أيها المسلمونَ إحذروا ممن يُحرّف أسماء الله الحسنى

[aybak]

الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى ءاله وصحبه وسلَّم.

أما بعد، يقول الله تبارك وتعالى: ] كُنتُم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ تَأْمُرُونَ بالمَعْروفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ [

وقال أيضاً عزَّ من قائل: ) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ( .

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكراً فلْيغيِّرْه بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفُ الإيمان " رواه مسلم.

لقد دعانا الشرع الكريم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلى إبطال الباطل وإحقاق الحقِّ، ولقد كثُر المفتنون اليوم في الدين بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، وزاد الانحراف وامتد، فادعى أناسٌ العلم وتزيوا بزي أهله فخاضوا في الدين بجهل فوقعوا في التحريف والتكذيب لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلَّم.

ولقد صُعِقنا لرؤية إمساكية شهر رمضان المبارك لهذه السنة والتي عملها وقام بتوزيعها ما يسمى بـ "الوقـف الاسكندنـافي" حيث قاموا فيها بترجمة أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين إلى اللغة الدانمركية فتخبطوا بجهلهم وحرفوا أسماء الله الحسنى ونسبوا إلى الله ما لا يجوز في حقه وشَـبَّـهُـوه بـمَخـلوقـاتِـه فوقعوا في المحظور. هؤلاء المشبهة المجسمة ترجموا اسم الله "النُّور" إلى الضوء والعياذ بالله واسم الله "الباطِن" إلى المحجوب في الداخل واسم الله "الوليّ" إلى الصديق الذي يحمي، وأما اسم الله "البرّ" فقد حرفوه إلى نبع الخير والعياذُ بالله من الضلال وأما اسم الله "الفتَّاح" فقد حرفه هؤلاء الجهلة المشوشون إلى الذي يفتح، هذا بالإضافة إلى العديد من التحريفات الشنيعة والقبيحة. إنَّ هذا يدل على مدى جهل هؤلاء الناس الذين تصدروا للإفتاء بغير علمٍ فضلوا وأضلوا حيث إن هذه الأباطيل والضلالات والتحريفات لأسماء الله الحسنى لا يقبلها ولا يرضى بها مسلم حريص شفوق على دينه، نعوذ بالله من سوء الحال ومن الكفر والشرك وأهله.

فقياماً منا بالواجب الذي افترضه الله علينا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصح المسلمين وتحذيرهم من تلك التحريفات والأباطيل والضلالات التي ذكرت في الإمساكية المذكورة كتبنا هذا المنشور على وجه الاختصار ذاكرين تحريفاتهم ومفندين ضلالاتهم، محتجين عليهم بالكتاب والسنة وإجماع الأئمة وأقوال العلماء.

فكما أن التحذير ممن يغش المسلمين في السِّلَع واجبٌ، فالتحذير ممن يدس ويحرف الدين ويفتري على الله ورسوله واجب من باب الأولى، قال أبو علي الدَّقاق: "الساكت عن الحق شيطان أخرس".

ودفعاً منا لتحريفاتهم وافتراءاتهم وذباً عن دين الله الحنيف نقول بعون الله بأن الله تبارك وتعالى يقول في القرءان الكريم:

( وللهِ الأسْماءُ الحُسنَى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِى أَسْمَــئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

معناه أنَّ الله تعالى له الأسماء التي تدلُّ على الكمال، فالله لا يوصفُ إلا بصفةِ كمالٍ فكل اسمٍ لا يدل على الكمال لا يجوز أن يكون من أسمائه تبارك وتعالى كما يسمِّيه بعض الناس "قوة" وبعضُهم سمَّاهُ "روحاً"، فهذا كفرٌ وإلحادٌ فليُجْتَنَبْ هذا ونحوه فهذا لا يجوز لأن كلمةَ روح لا تدل على الكمال ثم إن الروح مخلوقٌ لله، كذلك لا يصح ولا يجوز أن يسمى الله ضوءاً لأن الضوء مخلوق لله أيضاً. قال الله تبارك وتعالى:

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمـواتِ والأرضَ وجَعَلَ الظُّلَماتِ والنُّورَ )

وأما معنى الآية: "الله نورُ السمواتِ والأرض" أن الله هادي أهل السموات ومن شاء من أهل الأرض لنور الإيمان كما رواه البيهقي عن ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فالله تعالى ليس نوراً بمعنى الضوء بل هو الذي خلق الظلمات والنور فكيف يمكن أن يكون نوراً كخلقه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا. وحكم من يعتقد أن الله نور بمعنى الضوء التكفير قطعاً. لذلك فإن ما ورد في الإمساكية المذكورة زوراً وبهتاناً على أنها من أسماء الله وكذلك ما ورد في بعض الكتب المدسوسة والمشبوهة من تسمية الله الريشة المبدعة أو العلة الكبرى أو الضوء أو العقل المدبر أو نبع السلام أو نبع الخير أو المحجوب في الداخل وما شابهها من الضلالات هو نوع من التحريف والإلحاد. قال الإمام رُكنُ الإسلام عليٌ السُّغديُّ: "من سمَّى الله علَّةً أو سبباً كفرَ". وقال الإمام الباقلانيُّ:"ما أطلق اللهُ على نفسهِ أطلقناهُ عليهِ وما لا فلا

وهاكم أيها الإخوة والأخوات التفاسير الصحيحة لبعض أسماء الله:

النُّورُ : أي الذي بنوره أي بهدايته يهتدي ذو الغَواية فيرشد.

الظَّاهِرُ الباطنُ : هو الذي ليس فوقه شئ وليس دونه شئ لأنَّه موجودٌ بلا مكان.

السلامُ : هو السَّالم من كلِّ نقصٍ وعيب.

الـبَـرُّ : هو المحسن إلى عباده الذي عمَّ بِرُّه وإحسانه جميع خلقه فمنهم شاكر ومنهم كافر.

الفَـتَّـاحُ : هو الذي يفتح على خلقه ما انغلق عليهم من أمورهم فييسرها لهم فضلاُ منه وكرماً.

الـغَـنيُّ : هو الذي استغنى عن خلقه والخلائق تفتقر إليه.

الوَلِـيُّ : هو النَّاصِرُ ينصر عباده المؤمنين.

واعلموا أيها الأحبة بأن أسماء الله تعالى قسمان قسمٌ لا يسمى به غيرُهُ وقسمٌ يسمى به غيرُهُ، اللهُ و الرَّحمـن والقدُّوس والخالِق والرَّزَّاق ومالِكُ المُلك وذو الجلال والإكرام والمحيي المميت لا يسمى به إلا الله أما أكثر الأسماء فيسمى به غير الله أيضاً فيجوز أن يسمي الشخصُ ابنه رحيماً والمَلِك كذلك والسَّلام والعزيز كذلك. وأسماء الله الحسنى بأيِ لغةٍ كُتبت يجب احترامها.


نسأل الله تعالى تبارك وتعالى أن يحفظ أمة محمد عليه الصلاة والسلام من أمثال هؤلاء المشوشين المحرفين لدين الله وأن يكفي المسلمين أذاهم وأن يهدي أتباعهم ويردهم إلى سواء السبيل ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتنا على الحق وأن يزيدنا علماً وأن ينفعنا بما علمنا وأن ينفع بنا أمة الإسلام.

والله أعلم وأحكم