مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13-11-2003, 08:43 AM
aldamir aldamir غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
المشاركات: 3
إفتراضي تونس.. الحملة متواصلة ضد المحجبات

تونس- محمد فوراتي- إسلام أون لاين.نت/ 11-11-2003



طلب عدد من المحامين والشخصيات السياسية التونسية من رئيس الدولة زين العابدين بن علي التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات المتواصلة ضد النساء التونسيات المرتديات للحجاب.



وجاء في عريضة وقعها أكثر من 100 محام وناشط حقوقي حصلت "إسلام أون لاين.نت" على نسخة منها أن "النساء التونسيات المرتديات للحجاب يتم حرمانهن منذ بداية السنة من العمل ودخول المعاهد والجامعات، كما يعمد رجال الأمن دون موجب قانوني إلى تعنيفهن، ونزع الحجاب بالقوة مع الشتم والوصف بشتى النعوت، ولو أمام أزواجهن أو إخوانهن، وإجبارهن على إمضاء التزام بعدم ارتداء الحجاب مستقبلاً".



وطالبت العريضة التي أثارت جدلاً واسعًا عقب توزيعها على وسائل الإعلام الإثنين 10-11-2003 "بإيقاف هذه الانتهاكات الخطيرة والمنافية للحرية الشخصية وحرية المعتقد وكل المواثيق الدولية".



كما ندّد الموقعون على العريضة "بالاعتداءات على الحرمة الجسدية للمواطنات من طرف سلطة يفترض فيها أنها تسهر على احترام القوانين وحماية المواطنين، لا على ترويعهم والتدخل في خياراتهم الشخصية".



ومن بين الموقعين على العريضة شوقي الطبيب رئيس الجمعية العربية للمحامين الشبان، وعبد الرؤوف العيادي عضو الهيئة الوطنية للمحامين، ونجيب حسني الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني للحريات، ويوسف الرزقي رئيس جمعية المحامين الشبان، والناشطة الحقوقية سعيدة العكرمي.



جمعيات حقوق الإنسان تتحرك



وكانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان قد عبرت عن انشغالها العميق بالانتهاكات والاعتداءات التي تتعرض لها النساء المحجبات من طرف رجال الأمن أو المسئولين في الإدارات العمومية.



ووصفت الرابطة في بيان حديث حصلت "إسلام أون لاين.نت" على نسخة منه أن المنشور الصادر عن وزارة التربية والتدريب، الذي يدعو إدارات المعاهد والمدارس إلى "العمل بكل حزم وصرامة على تطبيق التدابير التي تمنع ارتداء الأزياء ذات الإيحاءات والدلالات الطائفية"، في إشارة إلى الحجاب، بأنه "منشور غير قانوني، وينتهك الحق في حرية اللباس والحق في التعليم".



يُذكر أن وزير الصحة حبيب مبارك قد أصدر منشورا جديدا في بداية شهر رمضان يدعو فيه المستشفيات وإدارات الصحة إلى منع الأطباء والممرضين والمرضى من الدخول في حالة وجود الحجاب أو اللحية.



وطلبت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيانها الموقع من قبل رئيسها مختار الطريفي، من السلطات التونسية إلغاء المنشورات الإدارية التي أصدرتها بهذا الخصوص؛ "لأنها تنتهك الحق في حرية اللباس، وتشكل تعديا خطيرا على الحياة الخاصة".



من جهة أخرى قال المجلس الوطني للحريات: إنه سجل منذ بداية السنة الدراسية الحالية حملة منظمة لانتهاك الحريات الفردية للمواطنات المحجبات. وقال المجلس في بيان وصل إلى "إسلام أون لاين.نت": "إن الحملة شملت المحجبات في الطريق العام ووسائل النقل العمومية ومؤسسات التعليم العالي والمحاكم والمستشفيات".



وفي تصريح "لإسلام أون لاين.نت" قال المحامي نجيب حسني الناطق الرسمي باسم مجلس الحريات": يجب إيقاف هذه الحملة اللامنطقية التي تحرم نساء تونس من حقوقهن في التعليم والعمل، وأضاف: "المجتمع المدني وقواه الصادقة لا يمكنهم السكوت على هذه الانتهاكات، وعلى تسخير أجهزة الدولة لمحاربة نساء محجبات بدون أي ذنب، سوى ممارسة قناعات شخصية مضمونة في الدستور والمواثيق الدولية".



نماذج لاضطهاد المحجبات



وفي تصريح "لإسلام أون لاين.نت" قالت أحلام الداني، 45 سنة، إنها تعرضت للاختطاف من قبل رجال أمن بالزي المدني، حيث أجبرت على الالتزام بنزع الحجاب داخل منطقة الأمن بباب سويقة وسط العاصمة التونسية، وعبرت عن استيائها الشديد من تدهور حقوق النساء بدون أي موجب ولا قانون.



أما الطالبة بسمة الغزي -23 سنة- فقالت "لإسلام أون لاين.نت": إنها أحيلت إلى مجلس التأديب بكلية العلوم، وإنها اضطرت لنزع حجابها مؤقتًا حتى لا تضحي بدراستها.



وأضافت الغزي: "أعتقد أن المنشورات الصادرة عن وزير التعليم العالي ضد المحجبات فيها ظلم كبير لم يحصل حتى في الدول الغربية، وهي ناتجة عن تحريض واضح وصريح من أطراف أصابها الفشل ولم يجدوا إلا المحجبات لمحاربتهن".



من المعروف أن القانون (تصحيح من "تونس نيوز: المنشور) رقم 108 الذي يتضمن حظر ارتداء الحجاب صدر في عهد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة عام 1981.



