على قبر زوجته
قال أبو خالد الأحول الزاهد : لما ماتت امرأة شيخنا أبي ربيعة الفقيه الصوفي ، ذهبت مع جماعة من الناس فشهدنا أمرها : فلما فرغوا من دفنها وسوي عليها ، قام شيخنا على قبرها وقال : يرحمك الله يا فلانة ! الآن قد شفيت أنت ومرضت أنا ، وعوفيت وأبتليت ، وتركتني ذاكرا وذهبت ناسية ، وكان للدنيا بك معنى فستكون بعدك بلا معنى . وكانت حياتك لي نصف القوة فعاد موتك لي نصف الضعف ، وكنت أرى الهموم بمواساتك هموما في صورها المخففة فستأتيني بعد اليوم في صورها المضاعفة ؟ وكان وجودك مع حجابا بيني وبين مشقات كثيرة ، فتستخلص كل هذه الشاق إلى نفسي ؛ وكانت الأيام تمر في رقتك وحنانك فستأتيني أكثر ما تأتي متجردة في قسوتها وغلظتها ! أما إني-والله-لم أرزأ منك في امرأة كالنساء ، رزئت في المخلوقة الكريمة التي أحسست معها أن الخليفة كانت تتلطف بي من أجلها !
الرافعي - من وحي القلم
|