مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 16-09-2007, 02:37 AM
المصابر المصابر غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 3,304
إرسال رسالة عبر ICQ إلى المصابر إرسال رسالة عبر MSN إلى المصابر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى المصابر
إفتراضي من هم الخوارج - تقوى الله لمنشديها -

من هم الخوارج

[الكاتب: حامد بن عبد الله العلي]

فضيلة الشيخ ؛

كثر هذه الايام إطلاق لقب الخوارج على كل من يقاتل الكفار أو الامريكان ، ويلاحظ توظيف هذا المصطلح سياسيا بما يخدم الاهداف و الاطماع الامريكية .

كما ثار جدل واسع حول قضية المعاهدات ومتى تكون شرعية ومتى لاتكون كذلك ؟

فنرجو بيان الجواب الشافي ، احسن الله إليكم .

الجواب :

الحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

وبعد :

المفارقة العجيبة هنا أن الذين يتهمون هذه الجماعات بأنها من الخوارج ، يتعامون عن أن الزعماء هم أحق بهذا الوصف ، فهؤلاء الزعماء السياسيون ـ أقول هذا من باب التسامــــح في عدم التقيد بالتعريف الفِرَقي ـ هم أحق بوصف الخوارج .

وكيف يُتعجب من هذا الأمر ، والحال أن الخوارج إن كانوا استحقوا هذا الوصف لانهم خرجوا عن السنة ، فالزعماء الذين عطلوا الشريعة خرجوا عن الشريعة كلها بل وحاربوها ، وليس عن السنة فقط .

وإذا كان الخوارج قد أخطأوا في فهم النصوص مع أنهم كانوا معظمين لها ، ولم يكونوا يعارضونها بغيرها بل هم يزعمون جهلا أنهم أحق بتطبيقها، فهؤلاء الزعماء الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، وحكموا الجاهلية في بلاد الإسلام ، هم أحق بوصف الخروج قطعا .

وإذا كان الخوارج يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، فليت شعري ، ألم يقتل هؤلاء الزعماء الظلمة الآلاف من المسلمين ، ألم يذبحوا المسلمين دفاعا عن الصهاينة ، ألم يحموا الصهاينة بسحق المجاهدين ، ألم يُقتل الآلاف في أفغانستان بإعانة الصليبيين على قتل المسلمين ، ألم يذبح الآلاف في قلعة جانجي ذبحا ، ألم يهلك خيار أهل الارض من المجاهدين في أفغانستان جوعا وعطشا في الحاويات الامريكية ، اليس في العراق كل يوم دم مهراق ،ألم يشهد الشاهدون ، أن وظيفة جيوش هذه الانظمة ـ التي طالما كانت عونا للكافر على الاسلام ـ الأهم هي سحق شعوبها , وليس قتال الكفار من أعداء الإسلام !!

وإذا كان الخوارج يذرون الكفار ، ويقتلون أهل الإسلام ، فهؤلاء الزعماء ، يوالون الكفار ويقاتلون معهم أهل الإسلام ، فأي الفريق أحق بوصف الخوارج إن كنتم تعلمون .

إقتباس:
والعجب العجاب أنه حتى أمريكا التي تفرح كثيرا بإطلاق لقب الخوارج على الرافضين الغاضبين من الأوضاع الدولية بقيادتها ، أوالخارجين عن هيمنتها كما أطلقت مصطلح ( الدول المارقة ) ـ مع أن الذين تفرح بإطلاق اسم الخوارج عليهم اليوم ، لم يكونوا كذلك لما احتاجتهم أمريكا لتحارب الاتحاد السوفيتي ، بل كانت تسميهم (مناضلوا الحرية ) !! آنذاك ــ أقول العجب العجاب أنه حتى أمريكا نفسها هي في الحقيقة خارجة عما يسمى النظام الدولي ، حتى إنهـأ احتلت دولة جاثمة على ثاني اكبر احتياطي للنفط في العالم ، وهي العراق ، احتلتها أمريكا خروجا منها على النظام الدولي جهارا نهارا ، فهي إذاً أكبر خارجة ، وهي أصل كل خروج ومروق في العالم .
ذلك أنها عندما احتاجت أن تحتل العراق ولم يسعفها النظام الدولي ، خرجت عليه ، ضاربة به عرض الحائط ، وتبعها أولياؤها فخرجوا لخروجها ، فأعانوها سرا وجهرا ، فلو جاز لنا أن نعتد بالنظام الدولي ، فليس لاحد الحق أن يطلق على أي طائفة مقاتلة رافضة لقيادة أمريكا للنظام العالمي ، بعدما عبثت أمريكا بالنظام الدولي ، يطلق عليها أنها من الخوارج .

