تحب السباحة وركوب الخيل، وكانت هي كذلك تحبني كثيرا ولا تفارقني.
قرار السفر إلى أفغانستان

عندما بدأ الأفغان بالنزوح من مدنهم وقراهم جراء القصف الأمريكي لأفغانستان في عام 2001م ، رداً على الهجوم الذي تعرضت له أمريكا والذي حمّلت الإدارة الأمريكية مسؤوليته المسلمين، كانت محطات التلفزيون ووكالات الأنباء تنقل الوضع المأساوي وحالة الهلع والخوف الذي يعيشه الأفغان والرعب مما قد يصيبهم إذا تعرضوا لهجوم من قبل القوات الأمريكية، فقد جرب الأفغان حياة اللاجئين وعاشوها لسنوات طويلة. عندها قررت بشكل جازم أنه لابد من أن يكون لي دور إيجابي في مساعدة هؤلاء المساكين، لا أدري ماذا يمكنني أن أفعل بالتحديد ولا كيف السبيل، فأنا لست من العاملين في الحقل الإغاثي ولا أنتمي إلى جمعية من الجمعيات الخيرية، فماذا عساني أفعل؟ ولكن هذا التفكير السلبي لم يثنني عن القرار الذي كنت قد اتخذته بشكل جازم ألا وهو التوجه على الفور إلى أفغانستان لمساعدة الناس والوقوف بجانبهم. بدأت على الفور في تأمين حاجيات أسرتي وذلك حتى لا يضطروا إلى طلب العون من أحد، فلا يعقل أن أذهب لإغاثة البعيد وأترك أمي وزوجتي وابنتي عالة على الآخرين. كما قمت بطلب بعض المساعدات المالية من الزكوات والصدقات من أهلي، لتوزيعها على المحتاجين. كنت في ذلك الوقت في إجازتي السنوية التي لم أكن قد طلبتها من أجل السفر، ولكنها تزامنت مع عزمي على السفر، فأعددت مستلزمات السفر وتوكلت على الله واشتريت تذكرة السفر إلى إيران لدخول أفغانستان عن طريق الحدود البرية بين البلدين.
الوصول إلى إيران ثم إلى قندهار

في شهر أكتوبر 2001م وصلت إلى مدينة مشهد الإيرانية والقريبة من الحدود مع أفغانستان، وقمت بالسؤال عن الطريق المؤدية إلى الحدود الأفغانية وكيفية الدخول إلى أفغانستان بشكل صحيح، وذلك حتى لا أعرض نفسي لمخالفات مع الإيرانيين مما قد يعرقل وصولي إلى أفغانستان وهو الهدف الذي أتيت من أجله. لذلك فقد اضطررت للمكوث في إيران قرابة الأسبوعين حتى تمكنت أخيرا من دخول الأراضي الأفغانية. مررت بالعديد من مدن أفغانستان وقراها وشاهدت الوضع المأساوي الذي يعيشه الأفغان، والفقر الشديد الذي يعانونه، ورأيت الدمار والخراب الذي تعرضت له الكثير من المناطق جراء الهجمات التي قام بها الطيران الأمريكي الهمجي. كان سيرنا خلال رحلة الدخول إلى أفغانستان بالنهار بسبب حظر التجول ومنع تحرك السيارات ليلاً، وذلك لأن الطائرات الأمريكية كانت تقصف أي هدف يتحرك ليلا سواء كان مدنيا أو عسكرياً، ولم تسلم القوافل الإغاثية من التعرض للهجمات الصاروخية الأمريكية.
  #5  
قديم 26-05-2007, 11:53 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

الرحلة إلى قندهار

كانت وجهتنا مدينة قندهار والتي تعد من أكبر المدن الأفغانية، استغرقت الرحلة عن طريق حافلات النقل العام من الحدود الإيرانية إلى مدينة قندهار حوالي اليومين. كنا نبيت بالمساء في الاستراحات التي على الطريق حتى يبزغ الفجر ثم نواصل طريقنا نهارا. كانت الطريق آمنة ولم نتعرض لأي مشاكل كقطاع الطريق والعصابات أو القصف الجوي. ومررت على الكثير من الأحياء والمباني والمنازل والسيارات المدمرة والتي قصفت ليلا. وقد رأيت أثناء مروري بالقرى الأفغانية الفقر الشديد الذي تعاني منه الأسر الأفغانية والحالة المتردية للبيوت والبنية التحتية لهذه المناطق، فقمت بتقديم بعض من المساعدات والصدقات التي أحضرتها معي لهؤلاء المحتاجين الذين كانت علامات الفقر والعوز واضحة على وجوههم. وفي قندهار استقر بي المقام بأحد الفنادق المتواضعة، وقمت بالاتصال بأهلي بالبحرين لكي أطمئنهم على وصولي. وقد تجولت في مدينة قندهار ومررت بمكتب الصليب الأحمر الذي كان مغلقا في ذلك الوقت، ثم تجولت في أحياء المدينة التي بدت لي مدينة قديمة المباني والشوارع. وكانت الشوارع والأسواق مزدحمة بالناس.
إلى العاصمة كابول