(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 11 نوفمبر 2003)
  #2  
قديم 14-11-2003, 04:54 AM
خبيب خبيب غير متصل
فلتسقط المؤامرة
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
المشاركات: 269
إفتراضي

اليك الجواب من مشايخ امثال الكاتب عباس رحيم ومن لف لفه. فاياك اياك ان ترفع راسك بحضور ولي الامر!!!

قال

عقوبة المثبط عن ولي الأمر و المثير

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم و بعد .

الموضوع : عقوبة المثبط عن ولي الأمر والمثير عليه

التثبيط عن ولي الأمر له صور عديدة ، بعضها أشد من بعض ، و كذا إثارة الرعية عليه .

فإذا دعا رجل إلى التثبيط أو الإثارة ، فإن لوليِّ الأمر إيقاع العقوبة المتلائمة مع جرمه ؛ من ضرب ، أو حبس ، أو نفي لأن التثبيط و الإثارة من أعظم مقدمات الخروج ، و الخروج من أشنع الجرائم و أبشعها ؛ فكان ما يفضي إليه كذلك .

قال الشوكاني رحمه الله في كتابه السيل الجرار 4 / 514 : في شرح قول صاحب الأزهار : ويؤدب من يثبط عنه أو ينفى ، و من عاداه فبقلبه مخطئ ، و بلسانه فاسق ، و بيده محارب ،

قال : و أما قوله : و يؤدب من يثبط عنه ؛ فالواجب دفعه عن هذا التثبيط ، فإن كفّ ، و إلا كان مستحقاً لتغليظ العقوبة ، و الحيلولة بينه و بين من صار يسعى لديه بالتثبيط ، بحبس أو غيره ؛ لأنه مرتكب لمحرم عظيم ، وساع في إثارة فتنة تراق بسببها الدماء ، و تهتك عندها الحرم ، و في هذا التثبيط نزعٌ ليده من طاعة الإمام . وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم ، إنه قال : (( من نزع يده من طاعة الإمام ، فإنه يجيء يوم القيامة و لا حجة له ، و من مات و هو مفارق للجماعة ؛ فإنه يموت موتة جاهلية )) . اهـ.


وقال ابن فرحون في كتابه تبصرة الحكام 1 / 227 : و من تكلم بكلمة لغير موجب في أمير من أمراء المسلمين ؛ لزمته القعوبة الشديدة ، و يسجن شهراً . و من خالف أميراً ، وقد كرر دعوته ؛ لزمته العقوبة الشديدة بقدر اجتهاد الإمام . اهـ.

و بهذا يعلم أن إثارة الرعية على الولاة ، و تأليب العامة عليهم ، داء عضال ، تجب المبادرة إلى كيه ، و ورم خبيث يتعين استئصاله ، لئلا يستفحل فيخرج خبثه ، فيستحكم البلية و تعظم الرزية ، و لا ينفع الندم عندئذٍ .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
  #3  
قديم 14-11-2003, 09:10 PM
{{ التاريخ }} {{ التاريخ }} غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
الإقامة: كل مكان وزمان
المشاركات: 188
إفتراضي



أما الخيار الثاني :


فهو الإتصال بالسفيه وسوف يرسل


لك بعض الإرهابيين ليفجّر المساكن


ويقتل الأطفال والنساء


وتنتهي معاناتهن من الحجاب




__________________



علمني وطني كل الأشياء علمني بأن حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء

  #4  
قديم 18-11-2003, 01:20 PM
حسام الدين حسام الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
المشاركات: 89
إفتراضي

البغــاء: قطاع هامشي، منظم ومُقنن

مؤسَّسـة "مـزوار"

تأليف: عبد الحميد الأركش

ترجمـة: محمد أسليــم
تقديـــم

يقف الفراغ الملاحَظ في الوثائق التاريخية وراء فكرة واسعة الانتشار، حتى وسط الرأي العالِم، تقول بأن تقنين الدعارة في تونس يعود إلى قيام الحماية الفرنسية بعد سنة 1881 أو يرتبط - على أبعد تقدير - بالتأثيرات الأوروبية في الوصاية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر. بيد أنه تبعا لاستقصاء أولي بات يتأكد أكثر فأكثر أن البغاء المتساهل بشأنه، بل وحتى المقنَّن، هو ظاهرة قديمة جدا وتعود في المغرب الحديث على الأقل إلى بداية الفترة العثمانية. ربما يجب توضيح أن الأمر هنا يتعلق بشكل مقنن من الدعارة ينظم في أحياء خاصة أو في بيوت لا يجب مع ذلك الخلط بينها وبين الدار المغلقة من النوع العصري والتي قامت داخل الوصاية مع الاستعمار.

كانت الدعارة السرية أو التلقائية وحتى المقنعة دائما موجودة بأشكال مختلفة في قاع الأوساط الحضرية كما في الحريم والإقامات الخصوصية للأرستقراطية الحضرية المعروفة بميولها الصريحة للحياة المَدَنية والفاسقـة.

تزخر فتاوي الونشريسي بمعلومات وقضايا غالبا ما تتعاطى فيها النساء للدعارة العلنية أو السرية[1]. كما تشهد رحلات الأوروبيين، والفرنسيين بالخصوص انطلاقا من القرن 18، بتقنين للبغاء الأنثوي بطريقة صريحة في أغلب الأحيان، وغير مباشرة ف يبعض الأحيان.

