ايران و الجرم المشهود في العراق - محمد كريشان

[fadl]

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...&storytitle=ff

ايران و الجرم المشهود في العراق
محمد كريشان

27/12/2006

اللغط الكبير الذي أحدثه اعتقال القوات الأمريكية في بغداد لشخصيات ايرانية وصفت بأنها أمنية رفيعة المستوي يثير في الحقيقة من التساؤلات تجاه الأمريكيين أكثر مما يثيره تجاه الايرانيين لسبب بسيط للغاية هو أن الوجود الايراني في العراق والنفوذ الواسع لطهران هناك سواء من خلال عناصر ايرانية قحة أو من خلال رجال ايران هناك وهم معروفون لم تكن بحاجة، لنقف عندها بالدليل القاطع، الي خبطة علي طريقة الأفلام البوليسية.
لا أحد يدري الي الآن علي وجه الدقة من هي هاتين الشخصيتين الايرانيتين المعتقلتين عندما كانا في زيارة الي أحد مكاتب المجلس الأعلي للثورة الاسلامية، وهل صحيح أنهما من قيادات الحرس الثوري الايراني أو من جهاز الاستخبارات الايراني النافذ، هل هما فعلا في بغداد بدعوة من الرئيس جلال طالباني المستاء من التصرف الأمريكي تجاه ضيفيه ، وما هذا التعاون الأمني الذي جاءا يبحثانه في بغداد، وفق رواية طالباني، دون أن يكون الأمريكيون علي علم مسبق به، ولماذا يتركان الآن في عهدة السلطات العراقية، كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز التي كشفت القضية، وما هي تلك الوثائق الخطيرة التي قيل انها ضبطت بحوزتهما وتدين ايران بالتخطيط لأعمال قتل في البلاد، ولماذا لم ينبر موفق الربيعي مستشار الأمن العراقي للتبجح بهذا الاعتقال في مؤتمر صحافي مهيب بعد أن صارت تلك وظيفته الرئيسية في أعقاب كل عملية اعتقال تقدم عليها القوات الأمريكية في العراق، كل هذه الاسئلة وغيرها لا أحد يملك جوابا شافيا عليها مما يزيد في ارباك كل من يبحث عن دلالات ذات قيمة علي محور العلاقة الأمريكية ـ العراقية في هذه المرحلة خاصة وأن هذه الفضيحة تمس، عرضا علي ما يبدو، تيار عبد العزيز الحــكيم الذي لم يمض علي استقباله في البيت الأبيض الثلاثة أسابيع.
من هنا انصرف اهتمام أغلب المحللين في قراءة دلالات هذه الحادثة الي التركيز بشكل خاص علي المسار الأمريكي ـ الايراني في أعقاب أجواء التصعيد التي رافقت الملف النووي الايراني بعد قرار مجلس الأمن الدولي الفارض لعقوبات علي طهران والتوجه العام الذي يبدو أن ادارة الرئيس بوش حسمت أمرها في اتجاهه وهو عدم مهادنة طهران ناهيك عن السعي الي الحوار معها كما أوصت بذلك لجنة بيكر- هاميلتون. بهذا المعني المرجح تصبح فضيحة ضبط ايران بـ الجرم المشهود في التدخل في الشأن العراقي بعض الحق الذي يراد به كل الباطل أي أن الهدف من ورائه شروع واشنطن في ضغط ميداني معين مع طهران في الملف العراقي لا أحد بامكانه أن يجزم قاطعا في هذه المرحلة ان كان سيتحول لاحقا الي تصفية حساب مفتوح علي الأرض العراقية بعد فترة طويلة من غض النظر عن الدور الايراني هناك أو محاولات توظيفه أم أنه سيكتفي بما جري ورصد تفاعلاته الايرانية الي أي منحي قد تميل.
واذا ما تأكد هذا الطابع دون غيره الذي رجحه خبراء مطلعون علي السياسات الأمريكية فاننا قد نكون علي أبواب مرحلة عض أصابع أمريكية ايرانية هناك، لكن المعضلة هنا أن هذه الأصابع ليست لا ايرانية ولا أمريكية بل عراقية وفوق ذلك أصابع يد لجثة مرمية ويمكن أن تسجل بأنها مجهولة الهوية كما تذكر الأخبار يوميا عن عشرات الجثث المعثور عليها كل يوم في أنحاء البلاد.