بعد أن مكثت في قندهار عدة أيام قررت الانتقال إلى العاصمة الأفغانية كابول لتقديم المساعدة والوقوف على الوضع الإنساني، حيث من المعلوم أن العمل الإغاثي يتركز عادة في العاصمة أكثر من غيرها من المدن الأخرى والمناطق الريفية. وصلت إلى العاصمة كابول بعد رحلة استغرقت يوما كاملا بواسطة الباص ومكثت فيها عدة أيام، قدمت خلالها بعض المساعدات والصدقات للمساكين والمحتاجين. ورغم سماع أصوات الانفجارات والقصف من المناطق البعيدة، فقد كان الوضع العام في العاصمة كابول شبه مستقر وكانت الحياة طبيعية. كانت كابول مختلفة تماما عن مدينة قندهار، فكابول مدينة منظمة حديثة، شوارعها مرصوفة وواسعة ونظيفة ومشجرة بالأشجار الجميلة، كانت المباني جديدة وجميلة. وكنت أرى الناس وهم يتجولون في شوارع العاصمة، وكانت الأسواق مليئة بالبضائع وكانت النساء يشترين من الأسواق بكل أمان، قد كنت أرى الأطفال وهم يلعبون بفرح وأمان فتذكرت ابنتي هاجر وتمنيت لها السعادة والخير. كان الناس يلبسون ملابس نظيفة على خلاف ما رأيته في قندهار. كانت الجبال تحيط بالعاصمة كابل، لذا فقد كان جوها بالنهار جميلا ومائلا إلى البرودة، وأما بالليل فقد كان الجو بارداً. وكان الهواء نظيفا نقيا، أما قندهار فقد كان طقسها حاراً بالنهار ومعتدلا بالليل، وأما الهواء فلم يكن صحيا بل كان مغبرا لأن الشوارع لم تكن مرصوفة بل كانت تعلوها الأتربة.
الخروج من كابول

كانت الأحداث في أفغانستان تتسارع بشكل غير متوقع، وأيقن الناس أن كابول ستسقط لا محالة في أيدي الميليشيات الشمالية التي يطلقون عليها لقب المخالفين. كانت الميليشيات الشمالية تنتمي إلى العرق الطاجيكي والفارسي وكان هؤلاء يكنون عداوة شديدة جداً للعرب ويحمّلونهم مسئولية مقتل القائد الأفغاني الطاجيكي أحمد شاه مسعود، لذا فقد كانوا يتحينون الفرصة ويتمنون أسر أي عربي للانتقام لمقتل قائدهم وزعيمهم. فلما أحس العرب بأن الوضع لم يعد آمنا، بدؤوا بالخروج من أفغانستان، وعندها قررت عدم البقاء في العاصمة فخرجت إلى المناطق الريفية على أمل أن أتمكن من مغادرة أفغانستان إذا ساءت الأحوال. وقد صدقت التوقعات، فبعد خروجي من كابول بأيام قليلة، سقطت العاصمة الأفغانية في أيدي الميليشيات الشمالية التي عاثت فيها فسادا ودماراً، وقامت بالانتقام من العرب الذين وقعوا في قبضتهم، وقاموا بقتل العديد من الأفغان من الأصول البشتونية، والذين يسكنون المناطق الجنوبية والشرقية المحاذية لباكستان. كان الشماليين يقتلون الناس على الهوية وعلى الهيئة، لذا فقط سارع الكثيرون من الأفغان إلى حلق لحاهم ولبس البنطلون بدلا من اللباس الأفغاني التقليدي وذلك حتى يسلموا من القتل والانتقام العشوائي.
  #6  
قديم 26-05-2007, 11:55 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

