مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #21  
قديم 13-04-2001, 08:40 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

ولمستفسر أن يتساءل عن أهمية (التفكير الفردي) أو فلنقل المسؤولية الفردية في التفكير، حتى نتطرق إليها في قضية (الهجرة النبوية الشريفة) ودلالالتها، ولهذا نقول إن أول أسس الحضارة والعمران البشري أن يتحمل الفرد مسؤولية نفسه تفكيراً وتدبيراً ومسؤولية {وقفوهم إنهم مسؤولون} ثم يتعاون مع الجماعة في الإنماء والنماء (يد الله على الجماعة) بعد أن تتضح له معرفة الواجب والحق والحرام والحلال وسواها من القواعد والضوابط التي لا تقوم الحياة إلا بها.

والتفكير الفردي، أو قل: تحمل الفرد لمسؤولية التفكير والاختيار الحر، هو مفتاح الاجتهاد في الفقه، والإبداع في الصناعة، والابتكار في وسائل الزراعة، والنجاح في التجارة، والريادة في الاختراع، ذلك لأنه يحرر الفرد من عبودية (القطيع). وهي غير الالتزام بالجماعة والعمل الجماعي الذي دعا إليه الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم).

ولتأكيد هذا المعنى في التفاضل بين حرية الفرد في الاختيار والعبودية للسياق العام في بناء الحياة نقرأ النص التالي لـ(ديفيد لانديس) عن التفاضل بين الصين السبّاقة في ميدان الاختراع وأوروبا التلميذ النجيب الذي فاق في العصر الخير أساتذته في الأندلس والصين معاً، حيث يقول:

(اخترعت الصين البارود والورق والطباعة والبورسلين وأنظمة الري وزراعة الشاي وصناعة الحرير ما بين العامين 900 – 1200 ميلادية، لكنها عجزت عن تطوير واستثمار اختراعاتها التي أخذتها عنها أوروبا وركزت عليها ثورتها الصناعية ..... والفارق كان نظام السوق، حيث المبادرة كانت حرة في أوروبا ومقيدة في الصين التي حصرت التجارة والتعليم في يد الدولة).



  #22  
قديم 16-04-2001, 05:56 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

ولعلنا في حاجة إلى أن نتذكر بشكل دائم ومستمر أن إطلاق الإسلام للعقل البشري من عقال الخمول والأسطورة والشعوذة إلى رحابة العلم والتمييز والصحة في الأسس والقواعد وشروط الاستنباط والاستقراء – التي هي مناط التكليف – لا يعني دعوة الفرد إلى الانطواء والإنغلاق على النفس والبعد عن الجماعة، فيد الله – كما جاء في الحديث الشريف – على الجماعة. ولهذا حديث مستقل قادم إن شاء الله.

التفكير الفردي الذي نذكّر به هنا، هو مسؤولية الفرد عن التفكير، وليس إنغلاق الفرد على نفسه دون العالمين.

  #23  
قديم 18-04-2001, 12:44 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

لقد كانت المسؤولية الفردية في التفكير على رأس آليات التبليغ والوصول إلى الحقيقة.
فهي التي أخرجت المسلمين الأوائل من المهاجرين والأنصار من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام.
وهي التي جعلت لسلمان الفارسي (رضي الله عنه) المكانة التي نعرفها له.
وهي التي دفعت الصحابي الموسوي عبد الله بن سلام (رضي الله عنه) لمواجهة قومه لا يخشى في الله لومة لائم.
وهي التي أنطقت النجاشي ملك الحبشة بكلمات الحق الخالدة دون أن يعير كبار القساوسة بالاً عندما سمع القرآن من فم جعفر الطيار (رضي الله عنه) فقال: (إن الذي قرأت والذي جاء به المسيح يخرج من مشكاة واحدة).
إن القاسم المشترك بين هؤلاء جميعاً أنهم رفضوا رفضاً قاطعاً أن يكونوا أعداداً لا قيمة لها في قافلة الخرفان، وأصروا على تحقيق إنسانيتهم من خلال التزامهم بما رأوه من الحق ولو خالفوا في ذلك الثقلين من المشركين.
فالمسؤولية الفردية في التفكير كانت - وما زالت - مفتاح الخير لهؤلاء جميعاً، ولو أعملنا فكرنا لرأيناها تؤدي نفس الأغراض مع المهتدين الجدد.