وأيضا فهؤلاء الزعماء خرجوا على حقوق شعوبهم ، وساموهم سوء العذاب ، وحرموهم حتى من العدل الذي هو أساس الحكم ، ولا يقوم العدل إلا بالحكم بالشريعة والشورى ، فكل ذلك عندهم مضروب به عرض الحائط ، فإذاً هؤلاء الحكام هم الخوارج حقا وصدقا ، الخوارج عن الحق والعدل .

هذا ولا ينقضي عجب المرء من تباكي هؤلاء الزعماء على دماء الأبرياء ، عندما تقع عمليات مثل التي وقعت الأسبوع الماضي ، بينما حالهم الذي لم يزل ، أن أيديهم ملطخة بدماء المظلومين ، وسجونهم مليئة بالمعذبين ، وسجلات دولهم مسودة بانتهاكات حقوق الإنسان ، ومازالت أمريكا ـ مع أنها أعظم منتهك لحقوق الإنسان ـ عندما تريد أن تزلزل عروشهم ، تهددهم بفضح سجلاتهم فيما فعلوه في الأبرياء من شعوبهم ، فيتضعضعون لها ، وترتعد فرائصهم ويخافون من انفضاح أمرهم ، وانكشاف جرائمهم في حق شعوبهم ، فيتنادون حينئذ لمنح الشعوب حقوقها كأنها منّة لهم على شعوبهم ، وليست حقا لها عليهم .

وإنه لمما يثير الأسى ، أن يتزاحم المتزاحمون أمام (كاميرات) الفضائيات هذه الأيام ، في حماسة بالغة ، ليطلقوا لقب الخوارج على من يشير إليهم الساسة بذلك ـ إذا خاف الساسة على أنظمتهم ، وليس على شعوبهم المسكينة الرازحة تحت ظلمهم ـ بينما كان أولئك العاشقون للكاميرات ، ولازالوا ، لا ينطقون ببنت شفة إزاء خروج أمريكا ومن والاها من الزعماء ، خروجهم جميعا عن الشرع والحق والعدل ، كانوا صامتين عن إنكار هذا الظلم المبين ، بدعوى أن من المصلحة الصمت عن إنكار الكفر والظلم والطغيان، فمابال المصلحة تخلفت هنا فسلطتم ألسنتكم على هذا الظلم الخاطف فحسب !!