لقد تمَّ تسجيل الظاهرة في مدينة الجزائر منذ القرن 16، إذا وصلتنا شهادات عن كيفية تنظيم هذا النشاط واندماجه في قضايا الضرائب العثمانية. ففي كتاب أ. دشين حول البغاء في مدينة الجزائر المنشور سنة 1853، وصف المؤلف بتفصيل تنظيم هذه المهنة. وضمن فقرات عديدة مخصصة لهذا الوصف، نقرأ بالخصوص: «كان القاضي المسمى مزوار هو الذي يقوم بعملية التسجيل من خلال إثبات أسماء البنات العموميات وجنسيتهن. وكان دائما مغربي هو الذي يشغل هذا المنصب الذي وإن كان يذر على صاحبه أموالا طائلة، فإنه يعد من أبشع المهن، ذلك أن هذا المغربي نفسه كان يقوم أيضا بوظيفة الجلاد. ومن ثمة يشنق ويخنق أو يغرق المجرمين من الجنسين...»[2].

أن يقوم المسؤول العام للشرطة شخصيا بمراقبة هذا القطاع، فهذا يبدو أمرا عاديا بالنظر إلى كون الدعارة دخلت على الدوام في اختصاص شرطة الأخلاق. لكن ما يبدو لنا خاصّا ودالا معا في الوضعية التي نحن بصددها هو دمج وظيفتين: وظيفة «حامي» العاهرات، ووظيفة الجلاد الذي يمكنه، بالتالي، أن يشنقهن في أية لحظة بمنحهن الوضع الاعتباري «للزانيات». وإذا علمنا أن التمييز بين الوضعين الاعتباريين [العاهرة والزانية] في الفقه الشرعي غالبا ما يصعب تبينه بدقة، اتضح أن المجال كان مفسوحا لمزاولة كل أشكال الاعتباط والشطط.

كيف كان هذا الموظف السامي للدولة العثمانية يزاول مهمته؟ بحسب المصادر نفسها، كان يملك قائمة بأسماء النساء العموميات اللواتي كانت الجميلات منهن تدفعن له غرامة شهرية تصل إلى 11 فرنكا (ما يعادل 2 دورو إسبانيين في تلك المرحلة) فيما لا يتلقى من الأخريات سوى نصف هذا المبلغ.

لا تذكر المصادر، للأسف، معايير للجمال واضحة ودقيقة، وهو عنصر قد يكون نفيسا لدى محاولة إعادة تكوين، ولو جزئيا على الأقل، الأذواق الجمالية وملامحها في ذلك العصر. لكن تقاطع التقديرات والأحكام المختلفة بخصوص الجمال الأنثوي، المستمدة من مصادر أخرى، سيتيح لنا لا حقا أن نقف على هذا الجانب.

فيما يخص تونس، تعود بنا المصادر إلى الفترة الحفصية حيث كان المجتمع الحضري يعرف أشكالا خاصة من البغاء الأنثوي وحتى الذكوري متمثلا في المخنثين. كانت تونس العاصمة الحفصية معروفة في مجموع أنحاء الممكلة «كمركز كبير للفجور»[3].

لقد قبلت الدولة الحفصية أن تدمج في نظامها الضريبي المداخيل المتأتية من هذه الأوساط، وبالتالي وجود مثل تلك الأنشطة في الحاضرة.

من الصعب إعادة رسم صورة دقيقة جدا لتطور البغاء عبر مختلف العصور. لكن فحص مختلف المصادر يتيح لنا العثور على هذا النشاط بطريقة شبه متواصلة وبأشكال تنظيمية مَوروثة من الحقبة الحفصية. ويبقى أن هذه الأشكال ستدعى للتطور لاحقا في اتجاه بلورة أفضل وإدماج أفضل.

يثبت المؤرخ التونسي ابن أبي ضياف علاقة التنظيم في الفترة العثمانية. ففي معرض الحديث عن وظيفة مزوار وعلاقته بالبغاء، يَعودُ المؤلف إلى المذهب الحنفي الذي أدخله العثمانيون إلى إفريقيا الشمالية، وهو يعتبر أكثر ليونة من المذهب المالكي المنتشر في مجموع أنحاء المغرب العربي[4].

في الواقع، كان المذهب الحنفي أكثر تسامحا بكثير من المذهب المالكي بخصوص بعض الممارسات مثل «زواج المتعة» الذي لم يكن في الحقيقة سوى شكل مقنع من البغاء المتساهل معه في الوسط الإسلامي. في هذا الصدد، يمكننا تقديم فرضية أنه بنوع من المواربة لهذه الممارسة، الخاضعة مع ذلك القواعد والضوابط، كان البغاء يتمتع بحق الإقامة في مدينة إفريقيا الشمالية في ظل احتلال الأتراك الذين كانوا كلهم على المذهب الحنفي. سنجد إذن هذه الدعارة المقننة في القرن 17 في غمرة الفترة العثمانية.

في الكتاب الصادر حديثا لبول صباغ حول تونس في القرن 17، يذكر المؤلف أشكال التنظيم والتقنين التي تذكرنا بنظيرتها في مدينة الجزائر، ويمكننا أن نقرأ أن «... النساء العموميات كانت تخضع لمراقبة صارمة. كان ملازم أول بالشرطة يسمى مزوار يقوم بدور «بنات المتعة» اللواتي كنَّ يدفعن ضريبة على قدر جمالهن وسنهن، وكان يعاقب بشدة اللواتي كن يتاجرن بجمالهن دون الحصول على ترخيص بذلك»[5].