البحث عن العرب

في ظل هذه الفوضى العارمة، كان قرار التحرك شمالاً أو جنوباً وشرقاً أو غرباً ليس سهلاً، فقد يقودك الطريق إلى بر الأمان، وقد يوقعك في أيدي القوت التي تبحث عن العرب لقتلهم أو تسليمهم للأمريكان للحصول على المكافآت المالية التي رصدت لمن يأتي بأي عربي حيا أو ميتاً. أصبح العرب بين فكي كماشة، فالأمريكيون يودون البطش بهم انتقاما لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، والميليشيات الأفغانية الشمالية يبحثون عنهم لينتقموا لمقتل أحمد شاه مسعود والحصول على الجوائز والمكافآت. ورغم عدم صلتي لي بهجمات سبتمبر ولا بمقتل مسعود، إلا أن كوني عربياً كان يكفي لتعرضي للخطر، لذا كان الوضع يستدعي الخروج بسرعة من هذا المأزق، فكيف سيفهم الأمريكان والشماليين أنني بريء من كلتي التهمتين. كان من حسن حظي أن التقيت في هذه الأثناء بالأخ عمر رجب الكويتي والأخ عبد الهادي السبيعي السعودي، فقررنا التحرك معاً وبدأنا نتنقل ببطء وحذر من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى أخرى أملا في الوصول إلى الحدود الباكستانية.
الاستعانة بدليل أفغاني
بلغ القصف الأمريكي ذروته، وكانت الطائرات تقصف كل شيء بشكل عشوائي ودون تمييز، وسقط آلاف الضحايا من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ. وقد سمعت من الإعلامي سامي الحاج مصور قناة الجزيرة والذي التقيته في معتقل غوانتنامو، بأن بعض القرى قد مسحت عن بكرة أبيها. وقد صورت قناة الجزيرة بعض هذه المجازر وغطت الأحداث بالتفصيل، فعاقبت القوات الأمريكية قناة الجزيرة بإيداع سامي الحاج معتقل غوانتنامو، رغم كونه مجرد إعلامي ينقل الحدث بكل موضوعية وحرفية. وصلنا مع الأخوين عمر وعبد الهادي إلى إحدى القرى، ولما علم الأهالي بوصول ضيوف من العرب استقبلونا أحسن استقبال وأكرمونا وضيفونا في بيوتهم. وفي اليوم التالي أخبرناهم بأننا قد نتعرض للخطر إذا ما وقعنا في أيدي المخالفين، فطمأنونا ووعدونا بأنهم سيساعدوننا في الوصول إلى باكستان. وبالفعل فقد كلفوا اثنين من رجال القرية ليرافقانا أثناء رحلة الخروج. ولأن السفر بواسطة السيارات غير آمن وذلك لوجود الكثير من الحواجز العسكرية في الطريق، كان من الأسلم لنا أن نخرج مشيا على الأقدام عبر القرى حتى نصل إلى باكستان. وقد أمن لنا أهل القرية الملابس الأفغانية وزودونا بالطعام والشراب والملابس الشتوية وقاموا بالواجب نحونا خير قيام فجزاهم الله خيرا. كان الدليلان يعرفان القرى التي نمر بها ويتجنبان المرور بالقرى غير المأمونة والتي قد يغدر بنا أهلها. وكان الناس في القرى التي نمر بها يكرموننا ويقدمون لنا الطعام والشراب والمأوى والمبيت، وبقي هذان الدليلان معنا حتى اقتربنا من إلى الحدود الباكستانية. جاء بعد ذلك أحد الأفغان وعرض أن يقوم بتوصيلنا إلى سفارات بلادنا مقابل مبلغ من المال، وقد أراد الدليلان أن يقدما له المال، ولكننا شكرناهم وأخبرناهم بأننا سنقدم له المال بأنفسنا عندما نصل إلى سفاراتنا آمنين. بدأنا السير مع الدليل الجديد عبر المناطق الحدودية الوعرة حتى دخلنا الأراضي الباكستانية. خلال رحلة الخروج قطعنا الكثير من الوديان والغابات والجبال والأنهار. كان الجو باردا جدا، وقد نزل علينا المطر والثلج. وقد اضطررنا في المراحل الأخيرة من الرحلة أن نمر عبر جبال وعرة شاهقة جدا بلغ ارتفاعها حوالي أربعة آلاف متر. كنا نسير في الثلج الذي يصل مستواه إلى الركبة، وأحياناً إلى الفخذ والحوض. كانت الرحلة في غاية الصعوبة والمشقة حتى أن الدليل قد اضطر إلى الاستعانة بأدلة آخرين، لتجنب الوقوع في الحفر والسفوح والوديان المغطاة بالثلوج مما يعني موتا محققا. كان سيرنا بالنهار حيث أن المشي بالليل كان في غاية الخطورة للأسباب التي ذكرتها آنفاً. كان شهر رمضان قد دخل علينا أثناء هذه الرحلة، وقد صمنا بعض الأيام واضطررنا للفطر في أيام أخرى وذلك من شدة التعب والجوع، وقد أنهينا في معتقل غوانتنامو قضاء الأيام من شهر رمضان والتي لم نستطع صيامها في أفغانستان. كان الناس في القرى التي نمر بها في هذه الجبال يرحبون بنا خير ترحيب ويقدمون لنا كل مساعدة ويكرموننا أفضل إكرام رغم فقرهم وحاجتهم. وكان شيوخ القرية وكبراءها يحتفون بنا ويخرجون معنا ويثنون على العرب وما قدموا من مساعدة للشعب الأفغاني، وكانوا يبدون لنا أسفهم الشديد لأنهم لا يستطيعون أن يقدموا لنا المساعدة على أكمل وجه ولا الوقوف معنا في هذه المحنة وذلك بسبب ما تمر به البلاد من فوضى عارمة وتدخل أجنبي، وكانت القرى التي تساعد العرب أو تؤويهم تتعرض للقصف والتدمير، وقد مسحت قرى بأكملها من الخريطة لأنها آوت بعض العرب، حيث قام الوشاة من ضعاف النفوس بالتبليغ عن هذه القرى واتهموا أهلها بالتعاون مع الطالبان، فقام الأمريكان بقصفها بالطائرات ودمروها عن بكرة أبيها. وهذه طبيعة الجنود الأمريكان، فهم من شدة جبنهم لا يواجهون أعداءهم وجها لوجه ولكن يقصفون القرى من بعيد فيقتلون النساء والأطفال والشيوخ.
الاختباء عن أعين المرتزقة