  #24  
قديم 21-04-2001, 05:10 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

لم تتوقف نتائج حرية الفرد في التفكير على ميدان واحد من ميادين الحياة والإبداع، ولكنها انسحبت على كل ساحة فيها فائدة للإنسان، قبل الإسلام المحمدي وبعده.

فقبل رسالة النبي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) قام أفراد من العرب، من قريش وغيرها، بالبحث عن الحقيقة، وبعضهم أقام على الحنيفية السمحاء، حنيفية جدنا إبراهيم (عليه السلام) وأبرزهم ورقة بن نوفل، وقصته مع أم المؤمنين خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) عندما سألته عما يعتري النبي (صلى الله عليه وسلم) معروفة مشهورة.

جاء في (الخصائص الكبرى) وغيره، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل على أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنه) قادماً من حراء، فقال: (زملوني، زملوني) فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها خبر جبريل (عليه السلام) وما أمره به من القراءة، وقال: (لقد خشيت على نفسي)! فقالت: (كلا؛ والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).

ثم انطلقت به خديجة (رضي الله عنه) حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وكان أمرءاً تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الانجيل بالعربية ما شاء الله ان يكتب، فقالت له خديجة (رضي الله عنه): (يا ابن عم؛ اسمع من ابن اخيك). فقال ورقة: ما ترى؟ فأخبره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما رآه.

فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أُنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعاً، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومُك. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (أومخرجي هم)؟ قال: نعم؛ لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي، وإن يدركني يومُك أنصرك نصراً مؤزراً.

ثم لم ينشب ورقة أن توفي.

__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #25  
قديم 22-04-2001, 02:51 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

قال ابن اسحاق (رحمه الله): اجتمعت قريش يوماً في عيد لهم عند صنم من أصنامهم كانوا يعظمونه وينحرون له ويعكفون عنده، فخلص منهم أربعةُ نفر نجياً، ثم قال بعضهم لبعض: تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض! قالوا: أجل.

وهم ورقة بن نوفل، وعبيد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى، وزيد بن عمرو بن نُفيل. فقال بعضهم لبعض:

(تعلموا والله؛ ما قومكم على شيء، لقد أخطأوا دين أبيهم إبراهيم، ما حجر نطيف به لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع؟ يا قوم التمسوا لأنفسكم، فإنكم - والله - ما أنتم على شيء).

فتفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم، فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية واتبع الكتب من أهلها.

وذكر الزبير بن أبي بكر بإسناد له إلى عروة بن الزبير (رضي الله عنهما)، قال سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ورقة بن نوفل، فقال: (لقد رأيته في المنام عليه ثياب بيض، فقد أظن أن لو كان من أهل النار لم أر عليه البياض).

وكان ورقة يذكر الله في شعره في الجاهلية ويسبحه، وهو الذي يقول:

لقد نصحت لأقوام وقلت لهم: * أنا النذير فلا يغرركم أحدُ
لا تعبدن إلها غير خالقكم * فإن دعوكم، فقولوا: بيننا حددُ
سبحان ذي العرش سبحانا يدوم له * رب البرية فرد واحد صمدُ
سبحان ذي العرش سبحانا نعود له * وقبل سبحه الجودي والجمدُ
مسخر كل ما تحت السماء له * لا ينبغي أن ينادي ملكه أحدُ
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته * يبقى الإله ويودي المال والولدُ
لم تغن عن هرمز يوما خزائنُه * والخلد قد حاولت عادٌ فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح له * والإنس والجن فبما بينها بردُ
أين الملوك التي كانت لعزتها * من كل أوب إليها وافد يفدُ؟
حوض هنالك مورود هناك بلا كذب * لا بد من ورده يوما كما وردوا

والشاهد فيما تقدم أن ورقة وصحبه سعوا – قبل البعثة المحمدية - بعد إعمالهم لعقولهم واستخفافهم بما عليه أهل الجاهلية، ونهضوا يبحثون عن دين إبراهيم (عليه السلام)، وخالفوا بذلك قومهم، وهم يعلمون خطورة هذه المخالفة حتى تعاهدوا على الكتمان.