وبخصوص القرن 18، تسجل الظاهرة نفسها بنمط التنظيم نفسه، إذ نقرأ في مذكرات سان جرفي، بالخصوص، شهادات بليغة: «كل شيء منظم»، بما في ذلك متعة البنات العموميات. فهن لا يستطعن ممارسة البغاء إلا إذا سجلن أنفسهن لدى تركي يؤدي [بدوره] من هذه الـجباية الضريبية 4000 بياسترة للباي. وصاحب المكوس هذا يستخلص حقا من كل واحدة من هذه النساء ويصب جام غضبه، عن طريق السجن والعقاب، على اللواتي يباغثهن وهن يمارسن هذه المهنة الدنيئة بدون ترخيص»[6].

وبذلك لم يكن للمال رائحة» عند دولة الباشوات والبايات بتونس كما في الجزائر، وكانت الأهمية الضريبية للدولة كانت تبدو في مقام أسبق من تصور النظام والتوازن الأخلاقي الذي يدافع عنه علماء الحاضرة الإسلامية. لكن بتعميق التحليل سنرى أن معارضة الفقهاء هاته، كانت مجرد نسبية، بل وظاهرية لا غير، وأن تنظيم البغاء كان يساهم كذلك في الانشغالات الأمنية وفي نظام السلطة السياسية.

في مذكرات سان جرفي نفسها، وفي فصل يتحدث عن الطاعون الذي اجتاح تونس عام 1744، نقف على شهادة حية حول الدعارة الأنثوية، وردت في معرض الحديث عن القنصلية الفرنسية بالمدينة: «بعد مضي وقت قليل عن هذا الطاعون، جرَّ طيشُ بضعة شباب فرنسيين متاعبَ على حياة جميع مواطنيهم؛ إذ عاد هؤلاء الشباب المتهورون ليلا إلى الفندق مرفوقين بعاهرات مُسلمات، فكان هذا وحده كافيا لتأليب قسم من السكان عليهم. هجمت على أبواب الفندق عصابة من المتزمتين الذين اقتحموه بقوة، واقترفوا فيه كل أشكال الشطط والتعدي. ولتهديء سعارهم، فقد تطلب الأمر رشهم بأيادي مملوءة بالذهب»[7]. بعيدا عن المبالغة التي تنطوي عليها هذه الشهادة، فإنها تطرح بشكل غير مباشر مشكلة الوضع الاعتباري للعاهرة المسلمة وتصورها من قبل الجماعة.

بما أنها مقصاة ولم يعد لها أي ارتباطات معلنة، فإنها لا تعود تلطخ الشرف إطلاقا ولا تلحق مَسّا بالهوية الأخلاقية للجماعة التي تنحدر منها. والوضع الاعتباري للعاهرة نفسه يضعها على هذا الصعيد في موقع من الحياد. فهي تحديدا المرأة التي تمنح نفسها عموميا لأجل النقود دون أن تختار الشريك الذي لا يكون عادة سوى زبون عابر بين آخرين عديدين. لكن ما يلاحظ في هذا السياق الخاص أن الأمـرَ كان بخلاف ذلك. فالعاهرة المسلمة كانت المجال المحفوظ للمسلمين وحدهم، وبذلك كان يمنع عليها منعا قاطعا كل اتصال مع مسيحيين أو يهود، وإلا فإنها تتلقى عقوبات شديدة.

لذا كانت العاهرة تكف في بعض الأحيان عن أن تكون مُدرَكة باعتبارها موضوع لذة محايد لا هوية له، وكان «يعاد إدماجها» في الجماعة على نحو ما يتم مع كل عنصر محدَّد الهوية. وهذا يطرح مشكلة تمثل العاهرة وصورتها في الذهنية الجماعية المسلمة. نظرا لضرورة حمايتها من مراودات المسيحيين ورغباتهم، فإنها كانت تشارك بصفتها امرأة في الحفاظ على شرف الجماعة أو تهديده تماما كما تشارك كل امرأة في شرف العائلة. ومن ثمة، فإنه لم يكن يُنظر للعاهرة باعتبارها بغية، أي موضوعا للاحتقار والشفقة، إلا داخل الجماعة.

رجوعا إلى تنظيم الدعارة وتقنينها، نسجل وفرة الشهادات الخاصة بأشكال الرقابة التي كانت تقيمها الدولة.

تتفق أغلب المصادر على حضور مزوار في جميع المستويات، وبذلك يخامرنا الانطباع بأننا أمام قطاع تحتكره الدولة التي تحدِّد أسعار البنات وتقسيمهن وتصنيفهن بكل أشكال الشطط والتجاوزات التي يمكن أن نتخيلها.

نقرأ على الخصوص «أنه كان يُرخَّصُ له عددا من المرات في السنة بتنظيم نوع من الاستعراء الكرنفالي لتلك النساء في حفلات رقص عمومية، كان يستأثر منها بجميع الأرباح»[8]. وتذكرنا هذه الحفلات الراقصة العمومية ذات الطبيعة الدنيوية ببعض الاحتفالات الشعبية القديمة قليلة الشيوع في التقاليد الإسلامية المعروفة، وتدعونا إلى التفكير في أصلها وعلاقتها بعالم الهامشية والبغاء.