ولعمري أين كان حماس هؤلاء عندما كان صولجان الظلم مسلطا على شعوب الأمة ، والبطش بهم ناموس الزعماء الأوحد ، وإهراق دماء الأبرياء دينهم ، وأكل أموال الشعوب بالباطل ديدنهم ، وإعانة الكفرة على غزو بلاد الإسلام نهجهم ، وتسليم أهل الإسلام للكفار ليحكموا فيهم بأحكام الطاغوت مذهبهم ، ترى أين كانت شجاعة وعاظنا !! ، ولماذا ظهرت فجأة اليوم؟!وإنه لمما يحزن المرء ، أن يرى هذه الغفلة المستحكمة في بعض من ينتسب إلى القول على الله و شريعته العليّة ، فمن ذلك أن فاضلا من حملة العلم الشرعي ، قال لي : أرأيت هذه المقبرة الجماعية التي تحوي الآلاف فهي جريمة لصدام لم يعرف التاريخ لها مثيلا ؟
قلت له : أما إنــه لمجرم ، ولكن فمتى فعلها ـ لو سلمنا بما تقول ؟
قال : في انتفاضة الجنوب عام 91 ميلادي .
قلت ومن كان يسيطر على الجنوب آنذاك إثر انتهاء الحرب .
قال : أمريكا .
قلت : ومن سمح له باستعمال الطيران ذي الأجنحة المتحركة بقرار مفاجئ إن كنت تذكر .
قال : بلى أذكر أمريكا سمحت له بذلك ، بعد أن انكفأت فجأة عن استمرار مسيرها إلى بغداد لقلب نظام الحكم .
قلت : فإذن فهي سلطته على هؤلاء الضحايا ، وكانت مجازره فيهم ، تحت إشرافها ودعمها ، وأيضا فلا بد أنها صورت كل شيء بالأقمار الصناعية ، وسكتت عن كل ماجرى طول هذه المدة ، ثم جاءت اليوم لتقول لكم إنها جرائم صدام وحده .

فأطرق هنيهة ، فقال ويحك والله لقد نبهتني على أمر كنت عنه من الغافلين .

قلت له وأزيدك : عندما كان صدام يستعمل أسلحة الدمار الشامل في حربه مع إيران ، وضد شعبه ، من كان يدعمه ، وبأموال من : قال دول الخليج ، قلت كم أعطوه ، قال لا ادري ، قلت : مالا يقل عن ثلاثين مليارا ، ليحكم قبضته على شعبه ، ويدمره ، ويسفك دماءه ـ من أن بعض ذلك كان بحق ـ هذا الشعب الذي يتباكون عليه الآن .

فهل نسينا أن الزعماء الذين يتباكون اليوم على الشعب العراقي كانوا شركاء صدام في جرائمه ، وأمريكا نفسها من وراءهم تحركهم ، ولهذا السبب سرقت كل الوثائق التي تثبت ذلك في عمليات النهب التي سمحت بها من اجل أن تضيع سرقة كل الوثائق التي تدينها، وسط الفوضى العارمة .

قلت : وأزيدك .. تُرى.. لماذا لاتهتم وسائل الإعلام إلا لِماما ، لقتل الصهاينة في أرض فلسطين أكثر من ثمانية آلاف في الانتفاضة الأخيرة فقط ، ولهدم مئات المنازل ، واعتقال عشرات الآلاف من الشباب ، يعيشون أسوء الأحوال ، ويتعرضون لابشع أنواع التعذيب .

لماذا لا أحد يذكر السجل المروّع لروسيا في انتهاك حقوق الإنسان في الشيشان مثلا ، والسجل المروّع لما يحصل للمسلمين في الهند ، لماذا تُهرق كلّ هذه الدماء بأبشع صورة ، ويمر ذلك كلُّه لا أقول مرور الكرام ، بل هو مرور أمام اللئام ، يمر ذلك كله كأن هذه الدماء لاقيمة لها ، بينما إذا هلك أمريكي ، يجب أن يتحدث الجميع بحرقة وخوف على الأمن الدولي ، ودماء البشر الأبرياء ، والخطر على العالم من الخوارج!!

فقال لي : والله إن هذا الإعلام لساحر ، سحرنا فلا نرى مجرما إلا ما يريد أعداؤنا أن نراه مجرما ، وأما جرائمهم فيتكتمون عليها حتى كأنها لم تقع قط.

ز-أما بالنسبة للجواب على سؤال السائل عن الخوارج ، فأقول : ينبغي أن نفرق بين ثلاثة أمور : ز!-

الخوارج ، والبغاة ، والأخطاء التي يقع فيه المجاهدون في القتال .

