نـــــــــــداء

[خذوني للمعارك]

نداء


يا أبناء فلسطين الحبيبة



أتوجه إليكم بهذا النداء من القلب للقلب، من مواطن فلسطيني لأخيه واخته من الصابرين الكادحين القابضين على الجمر، إليكم جميعاً دون استثناء، سواءً شاركتم أو قاطعتم "إضراب" السبت، كنتم معه أو ضده، لا يهم فالمهم هو الشعب بأكمله، بكل فئاته، بجميع الوانه وراياته، أتوجه اليكم لتقفوا لحظة واحدة مع أنفسكم وتحكموا ضمائركم، بل الغوا النفس والضمير وانظروا لعيون أطفالكم، الأطفال الذين أريد لهم أن يهيموا في شوارع فلسطين ويضيعوا بين حانا ومانا، الأطفال الذين يراد لهم أن يبقوا دون تطعيم في انتظار مرض قد يأتي يوماً، قفوا لحظة وأسألوا:



· من المستفيد مما يجري على أرض فلسطين الطاهرة المباركة؟ هل باتت قضيتنا هي حكومة ووزراء ورئيس واسماء وهمية لسلطة وهمية في ظل احتلال يعتقل من يشاء ويختطف من يشاء؟

· ثم من المتضرر من تعطيل وشل الحياة الفلسطينية؟

· هل سمعتم كلمة واحدة نطق بها أي مسؤول في حكومة الاحتلال يوم السبت 02/09/2006؟ أي كلمة خير أو شر، الإجابة لا، هل تدرون لماذا؟ لأنهم يشاهدون ويتابعون مأساة فلسطينية – فلسطينية تثلج قلوبهم وتدمي قلوبنا وقلوب أطفالنا.

· في المقابل هل يستطيع أحدكم أن يحصر عدد التصريحات التي انطلقت من مسؤولينا الأشاوس هنا وهناك لتطعن وتشكك وتتهم وتقذف، ومن بعد ذلك تسخر المنابر الاعلامية بكل أشكالها لتشويه شعبنا! نعم تشويه شعبنا لأن ما يجري هو عار وجريمة.

· هل تقبلون أن تكون الشوارع مأوى لطلابنا بدلاً من مقاعد الدراسة؟

· أتعلمون أنه في يوم الاضراب سقط شهداء وجرحى وتواصل العدوان دون توقف، بينما كنا نغرق في سفاهات وتفاهات؟



وهناك ألف هل وهل وسؤال، تبقى في انتظار اجاباتكم.



يا أهل فلسطين الأحباء



لا ينكر أحد حق المواطن في النقد والاحتجاج والاعتراض بالوسائل التي ضمنتها القوانين والأعراف بما فيها الاعتصام والتظاهر والاضراب، وهي جميعها مشروعة وظواهر وتحركات جماهيرية تصحح أي انحراف أو تقصير قد يحدث في المجتمع، لكن هل الدعوات للإضراب الآن هي مطلبية نقابية بحتة؟ وهل الاضراب المفترض موجه نحو الهدف منه ونحو من يساهم في تجويع شعبنا؟



لا ينكر أحد ذلك الحق في الاضراب، لكن المقارنات التي تساق من البعض لا اساس لها من الصحة، فالقول ان الشعب أضرب أيام حصار مشابه لعرفات في مقره برام الله هي دجل وتدليس، فالحصار كان لشخص عرفات ومنعه من طقوس الرئاسة من سجاد أحمر وطابور شرف وسفر، لكنه بقي يستقبل الوفود، وانعقدت كل اجتماعات الحكومة في مقره، وبقيت الحكومة تمارس مهامها دون اعتقال او اختطاف، وكان رموز السلطة يتنقلون ببطاقاتهم الخاصة كما يشاءون، وكان عرفات يعزل ويقيل ويفعل ما يشاء، والأهم لم تتوقف المساعدات أو يحاصر الشعب وبقي هو الآمر الناهي والمشرف على كل قرش يصرف، أما اليوم فالمحاصر هو الشعب، ومن يتم تجويعه هو الشعب، والمطلوب رأس الديمقراطية الفلسطينية.