وإخبار النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ورقة ولبسه البياض إشارة واضحة على أن الله يثيب الباحث عن حقيقة العبادة والعبودية والتعبد والمجتهد في ذلك قدر استطاعته، وإن لم تبلغه الرسالة والوحي، لأن الإنسان لا يعذر – في التصور الإسلامي – على جهله، ولا يبارك له في قعوده، ويثاب على سعيه.

__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #26  
قديم 22-04-2001, 07:27 AM
بكري عمري بكري عمري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 39
Lightbulb

الأخ الدكتور2000، السلام عليكم، كنت قد أثرت على هذا الموضوع سؤالاً يتعلق بفهمنا للتعددية، ورأيت من المناسب أن أنشر هنا خبر مؤتمر (التجديد فى الفكر الإسلامي) الذي ينظمه (المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية) فى 31/5/2001م، لأنها تعزز الإجابة على التعددية داخل الأمة المسلمة.

ويدور حول أربعة محاور وهى:

المحور الأول:
حول ضرورة التجديد وضوابطه؛ ويشمل: مفاهيم التجديد والاجتهاد والإبداع ، ضرورة التجديد، الأساس الإسلامى للتجديد وضوابطه، اتجاهات المجددين فى الإسلام فى العصر الحديث.

المحور الثانى:
التجديد فى مجال الفقه الإسلامى؛ ويشمل : الوسطية أساس التشريع الإسلامى، فقه الواقع ..المستحدثات فى مجال الطب والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا، وفقه المتغيرات فى الواقع السياسى والاجتماعى - حقوق الإنسان - المرأة - الطفل. بالإضافة إلى فقه الأولويات، المصالح المرسلة ، الضرورات التى تبيح المحظورات ، الترجيح بين المصالح، فقه الأقليات المسلمة ، فقه البيئة ، التوفيق والتقريب بين المذاهب الإسلامية.

المحور الثالث :
ويدور حول التجديد فى مجال الدعوة والإعلام؛ ويشمل التجديد فى مجال عرض علوم العقيدة ، التجديد فى طريقة عرض الإسلام فى الغرب ودور العقل فى الخطاب الدينى ، والحفاظ على الهوية الإسلامية فى إطار التجديد.

المحور الرابع:
ويدور حول النهضة والإحياء؛ ويشمل مفهوم التنوير فى التصور الإسلامى الأصالة والمعاصرة ، إحياء التراث الإسلامى وضرورة تخليصه من العناصر الدخيلة ، النهوض باللغة العربية فى مختلف المراحل التعليمية والإعلام، مع ضرورة تدريس العلوم التجريبية باللغة العربية .

يشارك فى المؤتمر مفكرون وعلماء من مصر ومختلف دول العالم.
  #27  
قديم 26-04-2001, 07:14 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

أشكر الأخ بكري، وأتمنى على الاخوة المهتمين المشاركة في تعميق مفهومنا للتعدية (داخل إطار الوحدة الإسلامية) لما في ذلك من خير، إن شاء الله.
----------

والآيات الدافعة إلى التفكر والتدبر والتعقل كثيرة في الكتاب الكريم بحيث تُشعِر القارئ والسامع بخطورة هذا المر ووجوبه، حتى قيل (إن التفكير في الإسلام عبادة مأجورة)، منها قوله تعالى:

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ: أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى، ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ، إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ/46]
يأمر الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وسلم) أن يحاجج الكافرين الزاعمين أنه (صلى الله عليه وسلم) مجنون، بالتفكر - أفراداً وجماعات - بعيداً عن الهوى والعصبية والأحكام المسبقة السائدة من خلال الفكر الجماعي الضاغط، فيسأل بعضهم بعضاً: هل بمحمد (صلى الله عليه وسلم) مسٌّ من جنون؟ وهو المعروف بينهم برجاحة العقل، والترفع عن السفاسف، والملجأ عند المهمات، كما وقع لهم في اختلافهم عند بناء الكعبة ونزولهم عند قوله في وضع الحجر الأسود مكانه، وهو المعروف بينهم بالصادق الأمين.

