مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 07-06-2006, 03:00 PM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي رسالة إلى قادة الأمة (2) .... [حسين بن محمود] 11 جمادى الأولى 1427هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة إلى قادة الأمة (2)


من العبد الفقير إلى الله ، إلى من يصله من إخوانه المجاهدين ... سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وبعد ..

فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو سبحانه جل في علاه تقدست أسماءه ، له الحمد أولا وآخرا ، وله الشكر ظاهرا وباطنا سبحانه الذي هداكم لما اختلف الناس فيه وأنجاكم مما ابتلى به غيركم من التثاقل والقعود .. وأصلي وأسلم على سيّد الثقلين وإمام القبلتين ، قائد الغر المحجلين ، المتمني الشهادة عند اليقين ، المجاهد في الله حق جهاده : محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ومن تبعه واهتدى بهديه إلى يوم الدين .. أما بعد :

إن النفس لتطرب ، والقلب ليقفز ويتقلب لما نسمع من أخباركم التي يبهج لها المؤمنون ويحزن لها الكفار والمنافقون ، كيف لا وأنتم بين نصر ونكاية ، وبين جرح وشهادة ، وعدوكم يصيبه الله بعذاب من عنده أو بأيديكم ..

رواحكم بأعمارنا ، وغدواتكم تفوق سني أعمالنا ، ولحظاتكم لا تشابهها دهورنا .. خطواتكم حسنات ، ونومكم حسنات ، وجلوسكم حسنات ، وقيامكم حسنات ، وضحككم وبكائكم وصمتكم وكلامك حسنات وحسنات ، هذا عدا طلقات رصاصكم وقذائفكم التي في نحور أعدائكم ، وعَدْوِكم وجُرحكم وعرَقِكم ودمائكم وكرّكم وفرّكم ، فيالله كم نغبطكم على ما أنتم فيه من نعيم لا يدرك كنهه إلا من كان فيه ..

أأذكركم بالجهاد وفضله ، والفضل أنتم أهله !! أأذكر لكم فضل الرباط ، وأنتم للثغر سهله !! أأذكر البطولة ، وأنتم من علم الأجيال معنى البطولة !! أأستخرج لكم من المعاجم معنى الرجولة ، وأنتم كل الرجولة !! أأذكر لكم فضل الرمي، وأنتم للإسلام نبله !! أأحدثكم عن السيف ، وأنتم في الورى نصله !!

معاشر المجاهدين

يكفيكم أن الله اشترى قبل أن تبيعوا ، ورفع قدركم بالنية قبل أن تجاهدوا ، فعلوتم بإخلاصكم وببيعكم الذروة ، نسأل الله أن تكون لكم عنده الحضوة ، فلا تغيروا ولا تبدلوا حتى تردوا حوض نبيكم ، وتلقوا ربكم ، فالشهادة التي طلبها إمامكم أضحت قاب قوسين أو أدنى من أحدكم ، فاطلبوا الشهادة كما يطلب عدوكم الحياة ، فإنها الحياة لمن أخلص لله واتقاه ..

إن أفئدة المسلمين تهفوا إليكم ، وأعينهم ترمق فعالكم ، فالله الله في الكتاب والسنة ، فإن بهما تقاتلون ومنهما تستمدون قوتكم .. إن الله لا يرضى من العمل إلا ما كان خالصاً لا يبتغى به غيره ، صحيحا موافقا لأمره ، فبالإخلاص والإتباع يأتي النصر الموعود {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد : 7) ، فنصر الله إنما هو إتباع أمره والإنتهاء عن نهية ابتغاء مرضاته وحده لا شريك له - سبحانه - في أمره ..

إنا والله لا نخاف عليكم العدو ، فعدوكم أحقر من أن يلاقي أبناء التوحيد والعقيدة وجها لوجه ، وقد خبرتم جبنهم وخورهم ، وإنما نخشى عليكم أنفسكم أن تنقلب القلوب بعد ثبات ، وتتبدل النيات بعد استقامة ، فهذا أخوف ما نخاف على المجاهدين ..

