في لقائه مع الشيخ عايض القرني ( في لقاء بثه التلفزيون السعودي )تناول الشيخ علي بن خضير الخضير عدة موضوعات ترتبط بالأحداث الجارية في المملكة العربية السعودية وخاصة حوادث التفجير وأسبابها ودواعيها وقضية الجهاد والتكفير والهجرة والخروج على ولي الأمر وكان من أبرز ما جاء في هذا اللقاء ما يلي:
القرني: من أين أتت هذه الأفكار التي يستند إليها هؤلاء الشباب؟
الخضير: من عدة عوامل منها الجهل ومنها الحماس والاندفاع، فهؤلاء الشباب لم يتشبثوا بأهل السنة والجماعة كما ينبغي، وقد صار لنا حوار مع بعض هؤلاء الشباب في السجون ورجع بعضهم بعد أن تبين لهم أمور كثيرة.
القرني: سمعنا من هؤلاء الشباب من يكفر المسلمين وولاة الأمر فإلى أي شيء يستندون في ذلك؟
الخضير: أولاً التكفير حق لله ورسوله ولا يجوز لأحد أن يقدم عليه، فتكفير المسلم بغير حق من التقول على الله بغير علم، ففي حديث أبي ذر "من قال لأخيه يا كافر فقد حار عليه" (أي رجع عليه) وهذا إثم عظيم.
القرني: وهل يجوز الخروج على ولي الأمر بسبب أمور التكفير؟
الخضير: هذه من الأمور الغلط وكل الأخطاء الموجودة لا توجب التكفير فهي أخطاء لا تبرر نزع الطاعة وتكفير ولاة الأمر.
القرني: علماء السلطة لا يؤخذ عنهم العلم كما يقولون، ما رأيك؟
الخضير: هنا الخطأ فهؤلاء العلماء لهم قدر وصدق ونسمع منهم الحق مثل ابن باز والشيخ محمد وغيرهما رحمهم الله، فهنا لابد من الأخذ عنهم، ولما كان هناك عدم مرجعية إليهم كانت أخطاء كثيرة وسهل عند الشباب أن يلمزك بأنك من أنصار السلطة ولكن ينبغي الأخذ عن هؤلاء العلماء.
القرني: وهل يجوز قتل النفس المعصومة، ثم يوصف القاتل بأنه مجاهد أو شهيد؟
الخضير: قتل النفس المعصومة انتحار ومحرم والذي يفجر نفسه في الآمنين هو انتحاري وليس شهيداً.
القرني: وهل تجوز التغطية عليهم بحجة أنهم مجاهدون؟
الخضير: هذا خطأ وهم ليسوا مجاهدين، وقد أوجب الله تعالى التعاون على البر والتقوى ولذلك أرى ضرورة الإبلاغ عنهم حتى لا يتورط الواحد منهم في أعمال أكبر.
القرني: ولكنك وصفت هؤلاء الأشخاص بالمجاهدين؟
الخضير: هؤلاء الأشخاص وصفناهم بذلك قبل أحداث الرياض ولما وقعت الأمور ندمنا على هذا البيان الذي نرى الآن أنه مخالف للحق وكان ينبغي علينا التأني. فما كنا نتصور أن الشباب سوف يصلون إلى هذه المرحلة من التأجيج ويجب أن يقف النزيف حتى لا ندخل النفق المظلم.
القرني: وكيف يتم ذلك؟
الخضير: مثل هذه الإسهامات في بيان الحق كما هو وكذلك تضافر المجتمع والمؤسسات ورجال الأمن والتعليم تسهم في معالجة هذه الأمور قبل أن تستفحل فالخطباء والعلماء والدعاة والمعلمون ورجال الأمن يجب أن يسهموا في بيان الحق. وقد مارسنا مثل هذه الأخطاء في القديم ولكن بقي في الوقت فسحة للتصحيح لنفع المسلمين.