وعند الحديث على الخوارج ، يجب أن نفرق بين الخارجين على الحاكم الشرعي ، والخارجين النظام الكافر ، والخروج على النظام الدولي الذي هو طاغوت أصلا ، بل هو أصل الطواغيت ، وكبيرها ، وهو مع ذلك قانون مزيف ، حتى الدول الكبرى وضعته لتعبث به ، كما كان أهل الجاهلية يعبثون بالأشهر الحرم ، كما قال تعالى ( إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ) ، وكذلك الدول القوية مثل أمريكا ، يحلون القانون الدولي عاما ، ويحرمونه عاما ، ولا يقيمون له وزنا ، بينما يطالبون الدول الإسلامية فقط باحترامه ..عجبا !!

وكذلك البغاة ، يجب التفريق بين البغي على الإمام الواجب الطاعة ،والبغي على النظام الدولي الذي تريد أمريكا أن تتزعمه لتمرر مخططات الصهاينة ، وتطفئ نور الإسلام .

والواقع الذي لاخفاء فيه ، أن الصراع العالمي اليوم بين من يطلقون عليهم القاعدة ، وبين أمريكا ، هو صراع عالمي ، تدور رحاه حول النظام العالمي نفسه ، ولهذا تسمي أمريكا هذه الحرب ( الحرب الدولية على الإرهاب ) فالطرفان في حالة حرب عالمية ، محورها النظام العالمي ، وأمريكا تريد أن تستثمر تضخيم هذه الحرب ، وتستفيد من استمرارها لتكون غطاء لتمرير مخططاتها ، وتسهيل تقبل المنطقة وانصياع الشعوب لها .

ولكن يبدو أن الأمور جرت على غير ما كانت تخطط له أمريكا فاتسع الخرق على الراقع ، لاسيما والأوضاع في أفغانستان بدأت تميل تدريجا لصالح كفة طالبان ، وضد الاحتلال الأمريكي لها .

يـ

تـ

بـ

ع

  #2  
قديم 16-09-2007, 02:44 AM
المصابر المصابر غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 3,304
إرسال رسالة عبر ICQ إلى المصابر إرسال رسالة عبر MSN إلى المصابر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى المصابر
إفتراضي خروج الحسين - لمن يتغنى بالخروج -


خروج الحسين


بعد أن توفي معاوية t و بويع ليزيد بالخلافة في الشام (و ذلك سنة 60هـ)، كتب يزيد إلى والي المدينة –الوليد بن عتبة بن أبي سفيان– أن يدعو الناس للبيعة و أن يبدأ بوجوه قريش[1]. فاستشار الوليد بن عتبة مروان بن الحكم فأشار عليه بأن يبعث في طلب الحسين و ابن الزبير للبيعة، فيروي خليفة في تاريخه (ص233): أن ابن الزبير حضر عند الوليد و رفض البيعة و اعتذر بأن وضعه الاجتماعي يحتم عليه مبايعته علانية أمام الناس، و طلب منه أن يكون ذلك من الغد في المسجد إن شاء الله. و استدعى الحسين بعد ذلك و يبدو أن الوليد تحاشى أن يناقش معه موضوع البيعة ليزيد، فغادر الحسين مجلس الوليد من ساعته، فلما جنّ الليل خرج ابن الزبير و الحسين متجهين إلى مكة كل منها على حدة[2]. أما إبن عمر و إبن عباس فقد بايعا طائعين غير مكرَهَين.

في طريق مكة التقى الحسين و ابن الزبير بابن عمر و بعد الله بن عياش، و هما منصرفين من العمرة قادمين إلى المدينة، فقال لهما ابن عمر: «أذكِّركما الله إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس و تنظران فإن اجتمع الناس عليه لم تشُذا، و إن افترق عليه كان الذي تريدان»[3]. فلمَّا علمت شيعة الكوفة بموت معاوية و خروج الحسين إلى مكة و رفض البيعة ليزيد، فاجتمع أمرهم على نصرته، ثم كتبو إليه. و بعد توافد الكتب على الحسين و هو بمكة و جميعها تؤكد الرغبة في حضوره و مبايعته، نستطيع أن نقول: إن الحسين لم يفكـِّر بالخروج إلى الكوفة إلا عندما جاءته الرسل من الكوفيين يدعونه بالخروج إليهم، و أنَّهم يدعونه مرحبين به طائعين، فأراد الحسين أن يتأكد من صحة هذه الأقوال، فأرسل مسلم بن عقيل بن أبي طالب –ابن عمه– لينظر في أمر أهل الكوفة و يقف على الحقائق بنفسه[4].

