التخلص
سبق نشرما يلي في حواار آخر .
من وحي ما ذكره أخي مجدي أقترح أن يفرد كل نوع من أنواع الفنون الشعرية أو الطرائف اللغوية
بباب، وفيما يلي أمثلةٌ على باب جميل تبرز فيه قدرة الشاعر الفنية المسماة ( براعة التخلص ) وهي
الانتقال من موضوع لآخر، وغالبا ما يكون من استهلال قصائد المدح بالغزل والانتقال منه إلى المدح
وأحيا إلى الفخر. وأملي أن يساهم المشتركون بما يرونه في هذا الباب.
1- يقول محمد بن وُهَيْب
ما زالَ يُلْثِمُني مراشِفَـهُ --- ويَعُلُّني الإبريقُ والقدحُ
حتى استردَّ الليلُ خِلْعَتَهُ --- وبدا خلالَ سوادهِ وضَحُ
وبدا الصّباحُ كأَنَّ غُرَّتَهُ --- وجهُ الخليفةِ حينَ يُمْتَدَحُ
2- وللمتنبي في مدح أبي علي هرون الكاتب
أمِنَ ازديارك في الدُجى الرقباءُ --- إذْ حيث أنتِ من الظلامِ ضياءُ
قلَقُ المليحة وهي مسكٌ هتْكُها --- ومسيرُها في الليلِ وهي ذُكاءُ
أسفي على اسفي الذي دلّهْتِني --- عن علمهِ فبـهِ عليَّ خـفاءُ
وشَكِيَّتي فقْدُ السَّقامِ لأنَّــهُ --- قدْ كان لمّـا كان لي أعْضاءُ
مثَّلْتِ عينَكِ في حَشايَ جِراحةً --- فتشابـها كِلتاهـما نجلاءُ
نفذت عليَّ السّابرِيَّ وربّـما --- تنْدَقُّ فيه الصَّـعدَةُ السّمراءُ
أنا صخرةُ الوادي إذا ما زوحمتْ --- وإذا نطقتُ فإنني الجوزاءُ
3- وللمتنبي أيضاً في مدح المغيث بن عليٍّ من بني عجْل
من قصيدته التي مطلعها
دمعٌ جرى فقضى في الرّبْعِ ما وجبا --- من أهلهِ وشفى أنّى ولا كربا
وفيها يقول:
هامَ الفؤادُ بأعرابيَّةٍ سكنت ----- بيتا من القلبِ لمْ تمْدُدْ لهُ طُنُبا
بيضاءُ تُطمِعُ فيما تحتَ حُلَّتِها ----- وعزَّ ذلك مطلوباً إذا طُلِبا
كأنّها الشمسُ يعيي كفَّ قابضِهِ --- شُعاعُها ويراهُ الطّرْفُ مقترِبا
مرّتْ بنا بين تِرْبيها فقلتُ لها -- من أينَ جانسَ هذا الشادنُ العَربا
فاستضحكتْ ثُمَّ قالت كالمُغيثِ يُرى - ليْثَ الشّرى وهْوَ من عِجْلٍ إذا انتسبا
عمْرُ العدوِّ إذا لاقاهُ في هرَجٍ --- أَقَلُّ من عُمْرِ ما يحوي إذا وهبا
|