مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 10-11-2002, 01:51 PM
الدومري الدومري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 3,868
إرسال رسالة عبر  AIM إلى الدومري
إفتراضي النموذج الغربي للأسرة : هل هو المثـال و المــآل

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته


بحث سبق لي ان اعددته - لدراسة اجتماعية قام بها الدكتور احمد عروة من جامعة الجزائر و هو متخصص بالطب الاجتماعي

اتمنى من كل قلبي ان يستفيد منه اخواننــا في الخيـــام خصـوصا
أولئك الباحثون في الامور الاجتماعيــة .


النموذج الغربي للأسرة : هل هو المثـال و المــآل

تتعرض الأسرة في البلدان العربية و الإسلامية لجاذبية حضارية خارجية قوية و مغرية تهدد بنيتها و وظيفتها الاجتماعية و دعائمها الخلقية و الشرعية و لما كانت الأسرة هي الخلية الأساسية التي تتكون الأجيال و تنمو في بيئتها النفسية و الأخلاقية فان ضربات الغزو الفكري و الثقافي تنصب عليها خاصة .
و لما كان الوضع لا يختلف كثير في العالم الإسلامي بصفة عامة فسيكون تدخلنا على مستوى المبادئ و العموم و سنتناول فيه النقاط التالية :
= العوامل العامة التي تؤثر في وضع الأسرة
= اختلاف الأوضاع في المجتمع العربي الإسلامي و المجتمع الغربي المعاصر
= تصادم الحضارات و تأثيره على وضع الأسرة
= الأسرة الإسلامية بين الأصالة و التطور
= آفاق منهجية لسياسة الأسرة

****************
العوامل العامة التي تؤثر في أوضاع الأسرة
تخضع الأسرة في نشوئها و أحوالها و تطوراتها في المجتمعات البشرية لأربع عوامل أساسية : هي
= العامل البيولوجي
= العامل العقائدي
= العامل الاقتصادي
= العامل الثقافي
أولا – العامل البيولوجي : هو عامل فطري يتمثل في دافع الغريزة الجنسية و التناسلية و التي تحصل بها روابط الزوجية و العائلية . أما الروابط الزوجية فتحدثها الغريزة الطبيعية و العاطفية التي تجمع بين الذكر و الأنثى و تؤلف بينهما جنسيا و نفسيا. و أما روابط الأسرة فتثبت بدافع الإنجاب الذي يعقب التعامل الجنسي ثم الحاجة الحتمية للطفل الى مدة طويلة من الاحتضان و التربية في ميادين المطعم و الملبس و المأمن و الاعتناء الصحي و تلقين اللغة و السلوكيات التي يتميز بها البشر .
ثانيا – العامل العقائدي : يتمثل في مفهوم محدد واسع او ضيق للوجود و الحياة و تدخل العلاقات الزوجية و العائلية ضمن ذلك المفهوم و طبقا لأهدافه المقررة و للمقاييس الخلقية التي يضعها لخدمة تلك الأهداف . قد يكون ذلك العامل منطلقا من مفهوم مادي للوجود يجعل كل اهتماماته في تلبية المصالح الدنيوية و الاقتصادية التي تصبح منبع القوانين الوضعية التي تسير المجتمع على مستوى الأفراد و الأسر و الجماعات . و قد يكون هذا العامل منطلقا من مفهوم روحي او ديني مثالي يعطي للحياة البشرية أبعادا معنوية و أخلاقية تهيمن على النزعات و الغرائز الأولى و تخضعها لأهدافها و مقاصدها المتسامية .
ثالثا – العامل الاقتصادي : يعطي للأسرة وظيفة اجتماعية إنتاجية و معاشيه تختلف باختلاف النظم الاقتصادية التي تتنوع حسب العوامل الطبيعية و الحضارية المختلفة كما يظهر في النماذج التالية :
= النظام الاقتصادي العشائري:
كما الحال في المجتمعات البدوية و الريفية حيث تتميز الأسرة بانتسابها الى عنصر سلفي تتفرع منه و تتعصب اليه بالروابط الضيقة و المتينة و المتعاضدة بين أفرادها في حياتهم و عملهم و سلوكهم و تعاملهم مع غيرهم . و بالجملة فان الأسرة العشائرية تتميز بحجمها الكبير و عصبيتها في علاقاتها الخارجية (( فهي متماسكة في روابطها الداخلية متباعدة في علاقاتها الخارجية .

