أخي الأمير،
مشاركاتك دائما أثلج على صدري من البرد.
يقول الشاعر:
وأمطرت لؤلؤا من نرجسٍ وسقتْ
........... ورداً وعضتْ على العنابِ بالبــردِ
شبه الشاعر البكاء بانهمار المطر، وشبه الدموع بحبات اللؤلؤ من حيث الشكل، وشبه العيون بالنرجس من حيث البياض، وشبه الخدود بالورد من حيث الحمرة، وشبه الأصابع بالعناب من حيث الشكل، وشبه الأسنان بالبرد من حيث البياض والصفاء.
فبالله عليكم أكان لها ذلك التأثير لو أن الشاعر وصف ما رأى بدون مجاز فقال: وبكت دموعا صافية مستديرة، من عيون بيض، بللت به الخدود الحمر، وعضت على أصابعها اللطيفة المستطيلة، بأسنان بيضاء صافية.
وقد يقول البعض بل إنه تشبيه خمسة بخمسة ويتركون التشبيه الذي ذكرته أولا، فكيفما نظرت إليه فإنه قمة في البلاغة، يسلب الألباب، ويترك العقل هائما في بحر الخيال.
ولي بيت فيه صور مركبة بشكل يواكب تشبيهات هذا البيت ولكنه دونه في الجمال والإبداع بكثير. (لا شك)
وذلك عندما رأيت مشرق الشمس فوق صفحة الماء الفضية، وانعكاس أشعتها على سطح الماء، وتراقص حبات الماء، فقلت:
أشرق العسجد مصهورا فسالا
............... في صُحينٍ من لجينٍ يتلالا
وبذلك فقد شبهت الشمس بالذهب، وشبهت أول شروقها ولونها يختلط بما حوله حتى لا تعلم أين حد الشمس من حد السماء، شبهته بانصهار المعدن، وشبهت انعكاس أشعتها على سطح الماء بسيلان المعدن المصهور، وشبهت صفحة الماء واستدارتها في البحيرة، بصحن الفضة، وشبهت تراقص حبات الماء على سطح الفضة بلمعان اللؤلؤ إذا لامسته أشعة النور.
هذا ما أذكره من عقلي، وسوف أرجع إلى مراجعي لآتيكم بما قيل في بيت "وأمطرت لؤلؤا"، وفي ما عد دون تشبيه أربعة بأربعة، وثلاثة وثلاثة وغيرها.