فلمَّا وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس يريدون الحسين، فبايعه الناس على بيعة الحسين و ذلك في دار هانئ بن عروة. و كتب إلى الحسين يدعوه إلى الخروج إلى الكوفة و أن الأمر مهيأ لقدومه. و لما بلغ الأمر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة ليعالج هذه القضية، و يمنع أهل الكوفة من الخروج عليه مع الحسين و لم يأمره أبداً بقتل الحسين. فدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، و أخذ يتحرى الأمر و يسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هي مقر مسلم بن عقيل و فيها تتم المبايعة.

فخرج مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد و حاصر قصره بأربعة آلاف من مؤيديه، و ذلك في الظهيرة. فقام فيهم عبيد الله بن زياد و خوَّفهم بجيش الشام و رغَّبهم و رهَّبهم فصارو ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً فقط. و ما غابت الشمس إلا و مسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد. فقبض عليه و أمر عبيد الله بن زياد بقتله. فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين، فأذن له عبيد الله. فكتب له: «إرجع بأهلك و لا يغرَّنّك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذَّبوك و كذَّبوني و ليس لكاذبٍ رأي». ثم أمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل و ذلك في يوم عرفة.

و قد تتابعت النصائح من الصحابة و التابعين تنهى الحسين عن الخروج إلى الكوفة. و من الذين نصحوا: محمد بن الحنفية –أخوه-، و ابن عباس و ابن عمر و ابن الزبير[5] و أبو سعيد الخدري و جابر بن عبد الله و عبد الله بن عَمْرو بن العاص[6]، و غيرهم الكثير، ينهونه عن القدوم إلى الكوفة. غير أن هذه النصائح الغالية الثمينة لم تؤثر في موقف الحسين حيال خروجه إلى الكوفة، بل عقد العزم على الخروج، فأرسل إلى المدينة و قدم عليه من خفّ من بني عبد المطلب، و هم تسعة عشر رجلاً و نساء و صبياناً من اخوته و بناته و نسائه، فتبعهم محمد بن الحنفية و أدرك الحسين قبل الخروج من مكة فحاول مرة أخرى أن يثني الحسين عن خروجه لكنه لم يستطع[7].

و جاء ابن عباس و نصحه فأبى إلا الخروج إلى الكوفة، فقال له ابن عباس: «لولا أن يزري –يعيبني و يعيرني– بي و بك الناس لشبَّثت يديَّ من رأسك، فلم أتركك تذهب. إلى أين تخرج؟ إلى قوم قتلو أباك و طعنو أخاك؟». فقال –أي الحسين–: «لأن أُقـْتـَلُ بمكان كذا و كذا أحبُّ إليَّ من أستحل حرمتها» –يعني الكعبة–. فقال ابن عباس –فيما بعد–: «و كان ذلك الذي سلى نفسي عنه». و كان ابن عباس من أشد الناس تعظيماً للحرم[8].

و لمَّا علم ابن عمر بخروج الحسين أدركه على بعد ثلاث مراحل من المدينة، فقال للحسين «أين وِجْهَتك؟». فقال: «أريد العراق»، ثم أخرج إليه كتب القوم، ثم قال: «هذه بيعتهم و كتبهم»، فناشده الله أن يرجع، فأبى الحسين، ثم قال ابن عمر: «أحدِّثك بحديث ما حدَّثت به أحداً قبلك: إن جبريل أتى النبي r يخيره بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، و إنَّكم بِضْعَةٌ منه، فوَ الله لا يليها أحد من أهل بيته. ما صرفها الله عنكم إلا لما هو خيرٌ لكم. فارجع أنت تعرف غدر أهل العراق و ما كان يلقى أبوك منهم». فأبى، فاعتنقه و قال: «استودعتك من قتيل»[9].