وعلى النقيض من تلك الصور الرائعة في حب الأفغان للعرب واستعدادهم للمساعدة وتقديم أي خدمة نطلبها، بل وقد كانوا يقولون لنا بأنهم سيفدوننا بالأرواح والأولاد لأننا في نظرهم أبناء الصحابة وقد أتينا من بلاد العرب لمساعدتهم ونجدتهم، كان بعض الأفغان والباكستانيين يتجولون بحثاً عن العرب طمعا في الحصول على المكافآت المالية التي يقدمها الأمريكان لمن يسلم العرب. ورغم حاجتنا إلى الطعام والراحة، فقد كان من الطبيعي أن نختبئ عن الأنظار. وكنا بدلا من أن نستعين بالمارة، كنا نختبئ عنهم خشية أن يكونوا من المرتزقة المندسين بين النازحين من الأفغان. ففي حين كان بعض الأفغان يبحث جاهدا عن العرب لتسليمهم للأمريكان، كانت الغالبية من الأفغان يحبون العرب كثيرا ويحتفون بهم ويجلسونهم في صدر المجلس إذا زاروهم، وكان العربي إذا تكلم أصغى الأفغان إليه وأخذوا كلامه بالتصديق والتسليم المطلق. دخل علينا عيد الفطر ولكن لم يكن له طعم العيد الحقيقي عند الأفغان، فرغم أن الناس كانوا يحاولون الفرح والسرور بمقدم العيد، كان سقوط الضحايا الكثيرون من أبنائهم بل وسقوط أفغانستان كلها في أيدي القوات الأمريكية الغازية قد أطفأ الفرحة الحقيقية من قلوبهم ووجوههم.
  #7  
قديم 26-05-2007, 11:56 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

في أيدي القوات الباكستانية

بعد مسير طويل رأينا من بعيد نقطة حدودية للجيش الباكستاني، فكان أمامنا خياران فإما أن نذ1هب للجنود الباكستانيين ونخبرهم بأننا من العرب وأننا نريد الوصول إلى باكستان ومن ثم إلى سفارات بلداننا، وإما أن نختبئ عن أنظار الجنود ونواصل المسير حتى ندخل إلى الأراضي الباكستانية. وحيث أن أوراقنا كانت سليمة وأن دخولنا إلى أفغانستان قد تم بشكل سليم وقانوني، ولأن التعب قد بلغ منا مبلغه ولم نعد قادرين على مواصلة السير نحو المجهول، ولأن الأفغان والمرتزقة والأمريكان والجوع والعطش والتعب كانوا جميعا أعداء لنا يلاحقوننا، فقد قررنا الذهاب إلى الجنود في تلك النقطة لنطلب منهم توصيلنا إلى سفارات بلادنا في باكستان، وارتحنا لهذا القرار الذي لم يكن أمامنا خيار آخر أفضل منه في تلك اللحظة. استقبلنا الجنود الباكستانيون استقبالا طيباً وقدموا لنا الماء والطعام وكان الطعام عبارة عن الخبز والعدس، وأخبرونا بأن نأخذ راحتنا في التجول واستخدام دورات المياه، وطمأنونا أن الأمور ستسير على خير ما يرام، وأنهم سيأخذوننا في الصباح إلى الشرطة حيث سيتم استجوابنا بشكل سطحي لتحديد هويتنا ثم ستقوم السلطات المختصة بتسليمنا إلى سفارات بلداننا. كان في هذه النقطة الحدودية ضابط باكستاني يتحدث الإنجليزية وكان يطمئننا ويقول بأن الأمر سينتهي على خير، وطلب منا أن نسلمه ما نحمله من أمانات وأغراض شخصية في حوزتنا، حيث سيسلمنا للشرطة الباكستانية والتي ستقوم بدورها بتسليمنا لسفاراتنا، فأعطيته ما كان بحوزتي من جواز السفر والبطاقة الشخصية ورخصة القيادة، وكان يعد معي أموالي الخاصة ويسجل كل شيء في ورقة، ثم وقع على الورقة وطلب مني أن أوقع كذلك ثم وضع الأمانات في كيس من البلاستيك.
الغدر الباكستاني

