مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 01-02-2004, 05:45 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
Post حروب المثقف


حروب المثقف


إلى الكاتب فضل خلف جبر:

تزداد سرعة الغزال

كلما كثر عدد الذين يطاردونه.



في العام الماضي قدمت طلب انتماء إلى الإتحاد العام للكتاب والأدباء العرب في دمشق، فليس من المعقول أن أظل ريشة في مهب الريح أو كرة بين أقدام الشرطة العرب وغيرهم.



يجب أن أكون عضوا في جماعة أو مؤسسة أو مشرحة أو نادي أو قبو أو عصابة سطو أو حتى روضة أطفال.



أحد الأصدقاء عتب عليّ كثيرا لأني قدمت الطلب لأنه لا يليق بي خاصة وأنا لم انتم إلى أية مؤسسة أدبية عربية أو اجنبية وكانت حجتي أني لا أحمل أية ورقة أو هوية أو وثيقة تؤكد عراقيتي في المطارات العربية أو نقاط الحدود أو في غرف التعذيب أو في غرف التشريح في المستقبل اذا صدمتنا سهوا شاحنة أو مقالة او في الحلم أو في لحظة مرح أو في مرقص أو في قعر فنجان.



الدليل الوحيد الذي أحمله كهوية عراقية هو النظرات الزائغة، وجرحين واحد في الظهر والآخر في الجبهة الأمامية في الحرب الأولى.



قلت أيضا أن هوية اتحاد الكتاب والأدباء العرب قد تكون عاصما من الشر والحسد والكبسات الطارئة للبرغش العربي أو لمضايقة الشرطة العرب في المطارات أو للتبختر في البارات أمام الأجانب وخاصة عوانس المصحات العقلية على أساس أني "عضو!" حركي في قبو ثقافي عربي مسلح.



لكن المفاجأة كانت أن أحد شروط الانتماء للاتحاد هو أن أحصل على شهادة حسن سلوك تؤكد خلوي من أية لوثة عقلية أو جريمة أو جنحة مخلة بالشرف العربي الرفيع أو أية مشاكسة مع صرصور عربي حاكم أو أية عنزة حزبية في ملهى أو مرقص .



شهادة تؤكد أني أنتمي إلى عالم الخرفان أكثر من عالم الكتاب والروائيين موقعة من قبل جزار المنطقة ومثل هذه الشهادة قد يحصل عليها كل ادباء العراق أو غالبيتهم إلا أنا لأني مختلف مع زبالة المنطقة والحارس الليلي وحتى دفان المقبرة مصدقا اكذوبة ( الحق في الاختلاف) أو شرعية الاختلاف.



وفكرت بعمق وتأمل:من أين لي بمثل هذه الشهادة؟

والنظام العراقي ـ كنت في تموز العام الماضي ـ خلفي بكل ما عنده من أسلحة وعسس ومفاعلات وأسلحة دمار شامل وحشرات تجارب.



وحتى في إيران فإن أسمي وضع في المطارات الإيرانية تحت عنوان قرمزي( ممنوع الدخول بتاتا لصاحب هذه الصورة!) خلال الهرب مع عدد من العراقيين في ليلة ثلجية بتاريخ 17/ 1/ 89 إلى باكستان عبر الحدود وعلى الأقدام.



كنا الأخ حميد البغدادي وآخرون وأنا نعبر الجبال الايرانية الباكستانية الجرداء في ليلة ثلجية باردة فينزلق حميد بعد أن تتقشر الأحجار تحت يديه فينزل الى الأسفل جارفا إياي ومرة اخرى نبدأ المحاولة كسيزيف وهو يحمل صخرته كعقاب آلهة، مع الفارق أننا عقاب رعيان وهذه معركة لا كرامة ولا بطولة فيها.



كما أن السلطات الباكستانية وبعد السجن والترحيل إلى النرويج، وضعوا أسمي أيضا ليس في صالة الشرف أو من كبار الزوار، بل في صالة غير المرحب بهم، أو من الذين لا يسمح لهم بدخول هذا البلد الذي يعني أسمه ( باك/ ستان، أي البلد النقي!).

من أين أحصل على شهادة حسن سلوك؟



من البوليس الأردني الذي منع روايتي( سنوات الحريق) من دخول الاردن واستقبلني على الحدود السورية كنشال أو عضو بارز في القاعدة أو مهرب كبير من جماعة أسكوبار الكولومبي، وفصلوني عن العائلة بعض الوقت واسئلة عن الاسم الحقيقي واسم الجواز لأن هناك تناقضا بين الاسمين وتاريخ الخروج من العراق والسبب ولماذا الزيارة الان ولماذا لا تعود؟ حتى ان عقيدا سألني عن ماذا أكتب فأجبته بصلف واشمئزاز: أكتب في الجنس!