القرني: ماذا تقول لأناس يمارسون هذه الأعمال بحجة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"؟
الخضير: الحديث صحيح، والفهم خاطئ، فإذا دخل هؤلاء (المشركون) في صالح المسلمين فيحرم قتالهم فهم معاهدون، ولذلك كانت خيبر موجودة في زمن الرسول، وما زال المسلمون يستخدمون الكفار لمصالح لهم ثم يعود هؤلاء إلى بلادهم أي إن إقامتهم ليست دائمة.
القرني: هل يجوز الجهاد بلا إذن ولي الأمر؟
الخضير: الجهاد باقٍ لرد الكفار إذا هجموا على المسلمين، كجهاد إخواننا في فلسطين، وأما بالنسبة للإذن فلا بد لولي الأمر أن يأذن في الجهاد.
القرني: هل يجوز للشباب أن يذهبوا للجهاد في العراق؟
الخضير: الآن وقت فتنة ولا نفتي بالذهاب إلى العراق، إلا بإذن ولي الأمر فقد يتسبب الذهاب للجهاد في العراق في أضرار أكبر.
القرني: أما ترى أن هناك فتاوى صدرت منكم ومن كثير من طلاب العلم وأثرت على هؤلاء الشباب؟
الخضير: هذه فتاوى قديمة وكان ينبغي فيها التبين وعدم التعميم مثل الفتوى في منصور النقيدان وأحد الصحفيين في عكاظ، فقد قلت بتكفير هؤلاء من منطلقات قرأت بعضها ولكننا تراجعنا عنها.
القرني: إلى من تعاد مثل هذه الفتاوى؟
الخضير: إلى من عاصر هذه الأمور، والمطلعين على خفاياها، أما ترك الفتاوى لأناس لم يجربوا فهذا فساد عظيم.
القرني: أما ترى أن هذه العمليات التخريبية سببت مفاسد كبرى للإسلام والمسلمين؟
الخضير: نعم هذه العمليات من المفاسد التي ترتب عليها تشويه سمعة المسلمين ونشوء فرقة في المجتمع، وتأخر الأعمال الإغاثية وتسلطٌ على قضايا البذل والخير، وقد أثرت كثيراً على مجال الدعوة.
القرني: ما رأيكم فيما يقال عن "التكفير والهجرة"؟
الخضير: من أين يهاجر؟ فمجتمعنا من أفضل المجتمعات، ورأيت الكثيرين يتركون أوطانهم ويأتون إلى هنا، أضف إلى ذلك الأمن الذي نعيشه في بلادنا.
القرني: الأمن مطلب الجميع؟
الخضير: نعم الأمن من نعم الله علينا، فإذا أمنت استطعت أن تمارس حياتك وأن تصلي وتؤدي فرائضك وأنت آمن.
القرني: كونك مسلماً وطالب علم، كيف يكون التعامل مع المستأمنين؟
الخضير: لا يجوز قتلهم، بل دعوتهم ويجب معاملتهم معاملة حسنة فهذا يعود بفائدة كبيرة على المسلمين.
القرني: وما رأيك في الأعمال التخريبية التي حدثت في بلاد أخرى؟
الخضير: لم نر بلاداً إسلامية قامت من خلال التفجيرات، وهناك في الجزائر مثال واضح، وما زال الإسلاميون يخوضون معارك شديدة وما حصلوا على شيء ولن يحصلوا على شيء لأن الإرهاب لا يقيم دولة، وكذلك في مصر، فالصراع مع الحكام يؤدي إلى مفاسد كثيرة.
القرني: الجماعة الإسلامية في مصر أصدرت كتاباً وأعلنت فيه خطأها ما رأيك؟
الخضير: نعم أصدرت الجماعية الإسلامية في مصر كتاب "نهر الذكريات" وتبينت لهم الأمور خصوصاً بعدما تعاظمت المفاسد.
القرني: وما واجبنا أمام هذه الأحداث؟
الخضير: بالنسبة للدعاة عليهم أن يوصلوا الحق إلى الناس ويشجبوا الباطل، رضي من رضي وغضب من غضب، فعليهم أن يهتموا بالشباب ويفتحوا الحوار معه خاصة الشباب الذي يبدو عليه أنه موافق على هذه الأعمال أو على الحياد منها، وعلى الشباب أن يتركوا الفتاوى العامة التي تثير حماسهم وهي فتاوى خاطئة.
