مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 18-06-2002, 04:53 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي القيمة والمعنى

القيمة و المعنى


· موت الإنسان – موت المعنى

أهمية الفرنسي ميشيل فوكو لا تكمن في اعتقادي في تفاصيل تحليلاته ونظرياته (عن "إبيستمات" الثقافة الغربية مثلاً) ولكنها تكمن في حدوسه عن تطور علاقة هذه الثقافة مع الإنسان.وهذا يتجلى في إعلانه عن "موت الإنسان" كما كانت أهمية نيتشه لا تكمن في أفكاره الوحشية عن الأخلاق وسخرياته العنصرية منها بقدر ما تكمن في تعبيره عن طابع العصر الحديث في أوروبا من الناحية الروحية:إنه عصر العدمية.وقد أعلن فوكو موت الإنسان "كخطوة متقدمة" بعد أن أعلن نيتشه موت الإله- إله هذه الحضارة طبعاً الذي هو من البداية إلى النهاية إله زائف كآلهة الجاهلية العربية- ومن هنا نرى تكامل الرجلين (كان فوكو كما هو معلوم معجب بنيتشه إعجاباً كبيراً جداً)
ولا يفعل الفن الغربي المعاصر غير ترجمة هذين الموتين إلى "أعمال فنية" وبصورة خاصة يترجم الفن الأحدث الموت الأحدث: موت الإنسان. وفي الحقيقة حيث أن وجود الإنسان في العالم لم يجلب إليه من جديد سوى المعنى فإن موت الإنسان لا بد أن يرافقه موت المعنى ومن المدهش أن نجد منظراً عربياً لهذا الفن الأحدث الذي هو عندهم أصيل يعبر عن تطورهم الروحي وعندنا مستورد لا ينسجم مع نسيجنا العقلي وهو محكوم عليه بالعزلة المزمنة يعبر حقاً عن جوهر هذا "النص الأجد" على حد تعبيره بذمه للمعنى الأدبي.

· المسألة في بعض التنظيرات النقدية والفلسفية الغربية

هناك مصطلحات متقاربة لها مدلولات مختلفة عند اللسانيين وبعض الفلاسفة لست الآن بصدد استحضارها واستعراضها، كمصطلحات "المعنى" و"معنى المعنى" –وهما من مصطلحات عبد القاهر الجرجاني ثم الناقد الإنجليزي الشهير "رتشاردز"،ثم "المغزى"SINN لبعض فلاسفة الألمان.
ومن الثنائيات التي اشتكى منها الأستاذ جعفر حسن(1) في مقاله "في ذم المعنى الأدبي" ثنائية "المبنى والمعنى"، وهي تذكر بثنائية حديثة هي ثنائية "الشكل والمضمون"، وقد عني بالبحث فيهما منظروا "الواقعية الاشتراكية" وهم يميلون إلى إعطاء الأولوية للمضمون مع وجود علاقة جدلية بينهما.
ومن أشهر من اهتم بثنائية "الشكل والمضمون" مدرسة "الشكلانية" الروسية وقد عدوا الشكل هو المميز الحقيقي لأدبية النص وقد ورثت هذه المقولة المدرسة البنيوية.
والفيلسوف الوجودي جان بول سارتر الذي كان داعية متحمساً للالتزام بالأدب لأن الالتزام أحسن تعبير عن إبداع الإنسان لماهيته وإثباته للحرية التي هي الصفة الجوهرية الوحيدة للإنسان ، هو نفسه حين بسط نظريته في الأدب في كتابه الشهير "ما هو الأدب؟" توقف عند الشعر والرسم فأخرجهما من واجب الالتزام قائلاً إن الشاعر مادته الكلمات لا الأفكار والرسام مادته الألوان لا الموضوع الخارجي! وبهذا التقى عملياً مع جزء مهم من منظري الشعر الحديث والفن الحديث والنقد الحديث لكليهما! ويظهر هذا في قول مشهور لفنان معاصر "إن الموضوع في اللوحة هو مجرد حجة" أي أن القيم التشكيلية الخالصة هي المهمة في اللوحة، أما الموضوع فهو مجرد ثوب خارجي لعرض هذه القيم .وفي اعتقادي إن مقولة المدرسة الشكلانية "الشكل كل شيء المضمون لا شيء" تتوضع في القاعدة التي تستند عليها كل المدارس النقدية التي تنظر للفن الحديث و"النص الأجد" الذي يتحدث عنه الأستاذ جعفر.
ولكن هذه المقولة لا تلبث مع ذلك أن يعكر صفوها تسلل "عناصر مضمونية" لا شك فيها إلى المنظومة النظرية للمنظرين كما تسللت نظرات صوفية إلى نظريات أدونيس وسنلاحظ الظاهرة نفسها عند الأستاذ جعفر.
ولو أردنا جمع ما هو عام في تنظيرات هذه المدارس على اختلاف عباراتها لقلنا بعد أن نتذكر الثنائية الأساسية المكونة للعلامة :الدال والمدلول إن هؤلاء منشغلون حصراً بالدال وتشكيلاته وإمكانياته المختلفة تاركين المدلول في موقع ثانوي.
لعل أصلاً بعيداً لهذه النظرية نجده في جماليات هيغل الذي كان يرى أن الفن الأخلص هو الموسيقى لأنه التعبير الخالص عن الروح بدون أي اغتراب في الأشياء والمواضيع ولعلنا من هنا نرى أن العداء للواقع من سمات هذه المدارس الحديثة التي لا زالت تسعى منذ بول فاليري و "شعره الصافي" إلى تقطير الفن الخالص من المزيج المتنوع من شوائب العادية..و"المعنى" هو من هذه الشوائب!