لكن هذه النصائح والتحذيرات لم تثن الحسين عن إرادته و عزمه على الخروج نحو الكوفة. فلما كان في الطريق جاء الحسين خبر مسلم بن عقيل عن طريق الذي أرسله مسلم، فانطلق الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد، فلقيته الخيول بكربلاء بقيادة عمرو بن سعد و شمّر بن ذي الجوشن و حصين بن تميم. فنزل يناشدهم الله و الإسلام أن يختارو إحدى ثلاث: أن يسيِّروه إلى أمير المؤمنين (يزيد) فيضع يده في يده (لأنه يعلم أنه لا يحب قتله)، أو أن ينصرف من حيث جاء (إلى الحجاز)، أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفّاه الله[10]. فقالو: لا، إلا على حُكْم عبيد الله بن زياد. فلما سمع الحرّ بن يزيد ذلك (و هو أحد قادة ابن زياد) قال: «ألا تقبلو من هؤلاء ما يعرضون عليكم؟ و الله لو سألكم هذا الترك و الدّيلم ما حلَّ لكم أن تردوه». فأبو إلا على حكم ابن زياد. فصرف الحر وجه فرسه، و انطلق إلى الحسين و أصحابه، فظنو أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه و سلَّم عليهم، ثم كرّ على أصحاب ابن زياد فقاتلهم، فقتـَل منهم رجلين ثم قٌتِل رحمة الله عليه[11].

ولا شك أن المعركة كانت غير متكافئة من حيث العدد، فقتل أصحاب الحسين (رضي الله عنه وعنهم) كلهم بين يديه يدافعون عنه حتى بقي وحده و كان كالأسد. و لكنها الكِثرة. و كان كلّ واحدٍ من جيش الكوفة يتمنَّى لو غيره كفاه قتل الحسين حتى لا يبتلى بدمه t، حتى قام رجل شيعي خبيث يقال له شمر بن ذي الجوشن[12] فرمى الحسين برمحه فأسقطه أرضاً فاجتمعو عليه و قتلوه شهيداً سعيداً. و يقال أن شمر بن ذي الجوشن هو الذي اجتز رأس الحسين و قيل سنان بن أنس النخعي و الله أعلم.

و لم يثبُت أنَّ رأس الحسين أُرسِل إلى يزيد بالشام بل الصحيح أن الحسين قتِل في كربلاء و رأسه أخِذ إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة، فذهب برأسه الشريف فجعله في طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ عليه، و وضَعَ قَضِيبًا فِي يَده فِي عَيْنه وَأَنْفه، و قال في حُسْنِهِ شيئاً. فقال أنس بن مالك t: «إنَّه كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ»[13]. و قال: «إرفع قضيبك فقد رَأَيْت رسول الله r يَلْثِم[14] حَيْثُ تَضَع قَضِيبَك». فَانْقَبَضَ عبيد الله[15]. و لا يُعلَم موضع قبر الحسين[16].

قال الحافظ ابن كثير: «فكلّ مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين t، فإنه من سادات المسلمين، و علماء الصحابة و ابن بنت رسول الله التي هي أفضل بناته. و قد كان عابداً و سخيَّاً. و لكن لا يحسن ما يفعله الناس من إظهار الجزع و الحزن الذي لعل أكثره تصنُّعٌ و رياء. و قد كان أبوه أفضل منه فقتل، و هم لا يتَّخذون مقتله مأتماً كيوم مقتل الحسين. فإن أباه قتل يوم الجمعة و هو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين... و رسول الله سيد ولد آدم في الدنيا و الآخرة، و قد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، و لم يتَّخذ أحدٌ يوم موتهم مأتماً، و لا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم. و قبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين من الأمور المتقدمة، مثل كسوف الشمس و الحمرة التي تطلع في السماء و غير ذلك».