وقد خبروه وعرفوه عن كثب في الحل والترحال، والبيع والشراء، والتعامل اليومي فلم يروا منه إلا رجاحة في العقل، وقيادة في الشخصية، وأمانة في الأداء، فهل للجنون إلى هذه الشخصية سبيل؟ إنما هي تهمة أراد مروجوها تبرير كفرهم وإعراضهم عن الاستماع للحق وقبولهم به.

__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #28  
قديم 28-04-2001, 05:28 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

ويؤكد الإمام ابن كثير (رحمه الله تعالى) في تفسيره أن الآية نزلت في دعوة المشركين إلى التفكر بنبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) وصدقه فيما بلغ عن الله، ولم تنزل في الصلاة فيقول:

فأما الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم ... عن أبي أُمامة (رضي الله عنه) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقول: (أُعطيت ثلاثا لم يعطهن أحد قبلي، ولا فخر: أُحلت لي الغنائم ولم تحل لمن قبلي، كانوا قبلي يجمعون غنائمهم فيحرقونها. وبُعثت إلى كل أحمر وأسود، وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة. وجُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، أتيمم بالصعيد وأصلي فيها حيث أدركتني الصلاة، قال الله تعالى: {أن تقوموا لله مثنى وفرادى}. وأُعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدي). فهو حديث ضعيف الإسناد، وتفسير الآية بالقيام في الصلاة في جماعة وفرادى بعيد، ولعله مقحم في الحديث من بعض الرواة، فإن أصله ثابت في الصحاح وغيرها. والله أعلم.

وحجة الله تعالى على هؤلاء المشركين لاستكبارهم عن الإقرار بنبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) مع يقينهم بصدقه، واضحة في الآية نفسها، وهي قوله تعالى: {إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد} فقد روى البخاري (رحمه الله) ... عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنه قال:

صعد النبي (صلى الله عليه وسلم) الصفا ذات يوم فقال: (يا صباحاه)! فاجتمعت إليه قريش فقالوا: ما لك؟ فقال: (أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم، أو يمسيكـم، أما كنتم تصدقوني)؟ قالوا: بلى. قال (صلى الله عليه وسلم): (فإنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد). فقال أبو لهب: تباً لك، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله عز وجل: {تبت يدا أبي لهب وتب}.

  #29  
قديم 28-04-2001, 05:33 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

ويقول شهيد القرآن (سيد قطب) في كتابه المشهور (في ظلال القرآن) تعليقاً على الآية:

دعوة الكفار للتفكر بالرسول الحق وطبيعة الرسالة والرسول (صلى الله عليه وسلم)
وهنا يدعوهم دعوة خالصة إلى منهج البحث عن الحق، ومعرفة الافتراء من الصدق، وتقدير الواقع الذي يواجهونه من غير زيف ولا دخل:

{قل: إنما أعظكم بواحدة: أن تقوموا لله مثنى وفرادى، ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جِنة، إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد}

إنها دعوة إلى القيام لله، بعيداً عن الهوى، بعيداً عن المصلحة، بعيداً عن ملابسات الأرض، بعيداً عن الهواتف والدوافع التي تشتجر في القلب، فتبعد به عن الله، بعيداً عن التأثر بالتيارات السائدة في البيئة، والمؤثرات الشائعة في الجماعة.

دعوة إلى التعامل مع الواقع البسيط، لا مع القضايا والدعاوى الرائجة؛ ولا مع العبارات المطاطة، التي تبعد القلب والعقل من مواجهة الحقيقة في بساطتها.