· "إنجازات" التخلص من المعنى

هذه النزعة للتخلص من المعنى عبر عنها الأستاذ جعفر في عنوانه الجدير حقاً بأن يتحول إلى مثل ولكنه يذكرني تذكيراً حزيناً بمقولة فوكو عن "موت الإنسان" وهي في الحقيقة ليست استنتاجاً فلسفياً من الوجود البشري بذاته بل هي تعبير مجازي عن الاختيار الذي سارت فيه الحضارة الغربية المعاصرة وهي تجر إليه شعوب المعمورة كلها.
ذلك أن المعنى مترابط كل الترابط مع الإنسان ومن هنا قالوا "الإنسان حيوان عاقل" أي ميزته أنه يتعامل بالمعنى!
والميل لأخذ الدوال بعين الاعتبار وإهمال المدلولات نجده في الملاحظة الصحيحة شكلياً من الناحية الرياضية البحتة التي يقارن فيها الأستاذ جعفر حسن في مقاله المذكور آنفاً بين "دائرية الأعداد المكونة من عشرة أرقام وإمكانياتها المفتوحة" واللغة العربية التي لم يتصادف قط فيها أن كتب مقال أو قصيدة "بذات الكلمات وذات التركيب وبنفس النسق والترتيب" وهذه الملاحظة وجيهة وإنني لأقرنها مع ملاحظة الأستاذ جعفر الثاقبة عن "اللغة في درجة الصفر البلاغي" وهي "اللغة معادة التعريف" لأقول إن الأستاذ جعفراً كان يستطيع أن يتحفنا بدراسة منطقية قيمة فيها الجديد الممتع لولا أنه ويا للأسف عكر علينا صفو استمتاعنا ("بمعنى" كلامه!) حين قرر أن يدير ظهره للمنطق منذ البداية ذاماً المعنى الأدبي، وموجهاً كتابته باتجاه الدفاع بلا قيد ولا شرط عن ادعاءات أنصار "قصيدة النثر". وإنني لأقرأ منذ سنين ما يقولون فلا أجد في الغالب إلا تأكيدات غير مبرهنة على إنجازات تشبه إنجازات حكامنا التي تسمع عنها في إذاعاتنا الرسمية ولا تراها فكأنها من عالم الغيب المطلوب من المؤمن الإيمان به والتسليم بلا معاينة ولا دليل على وجوده!
يمكن أن تغمس فرشاة بمحبرة وتنفضها على "نوتة موسيقية" فتتناثر على الأسطر بقع الحبر كاتبة "لحناً" إن لم ينتم إلى المقامات المعروفة قديماً فهو بالتأكيد سينتمي إلى السلم المعدل الحديث الذي اختفت منه الظاهرة المقامية(من نوع مدرسة استرافنسكي صاحب "عصفور النار").
ويمكن لطائر أفلته في الغرفة أن يقلب أوعية الدهان الملون على قماشة بيضاء راسماً "لوحة" فازت بالفعل مرة في إحدى المسابقات بأمريكا ولكن من حقنا نحن أهل العقول أن نتوقف مدافعين عن "فكرة رجعية" هي فكرة المعنى وسائلين عن القانون الذي نظم هذا "العمل" أهو بالفعل إبداع واع أم مجرد عبث من "الفنان" وتوهم لعلاقات وصور وتجاورات وتعاكسات إلى آخره من المتلقي صاحب "الحساسية الجديدة"!
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 18-06-2002, 04:55 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي

بمجرد أن نترك المعنى نترك المجال للعبث، وحتى التداعي الحر للأفكار الذي يعول عليه فرويد للوصول إلى معنى الأحلام والأعراض العصابية ليس له قيمة فنية وإن زعم السرياليون غير ذلك ،لأنه ببساطة لا فن إلا فيما هو ذو قيمة عامة مشتركة بين البشر من تجارب واقعية وروحية كبرى ذات دلالة، ففي النهاية ليس كل حادثة تستحق أن تصبح قصة ولا كل تداع حر للأفكار يصلح أن يعطينا شيئاً عميقاً عن الإنسان!
ومن الادعاءات التي أشرت إليها ما ورد على لسان نصير ذكي لقصيدة النثر و"النص الأجد" هو الأستاذ جعفر في مقال "ذم المعنى" المذكور:
"القصيدة الحديثة تعتمد على تجاور وتشابك الفضاءات الإبداعية".
" في هذه القصيدة تقنيات لربط العلاقات المتباعدة بين عناصر الوجود والثقافة هي التي تخلق تلك الطاقة الإيحائية للصورة في القصيدة"
"القصيدة الحديثة تشارك المتلقي في الإبداع وتجعله طرفاً فاعلاً"
والأستاذ جعفر يشبّه من يحاول استخلاص معنى ما من الصورة الفنية بشخص "يحاول بأدوات العصر الحجري أن يقوم بعملية دقيقة في قرنية العين. العملية ستنجح والعين ستفقأ!"
كنت ذكرت قبل قليل كيف تسلل المضمون والمعنى إلى تنظيرات أدونيس، وها هو ذا يتسلل إلى "ذامّ المعنى" أخينا الأستاذ جعفر.
إنه يرى أن الشعر يغني تجربتنا الحياتية بحقائق لم نستطع اكتشافها لولا الشعر: "إنه ذلك الفعل الإنساني الذي يرتقي بالإنسان إلى آفاق رحبة من الإنسانية عبر لمس المضامين الجديدة.وعلى القارئ العزيز أن يدقق في المضمون وليس المعنى مع أن المضمون سيحيل إلى المعنى لكنه أوسع مدى بحيث يتحمل وضع أشكال التخييل فيه"
عاد الأستاذ جعفر إذن إلى المعنى الذي أراد في مقاله ذمه عودة لها مغزى لعله لم يفكر فيه بقدر كاف.أنا أذكره باحتقار منظري الفن الحديث للمعنى ولمن يطلبه، وقد ظهر هذا الاحتقار عنده أيضا في بداية المقال وفي تشبيهه من يطلب المعنى من الصورة بمن يحاول إجراء عملية على القرنية بأدوات العصر الحجري. الآن عاد إلى مشروعية البحث عن معنى ولكن مع هذا الشرط وهو "السماح بالتخييل" فلو شئت أن أستعمل تشبيهه السابق لقلت إن القصيدة الحديثة تسمح لصاحب أدوات العصر الحجري بإجراء العملية مع احتمالات عديدة منها أنه قد يفقأ العين ولكن منها أن لا يفقأ العين ويخرج المريض صحيح العين معافاها، بل قد يخرج بعيون إضافية لم توجد من قبل!
والحقيقة التي أراها أن المعنى لا يمكن الهروب منه إذ المخ الإنساني مركب على مبدأ البحث عن معنى في كل ما يرد إلى الحواس من معطيات خارجية ، وما من دال بلا مدلول ،ويبقى أن ننظر في صحة ادعاءات هذا "النص الأجد": ما الذي يضمن لنا أن هذه "الفضاءات المتجاورة" وهذه "العلاقات المتباعدة بين عناصر الوجود والثقافة" ليست اعتباطية، وأن الشاعر كان بإمكانه أن يضع أية "علاقات متباعدة" و "فضاءات متجاورة" لمجرد العبث، ثم ينشغل المتلقي "بتصوره" و "إحاطته" و "إدراكه" و "رؤيته" و "استبطانه" و "تفكيكه وتركيبه" و "سبره" و "تأمله في الجمال واستمتاعه به" و "تخيله الفاعل والإيجابي" ليقوم بعمل جاد في "التلقي الفاعل" لعمل هازل عابث؟(2)
وقد قام بذلك ذات مرة بالفعل مجموعة من أدباء الشام منهم علي كنعان وممدوح عدوان وأرسلوا قصيدة ملفقة إلى مجلة شعر فنشرتها مع تقريظ مطنطن ثم نشروا هم قصة القصيدة!
وتجربة مماثلة في تلفيق "قصيدة" عبر لصق كلمات كيفما اتفق من أوراق الجرائد قام بها حكم البابا في جريدة تشرين الدمشقية واشتهرت معطية نتيجة مماثلة فلم يجرؤ على التشكيك في القصيدة من النقاد غير واحد هو شوقي بغدادي لم يشكك بل قال صادقاً إنه لا يفهم في هذا النوع من الشعر! أما الآخرون فانهالوا "بقراءات" مستندة إلى الوهم الخالص من النوع الذي يبدو أن الأستاذ جعفر يفتح الباب له.
والعبد الفقير قام قبل البابا بتجربة أعطت النتيجة نفسها. وإنني لأدعو الأستاذ جعفر أن يجرب فيضع "علاقات متباعدة" و "فضاءات متجاورة" بصورة عشوائية اعتباطية ثم لير كيف "يبدع المتلقون في القراءة والتصور واستخلاص المعنى مع السماح بالتخييل".
هذا "النص الأجد" هو عند غير المخلصين دجل واستسهال وعند المخلصين من أمثال الأستاذ جعفر توهم في اعتقادي ناتج عن هيبة المرجع العالمي الذي اخترعه وروج له وهو الثقافة الغربية.
وبالمناسبة التقيت مراراً بمثقفين غربيين يرون رأيي أن هذه المدارس الفنية تعبير عن بلوغ الاستلاب عند الإنسان الغربي ذروته وهم يبحثون عن بدائل ولعل هذا التيار سيظهر قريباً بصورة أوضح من ضمن التيارات التي يموج بها "عصر ما بعد الحداثة" في الغرب.
أعرف أصدقاء جربوا التجربة التالية: أخذوا من "النقد الحديث" ثلاثة "تعليقات نقدية" على ثلاث لوحات حديثة لنقل بالشكل التالي:التعليق ت1 للوحة ل1،التعليق ت2 للوحة ل2،التعليق ت3 للوحة ل3، وخلطوها وطلبوا من "ناقد" أن يحدد "التعليق المناسب" لكل لوحة فأخطأ! ولو أن الأستاذ جعفر أخذ ثلاثة نصوص من نوع "النص الأجد" ن1،ن2،ن3 وطلب لكل نص تعليقاً من ناقد فتجمع عنده ثلاثة تعليقات ت1، ت2، ت3 ،ثم عرض النصوص والتعليقات مخلوطة على ناقد ثان فسيرى أنه لن يفلح في معرفة الربط بين النص والتعليق(شرط أن لا تحتوي التعليقات طبعاً على استشهادات أو كلمات من النصوص بل تكون من النوع العام).
الفن الحديث والنص الحديث هما ناتج عما دعاه فوكو "موت الإنسان" في الحضارة الغربية المعاصرة فهي حضارة وصلت إلى الحد الأقصى من الاغتراب وتشييء الروح بحيث أن الأشياء استقلت بذاتها وسيطرت على صانعها البشري حتى فقد الإنسان الإحساس بالمعنى والاكتئاب العميق هو الأب الروحي لهذا الفن على حين تميز الفن قبل ذلك (ولا زالت ميزته هذه موجودة في فننا التقليدي) بأنه فن نابض بالانفعالات والعواطف والحيوية.وأمام الثقافات غير الغربية واجب حتى تجاه الإنسان الغربي الضائع هو أن تقدم نموذجاً مغايراً لفن لم يتشياً بعد ولكيلا لا يرى القارئ أن هذا مطلب مستحيل سأذكره بمثال واضح هو مثال الرواية.
لقد انعكس الاغتراب العميق للإنسان الغربي في الروايات الجديدة من "تيار الوعي" وخصوصاً روايات الفرنسيين ألان روب غرييه وناتالي ساروت. وفجأة وفي هذا الوضع الخانق وفدت إلى أوروبا من شعوب سمراء لها تاريخ ثقافي مختلف هي شعوب أمريكا اللاتينية روايات تطرح رؤية مختلفة وشكلاً جديداً :الواقعية السحرية التي ماركيز أشهر ممثليها واستطاعت هذه الرواية أن تفرض وجودها في أوروبا بدون أي تملق للقيم الغربية تعودت الروايات المكتوبة بقصد الترجمة التي كتبها عرب وغير عرب من بلدان عالم ثالثية أخرى أن تقوم به.
فلنصبر قليلاً ولنحاول استنباط أشكالنا الخاصة وصدقوني: بهذه الأشكال وحدها يمكن لنا أن نعبر عن أنفسنا وليس ذلك وحسب: بها وحدها يمكن لأدبنا أن يصبح عالمياً!
وهذا يوصلني إلى النقطة الأخيرة التي أريد إيرادها في هذه المداخلة: خلافاً لما قد يكون نتج من انطباع عند قارئ السطور السابقة أنا لا أدعو بالضرورة إلى الجمود على أشكال أدبية معينة. ومحاججتي انطلقت من مبدأين:
أولاً: إن الأشكال الغربية ليست قدراً مقدوراً ولا هي تتمتع بأي تميز خاص أو مشروعية تاريخية.التقدم موجود في العلم الطبيعي وفي التقنية ولكنه لا يسري بنفس الطريقة على عالم الأدب فها هنا لا نعد الأدب الغربي متقدماً على العربي كما أن ساروت غير "متقدمة" على ماركيز.
ثانياً: إن أشكالنا نحن نحتفظ بما نشاء منها ونغير فيما نشاء على أساس حاجاتنا وتجاربنا الخاصة ولا تتمتع الأشكال الغربية بأي إجبارية وهي ليست ا"لأفضل" أو "الأكثر تقدماً".
ومن الأمثلة التي أضربها مثال الرواية والأشكال الحكائية التراثية: إن كلاً من الروائيين جمال الغيطاني وأميل حبيبي استطاع أن يبدع رواية حديثة عربية استمدت من التراث العربي ولكنها لم تنسخه ولم تنسخ النماذج الغربية.
وإنني أرى أن الشعر العربي أيضاً عليه أن يقدم نموذجاً مماثلاً للتجديد الأصيل.