في كتاب المؤنـس يصف ابن أبي دينار، وهو مؤرخ تونسي شهير عاش في القرن 17، حفلا ربيعيا ينظم مرة واحدة في كل عام، ابتداء من فاتح ماي، في ساحة عمومية تسمى ساحة الوردة، وتقع على مقربة من أحد الأبواب الأساسية للمدينة: هو باب الخضراء. يتحدث المؤلف عن هذه العادة باحتقار واندهاش في آن واحد، إذ يقول ما مضمونه[9]: «بعد عام 1050 هـ.، عرفتُ إحدى ساحاتهم تقع بجانب باب الخضراء، ويسمونها "الوردة". وهي نقطة التقاء أهل الانحراف والفجور والبطالة. كان شعارهم هو الملاهي الدنيئة؛ نجد فيها المغنون، والراقصون والمشعوذون، وتباع فيها الفاكهة الجافة والحلويات. بعد صلاة عصر من كل يوم، يهجم أهل الفجور على الساحة حيث ينظمون فرجات أكثر بهجة من فرجات أيام العيد، وذلك على طوال 15 يوما كل عام. وقد انتقلت هذه العادة جيلا عن جيل إلى نظام الأستا مراد الذي منعها؛ لكن ما مضى وقت طويل حتى ظهرت من جديد ليمنعها الداي أحمد خوجة منعا نهائيا...»[10].
  #5  
قديم 18-11-2003, 01:25 PM
حسام الدين حسام الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
المشاركات: 89
إفتراضي

أولُ مَا يلفت انتباهنا في هذا الحفل هو علاقته بفصل الربيع، بفصل الخصوبة؛ ثم التعابير التي يستعملها المؤلف لنعت السلوك السائد في الحفل: «الفجور»، «الشعوذة»، و«البطالة». وهذا يشكل في ذاته مؤشرا يكشف عن وسط يذكرنا بعالم البغاء. ونمط تسمية الأمكنة هو الآخر له دلالته: ساحة الوردة على مقربة من «الباب الخضراء»؛ الوردة رمزُُ لجمال الطبيعة، لكنها أيضا رمز لجمال المرأة؛ الخضرة رمز لخصوبة الطبيعة، لكنها كذلك رمز للمرأة المومس التي لازالت تنعت في التقليد الشفوي بلقب «امرأة خضراء». أما موقف السلطة الذي تأرجح في هذا الصَّدد من التسامح إلى المنع، فيذكرنا بسياستها المتناقضة تجاه البغاء.

تتيح هذه المؤشرات مجتمعة تقديم فرضية تأويلية، وهي أننا فعلا إزاء مهرجان يتردد عليه أهل البغاء والفجور، حيث يعرون في احتفال راقص «بنات المتعة» في ساحات عمومية. تثير هذه الساحات بأسمائها الجمالَ والأنوثة والخصوبة، ومن ثمة لا يستبعد أن يكون مزوار يتمتع برخصة «تنمية» تجارته في هذا النوع من الاحتفالات.

هناك ملاحظة أخيرة تفرض نفسها بخصوص أصل هذا الحفل، وهو مصدر يجهله المؤلف. يؤكد كل من إلحاحه على قِدَمِه والمعلومات النادرة التي يذكرها، كارتباطه في متخيل ذلك العصر بفراعنة مصر القديمة، يؤكد فكرة أننا إزاء رواسب ثقافية لحضارات متوسطية تهيمن عليها سمة إغريقية أو مصرية[11].

رجُوعا إلى الأشكال الخاصة للتنظيم، تفيدنا بعض الإشارات المستمدة من مصادر أخرى، في آن واحد، حول أنمَاط التنظيم والطرق البوليسية المستعملة كما تطرح في الآن نفسه قضية تجاوزات الموظفين. أولا، كان المزوار مُلزما يشتري امتيازاته بتقديم ضريبة سنوية للدولة التي كان يضع في صناديقها مبلغا تعرض قدره للاختلاف نظرا لتبعيته لعدد البنات الخاضعات لهذه الضريبة. نحن هنا إزاء إواليات الاشتغال نفسها السائدة في مختلف الجبايات الضريبية أو اللزمة، وهي مميزات للنظام الجبائي الذي اقامه العثمانيون في الوصاية إبان العصر الحديث. ثم يُسجل أن لِزمات شبيهة كانت مفروضة على أنشطة أخرى ممنوعة نظريا في مجتمع إسلامي؛ مثل صناعة الخمر والكحول وتوزيعهما[12].

لقد فضلت الدولة مراقبة هذه القطاعات وتنظيمها للاستفادة منها ماديا وسياسيا بدل قمعها طبقا لرغبات وأماني رجال الدين.

وعلى هذا النحو دفعت الدولة الضريبية منطقها هذا، وهو منطق الابتزاز الضريبي، إلى حدّ انتهى بإقامة نوع من «قِـوَادَة» الدولة.

لكن المشكل الذي نود الإلحاح عليه، في علاقته بالتنظيم المفروض على وسط البغاء، هو مسألة تجاوز الموظفين المكلفين بمراقبة هذه المهنة. فهذه التجاوزات لم تكن شائعة فحسب، بل وكانت تشكل مكونا أساسيا لصلاحيات المراقبة نفسها واختصاصاتها على نحو ما كانت تمارَس.

كانت الجباية الضريبية، بحكم التصور المقام عنها، تتحول في اشتغالها - وفي استقلال عن شخصبة جامع هذه الضريبة أو الملزم - إلى عامل لتوسيع عالم البغاء. ففي المصادر التي سبق أن أحلنا إليها، نقرأ التأكيدات التالية بالخصوص: «بما أن ثمن الجباية الضريبية يظل ثابتا وضريبة الدولة المستحقَّة تتزايد بتزايد عدد الملزَمات، فإنه كان في مصلحة مزوارا أن تتزايد أعدادهن، ونتيجة لذلك فإنه كان يبحث ويدفع عناصره للبحث في أوساط النساء عن المشتبه في سلوكهن مع كونهن معروفات بالاستقامة، ليقدم الحجة أمام ''القاضي'' على أنهن - أرامل كن أو مطلقات أو متزوجات - قد اقترفن أخطاء، أنهن بمثابة عاهرات، ومن ثمة يسجلهن ويلزمهن بأداء الضريبة»[13].