= النظام الاقتصادي الحضري التقليدي :
تتنوع و تتخصص الوظائف الاقتصادية و الحرفية حسب التطور الحضاري و التنظيم السياسي و تنوع الحاجات المعاشية و الترفيهية و الثقافية و مهما حافظت الأسرة على نظامها الداخلي و سماتها و عصبياتها فإنها تنفتح على آفاق المجتمع الكبير لأن الأسرة و الأفراد في حاجة الى التبادل و التكامل الوظيفي و لهذا تنسج روابط مختلفة بين الأفراد و الفئات و الأسر عن طريق التعامل و التعارف و التعاطف و التصاهر إذا فالأسرة الحضرية (( متماسكة في روابطها الداخلية متقاربة في روابطها الخارجية ))
= النظام الاقتصادي الصناعي المتقدم :
كما يظهر في المتجمع الغربي المعاصر يتميز بظهور قطاعات إنتاجية و استهلاكية و مهنية في أقصى الاختصاص بينما الحاجة الى جمع الوسائل و الاختصاصات من ناحية أخرى تستقطب الكفاءات التكنولوجية و الخبرات المهنية و الأيادي العاملة الأخرى و تنزعها من جذورها العائلية و القبلية و حتى الجهوية و توزعها حسب ما تطلبه المرافق الاقتصادية المختلفة وينتج عن ذلك تغيرات عميقة في بنية الأسرة بسبب
- انفلات الأولاد القاصرين القادرين على العمل من قبضة الأسرة و تشردهم لطلب العلم و الوظيفة و الرزق .
- - نسج روابط اجتماعية مصالحية جديدة بين الأفراد و الفئات .
- اندفاع الأفراد إناثا و ذكورا في دوامة التنافس الاجتماعي على الكسب و المكانة .



للبحــث بقية ان رغبتم تابعت انزاله و إلا توقفت

تقبلوا تحياتي

الدومــري
__________________
مابعرف شو بدي قول الطاسة ضايعة

آخر تعديل بواسطة الدومري ، 10-11-2002 الساعة 02:00 PM.
  #2  
قديم 10-11-2002, 02:10 PM
ALAMEER99 ALAMEER99 غير متصل
عضــو
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 4,541
إفتراضي

بسم الله .... وبه نستعين
أما بعد :-

الأخ الفاضل / الدومري ....... تحية طيبة

كما يبدو أن البحث رائع جداً
ويحتوى نتاج جهد كبير ..
وأتمنى عليك أن تكمل إدراجه هنا ، لأن وجود الشيء خير من عدمه
فما بالنا بأمر يمس تلك الأسرة التي هي في الحقيقة أساس المجتمع ( صلاحه وفساده ) ...
وسيكون لي مداخلة بعد إكتمال الموضوع إن رأيت أنني قادر على ذلك ..

ودمتـــــم ،،،،،
__________________

عين الرضى عن كل عيب كليــلة
لكن عين السخط تبدي المساويا
  #3  
قديم 10-11-2002, 06:55 PM
كوكتيل كوكتيل غير متصل
ديـنـاصـور الـخـيـمـة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2001
الإقامة: فوق الثراء
المشاركات: 11,627
إفتراضي

السلام عليكم


ابو الدوم ...

الموضوع طويل قليلا .. و صلاة الفحر قربت ..


نخلي القراءة و الرد .. لاحقا
  #4  
قديم 11-11-2002, 03:15 PM
الدومري الدومري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 3,868
إرسال رسالة عبر  AIM إلى الدومري
إفتراضي

اخي الامير

سأقوم بهــذا باذن الله تعالى


اخوي كوكتيل

روح صلــي و نـام و قبل العصر بالليل خش و اكتب و انتظرك
انا دحين بكتب عن الصبح قبل المغرب

و للحديث بقية

الدومري
__________________
مابعرف شو بدي قول الطاسة ضايعة
  #5  
قديم 11-11-2002, 03:40 PM
الدومري الدومري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 3,868
إرسال رسالة عبر  AIM إلى الدومري
إفتراضي