و أما قصة منع الماء و أنه مات عطشاناً و غير ذلك من الزيادات التي إنما تذكر لدغدغة المشاعر فلا يثبت منها شيء. و ما ثبت يغني. و لا شك أنها قصة محزنة مؤلمة، و خاب و خسر من شارك في قتل الحسين و من معه وباء بغضب و سخطٍ من ربه عظيم[17]. و للشهيد السعيد و من معه الرحمة و الرضوان من الله، و منَّا الدعاء و الترضِّي.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] انظر: ابن سعد في الطبقات (5/359) بإسناد جمعي، و تاريخ خليفة (ص 232) بإسناد فيه محمد بن الزبير الحنظلي، و هو متروك. و الظاهر أن هذه البيعة هي لتأكيد البيعة الأولى، و إلا فإن البيعة الأولى ثابتة و ملزمة لهم، و الله أعلم.

[2] رواية خليفة هي الأقرب –في نظري– إلى الحقيقة، فإضافة إلى تسلسل الحدث فيها، فإن الرواية نفسها عن جويرية بن أسماء و هو مدني.

[3] ابن سعد في الطبقات (5/360) والمزي في تهذيب الكمال (6/416) من طريق ابن سعد، و الطبري (5/343) لكنه ذكر أن الذي لقيهما ابن عمر وابن عباس، و لعله تحريف في اسم عياش، والصحيح أن ابن عباس كان موجوداً بمكة حينذاك.

[4] انظر: تاريخ الطبري (5/354 ) و البلاذري في أنساب الأشارف (3/159).

[5] أخرج ابن أبي شيبة بإسناد حسن قال: لقي عبد الله بن الزبير، الحسينَ بن علي بمكة فقال:«يا أبا عبد الله. بلغني أنك تريد العراق؟». قال: «أجل». قال: «فلا تفعل، فإنهم قتلة أبيك، الطاعنين بطن أخيك، و إن أتيتهم قتلوك». المصنف (7/477).

[6] قال عبد الله بن عمرو بن العاص: «عجّل الحسين قدره، و الله لو أدركته ما تركته يخرج إلا أن يغلبني». رواه يحيى بن معين بسند صحيح.

[7] انظر: ابن سعد في الطبقات (5/266-267).

[8] انظر: مصنف ابن أبي شيبة (7\477) طبعة مكتبة الرشد، بإسناد صحيح. و الطبراني في المعجم الكبير (3\119) طبعة الموصل. و قال الهيثمي في المجمع (9\192) و رجاله رجال الصحيح، و الذهبي في السير (2\292) و غيرهم الكثير.

[9] ابن سعد في الطبقات (5/360) و ابن حبان (9/58) وكشف الأستار (3/232-233) بسند رجاله ثقات. و عند غيرهم.

[10] رواه ابن جرير من طريق حسن.

[11] ابن جرير بسند حسن.

[12] ليس من المستغرب على الشيعة قتل الحسين t و قد سبق و حاولوا قتل الحسن t. والحقيقة التي يجمع الشيعة والسنة عليها أن الجيش الذي قتل الحسين t كوفي قد خرج من الكوفة، مركز الشيعة الأساسي. و شمر بن الجوشن (شرحبيل بن قرط الضبابي) كان شيعياً، و كذلك باقي رؤوس المجرمين والقتلة من أمثال محمد بن الأشعث (كان من قواد علي t) و زحر بن قيس و شبعث بن ربعي: قد قاتلوا مع علي t في الجمل وصفين، و كانو من شيعته.

إنظر: الكامل في التاريخ (4\92) و ميزان الاعتدال (1\449) و لسان الميزان (3\152) و جمهرة الأنساب (ص72) و سفينة البحار (1\714) و الأعلام (3\175) و ابن الأثير (4\55) و "البداية و النهاية" (7\270).

[13] رواه البخاري برقم 3465 في باب المناقب.

[14] أي يضع فمه.

[15] رواه البزّار و الطَّبَراني و نحوه التِّرمِذي و ابن حبَّان. فتح الباري (7/96).
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م