أكثر من كونها تجاوزات، تكشف أشكال الشطط المذكورة أعلاه عما هو أساسي في النظام الضريبي الذي لا يمكن أن يتحدَّد في سياق ذلك العصر إلا بـأشكال شطط تدعو إلى تعسفات أخرى.

كان تثقيل الضرائب أحد ثوابت السياسية الضريبية لكل دولة جبائـية. لذلك، عندما كان مزوار يوسع دائرة المومسات بطريقة قانونية أو غير مشروعة، فإنه لم يكن يفعل سوى التطابق مع منطق متماسك في إطار ذلك النظام.

في عمل توسيع عالم البغاء لغايات ضريبية، كانت السلطة السياسية ممثلة هنا في المزوار تضع في خدمة هذا الأخير جميع المؤسسات بما في ذلك الشرع. ذلك أن القاضي الشرعي لم يكن بإمكانه في هذه الأوضاع سوى الامتثال للإرادة السياسية.

هكذا، وبشكل مفارق، تحوَّلَ الشأن الديني إلى مجرد غطاء ليس لتبرير هذا الشطط أو التجاوز، ولكن بالتأكيد لتشجيع، بل وحتى لشرعنة البغاء ولو بشكل غير مباشر.

تقدم لنا تفاصيل حول الطرق البوليسية التي يستخدمها مزوار للوصول إلى أغراضه. فمؤلف «البغاء في مدينة الجزائر» يمدنا بشهادات إضافية: «كانت له القدرة على التسرب إلى داخل المنازل نفسها. وللوصول إلى ذلك، فإنه كان يملك عددا من العناصر المشغولة دائما باكتشاف كل المغامرات الغرامية... كان مزوار ينقض على المرأة كأنه يستحوذ على بضاعة تجارية محظورة. ولتجنب المرأة التسجيل، فإنها كانت تضطر لتقديم مبلغ مالي ضخم...»[14].

وإذن فإلى مزوار كان يتجه المرء عندما يريد مرافقة فتاة عمومية، وكان مزوار نفسه هو الذي يحدد الثمن الواجب أداؤه مقابل قضاء يوم واحد أو عدة أيام مع البغية، تبعا لجمالها. بحوزتنا كذلك تأكيد بليغ حول شيوع التجاوزات، يتمثل في حذف باي تونس هذه المهنة سنة 1836. فقد اشتهر مزوار كثيرا بالفساد والتغرير بالقاصرات[15].

وإذن لا شك في أن الدعارة لم تكن ظاهرة واقعية في كبريات مدن إفريقيا الشمالية ما قبل الاستعمارية فحسب، بل وكانت كذلك قطاعا منظما يخضع لتقنين اجتماعي وضريبي صارم يناظر مثيله في الحرف الأخرى.

وبذلك فلدراسة البغاء أبعادها ودلالاتها المتعددة. فالدعارة في ذاتها توضح تطورَ الآداب والممارسات الجنسية، من جهة، وتتيح متابعة وتوضيح ظواهر أخرى من الحياة الاجتماعية مثل ظواهر الهجرة وتأثيرها في الوسط الحضري للحقبة، من جهة ثانية.


&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
  #6  
قديم 18-11-2003, 02:28 PM
حسام الدين حسام الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
المشاركات: 89
إفتراضي

تمزيق المصاحف ومنع الصوم والصلاة
نماذج واقعية من الاضطهاد الديني في السجون التونسية