كل هذا يؤدي الى الاختلاط الاجتماعي الواسع النطاق و الى اضمحلال الأسرة في بنيتها و في وظيفتها الاجتماعية و تتميز وقتها بحجمها الصغير و باتصالها المفتوح مع المجتمع و داخله فهي (( متباعدة في روابطها الداخلية منحلة في علاقاتها الخارجية )
رابعا = العامل الثقافي : يتمثل في المقومات و السمات الحضارية للأسرة في أبعادها الأخلاقية و النفسية و الأدبية و الترفيهية و الجمالية و يعطي للعلاقات الزوجية و العائلية مظاهرها الشكلية في عاداتها و تظاهراتها و تصرفاتها الداخلية و علاقاتها مع الأسر الأخرى و مع المجتمع .

تلك هي العوامل الأساسية الأربع التي تعطي للأسرة سماتها حسب اختلاف نوعياتها و ظروفها التاريخية مع ملاحظة بان تلك العوامل تتداخل في بعضها و تتفاعل بحيث أن كلا من الأيديولوجية و البيولوجية و الثقافة بما فيها لعلم و الفكر و الاقتصاد يؤثر في العوامل الأخرى و يتأثر بها فينتج عن ذلك نماذج متغيرة و متطورة كما سنوضحه في المقارنة التالية بين وضع و سمات الأسرة في المجتمع العربي الإسلامي العتيق و في المجتمع الغربي المعاصر .

مقــارنة تحليليــة بين و ضع الأسرة في المجتمع العربي الإسلامي الأصيل و في المجتمع الغربي المعاصر:
أولا – الأسرة في المجتمع العربي الإسلامي :
1- العامل الأساسي الذي يهيمن على العوامل الأخرى هو العقيدة التي أعطت للأسرة قداسة و شرعية و خلقية لا تتغير مع التحولات الحضارية و التطورات الزمنية و الشريعة الإسلامية تتحكم في العامل الغريزي حيث وضعت له شروطا و مقاييس و قوانين لا تبيح العلاقات الجنسية خارج النطاق الخلقي المشروع و ذلك :

- بتحريم الزنــا
- و سنة عقد الزواج
- و استنكار المظاهر و السلوكيات التي تدعو أو تؤدي الى البغا كما تتحكم الشريعة في العاملين الاقتصادي و الأخلاق بتحديد نوعية الروابط العاطفية و المعاشية و المصرفية و الاجتماعية بين الزوجين خاصة و بين أفراد الأسرة عامة على أساس التعاطف الكامل و التعاون و الاحترام المتبادل كما تعبر عن ذلك آيات كثير نذكر منها :
(( و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة ..)) الروم 21
(( هن لباس لكم و أنتم لباس لهن …)) البقرة 187
(( و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف …)) البقرة 228
(( و أولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله …)) الأنفال 75
(( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا …)) الأحقاف 15
كما ان الأصول و الاجتهادات الفقهية تناولت بدقة كل أنواع المعاملات المعنوية و المادية بين أفراد الأسرة و ثبتتها و القوانين و الأحكام و العادات التي تشترك فيها الشعوب الإسلامية في جميع الأقطار من دون ما يمنع ذلك تنوعات كثيرة في الكيفيات و الشكليات الحضارية و الثقافية بشرط أن لا تخالف مبادئه الخلقية و الروحية . كما لا يمنع ذلك تنوع المهام الاجتماعية التي يقوم بها الرجل أو المرأة في ميادين الاقتصاد و الأعمال الاجتماعية بشرط ان لا يكون ذلك على حساب المسؤولية المشركة و القيم الأساسية التي تقوم عليها الأسرة .
ثانيا – العامل الاقتصادي كان الاقتصاد في البيئة العربية الأولى يقتصر على التبادلات التجارية و تربية المواشي و نوعا من الفلاحة في القرى . و لما امتد الإسلام الى البلدان القريبة و البعيدة تطور الاقتصاد و تنوعت المهن و انتشرت الحرف الصناعية المختلفة . و كان دور الأسرة معتبرا في الاقتصاد المحلي لا سيما في المجتمعات البدوية و الفلاحية حيث ان المرأة كانت تشارك الرجل في كثير من الأعمال كما أن الأولاد ينشأوون على نفس النشاطات و المهن . و كثر من البيوت في القرى و المدن محلات إنتاج لأنواع مختلفة من الصناعات التقليدية . و كانت ملكية الوسائل الإنتاجية و المشاركة في العمل و التكامل في المسؤوليات من الأسباب التي أعطت الأسرة العربية الإسلامية تماسكها الداخلي و مكانتها الاجتماعية .
__________________
مابعرف شو بدي قول الطاسة ضايعة
  #6  
قديم 12-11-2002, 01:33 PM
الدومري الدومري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 3,868
إرسال رسالة عبر  AIM إلى الدومري
إفتراضي