بقينا في النقطة الحدودية حتى صباح اليوم التالي في انتظار السيارة التي وعدنا الضابط بتوفيرها لنقلنا إلى مركز الشرطة، ولكن السيارة تحولت إلى طائرة عمودية أرسلتها القوات الباكستانية مع فرقة من القوات الخاصة المسلحة التي ترتدي الملابس السوداء وقد تكون القوات الخاصة بمكافحة الإرهاب، وكان عددهم حوالي الخمسة عشر جنديا، وتسلمونا من النقطة الحدودية، عرفنا حينها أننا قد تعرضنا للغدر والخديعة. قام الجنود بربط أيدينا وأرجلنا من الخلف بحبال غليظة وغطوا أعيننا، ثم حملونا حملاً ورمونا داخل الطائرة. وتم تعيين أربعة جنود داخل الطائرة لحراسة كل واحد منا حيث جلس الجنود على ظهورنا طوال رحلة الطائرة، فكان الأمر شاقا علينا وكانت مفاجأة غير متوقعة. هبطت الطائرة في مطار بيشاور حيث أخرجونا من الطائرة ورمونا رميا مرة أخرى على أرض المطار وبقينا في العراء مدة ساعتين دون أن يكلمنا أحد من الجنود، وكان ذلك اليوم هو يوم الجمعة حيث كنا نسمع الخطباء يخطبون من المساجد القريبة من المطار. ثم تم حملنا من جديد في إحدى الشاحنات مع عدد من الجنود، ولم نتمكن من معرفة عددهم لأن أعيننا كانت معصوبة، وسارت بنا الشاحنة حوالي عشرين دقيقة إلى أحد مراكز الشرطة، حيث فكوا أرجلنا وقادونا ونحن موثقي الأيدي ومعصوبي الأعين إلى زنازين وهناك فكوا أيدينا وأعيننا فاكتشفنا أننا قد تم إبداعنا في زنازين تقع تحت الأرض عليها أبواب حديدية وعددها حوالي ستة زنازين صغيرة وكنا أربعة الأشخاص في زنزانة واحدة. كانت أرضية الزنزانة وسخة جدا، ومفروشة بسجادة شديدة القذارة. فطلبنا من الحراس أن يعطونا بعض البطانيات فادعوا عدم توفر أي بطانيات لديهم، فطلبنا منهم أن يشتروا لنا من أموالنا بعض البطانيات فرفضوا. وكان في الزنزانة المجاورة بعض الأخوة الباكستانيين الذين سجنوا لأنهم ساعدوا العرب على الخروج من أفغانستان إلى باكستان، فلما سمعونا نتحدث مع الحراس بشأن البطانيات، تبرعوا ببعض ما عندهم من البطانيات والوسائد والفرش وطلبوا من الجنود أن يقدموها لنا. بقينا في هذا المركز قرابة الأسبوع، كانت المعاملة في هذا السجن سيئة جدا، فلم يكونوا يسمحون لنا بالذهاب إلى الخلاء إلا قليلا، وأما الطعام الذي يقدم لنا فكان سيئا جدا، وهو عبارة عن عدس حار جدا ورغيف واحد في الغداء والعشاء، وأما الفطور فرغيف خبر واحد وبعض الشاي. ولم يكونوا يسمحون لنا بالخروج للوضوء بل كانوا يحضرون لنا الماء في قوارير لنتوضأ في الزنازين وكان ذلك صعبا لأن الماء يتجمع في الزنزانة الضيقة فتضايق المعتقلين ولكن لم يكن أمامنا خيار آخر، وكنا نصلي في الزنزانة صلاة الجماعة والحمد لله. وتم التحقيق معنا من قبل جهاز الاستخبارات الباكستانية الذين أخبرتهم بأنني قد ذهبت إلى أفغانستان من أجل تقديم العون والمساعدة للشعب الأفغاني، فوعدونا خيراً وأخبرونا أنهم سيقومون بالاتصال بسفارات بلداننا لاستلامنا وإرسالنا إلى بلداننا ولم يوجهوا لنا أي اتهام.
  #8  
قديم 27-05-2007, 11:17 AM
البوسنوي البوسنوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2007
المشاركات: 334
إفتراضي

لا حول ولا قوة الا بالله ... اللهم اجعل كيدهم في نحرهم يارب العالمين .....

في سؤال ,, ماذا عن الأخوة الباقين الخليجين مثلا السعوديين الأمارتيين اليمنيين وغير ذلك ماذا عن اخبارهم ,, هل خرجو.. هل الحكومات سوت شي لهم او ماذا؟
  #9  
قديم 29-05-2007, 02:27 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثانية 2/4 عادل كامل يتذكر
اللقاء الأول مع الأمريكان

خلال الفترة الذين قضيناهما في سجن بيشاور، أخذنا الباكستانيون لمقابلة أشخاص في جهة لم يحددوها للإجابة على بعض الأسئلة البسيطة التي ستوجه لنا. تم أخذنا إلى إحدى الفيلات، وفوجئنا بأننا نتقابل وجها لوجه مع المحققين الأمريكان، ولكن لم يكن أمامنا خيار آخر سوى التعاون مع المحققين. تم التحقيق معي من قبل رجل وامرأة من المخابرات الأمريكية، كان المحقق من أصل لبناني واسمه عباس ويبلغ من العمر حوالي الخمسين سنة، أبيض اللون مائل إلى الحمرة، وكانت علامات الحقد والبغض تبدو على وجهه، وكان يتحدث العربية بطلاقة ولكن باستهزاء وتكبر وغطرسة، أما المرأة فكانت تتحدث العربية قليلا. وكنا نأمل أن يتم توجيه بعض الأسئلة العامة لنا ثم يطلق سراحنا. سألنا الأمريكان عن الاسم والجنسية والعمر والمؤهل وسبب الذهاب إلى أفغانستان وكيفية الدخول وتاريخ الوصول إلى أفغانستان. بعد الانتهاء من التحقيق، أعادونا إلى سجن مركز الشرطة وبقينا هناك مدة يوم أو يومين. عاود الباكستانيون التحقيق معنا خلال فترة مكوثنا في هذا السجن ثلاث أو أربع مرات. ثم أحضر لنا الباكستانيون ملابس زرقاء وقالوا لنا بأن ملابسنا التي نلبسها وسخة وأنهم سيقومون بغسلها ثم سيعيدونها لنا. لم تنطلي هذه الخدعة علينا، بل زاد يقيننا من خبث الباكستانيين وغدرهم، ولكن لم تكن أمامنا حيلة أو خيار إلا الاستجابة لمطالبهم طمعاً في انتهاء هذا الكابوس.
في قبضة القوات الأمريكية
لبسنا الزي الأزرق وهو عبارة عن قطعة واحدة مصنوعة في الكويت. ثم تم إخراجنا من السجن واحدا تلو الآخر، وتم تقييدنا بالقيود من خلف ظهورنا وتم تعصيب أعيننا وأدخلنا في ميني باص. كانت الساعة حوالي العاشرة ليلاً، وكانت وجهتنا مطار بيشاور الباكستاني. عندما وصلنا إلى المطار سمعنا أصوات الجنود الأمريكان، فتيقنا أننا سنسلم للقوات الأمريكية وأن وعود الباكستانيين بتسليمنا لسفارات بلداننا كانت أكاذيب وخداع. ورغم أننا كنا نطمئن أنفسنا بأن الباكستانيين لا يمكن أن يسلمونا للأمريكان لأنه لا يعقل أن يسلمونا للكفار الذين يقاتلون الله ورسوله والمسلمين. ثم إن الباكستانيين قد حققوا معنا بما فيه الكفاية، وأكدوا لنا بأننا أبرياء، وأن رجوعنا إلى بلداننا مسألة وقت، ولكن عندما وصلنا إلى المطار وأصبحنا في قبضة الأمريكان، تلاشت كل الآمال في الباكستانيين وعلمنا أنهم قد خانوا وغدروا، وأيقنا أن مرحلة جديدة من حياتنا قد بدأت منذ تلك اللحظة، وأن الابتلاء الحقيقي قد بدأ الآن، فاحتسبنا ذلك عند الله وصبرنا وقلنا حسبنا الله ونعم الوكيل، وذكّرنا بعضناً بعضاً بأن الله هو خير حافظاً وأنه هو أرحم الراحمين. كانت أعيننا معصوبة فلم نكن نرى شيئاً، وبدأ الأمريكيون يستعرضون قوتهم وشجاعتهم علينا، فشدوا القيود علينا أكثر واستخدموا معنا وسائل عنيفة وعاملونا بقسوة وشدة، ولم يكن هذا بمستغرب فهم يعتبروننا إرهابيين نستحق القتل والإبادة.
الترحيل إلى قندهار