دعوة إلى منطق الفطرة الهادئ الصافي، بعيداً عن الضجيج والخلط واللبس؛ والرؤية المضطربة والغبش الذي يحجب صفاء الحقيقة.

وهي في الوقت ذاته منهج في البحث عن الحقيقة. منهج بسيط يعتمد على التجرد من الرواسب والغواشي والمؤثرات. وعلى مراقبة الله وتقواه.

وهي واحدة.. إن تحققت صح المنهج واستقام الطريق. القيام لله.. لا لغرض ولا لهوى ولا لمصلحة ولا لنتيجة.. التجرد.. الخلوص.. ثم التفكر والتدبر بلا مؤثر خارج عن الواقع الذي يواجهه القائمون لله المتجردون.

{أن تقوموا لله مثنى وفرادى} مثنى؛ ليراجع أحدهما الآخر، ويأخذ معه ويعطي في غير تأثر بعقلية الجماهير التي تتبع الانفعال الطارئ، ولا تتلبث لتتبع الحجة في هدوء.. وفرادى؛ مع النفس وجهاً لوجه في تمحيص هادئ عميق.

{ثم تتفكروا: ما بصاحبكم من جِنة} فما عرفتم عنه إلا العقل والتدبر والرزانة. وما يقول شيئاً يدعو إلى التظنن بعقله ورشده. إن هو إلا القول المحكم القوي المبين.

{إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد} لمسة تصور العذاب الشديد وشيكاً أن يقع، وقد سبقه النذير بخطوة لينقذ من يستمع، كالهاتف المحذر من حريق في دار يوشك أن يلتهم من لا يفر من الحريق. وهو تصوير - فوق أنه صادق - بارع موح مثير.

  #30  
قديم 07-05-2001, 07:22 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

أتوقف قليلاً لأجيب الأخ الفاضل (حامل المسك) على أسئلته شاكراً له في البدء اهتمامه وحسن ظنه بي وبما كتبت في هذا الموضوع. وأجيب على الأسئلة بما أعلم:

1= سؤالك عن حكم الاحتفال (بالمولد)؛ أشبعه العلماء قديماً وحديثاً، بياناً وفتوى، ولم تخرج أقوالهم عن حكم من ثلاثة: (1) الإباحة المطلقة (2) الحَظْْر المطلق (3) إباحته بشروط معينة تدور مع الالتزام الشرعي، وتجنب النواهي الشرعية فيه.

وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) في المولد فصلاً كاملاً في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) رأى فيه أنه بدعة، ثم قال كلاماً يحسن الوقوف عنده وتأمله، خاصة وأن شيخ الإسلام (رحمه الله) من أكثر العلماء تشدداً في مسألة الاحتفال بذكرى المولد الشريف وغيره من الاحتفالات التي لم تكن على عهد رسول الله (صلى الله علبيه وسلم)، قال (رحمه الله):

(فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كما قدمته لك، أنه يحسن من بعض الناس ما يُستقبح من المؤمن المُسَدّد، ولهذا قيل للإمام أحمد (رحمه الله) عن بعض الأمراء إنه أنفق على مصحفٍ ألفَ دينار، ونحو ذلك. فقال: (دعه؛ فهذا أفضل ما أُنفق فيه الذهبُ). أو كما قال( )، مع أن مذهبه (رحمه الله) أن زخرفة المصاحف مكروهة.

وقد تأوّل بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجديد الورق والخط. وليس مقصود أحمد (رحمه الله) هذا، وإنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة، وفيه أيضا مفسدة كُرِه لأجلها. فهؤلاء إن لم يفعلوا هذا، وإلا اعتاضوا الفساد الذي لا صلاح فيه، مثل أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور ككتب الأسمار أو الأشعار أو حكمة فارس والروم( ). [انتهى كلام ابن تيمية].

وأكتفي بهذا النقل دون أي توسّع. ولجميع الاخوة والأخوات أن يعود كل منهم لمن يثق بدينه من أهل الفتوى ليطمئن لدينه وعمله.

__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م