ثالثا – العامل الثقافي :
إذا اعتبرنا ان الثقافة في تكاملها الإسلامي الذي يجمع بين الآداب النابعة من تعاليم الدين و بين الإبداع الحضاري الذي تختلف فيه الشعوب و تشترك في حين واحد إثرائه و تعميمه فإننا نلاحظ تشابها كبيرا في نوعية الثقافة و في تأثيراتها على حياة الأسرة . و هذا ما يجعل الأسرة في بخارى و بغداد و في دمشق و تونس و القاهرة و الجزائر و فاس لها نفس السمات الأدبية مهما كان اختلافها في الأشكال و الأنماط و الأدوات والجمالية و الثقافية .
نقول باختصار ان الأسرة الإسلامية في جميع الأقطار الإسلامية و على مر العصور سواء الزاهرة منها او الراكدة و بقدر ما بقيت متمسكة بقيمها الأصيلة – تتميز بروابطها الدينية و العاطفية و الاقتصادية و الثقافية التي تعطيها قداستها الروحية و متانتها الذاتية و مكانتها الاجتماعية إلا أنها تتعرض في كيانها و مصيرها لنوعين من الآفات :
- آفة داخلية مرتبطة بظاهرة التخلف الحضاري الذي يبعدنا عن القيم الفاضلة ويرجعها الى روابط الجهل و الجاهلية و التي تقتصر على الشهوة الدنيئة و المصلحة البخيلة فتزعزع نظامها التكاملي الذي من حقه ان يرتكز على المسؤولية الروحية و الحب و الحرمة و العدل و الاحترام و التفاهم و التعاضد بين أفراد الأسرة و يستبدلها لا سيما على حساب المرأة بعلاقات الاستضعاف و الاحتقار و الاستمتاع.
- و آفة خارجية تتمثل في الغزو الحضاري المعاصر الذي يهدد الأسرة الإسلامية بالانفجار و الانحلال و الذي يعرض نموذج الأسرة الغربية فيما وصلت اليه من الضمور و الانفصال فانه المثال الأعلى و المآل الحتمي .

أما الآفة الداخلية فتقاوم بوسائل العلاج و هدفها تقوية الذات و السمات .

و أما الآفة الخارجية فتقاوم بوسائل الوقاية و هدفها تحصين بتثبيت الأصالة و تجريد الغازي من أسلحته القتالة و لا يعني هذا ان نرفع الأسوار و طمس النوافذ بل يعني معرفة وافرة للعوامل و السبل و العواقب لكي تتهيأ الوسائل و تتخذ الإجراءات المستحسنة للتحكم فيها . و لهذا و قبل أن تتأمل في الحلول علينا أن نتمعن النظر في النموذج المعروض و أن نستقصي سماته و أحواله .
__________________
مابعرف شو بدي قول الطاسة ضايعة
  #7  
قديم 12-11-2002, 01:36 PM
الدومري الدومري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 3,868
إرسال رسالة عبر  AIM إلى الدومري
إفتراضي الأسرة في المجتمع الغربي المعاصر

