حبات الأيام في عقد الزمن

[اليمامة]

دون أن أدري ( عندما كنت طفلة) إمتدت أناملي الصغيرة لأستل من بين شعر والدي شعرة بيضاء اشتعل شيبها .. ثم ناولتها لوالدي قائلة :

لقد انتزعتها ياأبي لكي لايقول الناس انك عجوز ..

وفطن أبي الى ماأعنيه وأخذ الشعرة من يدي .. وأجلسني بحنان على رجليه وقال :
أبدا .. أبدا يابنيتي .. إنني لست عجوزا .. إنني مازلت شابا ..
ولكنني لم اقتنع .. وسألته :
ولكن يقولون أن المشيب في الرأس علامة الكبر ؟
هل هذا صحيح ياأبي ؟

ولم يجد والدي من البد من أن يجيبني ..
وقال : هذا صحيح يابنيتي .. فبياض شعر الانسان كاصفرار سنابل القمح .. إنه ايذان بمرحلة الخريف بالنسبة لمرحلة العمر .. والاعمار يابنيتي بيد الله ...

وكأن اعتراف والدي لم يعجبني .. فقلت له :
ولكنك قبل لحظات أكدت لي انك مازلت شابا ؟

أجاب :
بمثل هذه الأماني أعزي نفسي ياصغيرتي .. احملها دائما على أن تكون متفاءلة حتى بالنسبة لما نجهل ..

وحاولت بسذاجتي المعهودة أن اصحح غلطتي .. طالبة منه أن يعيد الي شعرته المقطوعة لاعادتها من جديد الى رأسه ..

وابتسم وقال في هدوء لم أفهمه :
أبداً يابنيتي .. إن شعرةٍ إنفصلت لايمكن وصلها .. كحبات الأيام في عقد الزمن لايمكن لها أن ترجع .. تلك هي سنة الحياة ياصغيرتي .

رحمك الله وأسكنك فسيح جناته