تم إدخالنا إلى طائرة شحن عسكرية ذات مراوح وتم إجلاسنا على أرضية الطائرة الصلبة. لم نكن نحن الثلاثة الوحيدين الذين أحضرنا إلى الطائرة فقد اتضح أن عددا من الأخوة العرب قد تم إحضارهم من أماكن وسجون مختلفة في نفس الوقت، حيث كنا نسمع أصواتهم وتقييدهم ولكننا لم نستطع أن نراهم لأن أعيننا كانت معصوبة، ولأن الأمريكان غطوا رؤوسنا بأكياس من الخيش قبل الصعود إلى الطائرة. كانت الرحلة متعبة جداً بسبب القيود الشديدة وطريقة الجلوس على الأرضية الصلبة للطائرة، ولأن الرحلة كانت طويلة والجو كان بارداً، ولكن الله منّ علينا بالصبر والثبات والحمد لله رب العالمين. كانت الوجهة مطار مدينة قندهار الأفغانية. استغرقت الرحلة حوالي الساعة والنصف، كان ذلك اليوم هو الثامن والعشرين من شهر ديسمبر عام 2001م. تم إنزالنا من الطائرة وإجلاسنا على أرض المطار حفاة الأقدام، وكنا نلبس الزي الأزرق الذي وعدنا الباكستانيون بأنه لباس مؤقت. بقينا جالسين في أماكننا عدة ساعات، ثم نقلنا إلى منطقة أخرى من المطار وبطحنا على الأرض على بطوننا في البرد الشديد لعدة ساعات إضافية. ثم أخذونا لتحقيق أولي لتحديد هوياتنا وأسمائنا، وقد تعرضنا خلالها للضرب الشديد والإهانة، تم إبداعنا بعد ذلك في معتقل عبارة عن منطقة حجز مسورة بالأسلاك الشائكة وليس بها أي شيء، فكنا نفترش الأرض ونلتحف السماء، ولكن شعورنا بأن الله معنا خفف عنا كثيرا من المعاناة. وفي هذا المعتقل تعرفت للمرة الأولى على الأخوين البحرينيين عبد الله النعيمي وعيسى المرباطي ولم أكن أعرفهما من قبل. جلسنا تلك الليلة في المعتقل حتى أسفر نور الصباح وكانت الحراسة علينا مشددة جداً. بعد بزوغ الفجر رأينا عدداً كبيراً من الأخوة العرب الذين اعتقلوا من أماكن متفرقة. تم التحقيق معنا مرة أخرى في اليوم الثاني، كانت الأسئلة تركز على السيرة الذاتية ولماذا ذهبت إلى أفغانستان ومتى، ولماذا خرجت من أفغانستان ومتى وكيف. بقينا في معتقل قندهار قرابة الثلاثة أسابيع تعرضنا خلالها إلى صنوف العذاب. كان من المضايقات التي تعرضنا لها أنهم لا يقدمون لنا من الطعام إلا القليل من الوجبات العسكرية، وكانوا يمنعوننا من النوم بالليل حيث كانوا يوقظوننا أكثر من خمس مرات كل ليلة بحجة التأكد من عدد المعتقلين وعدم هروب أحد منا، وكانوا يزعجوننا بالأصوات الصاخبة والأنوار العالية. تم تعذيب المعتقلين بالكهرباء والضرب والوضع في السجن الانفرادي لفترة طويلة، كان السجن الانفرادي عبارة عن صناديق خشبية مصمتة تماماً، وكانوا يحرموننا من الطعام لمدة يومين أو ثلاثة.
  #10  
قديم 29-05-2007, 02:28 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