أتساءل يا أبناء الشعب المعطاء عن التوقيت والشعار والهدف والنتيجة من الإضراب في هذا الوقت، أتساءل دون أن اتهم من خرج بقصد ونية صادقة ليُسمع صوته للعالم الظالم الجائر، بل أؤيد ودون تحفظ هذا التوجه السليم، لكني أتساءل وأوجه الاتهام للفئة المأجورة التي يحرضها ويحركها مسؤولون على أعلى مستوى، أتساءل وأتهم من أرهبوا وأرعبوا الطلبة، ومن أطلقوا النار وأحرقوا الاطارات، من أقفلوا المدارس، أتساءل هل هذه هي مصلحة الشعب الفلسطيني التي تتغنوا بها ليل نهار؟ هل هذا هو الحق المشروع الذي تتحدثون عنه؟ أتساءل وأقول:



· أليس هدف الاحتلال ومن معه مِن فرض الحصار هو اسقاط خيار الشعب الفلسطيني ورفض ديمقراطيته التي لم تنسجم مع أهوائهم؟

· هل ستتنزل الرواتب من السماء بعد الاضراب؟ وبعبارة أخرى هل ستصرف الرواتب إذا قمنا وبإرادتنا بتجهيل شعبنا وتحميله وزر المرض؟

· هل يعتقد من لبوا نداء التحريض –وهم قلة- أن الرواتب ستدفع لهم غداً دون ثمن؟

· إن سقطت الحكومة كما يراد من هذا التحرك فهل ستحل كل المشاكل وينتعش الاقتصاد لسواد عيوننا أو شعورنا؟ أم أن مقابل كل قرش يدفع ستسقط أحد ثوابتنا وحقوقنا؟

· أتساءل ما هو دور عبّاس وباقي الزمرة في فك الحصار وهو من استأثر لنفسه بالأمن والمالية والمعابر والإعلام والخارجية وصندوق الاستثمارات وغيرها، وهل هو معفي من أية مسؤولية، والمطلوب منه هو مراقبة الأحداث كأي غريب عن شعبنا؟

· كيف سيتدبر عبّاس ومن لف لفه أمر الرواتب؟ أليس بالاعتراف والتنازل كما ذكر بيان اللجنة التنفيذية الفاقدة للشرعية والنصاب اليوم والتي يحركها عبد ربه الذي لا يمثل إلا نفسه؟

· إن كان هذا ما يريده الشعب، أي الراتب بأي ثمن، فربما تكون حماس أقدر من عباس على الحصول على المليارات وبسهولة ويسر، ما يتطلبه الأمر بيان من أسطر معدودة يقول: اعترفنا بالاحتلال، وافقنا على المعاهدات والاتفاقات السابقة ونبذنا الارهاب والعنف!

· إن فعلوا ذلك، ترى ما هي الحاجة لعباس ودحلان وشعث وعريقات وباقي الزمرة؟

· أين أموال شعبنا من استثمارات وحسابات وأموال؟، وأين ما تحدث عنه المدعي العام حول مئات الملايين التي اكتشف سارقيها وناهبيها؟



يا شرفاء شعبنا



إن صمودكم لأشهر طويلة دون راتب رغم الضائقة والظروف، وتحديكم للتهديدات التي أطلقت قبل الانتخابات بتجويعكم، وثباتكم على المبدأ، ورفضكم التنازل عن الحقوق والثوابت، لا يمكن أن تضيعه الآن فئة تريد التلاعب بقوتكم وقوت عيالكم، والتلاعب بمصير أبنائكم لتفرض عليه الجهل والمرض بعد أن أغرقت مجتمعنا بالفساد والرذيلة والبلطجة والزعرنة، أم ترانا نسينا أفعالهم؟



فكروا وتدبروا ولا تكونوا الخنجر الذي يغرس في ظهر شعبنا لتركيعه تمهيداً لرفع راية الاستسلام، ولا تقبلوا المال المغموس بالذل والمهانة، والراتب الذي ثمنه فلسطين وشعب فلسطين.



يا أبناء الشعب الفلسطيني المعطاء



أخرجوا، تظاهروا، اعتصموا، اضربوا، لكن ضد من تآمر ويتآمر عليكم ليل نهار، اصرخوا واسمعوا صوتكم للعالم، لكن قولوا أننا نأبى الظلم والركوع والخنوع، عبّروا بكل الطرق والوسائل، لكن ليس على حساب أطفالنا وأبنائنا، ولا من خلال اغلاق المدارس ووقف التطعيمات وتكديس القمامة في الشوارع، توجهوا صوب كل مسؤولي الأرض وتذكروا أنكم أصحاب حق.