لقد رضيناكم قادة ، وشرفنا أن نكون لكم تبع ، والله فرض على القادة التجرد والإخلاص وحفظ الأمانة ، فمن ضيعها أضاعه الله ، ومن استمسك بالعروة الوثقى فالله سميع عليم ، وإنما الطاعة لمن أطاع الله ورسوله ، ومن عصاهما : فلا سمع ولا طاعة ولا موالاة ، فليكن حذركم من كيد الذي بين جنبيكم أشد من حذركم من مكيدة العدو الظاهر ، والشيطان قد يئس أن تُلقوا سلاحكم ، ولكنه يرضى بإفساد تجردكم وإخلاصكم ..

إن أساس الجهاد ولبه وسبب وجوده هو "إعلاء كلمة الله" قال تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} (البقرة : 193) ، فلا ينبغي أن تكون للنفس حظ من الجهاد غير هذا ، ومن حاد عن هذه النية فقد أضاع نفسه وأضاع إخوانه معه ، وقد وصَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "من جاهد يبتغي عَرض الدنيا فلا أجر له" (أبو داود)
..

جاء فى سنن النسائى عن أبى أمامة رضى الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي فقال : يا رسول الله : رجل غزا يلتمس الأجر والذكر ما له ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا شئ له" فأعادها ثلاث مرات ، يقول له رسول الله "لا شئ له" ، ثم قال صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى لا يقبل إلا ما كان خالصا وابتغى به وجهه" (إسناده جيد : أحكام الجنائز للألباني) ..

إن من أعظم مداخل الشيطان على المسلمين : إذكاء الحمية وروح الجاهلية ، والتعصب لغير الحق ، والخلاف التنازع على حطام الدنيا الفانية وتغييب الباقية ونزع طلبها من القلوب قبل العقول ، فيتنافس الناس الآجلة ويذرون الآخرة فيكونون كما قال الله {نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} ، وهذا حال المنافقين والفاسقين والعياذ بالله {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ} (القيامة : 20-21) ، ومن رسخ قول الله {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} في قلبه ، فقد اهتدى ..
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)
  #2  
قديم 07-06-2006, 03:05 PM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

أحبتي في الله ..

ليكن القرآن الكريم أنيسكم وجليسكم ، وسلوة قلوبكم ، وليكن به جلاء همكم ، فأكثروا من قراءة القرآن وحفظه فإنه وحي ربكم الذي أُنزل على قلب نبيكم ، ففي القرآن شفاء ما في الصدور ، ودواء كل داء ، وبه يثبت قلب المؤمن ، فلا تملوا من ذكر الله بتلاوة كتابه حق التلاوة آناء الليل وأطراف النهار .. تدبروا القرآن واعرفوا ما فيه من أحكام وعقائد وأوامر وعبر ، وقد كان سلف الأمة يُكثرون من قراءة الأنفال والتوبة في الثغور لما اشتملا على آيات الجهاد وأحكامه وآدابه ، فالله الله في كتاب ربكم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الأنفال : 45) ..

إن مما أمر الله به في كتابه ، قوله تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا } (آل عمران : 103) ، فالقرآن هو الحبل الذي أمركم الله بالإعتصام به ، وقد جاء في حبله المتين أمره الحكيم للمؤمنين "ولا تفرّقوا" ، وأكد ذلك نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم فقال "إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا : يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ..." (رواه مسلم) ، ومما منّ الله على عباده المؤمنين أن هداهم للإجتماع والوحدة والألفة والأخوة بعد التفرق والتشرذم والخلاف والفتنة ، فقال {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران : 103) ، فلله الحمد والمنة ..

إن في اجتماعكم : تحقيق طاعة الله ، والبعد عن الضلال والإنحراف ، وقوة بنيان الأمة بتراصها وشد بعضها لبعض ، وإغاظة للشيطان وتفويت الفرصة عليه ، ولا يخفى عليكم ما في ذلك من إغاظة أعداء الله من الكفار والمنافقين الذين يعملون ليل نهار على تفريق كلمتكم ، ولا شك أنكم تُدركون بأن في الفرقة والتنازع الفشل الحتمي الذي لا مفر منه تحقيقا لوعيد الله تعالى بعد أمره {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال : 46) ..

إن من أعظم أسباب خلاف المقاتلة : العُجب وحب الرياسة والإستقلال بالأمر ، وهذا من مداخل الشيطان على المؤمنين ، وهو أشد خطرا وفتكا في الأمة من القنابل والصواريخ ، فالله الله عباد الله في الوحدة والإئتلاف {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (الأنفال : 47) ، ونحن إذ أسلمناكم مهج الفؤاد ورضيناكم قادة للعباد فإنا نعلم أن الشيطان ليس له سبيل على الممتقين ، فقد جاء في محكم التنزيل عن الشيطان أنه {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (الحجر : 39-40) ، فأخذ الله على نفسه عهدا أبديا فـ {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} (الحجر : 41 -42) ، فـ "لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا" ..