ثانيا – الأسرة في المجتمع الغربي المعاصر :
تبنت الحضارة الغربية منذ نهضتها في العصور الوسطى عنصرين من الثقافة ما فتئا يتنافسان في محتواها و في مصيرها :
= العنصر اليوناني اللاتيني الذي يتغلب عليه طابع المادية الاستمتاعية و العقلانية .
= العنصر المسيحي الذي يتغلب عليه طابع الروحية و التجرد من الشهوات و أدى ذلك الى التنافس الى تناقضات خطيرة و مستمرة بين الفكر المادي و ما يحمله من نزعات علمانية و ترفيهية و تجريبية و الفكر الديني الذي يدعو الى الامتثال المستسلم للتعاليم الكتابية و التشريعات الكنيسية .
ثم اتسعت الفجوة بين تعاليم الدين و واقع الحياة و لاسيما في القرون الأخيرة مع حدوث التطورات الثورية الحاسمة في ميادين الفكر الفلسفي و النظام الاقتصادي و التقدم العلمي و التكنولوجي مما أدى الى تضاؤل القيم الدينية و الخلقية و الى طغيان المفاهيم المادية . و كانت الأسرة هي الضحية الأولى لذلك التحول الجذري
1= العامل العقائدي :
كانت الكنيسة لعهد طويل تهيمن على نظام الأسرة طبقا للتعاليم الكتابية القديمة التي تحرم الزنا و ترفض الطلاق و تمنع تعدد الزوجات الا ان السلوكيات الاجتماعية كانت في الواقع كثيرا ما تفلت من قبضتها مما جعل الكنيسة تتسامح معها و تتغافل عن زلاتها بل و تغفر فاحشتها و ذنوبها .
و لما طغت الحركة الفكرية العلمانية اللادينية جرت من ورائها كل المكونات الحضارية من علوم و فنون و اقتصاد و أخلاقيات و نظم سياسية و اجتماعية و هكذا تجردت الأسرة في تيار الحضارة الغربية من قداستها الروحية و مقوماتها الشرعية و الأخلاقية و اتسع ميدان البغاء المأجور و المعاشرة الطليقة و المخاتنة الصريحة و المتاجرة بالشهوات و الجنس .
2= العامل الاقتصادي
كان الاقتصاد عاملا حاسما في تغيير البنية الاجتماعية التقليدية و لا سيما في تفرق الأسرة التي فقدت روابطها الاقتصادية و تماسكها العضوي و تعاضدها المادي و المعنوي , و ابتدأ الانحلال مع هيمنة البرجوازية الرأسمالية على النظام الاقتصادي حينما تأسست الورشات الصناعية و الشركات التجارية و المؤسسات المصرفية و تطورت وسائل الإنتاج و المواصلات و التوزيع و ذللت الطاقات الطبيعية و الاصطناعية مما أدى الى نشوء مراكز اقتصادية قوية تجذب عددا متزايدا من الفئات العاملة ذكورا وثم إناثا تنزح من الأرياف و من القرى طلبا للثراء و الرفاهية . وفي نفس الوقت الذي تنفصم فيه عصبة الأسرة الكبيرة تتربى في النفوس روح الفردانية و التنافس التي تجمع الناس و تفرق بينهم في آن واحد. ذلك التهجير البشري و تلك الروح الفردانية احدثا ظاهرة انفصالية خطيرة حطمت دعائم الأسرة المادية و المعنوية و هي ان الابتعاد المبكر للأولاد ثم استقلالهم الاقتصادي قطع الأوصال التكاملية و التعاضدية بين كبار الأسرة و صغارها في حاجتهم المتبادلة الى الخدمات و المساعدات.
هذا لا يعني ان النظام الرأسمالي اللبرالي هو وحده المسؤول عن اضمحلال الأسرة فان نفس الظاهرة تحدث في المجتمع الاشتراكي بقدر ما يخضع لنفس المادية الوجودية و لا يعترف بمشروعية الأسرة و روابطها الروحية .
كما ان المجتمع الاشتراكي في مظهره التطبيقي افقد الأسرة حتى روابطها البيولوجية- الاجتماعية- بسبب توليه عن طريق الدولة و المؤسسات الاجتماعية كل الخدمات المعاشية و التربوية و المهنية و التعاضدية التي تربط بين أفراد الأسرة . و لهذا تشهد الأسرة في البلدان الشيوعية المتقدمة نفس التقلص في الحجم و الانشطار في الهيكل.
3 – العامل الثقافي :
لم يكن العامل الثقافي أقل تأثيرا من العاملين الأيديولوجي و الاقتصادي لأنه وثيق الارتباط بهما بعكس المبادئ الفكرية و الروحية كما يخضع للدوافع المادية و الاستمتاعية و الترفيهية. مقاييسه الإنتاجية تكمن في تلبية دوافع الاستغناء و الاستثراء و مقاييسه الاستهلاكية تكمن في تلبية الطموحات المادية و إثارة النزعات الشهوانية . ة هكذا تحررت الأفكار من قيود المسؤولية و حدود الشرائع الدينية و اندفعت في تيار المادية الاستهلاكية البخيلة و أخضعت لأهدافها الاستمتاعية كل التظاهرات الثقافية و لا سيما في العشرينات الأخيرة حيث طغت المادية على فلسفة العلوم و تطبيقاتها التكنولوجية و تسربت الإباحية في حقول الثقافة فحولتها الى سوق عظيم يتاجر بالشهوات الطبيعية منها و المنحرفة في حوانيت ، الكتب ، و المجلات و الأفلام و الإذاعات و الفنون و مرافق اللهو و التسلية و تجردت الحياة الزوجية و العائلية من روابطها العاطفية و شهواتها المتحصنة و سماتها الجمالية و تقاليدها الثقافية و وظائفها الأدبية و التربوية و شمائلها الأخلاقية و أصبحت من فقرها في قفرها (( كالنعجة العجفاء ايَان ما تعدل الريح تعدل ))
هذا ما آلت اليه الأسرة في الحضارة التي هيمنت على العالم المعاصر بما وصلت اليه من قوة مادية و ازدهار علمي و تفوق تكنولوجي و اقتصادي و نفوذ سياسي و عسكري ،
.................................................. .................................