وجهوا غضبكم نحو من أجرم بحق هذا الشعب في الداخل والخارج، مارسوا حقكم في الرقابة والمحاسبة، وكونوا العين الساهرة لهذا المجتمع، لكن تذكروا أن مشكلتنا الحقيقية هي في الاحتلال وأعوان الاحتلال من المتربصين بكم.



احسموا أمركم، إما الشرف والعزة والثوابت والحقوق، أو الراتب بأي ثمن كان وبأي شرط، وهذا لا يعني على الاطلاق التقليل من أهمية الراتب للمواطن الفلسطيني ولعجلة الاقتصاد، الذي أريد له عبر اتفاقيات مخزية أن يبقى مرتبطاً باقتصاد الاحتلال، وان يحول أبناء شعبنا إلى عبيد للراتب.



يا شعبنا الواحد الموحد



لقد كان موقفكم اليوم واصراركم على رفض التلاعب بمصيركم من قبل مشبوهين مأجورين دليل على وعي وحرص واخلاص، وكان اصرار أبناء الشعب الفلسطيني من الطلبة على العلم، وتحديهم للفئة المأجورة دليل أكبر على عظمة هذا الشعب بصغاره الكبار وكباره العظماء.



رؤوس الفتنة تتربص، والمكائد تحاك، وسيكون موقفكم هو الحاسم، فبحجتكم وبحجة احتياجاتكم تعد العدة للإنقلاب على خياركم، وبتحريض الفئات المشبوهة وعبر تحريك أتباعها لحرف احتجاجكم عن مساره الصحيح سيكون العذر والمبرر لمن يساهم في تجويعكم ليقول أنا المنقذ.



رؤوس الفتنة لن تنجح ولن تعود لتتحكم بمصير شعبنا، وموقفكم الرائع هذا اليوم، وحرصكم ووعيكم، سيكون درساً جديداً للعالم يضاف ليوم انتفاضتكم الصامتة على الظلم والفساد ورموزه في 25/01/2006.





إليكم يا من صنعتم وتصنعون التاريخ



العالم يتعلم منكم، ويتطلع اليكم، فكونوا على قدر المسؤولية، لا تشمّتوا أعداءنا فينا، ولا تقبلوا على أنفسكم إلا أن تكونوا أحراراً، وأعلموا أن إرادة الشعوب لا تقهر، وعزيمتها لا تنكسر، وأن العالم كله سيأتي صاغراً إن صمدتم وتماسكتم، وأعلموت أيضاً أن الضعيف في هذه الدنيا لا سند له، وقوتنا في حقنا، فلا تضيعوه.



لا تنسوا أو تتناسوا أننا شعب تحت الاحتلال، وأن كل مظاهر السلطة هي زائفة وهمية لاقيمة لها، والدليل أن العالم لا يحرك ساكناً ان حوصر رئيس السلطة في مقاطعته، او اختطف راس السلطة التشريعي ونوابه، أو هدد رأس السلطة التنفيذية بالاغتيال واعتقل وزراؤه.



إليكم يا أغلى الناس



توكلوا على الله وحكموا ضمائركم وتذكروا أبناءكم، شجعوهم على العلم وارفضوا الجهل، جهزوهم واعدوهم للتوجه إلى مدارسهم، وافشلوا مخططات الاحتلال واعوانه كما فعلتم بالأمس، ولا تقبلوا أن يكون طلابنا أو مرضانا طرفاً في أي صراع، وان كان هناك من اضراب فليكن بعيداً عن سياسات التشويه والتجويع وبعيداً عن التطعيم والتعليم.



هذا ندائي لكم، وهذا أملي فيكم، ولن يخيب أمل العالم بأسره بشعب فلسطين، متمنياً من كل قلبي أن يصل هذا النداء لكل فلسطيني وفلسطينية في وطننا الحبيب السليب.



وأخيراً تذكروا قوله تعالى:

"وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ"



لكم يا أبناء شعبي ويا اخوتي واخواتي كل التقدير والمحبة والتقدير.





د.إبراهيم حمّامي
www.drhamami.net
DrHamami@Hotmail.com