بقلم عبد الله الزواري

ينص الإعلان العالمي لحقو الإنسان في المادة 18 على ضمان حرية المعتقد والتّعبد والتفكير والعاطفة. وينص دستور الجمهورية التونسية في الفصل الخامس على أن "الجمهورية التونسية تضمن حرّية الفرد، وحرّية المعتقد. وتحمي حرية القيام بالشعائر الدينية، ما لم تخل بالأمن العام". وينص الأمر عدد 1876 لسنة 1988 المؤرخ بـ 4-11-1988 الفصل "لا يمنع السجين من أداء شعائره الدينيةأما القانون عدد 52 لسنة 2001 المؤرخ بـ 14 ماي 2001، فلم يتعرّض إطلاقا لمسألة أداء الشعائر الدينية، خلافا للأمر عدد 1876 السّابق ذكره، الذيّ تعرّض لها بصيغة عامّة في الفصل 64، وخصّ ذوي الديانات الأخرى غير الإسلام بالذكر في الفصل: "شعائر الدين ومظاهره في جميل أن ترفع مؤسسة من المؤسسات شعار الإصلاح... وأجمل من ذلك أن تسهر على وضع الخطط والبرامج الكفيلة بتحقيق ذلك الإصلاح المنشود... لكن القبح كلّه، والبشاعة كلّها، تلك الازدواجية المقيتة بين رفع شعار ما، والإصرار على سلوك طريق لا يمكن أن يؤدّي أبدا إلاّ إلى نقيضه، وكلّ ذلك عن تفكير وروية وتشاور وإمعان نظر... فهل إنّ ما يعتبره البعض إصلاحا يمكن أن يكون فسادا عند آخرين؟.. ألا يمكن أن يكون ذلك طورا من الأطوار، التّي تمرّ بها الأمّة في التّساؤل المأثور "كيف أنتم إذا أصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا؟ "ونحن إذ نخص بالذكر هذه المرّةالدّين ومظاهره، وكيف تم التّعامل معها في العشرية المنصرمة، فإنّنا لا ندّعي تقصّي كلّ أوجه التّعامل، أو كلّ الأحداث، بل نكتفي بما عاينّاه مباشرة، أو ما بلغنا ونحن على يقين من وقوعه، مجانبين في كلّ ذلك كلّ تهويل ومبالغة، مقتصرين في ذكر الأسماء على الأحرف الأولى، ولن نتردّد في ذكر الأسماء كاملة عند الإقتضاء... ويتساءل المرء بما يمكن أن يخرج المتأمّل في التّعامل مع شعائر الدّين ومظاهره. ما أثر تلك العهود والمواثيق الدولية، بل ما أثر الدستور وجملة القوانين في الواقع؟ أين نحن من تلك الشعارات الجميلة، التّي تتغنّي باحترام حقوق الإنسان؟. أين نحن من تلك الأصوات، التّي تتباهى بمناسبة وبغير مناسبة بالتوقيع على الاتّفاقيات الدولية بدون تحفّظ؟ ما حقيقة إعادة الاعتبار للدّين الإسلامي الفضاء السجني؟. وكيف نحمي الدّين الإسلامي؟ وممن نحميه؟ من المُفْرطين أم من المفرِّطين؟ من الذين يقيمون الشعائر؟ أم من الذّين يتصدّون لها ويعطّلونها؟.. أسئلة كثيرة تطرح. ولنعد إلى التّعامل مع شعائر الذّين ومظاهره ومختلف المراحل التّي تدرّج فيها. العلى قدر أهمّية هذه الفريضة في الإسلام، على قدر الاضطهاد والعذاب، الذّي سلّط على سجناء الرّأي، خصوصا بسببها. فقد عمّم منع إقامة الصّلاة جماعة في كافة السّجون، قبل صدور الأحكام في المحكمتين العسكريتين(القضيتين 76110 و76111) في أواخر أوت (آب) 1992. وكان تنفيذ هذا ال راء يتّسم بالصرامة البالغة.. ولا مجال هنا للحديث عن صلاة الجمعة، فهذه الفريضة، وإن أقيمت في فترة من الفترات في بعض السجون، فإنّها لا تعدو أن تكون حالة شاذة لا غير... علما بأنّ كلّ الإجراءات والمضايقات، إن لم نقل كلّها، كانت تنطلق من السجن المدني بتونس العاصمة (المعروف بالحبس الجديد أو حبس 9 أبريل)، ومنه تنتشر في بقية السّجون. وكان ذلك في عهد الرائد السيد أ. ح، بمساعدة أهم أعضائه، بل أبنائه، كما يسمّيهم عامّة المساجين وهم ب. ك – ع.ع – ف.ر... منعت صلاة الجماعة منعا باتّا، وأقيمت الصّلاة أفذاذا. لكن المقاومة والتّصدّي لتنفيذ هذه الإجراءات جعلت الإدارة تتراجع لتقنع بإقامة الصّلاة مثنى مثنى... ولا شكّ أنّ كثافة عدد سجناء الرأي بسجن العاصمة، كانت وراء قبول الإدارة بإقامة الصّلاة أزواجا.. وفي سجون أخرى كانت الصّلاة تقام أفذاذا في غرف، وتقام أزواجا في غرف أخرى، وذلك بقدر إصرار السجناء على التّمسك بالصّلاة أزواجا، وتصدّيهم للترتيبات، التّي تريد الإدارة فرضها. ومثال ذلك سجن برج الرّومي في عهد السيد ب. ك (سنة 1993 وما بعدها)، الذّي سمح لمساعديه بالتّفنن في اختلاق التراتيب الغريبة المنظمة لإقامة الصّلاة، من ذلك منع إقامة زوجين صلاة في نفس الوقت، بحيث إذا صلّى الزوج الأول صلاة المغرب إثر الأذان، فإنّ الزوج الأخير يؤدّي نفس الصّلاة قرب آذان العشاء. وكان ذلك سنة 1994 (غرفة 5-6-7-8 أو جناح ب حاليا). أمّا في الغرف والأجنحة، التّي منعت فيها الصّلاة أزواجا، فالويل كلّ الويل لمن يوافق ركوعه أو سجوده.. ركوع مصلّ آخر أو سجوده (غرف 1-2-3 التّي كان يشرف عليها السيد ب. د)، لأنّ ذلك يعتبر صلاة جماعة. ومن تجرّأ وسمحت له نفسه بذلك يكون جزاؤه العذاب الأليم في الجناح الأليم في الجناح المضيّقف. ق)، ومكثه به