و هذا هو نموذج الأسرة الهزيل الذي يراودنا عن نفسه ليكون لنا قدوة و مثالا.
__________________
مابعرف شو بدي قول الطاسة ضايعة
  #8  
قديم 13-11-2002, 01:28 PM
الدومري الدومري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 3,868
إرسال رسالة عبر  AIM إلى الدومري
إفتراضي

الأسرة الإسلامية و تحديات المعاصرة :
على مدى عصور الانحطاط و أثناء العهد الاستعماري كانت الأسرة الإسلامية في البلدان العربية و غيرها معقل الأصالة الحضارية و مدرسة القيم الأخلاقية و قلعة المناعة الروحية . و ها هي الان تخوض غمار المعاصرة و تفتح ذراعيها لاحتضان المدنية الغربية شكلا
و مضمونا .
و ما يظهر فيها من آثار الغزو الحضاري و الإغراء الثقافي الذي يشهد عنها بما تبديه من ضعف و ما يبديه من قوة و نفوذ .
و لما كانت الأسرة هي الدعامة الأساسية التي يقوم عليها المجتمع و هي المركز الذي تشع منه مصابيح الحضارة التي تسير على ضوئها الأجيال فان حمايتها أصبحت من المهمات الأولى و لكن سياسة الأسرة تقتضي منهجية علمية واضحة بعيدة المدى ترتكز على معرفة
و تحليل عوامل التطور و التأثير في كيفياتها و مراحلها .

1 = الأسرة و تأثيرات الغزو الحضاري :
ان مبدأ التحول يقع في الأصول العقائدية اما مباشرة بسبب الضعف الذي يطرأ على الضمير الديني و اما عن طريق العوامل الحضارية الأخرى من أخلاقية و ثقافية و اقتصادية التي تؤثر بدورها على المكنون الديني . و إذا انهارت الأصول العقائدية و ما يتبعها من مقومات أخلاقية فقد ينهار معها الهيكل الاجتماعي كله في كيانه و سماته الحضارية .

2 – المراحل التي تمر عليها التحولات الاجتماعية و التي تجر الى انحلال الأسرة :
تحدث التأثيرات على مراحل تتفاعل فيها العوامل الحضارية المختلفة كما ظهر ذلك في تطورات المجتمع الغربي في أوربا و أمريكا و كما كان أو قد يكو مثله في المجتمعات العربية و الإسلامية كما يلوح ذلك في أفكار و سلوكيات بعض الفئات الهامشية و لا سيما الشباب و في كثير من المغتربين و المستغربين.