خاتمة: هل من طريق لنظرية معنوية في الفنية؟

لعل التأكيدات المعادية لدور المعنى في تحديد فنية النص الأدبي تجد مجالاً معقولاً في الشعر أكثر مما تجده في نوع أدبي آخر هو الرواية هو بالمعنى ألصق!
وبالفعل: أليس الفرق في الفنية بين أديب عظيم كدستويفسكي و"أديبة" تافهة من نوع أجاثا كريستي عائداً إلى ما يزيد على مجرد أن يكون قضية شكلية؟
وكيف نفسر الفارق في العظمة الشعرية مثلاً بين المتنبي وابن المعتز، مع أن الأخير بالمناسبة كان يحكم نفسه بهاجس الشكل أما الأول فكان يهتم بالمضمون الفكري.
أنا لا أقول طبعاً إن المضمون الفكري لوحده هو الذي يحدد القيمة الفنية ولكنني أرى أن التيارات الجديدة في النقد بالغت كثيراً في تقزيم أهمية المضمون في تحديد الفنية.
ومن هنا تقوم في رأيي ضرورة "ردة" معاصرة إلى المضمون ودوره في الفنية ولكن بطريقة نظرية صائبة تحدد الآليات التي تربط الأفكار العظيمة بالفن العظيم وتبرهن على المسلمة التالية التي أنا مقتنع بصحتها: كل فن عظيم يحمل مضموناً عظيماً والعكس ليس بالضرورة صحيحاً!


هامشان

(1)مقال الكاتب البحريني الأستاذ جعفر حسن "في ذم المعنى الأدبي" موجود في "منتدى الشعر المعاصر" العنوان:
http://www.werith.net/vb/showthread....&threadid=3615
(2) جميع التعابير بين الأهلة وردت في مقال الأستاذ جعفر في سياق وصفه لعمل متلقي النص الأجد.
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 24-08-2002, 08:28 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي

أعيد المقال للاطلاع
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م