وأذكر لكم هنا موقف لرجل من أعظم رجالات التاريخ ، رجل حمل أمانة رفع لواء "لا إله إلا الله محمدا رسول الله" فكان بحق آي تنزيل يمشي على الثرا ، أبى إلا أن يجاري بأفعاله الثريا ، أذكر لكم موقف رجل تحبونه لحب نبيكم له ، وتجلونه لجهاده وتضحياته في سبيل دينه ، قائد جيوش المسلمين الشامية في عصر الفتوحات الربانية ، المبشر بالجنة ، الذين أنزل الله في شأنه {لاّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ يُوَآدّونَ مَنْ حَآدّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوَاْ آبَآءَهُمْ} ، ذلكم هو : أمين هذه الأمة صاحب الحضوة والهمة أبو عبيدة "عامر بن الجراح" رضي الله عنه وأرضاه :

فقد أخرج أبو حذيفة في "فتوح الشام" : أن أبا بكر لما توفي وخالد على الشام واليا واستخلف عمر : كتب إلى أبي عبيدة بالولاية على الجماعة ، وعزْل خالدا ، فكتم أبو عبيدة الكتاب من خالد وغيره حتى انقضت الحرب وكتب خالد الأمان لأهل دمشق وأبو عبيدة الأمير وهم لا يدرون ، ثم لما علم خالد بذلك بعدما مضى نحو من عشرين ليلة دخل على أبي عبيدة فقال : غفر الله لك ، جاءك كتاب أمير المؤمنين بالولاية فلم تُعلمني وأنت تصلي خلفي والسلطان سلطانك؟ فقال له أبو عبيدة : ويغفر الله لك ، ما كنت لأُعلمك حتى تعلمه من غيري ، وما كنت لأكسر عليك حربك حتى ينقضي ذلك كله وقد كنت أعلمك إن شاء الله تعالى ، وما سلطان الدنيا أريد ، وما للدنيا أعمل ، وإن ما نرى سيصير إلى زوال وانقطاع ، وإنما نحن إخوان وقوام بأمر الله عز وجل ، وما يضر الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ولا دنياه ، بل يعلم الوالي أنه يكاد أن يكون أدناهما إلى الفتنة وأوقعها في الخطيئة لما يعرض من الهلكة إلا من عصم الله عز وجل وقليل ما هم . فدفع أبو عبيدة عند ذلك الكتاب إلى خالد" (انتهى منقولا من كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة) ..

هذا هو أبو عبيدة الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم "إن لكل أمة أمينا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" (صحيح : صحيح الجامع) ، هذا هو أبو عبيد الذي رفع أبو بكر يده يوم السقيفة مع يد عمر ليختار المسلمون أحدهما للخلافة ، وهو الذي قال عنه عمر "إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته" ، هذا أبو عبيد الذي يجلس على الأرض ويعفر جبهته بالتراب ويفترش رث الثياب ويلتحف السماء ثم يقترض من معاذ بن جبل نفقته في وقت كونه القائد العام للجيوش الشامية !!

فــذاك خُلْق من الفردوس طينته ... الله أودع فيهــا ما يُنقّيهـــا
لا الكِبر يسكنها ، لا الظلم يصحبها ... لا الحقد يعرفها ، لا الحرص يغويها
فلا الحــسابة في حق يجامــلها ... ولا القرابة في بُطْــل يجابيهـا
وتلك قوة نفـس لو أراد بهـــا ... شـم الجبال لما قرّت رواسيهـا

وعامر بن الجراح رضي الله عنه لا يختلف عنه إخوانه في الزهد والعمل ، فعمر لما أتاه رسول قيصر : وجده نائما في الشمس على الأرض فوق الرمل الحار وقد وضع جبته كالوسادة والعرق يسقط من جبينه وقد بل الأرض ، فقال الرومي : رجل لا يقر للملوك قرار من هيبته وتكون هذه حاله !! هؤلاء لما ركلوا الدنيا ركعت تحت أرجلهم ، ولما خافوا الله أخاف اللهُ الناس منهم ..

{إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصف : 4) قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره "قال سعيد بن جبير في قوله تعالى {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً} قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاتل العدو إلا أن يصافهم , وهذا تعليم من الله للمؤمنين. قال وقوله تعالى {كأنهم بنيان مرصوص} أي ملتصق بعضه في بعض من الصف في القتال , وقال مقاتل بن حيان : ملتصق بعضه إلى بعض , وقال ابن عباس : {كأنهم بنيان مرصوص} مثبت لا يزول ملصق بعضه ببعض.
وقال قتادة : {كأنهم بنيان مرصوص} ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحب أن يختلف بنيانه. فكذلك الله عز وجل لا يحب أن يختلف أمره ، وإن الله صف المؤمنين في قتالهم وصفهم في صلاتهم , فعليكم بأمر الله فإنه عصمة لمن أخذ به , أورد ذلك كله ابن أبي حاتم , وقال ابن جرير: حدثني سعيد بن عمرو السكوني, حدثنا بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم عن يحيى بن جابر الطائي عن أبي بحرية قال: كانوا يكرهون القتال على الخيل ويستحبون القتال على الأرض لقول الله عز وجل: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص}" (انتهى كلام ابن كثير رحمه الله) ..

إن مقصود الآية ليس التصاق الأكتاف فقط ، بل التصاق وتوافق الجهود واجتماع القلوب وتراص المواقف ودخول الأحزاب المختلفة تحت راية واحدة لتوحيد العمل ، فيكون البنيان المرصوص عبارة عن الأفراد والجماعات المجتمعة المتقاربة بعضها مع بعض ، فهم صف واحد في وجه العدو وبنيان يشد بعضه بعضا ، وهذا لا يكون إلا بقيادة واحدة حكيمة رشيدة ترص هذه الصفوف كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصاف صحابته رضي الله عنهم ..

كثير من الناس يقرأ هذه الآية ويمعن فكره في قوله تعالى {صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} ويغفل عن بداية الآية {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ} !! الله أكبر !! محبة الله في متناول يد أحدنا ، كيف نغفل عن هذا !! أيحب الله شيئا ونكرهه نحن !! أيحب الله شيئا ونتأخر عنه نحن !! أيحب الله شيئا ونعزف عنه نحن !! ألم يبذل المجاهد نفسه وماله والدنيا بأسرها ليرضي الله !! الله يحب الإتحاد ، يحب الصف الواحد ، يحب تظافر الجهود وتكاملها ، فكيف يغفل المجاهد عن هذا !!

الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً ، فلماذا نصنع نحن تعرجات ونخترع اعوجاجات في الصف !! الله يحب البنيان المرصوص فلماذا نشرخ نحن اللبنات ونخلخل البنيان ونفكك هذا الصرح الشامخ !!

يا من يقاتل في سبيل الله : قد أخبرك الله بما يحب ، فأي فضل أعظم من أن يُخبرك المولى بما يحب ، وأي نعمة على العبد أن يوفقه الله لما يرضى ويحب !!

إن إدراك حجم هذه النعمة (محبة الله للعبد) لا تتأتى إلا لأصحاب العقول وأولي العزم من الرجال : الرسول صلى الله عليه وسلم ينفذ بعثاً فيه كبار صحابته وخير من مشى على الأرض بعد الأنبياء يقودهم شاب صغير السن ، فيمشي أبو بكر وعمر وكبار رجالات الأمة خلف هذا الشاب الصغير السن والنفوس راضية مطمئنة مليئة بالعزة والفخار لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد له الراية .. الله يقول لنا {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} : صفا واحداً ، جبهة واحدة ، راية واحدة ، قيادة واحدة ، الله يحب ذلك ، أفلا يعتز المسلم ويفخر ويعلو ويسمو بهذه الراية وهذه المحبة !!