أ= المرحلة الأولى مرحة ثقافية :
تظهر في التعاطف الأدبي و التشبه الكلي بمظاهر المجتمع الغربي و التي تتجلى في الحياة المنزلية و التظاهرات الثقافية و التعاملات العاطفية بين الجنسين في التخاطب و الاختلاط المدرسي و المهني و الديني و في تقدير المقاييس الجمالية في اللباس و المأكل و المشرب و تأثيث المنزل و أنواع التسلية وفي الذوق الأدبي و الفني و قد تجر الى ذلك كل أنواع المواصلات و الاتصالات و أساليب التكوين و الإعلام .

ب= المرحلة الثانية مرحلة أخلاقية :
تتمثل في تغيير المفاهيم و المقاييس الأخلاقية و التصرفات الاجتماعية و تحررها من القيود العرفية و الدينية . تتجلى تلك المرحلة في العوارض الانحلالية كالمعاشرة الجنسية غير الشرعية و العهارة المتجلية و الا عراض عن المسؤولية الزوجية و انتشار عمليات التعقيم و الإجهاض غير المبررة صحيا او شرعيا و ارتفاع عدد الأطفال اللقطاء و الأمهات العازبات و الفتيات البائرات و النساء المطلقات و كثرة النشوز بين الأزواج و الأجيال مع انفلات الشبان من سلطة الوالدين و عصبة الأسرة بغض النظر عن العواقب الصحية الخطيرة التي تتمثل في انتشار الأمراض الجنسية المعدية التي تتبعها و منها العقم .
و أخطر من ذلك كما تشير اليه
الكاتبة الفرنسية افلين سولورو Evelyne Sullerot في كتابها pour le meilleur et non le pire . الذي تحلل فيه تطور الأسرة و انحلال المجتمع الفرنسي هو ان الناس يتعودون بالتغيرات و كلما انتشرت و عمت في المجتمع هانت خطورتها و تقبلها الرأي العام و لا سما في المدن الكبرى .
هذه المرحلة تمثل الواقع الذي يتغير في ذاته سواء بعوامله الداخلية أو بالتأثيرات الخارجية و تمتد مظاهره في المجتمع بدون أن تتدخل الهيئات الرسمية لا لإدانته و لا لتشجيعه فكأنما كل الفئات الاجتماعية تسير مع التيار الجارف و تستسلم لقدره المحتوم .
ج= المرحلة الثالثة تتميز بتخلي الهيئات التشريعية عن النصوص الثابتة المقررة ثم باستبدال تلك النصوص بقوانين وضعية تسامحية و إباحية تتعامل مع التحولات الذهنية و الانحرافات الأخلاقية و السلوكية أكثر مما تتحكم فيها . و بدوره يشجع هذا الاعتراف نزعات الانحراف الى ان يذوب المجتمع مع ذوبان قيمه الأخلاقية. (( و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ))
و هكذا تتعرض الأسرة الإسلامية – و اعتقادنـا إنها في الشام مثلها مثل ما هي في المغرب العربي او في البلدان الإسلامية الأخرى – لإعصار ثقافي خطير يتسلل خلال البيوت و الأجيال ليزعزع مبادئها الشرعية و الأخلاقية و يفتت روابطها الاجتماعية.
غير ان المجتمعات الإسلامية لم تصل في أعماقها الى درجة الانكسار الذاتي و الانهيار الخلقي بل ثارت فيه ردود فعل فكرية و أخلاقية استنكارية و استصلاحية ترفض النموذج الغربي للسرة في المظهر و المعنى و تصر على التمسك بسماتها الأصيلة الا ان هذا الإصرار لا يقي من الأخطار إذا لم يكن مرتكزا على المنهجية الرشيدة التي تتشبث بالمبادئ الثابتة و لا تجهل الواقع الحضاري المتغير و المتطور .
__________________
مابعرف شو بدي قول الطاسة ضايعة
  #9  
قديم 14-11-2002, 03:55 PM
الدومري الدومري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 3,868
إرسال رسالة عبر  AIM إلى الدومري
إفتراضي

الأسرة الإسلامية بين الأصالة و التطور :
ليست الحكمة في مجابهة التحديات و بالانغلاق المستعصم و لا بالانفتاح المستسلم و لكن في المنهجية الواعية التي تميز بين الأصول و المقاصد الثابتة و بين التطورات الحضارية الحتمية