القرني: هناك من يبررون هذه الأعمال الإرهابية بقتل أبنائنا في فلسطين ما رأيك؟
الخضير: قتل الفلسطينيين ليس مبرراً لأن ننتقم من المعاهد وهو في بلاد آمنة، فهذه ليست حجة بل إنها خطأ عظيم.
القرني: وهل يجوز لهؤلاء الخروج على ولي الأمر، ومتى يجوز هذا الخروج؟
الخضير: إذا كان هناك كفر بواح من الحاكم فهذا يخرج عليه إذا ثبت فعلاً، وإذا كان هناك قدرة موازية لتحقيق الصواب، ولكن بالنسبة لمجتمعنا لا توجد أية أسباب للخروج على الحاكم.
القرني: هل ترى أن العلماء قصروا في نصح هؤلاء الشباب؟
الخضير: العصمة ليست للبشر ولكن علماءنا اجتهدوا وتكلموا في الخطب والبرامج ولكن حماس الشباب حال دون ذلك.
القرني: إلى أي مدى تشعر بخطورة الفكر التكفيري؟
الخضير: بالنسبة للمجتمع هي موجة وفقاعة، خصوصاً ما يتعلق بالشباب الذي عندما قرأ عن التكفير ولم يجد من يرشده حصل ما حصل.
القرني: هؤلاء الشباب تربوا على القرآن والسنة، فأين الخلل، هل هو في مناهجنا؟
الخضير: لا ليس من المناهج، بل من الحماس الزائد ووجود جمع من الدعاة في الداخل والخارج لفتوا هذا الشباب إلى بعض الفتاوى العامة، والخطأ هنا من تعميم الفتاوى، مثل الفتوى في الولاء والبراء وغيرها، فوجود التعميم هو الخطأ في هذه التجربة.
القرني: هل الخلل هو البيت أم المعلم أم الفتاوى أم...إلخ؟
الخضير: الخلل يأتي من كلها، وأكثرها الخروج إلى الخارج حيث سهل للشباب لقاء من يكفرون فأثروا عليهم ثم عادوا بهذه الشبهات.
القرني: هناك من يرى أن هذه الأعمال هي انتقام بسبب البطالة وعدم وجود وظائف؟
الخضير: هذا ليس صحيحاً، فالبطالة موجودة منذ زمن، وكان الآباء أكثر منا بطالة، ولم تكن هذه الأعمال موجودة، والخطورة في ذلك هي: هل إذا لم تجد عملاً يكون القتل مباحاً؟ هذا بالتأكيد خطأ، وهل إذا لم تجد ما تأكل تقتل الآخرين؟!.
القرني: ما شعورك عندما سمعت بالانفجارات؟
الخضير: بكيت لشدة ما في الأحداث من خطر كبير يترتب عليه مفاسد عظيمة.
القرني: ولكن هذه الأعمال ما الذي يبررها في مكة المكرمة، فمكة ليس بها مشرك؟
الخضير: هذا صحيح ولذلك أقول إن على المراحل المتقدمة وأقصد المدارس الثانوية والجامعات عليهم دور كبير لبيان ما في هذه الأمور من مفاسد وهذا واجب كذلك على إمام المسجد والخطيب والداعية أيضاً.
القرني: إذا قتل رجل الأمن؟
الخضير: مثله مثل قتل أي نفس معصومة، فقتله يكون ظلماً وباطلاً.
القرني: هل هناك كلمات تحب أن توجهها؟
الخضير: أقول لهؤلاء الشباب أن يتقوا الله تعالى وألا يتحمسوا، وعليهم أن يحكموا كتاب الله في أنفسهم، حين إذ لن يجرؤا على النفوس المعصومة، وسيراجعوا أنفسهم حتى لا يغرر بهم، وعلهم أن يراعوا حرمة هذا البلد.
تحياتي