إن للقيادة بريق أعمى عين الكثير ، ولكن أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبو عبيدة وعبد الرحمن بن عوف لا تعمى أعينهم لأن الله نوّر بصائرهم ، فالقيادة والرئاسة تكليف وليس تشريف عند من عقل حالها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي : أولها ملامة ، وثانيها ندامة ، وثالثها عذاب يوم القيامة ، إلا من عدل" (صححه الألباني في السلسلة) ، ولو علم طالب القيادة مآلها لفر منها فراره من الأسد : قال عليه الصلاة والسلام "ليتمنّينّ أقوام ولّوا هذا الأمر أنهم خرّوا من الثريا ، وأنهم لم يلوا شيئا" (حسنه الألباني في صحيح الجامع) ، وقال عليه الصلاة والسلام "ما من أمير عشرة إلا وهو يؤتى به يوم القيامة مغلولا ، حتى يفكه العدل ، أو يوبقه الجور" (صححه الالباني في صحيح الجامع) ..
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)
  #3  
قديم 07-06-2006, 03:06 PM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

إن إمارة عشرة تفعل بصاحبها الأفاعيل ، فكيف بإمارة جماعة كبيرة أو جبهة بأكلمها !! إن الإنسان العاقل لا تطمئن نفسه أبدا أن يلقى الله بعمله – كما كان حال أبي بكر وعمر – فكيف بمن يلقى الله بعمل آخرين !!

إن في القيادة فوائد كثيرة ، فالناس لا بد لهم من قيادة ، وكل من تقدم الناس نحو هدف يكون قائدهم إليه ، ولكن القيادة الإسلامية ليست بهذه البساطة ، فهي قيادة الناس إلى أهداف سامية ، وهي أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة ، وليست القيادة الإسلامية أن يأمر القائد فيطاع ، فهذه ليست المعنية بالآيات والأحاديث الكثيرة ، قال عليه الصلاة السلام "إقامة حد من حدود الله خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله" (حسنه الألباني في صحيح الجامع) ..

إن حكم الله مغيب في الأرض ، ومن أعظم واجبات القيادة الإسلامية اليوم – بعد نشر التوحيد - : العمل على تحكيم شرع الله في الأرض ، وصد أعداء الله عن بلاد الإسلام ، وإرجاع الناس إلى دينهم وتعليمهم أحكامه ، فمن قاد الناس لهذا وصدَقهم فهو "قائد مسلم" ، ومن كان هدفه حطام الدنيا والذكر والإستبداد بالأمر فقد خاب وخسر وضاع وأضاع من حوله ..

إن من أعظم الوسائل التي توصل المسلمين إلى أهدافهم السامية هي : معرفة الله حق المعرفة وإفراده بالعبادة ، ثم تحكيم شرعه وتعليم الناس شريعته ، ومن لم يفعل هذا من القيادات فقد غش أتباعه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام "أيما راع غش رعيته فهو في النار" (صححه الألباني في صحيح الجامع) ، وقال عليه الصلاة والسلام "ما من أمير يلي المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح ، إلا لم يدخل معهم الجنة" (رواه مسلم) ..

على القائد المسلم أن يبحث عن مصلحة المسلمين ويأتي ما يحقق أهداف الإسلام في الأرض ، ولا تستطيع جماعة بعينا اليوم أن تقوم بهذا العبئ الثقيل منفردة وقد اجتمع الكفار – عربهم وعجمهم – على حرب الإسلام ، فلا بد لكل قائد مسلم أن يدرك هذا جيدا وينصح للمسلمين ولا يغشهم ويمنيهم الأماني ، فإن هذا من تضييع الأمانة ، وقد أخذ بيعة المسلمين بكتاب الله ، فلا بد أن يأتمر بأمر الله حتى تكون ولايته كاملة ناضجة ناصحة خالصة لله ..

لقد أمرنا الله بالإعتصام بكتابه وأن نكون صفا واحداً ويداً واحدة على من سوانا ، فالأعداء قد اجتمعوا علينا مع تشتتت قلوبهم في ما بينهم ، ونحن المأمورون بالوحدة والمأمورون بإذلال أنفسنا للمؤمنين وخفض الجناح لهم وأن نكون رحماء في ما بيننا : نتناحر ونختلف ونأبى أن ننضوي تحت راية واحدة وقد أمرنا الله بذلك ، والواقع يحتم علينا فعله !!

ليس أمر التنازل عن القيادة سهلا على النفس البشرية ، ولكن الأمر يحتاج إلى إيمان أبي بكر وسمو عمر وأمانة أبي عبيدة وتجرد علي وزهد عثمان وعقل ابن عوف ، رضي الله عن الجميع .. الأمر يحتاج إلى صدق مع الله ، ثم صدق مع النفس ، وصدق مع المسلمين ، ولا يلقّاها إلا أصحاب الهمم العالية والنفوس الأبية ، ولقد ضرب لنا إخواننا المجاهدون في أفغانستان أعظم العبر لمن يعتبر ، وكم غبطنا الأمير "قلب الدين حكمتيار" على موقفه السامي الرشيد الذي ينبئ عن عظمة وعقل وحسن إدراك للواقع ، وقد كان في أعيننا أميرا فأصبح اليوم سيدا وأميرا ، ومن تواضع لله رفعه ..