اما المقاصد و الأصول الثابتة :
فتكمن في العامل العقيدي و الأخلاقي الذي يثبت بثبوت سنة الله في الكون و شريعته في الأرض:
1 - سنة الله في الكون :
تتمثل في العامل الطبيعي الغريزي الذي يقتضي أن الفطرة الجنسية و التناسلية هي أساس الوجود البشري في الارض كما تقره الاية : (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا و نساء ..)) سورة النساء الاية 1
و المساس بهذا العامل الطبيعي المتكامل في ظواهره و أهدافه يؤدي الى افساد النسل أو انقطاعه كما يحدث عند فصل الشهوة عن ثمرتها و رفض الانجاب باستعمال وسائل التحديد و التعقيم و الاجهاض من دون مبرر مشروع كما هو سائد اليوم في كثير من البلدان الغربية مع النتائج المعروفة التي هي رفض الزواج و ضمور الاسرة و نقص الانجاب و تكاثر عدد الاطفال اللقطاء و هرم البنية السكانية و تناقص القوة العاملة المنتجة.
2 – شريعة الله في الارض :
ان الغريزة الجنسية و التناسلية تخضع لقانون المسؤولية الامنية الواعية التي تحدد للزوجين حقوقهم المتبادلة و الواجبات كما تعين للأسرة وظيفتها الاجتماعية كخلية أساسية تضمن حياة الافراد و تربيتهم و سعادتهم الوجودية داخل الاسرة و خارجها.
هذه الشرعية المقررة و هاته المقاييس الاخلاقية و القانونية الثابتة لا تمنع التعديلات الظرفية في الروابط العضوية و المادية ما دامت تلك التعديلات لا تقطع صلة الرحم و لا تخون مقاييس الاحسان و المودة و الرحمة و التعاضد.

و أما المتغيرات فغالبا ما ترجع الى العاملين الاقتصادي و الثقافي :
1- أما الاقتصادي فقد راينا كيف يؤثر في بنية الاسرة و حجمها و نوعية العلاقات بين افرادها و لا شك ان التقدم التكنولوجي الهائل و التحول الجذري في كيفيات و اساليب ووسائل الانتاج و التوزيع و الاستهلاك سيكون لها تأثيرا عميق في نظام الاسرة و نوعية روابطها . و من المستحيل أن يرجع الاقتصاد في المجتمعات الاسلامية الى ما كان عليه سابقا في المجتمعات البدوية و الريفية و الحضرية القديمة التي كانت مبنية على الانتاج المنزلي و العائلي و الحرفي و على المعاملات التجارية قصيرة المدى .
مهما كانت الانتماءات العقائدية و النظامية التي ينتسب اليها و يسير فيها الاقتصاد فان آفاق الاسرة تقع في عهد تسود فيه التكنولوجيا المتقدمة و تختص فيه الكفاءات و الخبرات العلمية و المهنية و تمتد فيه مدة التعليم و التكوين التي تشمل الذكور و الاناث سواء مما يجعل الاسرة تصوب طاقاتها البشرية و التقنية نحو المجتمع الكبير اكثر مما تستغلها لتقوية كيانها الداخلي و كثيرا ما يحدث أن افراد الأسرة يشتغلون في مرافق اقتصادية او وظيفية مختلفة و متباعدة .
الا ان هذا التباعد المهني لا يتناقض ابدا و ذلك بمقتضى الخلفيات الثابتة مع واجبات القرابة من صلة و تعاضد و احسان كما لا يتناقض مع وظيفة الاسرة كبيئة طبيعية و روحية و نفسية ينبت فيها الطفل و يترعرع و تتبادل فيها العواطف الودية و الخدمات المختلفة بين الصغار و الكبار و الاتراب . هذا ما تتميز به الاسرة الاسلامية مهما تغيرت علاقاتها المادة و مهما تطورت النظم الاقتصادية من حولها .
2- اما الثقافة :
في معناها الكامل الذي يجمع بين العلم و الثقافة العامة فلا بد لها ان تتغير مع التطور الحضاري و أن تؤثر في أحوال الاسرة و معنوياتها
__________________
مابعرف شو بدي قول الطاسة ضايعة
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م