غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب

[جاد]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

فأما تسميتها الخندق فلأجل الخندق الذي حفر حول المدينة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأما تسميتها الأحزاب فللاجتماع طوائف من المشركين على حرب المسلمين وهم قريش وغَطفان واليهود ومن تبعهم. وذكر موسى بن عقبة في المغازي قال " خرج حُيَيّ بن أخطب بعد قتل بني النضير إلى مكة يحرض قريشاً على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج كِنانة بنُ الربيع يَسعى في بني غطفان ويحضهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم

لهم نصف ثمر خيبر وكتبوا إلى حلفائِهم من بني أسَد فأجابهم جمعٌ عظيم ". ذكر ابن إسحاق بأسانيده " أن عِدة الأحزاب كانت عشرة آلاف وكانَ المسلمون ثلاثة آلاف وذكر موسى بن عقبة أن مدة الحصار كانت عشرين يوماً لم يكن بينهما قتال إلا مُراماةٌ بالنَبل والحجارة" وذكر أهل المغازي سبب رحيلهم وتفرقهم " أن ابن مسعود الأشجعي ألقى بينهم الفتنة فاختلفوا ثم أرسل الله عليهم الريح فتفرقوا وكفى الله المؤمنين القتال " وقال موسى بن عقبة " كانت في شوال سنة أربع " وقال ابن إسحاق " كانت في شوال سنة خمس فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأحزاب وبما أجمعوا له من الأمر ضرب على المدينةِ الخَندق فعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم

ترغيباً للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون فيه فدأبَ ودأبوا وأبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين في عملهِم ذلك رجالٌ مِنَ المنافقين وجعل الرجل من المسلمين إذا عرضت له الحاجة التي لا بد له منها يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأذنُه في قضائِها فإذا فرغ منها رجع إلى ما كان عليه من عملِه رغبةً في الخير واحتساباً لله تعالى " وقال ابن سعد " كان لواء المهاجرين بيد زيد بن حارثة ولواء الأنصار بيد سعد بن عبادة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث مسلمة بن أسلم في مائتي رجل وزيد بن حارثة في ثلاثمائة رجل يحرسون بالمدينة وذلك لأنه كان يخاف من بني قُريظة على من بقي فيها وكان عبّاد بن بشر على حرس



رسول الله مع غيره من الأنصار يحرسونه كل ليلة " وفي حديث أبي واقدٍ الليثي " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض الغلمان وهو يحفر الخندق فأجاز من أجاز وردَّ من رد ولمَّا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم جمع الأحزاب أخذ في حفر الخندق حول المدينة ووضع يده في العمل مستعجلين يبادرون قدوم العدو " وورد " أنهم أقاموا في عمله قريباً من عشرين ليلة " .

وعن أنس رضي الله عنه قال " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداةٍ باردة فلم يكن لهم عبيدٌ يعملون ذلك فلمّا رأى ما بهم من النَّصَب والجوع قال :" اللهم إنّ العيش عيش الآخرة. فاغفر للأنصار والمهاجرة " فقالوا مجيبينَ له " نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبدا "وورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب :" من يأتينا بخبر القوم ؟ فقال الزبير " أنا" ثم قال :" من يأتينا بخبر القوم " فقال الزبير" أنا" ثم قال :" من يأتينا بخبر القوم؟” فقال الزبير" أنا" ثم قال :" إنّ لكل نبيٍّ حَواريّ وإنَّ حواري الزبير " .



وروى أحمد من حديث أبي سعيد قال " قلنا يوم الخندق يا رسول الله هل من شيء تقوله قد بلغت القلوب الحناجر" قال :" نعم، اللهم استر عوراتنَا وءامن روعاتنا" قال" فضرب الله وجوه أعدائنا بالريح فهزمهم الله عز وجل بالريح " .

وروى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على الأحزاب فقال :" اللهم منزّل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم " وأخرج البزار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب وقد جمعوا له جموعاً كثيرة :" لا يغزونكم بعد هذا أبداً لكن أنتم تغزونهم " ونصر الله نبيه في غزوة الخندق بالريح. قال تعالى :{ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها } قال مجاهد " سلّط الله عليهم الريح فكفأت قدورهم ونزعت خيامهم واشتد البرد تلك الليلة وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لسبع ليالٍ بقين من ذي الحجة.



اللهم منزّل الكتاب سريع الحساب استر عوراتِنا وءامن روعاتنا واهزم أعداء دين الإسلام اللهم اهزمهم وزلزلهم.