فرد علي مستفزا: وجهك وجه سياسي.هل هذه طفلتك؟

كدت أن اصرخ: نعم طفلتي. ألا ترى كيف تنام على صدري بوداعة؟



ولم يعوض هذا الحزن وهذه المرارة غير الاستقبال الطيب للشاعر والكاتب حميد المحنة مع عائلته الكريمة في عمان وكنت قد تعرفت عليه لأول مرة وحين لم احصل على فندق بسبب موسم السياحة وضع منزله كله تحت تصرفي وهو سكن بسيط لكن حميدا، هذا الضمير العراقي الصافي، النقي، عاش منسجما مع فكرة نظيفة عن الحياة تجعله يتحمل ما هو أصعب بكثير. الطريف ان هذا البيت المتواضع كان عنوانا للعراقيين القادمين من الوطن. وعشت بنفسي تلك الساعات التي جاء فيها فلاح عراقي من الجنوب يحمل رسالة إلى حميد لكي يساعده في ايجاد عمل فعثر له بعد مشقة مهنة أجير في ارض زراعية في احدى المدن. وتلك كانت لحظة نحس أن ترى مشهد ذلك الفلاح العراقي يعمل في أرض غير أرضه.



أم أحصل على وثيقة حسن سلوك من البوليس المغربي الذي دخل علي في المنزل في الدار البيضاء حي بن بركة قائلا بكل مرح وخفة وصدق شرطوي:



ـ نحن لحمايتك!

قلت كالمخروع:

ـ من أين يا سيدي.ليس عندي خصومة مع زنبور هنا؟

ـ من أي شيء، أي شيء. لا تفكر كثيرا. لا تقلق. فقط ساعدني في ملء هذه الاستمارة ما هو اسمك؟ أسم امك؟ اقرب الأقرباء؟الخ الخ. قلت لزوجتي باللغة النرويجية هذه استمارة عراقية فلا يوجد بلد في العالم يسأل عن أقرب الأقرباء غير العراق.

باغتني سؤاله: واش تهذر؟ باية لغة تتكلم؟

وحين لا حظ علامات القرف ضحك واضاف:

ـ كديره؟ لا بس عليك؟ أي كيف الدنيا معك، لا بأس؟

قلت:

ـ زفت!



من أين أحصل على شهادة حسن سلوك إذن؟



ولمَ يجب على الكاتب أو الفنان أن يحصل على شهادة حسن سلوك؟ ما معنى الأدب إذا كان الكاتب منسجما مع البقال والنجار والتاجر والمقاول والجنرال ومع بائع الشاورمة؟



لا يعرف تاريخ الأدب في العالم أن أديبا أو شاعرا مبدعا أو روائيا كان على وفاق مع مجتمعه إلا كتاب عربات الدرجة الثالثة الذين لا يحملون مؤهلات أو ثمن الدخول إلى عربات الإبداع الحقيقي فيركضون خلف عربات الدرجة الثالثة ويتعلقوا بها في انتظار مكسب أو غنيمة أو فضيحة أو مرثاة. تاريخ المثقف هو تاريخ صراع واختلاف وتفرد.



كل كتاب العالم غادروا هذه الحياة وهم بأضلاع مهشمة، وجوه عابسة، حزينة، وقلوب مجروحة، وجلود مدبوغة، ومعارك كثيرة خلفهم حتى أن عدد الذين طاردوهم إلى المقبرة أكبر من عدد المشيعين. الأمثلة لا حصر لها:

السياب مات حزينا ومفلسا، رامبو مات مهانا بعد سلسلة من الويلات، الرسام فان كوخ قطع أذنه وأنتحر تاركا خلفه قائمة من الديون أخذت من لوحاته بما في ذلك ثمن الإيجار، الرسام كلود مونيه، الروائي أرنست همنغواي انتحر، الروائي الياباني ميشما انتحر، كاوباتا زميله حامل نوبل انتحر، خليل حاوي انتحر، إبراهيم زاير العراقي انتحر، البير كامو انتحر.....الخ.





هناك كتاب يمكن أن يحصلوا في أي وقت على شهادة حسن سلوك من أية زريبة أو مؤسسة أو حزب أو جمعية خيرية أو جمعية ايتام أو جمعية الرفق بالحيوان أو حمام نسوان.



لكن ماذا نفعل نحن الذين يطاردنا كل بوليس الأرض؟ لذلك عرفت السبب الذي جعل الروائي العربي المعروف حنا مينة يغضب قبلي بسنوات لأنه وجد هذا الشرط الغبي فعلق على ذلك في مناسبات وفي اكثر من مقال: إذا كنا نحمل شهادة حسن سلوك من قبل المؤسسات وهذا يعني أننا مندمجون في النظام الاجتماعي العام فما هي الرؤية البديلة المختلفة التي سنقدمها للناس؟ ورفض حنا هذا الانتماء كما أعتقد.



ماذا نفعل بشرطة المطارات العربية التي تصر على خطورة حقيبتي التي لا أحمل فيها عدا:

*حبوب صداع.

* حبوب فيتامين.

* وحبوب منع الحمل لشاعر عراقي يعاني من الحمل الفوري بعد كل سهرة خارج المنزل أو خارج التاريخ أو خارج القصيدة!







المصدر
__________________
معين بن محمد
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م