إلى غوانتنامو
في أحد الأيام أخذت أنا وبعض الإخوة ليلاً من بين باقي المعتقلين، وبعد تقييدنا بشدة، تم نقلنا إلى معتقل آخر شبيه بالمعتقل الأول من حيث كونه منطقة محاطة بأسلاك شائكة حيث بقينا فيه حتى صباح اليوم الثاني. وفي الصباح تم تقييدنا من الخلف وأخذنا إلى داخل الخيام الملحقة بالسجن حيث تم حلق شعر رأسنا ولحانا ثم ألبسونا ملابس برتقالية بدلاً من الملابس الزرقاء. لم نعرف حتى تلك اللحظة ما الأمر أو إلى أين سيتم نقلنا. في هذا المكان تعرفت للمرة الأولى على أخي جمعة المرباطي الذي كان رفيق دربي إلى معسكر غوانتنامو وكنا أول البحرينيين الذين نقلنا إلى ذلك المعسكر، وثالث دفعة من المعتقلين الذين أرسلوا إلى معتقل غوانتنامو. تم إغماض أعيننا وآذاننا وأفواهنا، ثم قيدونا مرة أخرى ولكن هذه المرة بطريقة أشد حيث استخدموا قيوداً حديدية وأقفالاً، ثم ربطت أيدينا إلى بطوننا بسلاسل وأقفال، ثم وضعونا في ساحة خلفية من المطار، وبقينا جالسين في العراء من العصر وحتى منتصف الليل تقريباً ونحن معصوبي الأعين والآذان. أخذنا إلى إحدى طائرات الشحن العسكرية وكانت المقاعد على جانبي الطائرة، وتم تقييد أيدينا إلى المقاعد وأرجلنا إلى أرضية الطائرة، وفي هذه المرة قاموا بتكميم أفواهنا بكمامات. أقلعت الطائرة مدة ثلاث ساعات ثم حطت في أحد المطارات، حيث نقلنا إلى طائرة شحن عسكرية أخرى دون أن يرفعوا الغطاء عن أعيننا أو يفكوا قيودنا. تم تقييدنا من جديد كالمرة الأولى ولكن بطريقة أشد، وكانت المقاعد في هذه الطائرة أسوأ من المرة الماضية فهي عبارة عن قماش فقط، انتظرنا في الطائرة قرابة الست ساعات وحتى الفجر حسب اعتقادي، فصلينا الفجر ثم أحسست بشروق الشمس. أقلعت الطائرة في رحلة طويلة ومرهقة استغرقت قرابة الأربع والعشرين ساعة أو أكثر لم نتمكن خلالها من استخدام دورات المياه ولم يقدم لنا الماء أو الطعام ولم يسمح لنا بالكلام أو الحركة، كان التعب والإعياء قد بلغ مني مبلغه وانتفخت يداي ورجلاي من شدة الربط وطول مدة القيد، كانت وجهة الطائرة هي معتقل غوانتنامو. أنزلونا من الطائرة، وتم ضربنا ضربا مبرحا ونحن معصوبي الأعين والأذن والفم واليدين والرجلين. ثم وضعنا في باصات وأجلسنا على أرضية الباص حيث لم تكن هناك مقاعد. تم أخذنا بالباصات إلى معتقل X-RAY.
معتقل X-RAY
كما هو واضح من اسم المعسكر فهو يعني أنه مكشوف تماماً من جميع الجهات، فلا مجال للاختباء فضلاً عن الهرب. يقع المعسكر في جزء من جزيرة كوبا قبالة ولاية فلوريدا الأمريكية. وقد تم تشييد المعسكر قريباً من ساحل البحر، وهذا الساحل عبارة عن شواطئ صخرية مرتفعة ومطلة على المحيط الأطلسي. وكانت دوريات خفر السواحل الأمريكية تطوف المياه روحة وإياباً، هذا فضلا عن أبراج المراقبة الكثيرة والتي تحرس المعتقل طوال اليوم. والمعتقل عبارة عن عدد من الزنازين مقسمة إلى ستة عنابر، وكل عنبر به ستون زنزانة. والمعتقل مبني في أرض فضاء ليس فيه ما يقي من برد الشتاء والمطر أو من حر الصيف والشمس. والزنزانة مشيدة من الشبك من الجهات الأربع ومن السقف، أما الأرضية فمبنية من الخرسانة. مساحة الزنزانة حوالي مترين في متر وثمانين سنتيمتراً. للزنزانة باب من حديد وشبك. تحتوي الزنزانة على حصيرة من الإسفنج الرقيق جدا سمكه حوالي نصف سنتيمتر، وقد وضع كل معتقل في زنزانة لوحده وأعطي بطانيتين خفيفتين وشرشف ومنشفة ونعل بلاستك وسطلان أحدهما للماء الذي نستخدمه لكل شيء من الشرب والوضوء والاغتسال والآخر للخلاء وقضاء الحاجة. وقد كان من أشد الأمور التي تضايقنا، هي أننا لا نستطيع أن نختلي لقضاء الحاجة. بقينا طوال سنوات الاعتقال بالملابس البرتقالية التي كانت تغسل من حين لآخر وبشكل متقطع. يمكن اعتبار المعسكر حقل للتجارب النفسية والبدنية على البشر لاختبار قوة التحمل عندهم ولعمل التجارب والاختبارات التي تريد القوات الأمريكية تعميمها في حالة ثبت نجاح التجربة على معتقلي غوانتنامو. في بداية إيداعنا المعتقل المذكور قام الجنود بضربنا بشدة، ثم عرضنا على الطبيب، وتم تصويرنا وأخذ بصماتنا وتغيير ملابسنا، ثم وضعنا في الزنازين قبيل المغرب. لقد حمدت الله على الطمأنينة والشعور بالثبات والذي كنت أشعر به في ذلك الوقت، والذي كنت في أمس الحاجة له، فليس من السهل أن تتصور نفسك وقد تعرضت لكل هذا الغدر والخيانة ممن تظنهم إخوانك في الدين ثم تجد نفسك في أقصى الأرض بين يدي أعدائك وفي هذه الزنازين القاسية ولا يدري عنك أحد من البشر وما تتعرض له من التعذيب والإهانة طوال الوقت، وأنت بين يدي الجلاد إن شاء قتلك وإن شاء عذبك وإن شاء فعل بك الأفاعيل على غفلة من البشر، ولكن الله شرح صدري وأسبغ علي الثبات والسكينة فحمدت الله منذ اللحظة الأولى على ما أصابني، وتذكرت نبي الله يوسف عليه السلام وقلت في نفسي ربي السجن أحب إلي مما يدعونني إليه من الزيغ عن ديني. ويكثر في المعتقل وجود الزواحف والثعابين والعقارب والفئران والحشرات التي تزورنا في الزنازين. وكانت الأنوار القوية المسلطة والمضاءة طوال الليل لا تمنعنا من القدرة على النوم فحسب، بل وتجلب البعوض الذي يمنعنا من النوم أيضا. لقد تم تصميم المعسكر بطريقة تهدف إلى زيادة الضغط النفسي على المعتقلين وإضعاف عزائمهم وكسر معنوياتهم، وفوق كل ذلك فقد كان الجنود يتعمدون إزعاجنا وتشغيل مكبرات الصوت العالية لمنعنا من النوم، ولكننا مع الوقت اكتسبنا مناعة ضد كل ما مر ولم نعد نلقي لها بالاً.
محققو FBI و CIA
بدأ المحققون منذ اليوم الأول في استخدام شتى أساليب الضغط النفسي معنا، فلم يسمح لنا بالوقوف أو المشي أو الانبطاح، ولم يسمح لنا بالحديث مع المعتقلين في الزنازين المجاورة ولا حتى النظر إليهم أو الالتفات لهم إلا بعد مرور خمسة أيام تقريباً من وضعنا في الزنازين، عندها شعرنا بالطمأنينة والراحة النفسية، فبدأنا بالتبسم والسرور النفسي. وقد أخبرنا المعتقلون الذين أحضروا إلى هذا المعتقل قبلنا، فإنهم لم يسمح لهم بالكلام إلا بعد مرور أسبوعين على اعتقالهم. ولما رأى الجنود هذه الروح العجيبة، كانوا يسألوننا كيف تضحكون وأنتم في هذه الحال، ثم بدؤوا يتشددون في معاملتنا من جديد ويأمروننا بعدم الإكثار من الكلام. في بداية الأمر كان أمر الاعتقال والسجن شديداً جداً على نفسي، حيث كانت المرة الأولى في حياتي التي أدخل فيها السجن، وكنت أشعر بشيء من التوجس من المجهول، ولكن هذا الخوف والتردد زال بعد ذلك. تم أخذي عدة مرات للتحقيق ولم تختلف الأسئلة عن السابق حيث كانوا يسألونني عن السبب والكيفية التي ذهبت بها إلى أفغانستان، وكنت أجيبهم على قدر السؤال. وقد تم التحقيق معي من قبل عملاء FBI و CIA، كان المترجم الذي يترجم خلال جلسات التحقيق من أصل عربي واسمه علي. أذكر أن المحققين وعددهم أربعة عندما أخبروني بأنهم من FBI و CIA قلت لهم وما يدريني أنكم كذلك، وطلبت منهم أن يخرجوا هوياتهم لكي أتأكد من الأسماء والصور، فتعجبوا من طلبي ومن ثقتي بنفسي رغم أنني في قبضتهم وبين مخالبهم، وقد استجابوا لطلبي وأخرجوا بطاقاتهم الرسمية. ولأنني كنت موثوق اليدين والرجلين ولم أستطع مسك هوياتهم، قام المترجم علي بإطلاعي على البطاقات الواحدة تلو الأخرى وتعريفي على صاحبها فكنت أتأكد من الاسم والصورة وكان العمل. كان الهدف من التحقيق هو إقناعي بأنني إرهابي مجرم، وأنني قد ارتكبت جرماً عظيماً بحق أمريكا والإنسانية. وكنت أسألهم عن التهمة الرسمية الموجهة إلي، فكانوا لا يجيبون على هذا السؤال بل يقولون بأنني من تنظيم القاعدة ومن أتباع أسامة بن لادن، فقلت لهم أنني لا أعرف القاعدة ولا أسامة بن لادن وأنكم لم تقبضوا علي في أفغانستان ولم يكن بحوزتي أي سلاح لحظة القبض علي في باكستان، وكانوا يقولون بأن لديهم أدلة سرية على إدانتي وأنهم لا يستطيعون البوح بها، وأن من واجبي أن أدافع عن نفسي وأن أدفع التهمة الموجهة إلي، فقلت لهم بأنني لا أعرف التهمة بالتحديد وأنكم ترفضون البوح بالأدلة السرية التي تدعون أنكم تملكونها. عند ذلك بدأت بالشد والصراخ عليهم مما اضطرهم إلى إلغاء جلسة الاستجواب وإعادتي إلى الزنزانة.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م