كم فرح المسلمون بمجلس شورى المجاهدين في العراق ، وما أجمل وأعظم وأعقل هذه القيادات التي سمت بنفسها عن الدنيا وأبت إلا القطوف الدانية ، نسأل الله لهم الفردوس الأعلى ، قال اللَّه تعالى {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين}. (القصص : 83) ،..

ليس سيد الناس من يستبد برأيه ويعلن تفرده ويشذ عن إخوانه ويفرق جمع المسلمين ، ولكن سيد الناس من يُعمل عقله ويعمَل لمصلحة الأمة ويجمع شتات الناس ويوحد كلمتهم ، ولذلك كان الحسن بن علي رضي الله عنهما "سيداً" ، وتحقيقه قوله صلى الله عليه وسلم "إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" (صحيح : صحيح الجامع) ، فلما أصلح ما بين الناس وجمع كلمتهم صار سيدا للمسلمين رضي الله عنه وعن أبيه .. ‌
لقد جعل الله سبحانه وتعالى للقيادة في القرآن صفات منها : البسطة في العلم والجسم والقوة في الحق والأمانة والقدرة والدراية ، فمن كان هذا شأنه فليقد الناس إلى خير الدنيا والآخرة ، وإلا فلا يتقدم ولْيكن في الجيش جنديا من جنود الإسلام لا يعرفه الناس ، يلقى الله وليس عليه وزر غيره ..

إن القيادة العامة لا يصلح لها كل الناس ، ولا يقدر عليها أكثر الناس ، فهي تحتاج إلى العقلاء من أهل العلم والدراية بالشرع والسياسة مع حلم وأناة وشدة من غير ظلم ولين من غير ضعف ، وقيادة الجبهات تحتاج إلى أهل الفطنة والدهاء والبأس والشدة من المتمرسين على الحروب من أهل الإقدام والمكر والحيلة ، وليست لسابقة أو قرابة أو عرق أو قطرية هنا موضع ، وإنما هي : الكفاءة والقدرة والقوة ، فمن رأى من هو أقدر منه وأصلح فعليه تقديم مصلحة المسلمين ..

إن الله لما أمرنا بالإعتصام بحبله وعدم التفرّق : بيّن لنا مغبّة عدم الإمتثال لهذا الأمر الخطير ، فقال سبحانه {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال : 46) فطاعة الله ورسوله في توحيد الصفوف ، والتنازع والتخالف والفرقة أسباب حتمية للفشل وذهاب القوة وغياب النُّصرة التي لا تأتي إلا بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ..

أيها المجاهدون ..

اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واجتمعوا تحت راية واحدة وقيادة واحدة وكونوا صفا واحدا وبنيانا مرصوصاً :

يا أهل العراق اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ..
يا أهل أفغانستان اعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ..
يا أهل الشيشان اعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ..
يا أهل فلسطين اعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ..
يا أهل كشمير اعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ..

يا من حمل لواء الإسلام وقاتل من أجل ربه ودينه : تعاضد وتكاتف مع إخوانك المجاهدين ولا تختلف معهم وانظر أي الرايات الإسلامية أقوى وأنكى في العدو وادخل تحتها بإسم الإعتصام بحبل الله والوحدة الشرعية ليكتمل بناء السد الإيماني في وجه جحافل الكفر والطغيان .. إن الذي حمل لواء الحق ليقيم دولة الإسلام في الأرض ويجمع شمل المسلمين هو أحق الناس بالتكاتف والتعاضد والتوحد مع إخوانه المجاهدين في الثغور ..

اللهم وحّد صفوف المسلمين واجعلهم إخوة متحابين ولا تجعل في قلوبهم غل للذين آمنوا ..
اللهم أصلح ذات بينهم واجمع شملهم واجعل نكايتهم في عدوهم ورد عنهم كيد الكائدين ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..


كتبه
حسين بن محمود
11 جمادى الأولى 1427هـ
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م