في غرفة انفرادية مدّة 10 أيام، مع فقده آليا فراشه (سريره)، ليعود من جديد إلى النوم على الاسمنت (أو ما يعرف بلغة السّجن الكدسلمدّة أشهر تطول أو تقصر، حسب واقع الاكتظاظ، وعدد النائمين في الكدس السابقين له. ومن المناسب هنا ذكر الجناح المضيق بأبرز خواصّه، فهو مجموعة من الغرف الانفرادية الضيّقة، وإن كان البعض منها فيه دورة مياه ومياه صالحة للشرب... فإنّ الجناح المضيق في كلّ من سجن برج الرّومي والمهدية وقابس وبنزرت المدينة وصفاقس، تفتقر إلى المرافق الأساسية (دورة مي ه، ماء)، رغم اشتراط القانون توفرها في هذه الغرف (كما كان يشترطها أمر 1876)... وقد تكون إقامة الصّلاة مثنى مثنى مسموحا بها في عهد مدير معين، يأتي مدير آخر فيمنعها، وهو ما فعله الملازم الأوّل آنذاك (ع. ع) في سجن برج الرّومي، حيث عمد إلى منع الصّلاة أزواجا سنة 1999. وكان مسموحا بها قبل ذلك، وقد كيد لسجين الرأي (م. ج) بأداء الصّلاة جماعة (أي مثنى)، فجلب إلى السّجن الضيق، وبعد الوليمة (وليمة القدوم عبارة عن حصة تعنيف مغلّظ، يشرف عليها السيد المدير في أغلب الأحوال، وقليلا ما يترك هذا الامتياز لأحد مساعديه)، أدخل السجين إلى غرفة ضيّقة تفتقر إلى دورة مياه، وإلى الماء، حيث مكث فيها ما يقارب العشرين يوما (وهو ضعف العقوبة القانونية). وأخرج من سجن العقاب يوم زيارة عائلته له. وسألته أمّه العجوز عن سبب عدم تمكينه من مقابلتها في الأسبوعين الماضيين فأجاب بكلّ تلقائية بأنّه كان معاقبا لإدانتهم بإقامة الصّلاة جماعة... فقطع الحارس الذّي يراقب الزيارة، ويستمع إلى الحوار المقابلة، وأعلم السيد المدير في الحين بالحوار الذّي دار بين السّجين وأمّه، فأصدر أوامره بإعادة السّجين إلى الجناح المضيق (السيلون). وهناك أعيد تعنيفه من جديد، والمدير يصرخ "المرّة القادمة اشكي بيّ للّي خلقك". كما عوقب السّجين (م. ع) بالبقاء ما يقارب الشهر في السجن المضيق، من أجل نفس السبب. وكانت أمراضه المزمنة والعديدة (القرح – السكري...) شفيعا له دون الوليمةوقد بلغت الفتنة أوجها عندما بادر أحد مديري السجون وهو السيد (ر. ع) بإصدار تعليمات تقضي بمنع إقامة صلاة الصبح قبل التعداد الصباحي للمساجين... ويعني ذلك في الواقع منع إقامة صلاة الصبح قبل الساعة الثامنة والنصف صباحا. وكان ذلك في الثلاثية الأخيرة من سنة 1995. وانتاب سجناء الرّأي شعور بأنّ الدّين في ذاته أصبح مستهدفا، ولم يعد الأمر مجرّد مضايقات واستفزازات يسلطها خصم سياسي على غريمه، مستغلاّ نفوذه وما يتمتّع به من سلطة... وأصرّ سجناء الرّأي على تأدية الصّلاة في وقتها، وأصرّ السيد المدير على تنفيذ تعليماته. وأصبحت حصّة العمل الإداري الصباحي حصّة تأديب وتعنيف، حيث يقع تجميع السجناء في فسحة الجناح المضيق، وأحيانا أمامه، ويزوّد الأعوان بالهراوات الغليظة، وتتواجه الفئتان لمدد زمنية تطول أو تقصر، حسب رغبة السيد المدير، فئة مجرّدة من كلّ شيء ما عدا إيمانها بعدالة قضيتها وصبرها ومصابرتها، في زمن عزّ فيه النّصير... وفئة أخرى مدجّجة بأنواع من الأسلحة: الهروات الغليظة، والتعتيم الإعلامي البغيض، والتواطئ السياسي المقيت، وابتسامات السيد المدير المعبّر ة عن رضاه وتشجيعه... وتبدأ الجولة بالتّضرع إلى اللّه والتكبير ولفحات الهروات ولسعاتها والرّكلات والصفع والشتم والسّب... لتنتهي بعد "حين من الدهر" بالأنين والحمد... وينتهي دور مجموعة ليبدأ دور مجموعة أخرى... وتتالى الأيّام ثقيلة، ثقيلة... وأصبحت حصص التّأديب و"الإصلاح" الصباحية النقطة الأولى في جدول الأعمال اليومي للإدارة. وأمام مصابرة السّجناء رأى السيد المدير "معاقبتهم" بنقلهم على سجون أخرى، ليتخلّص من هذه الورطة، وانطفأت فتنة أداء صلاة الصبح إلى حين، فقد وقع تأجيلها إلى حين استجماع القوّة المثالية لفرضها من جديد... تجنّبا لانفراد سجن واحد بهذه التقليعة، وهو ما وقع لسجن قابس في خريف 1995 وكانت بداية صائفة 1996 موعدا لاشتعال الفتنة من جديد، لكن هذه المرّة في سجون عديدة، مثل قابس، وجندوبة، وبنزرت المدينة، وبرج الرّومي... وما كان في الخريف الماضي بادرة فردية أصبح في صائفة 1996 سياسة عامّة... وذاق المؤمنون الأمرّين، وتنوّعت أساليب التّصدّي، من شدخ الرّؤوس، إلى إضرابات الجوع (الرومي، مدينة بنزرت) إلى شرب مواد التّنظيف (معجون الأسنان، معجون حلاقة، شمبوان ومسحوق الغسيل مثل أومو...)، مع الإصرار على إقامة الصّلاة في وقتها. وكما فوجئت الإدارة باتّساع مساحة التّصدّي، فوجئت كذلك بشكل التّصدّي الأخير (شرب مواد التّنظيف)، الذي لم يكن رائجا بين سجناء الحق العام، خاصّة وقد كان يمارس جماعيا، ممّا يضطرّ الإدارة إلى نقل السجناء، الذين عمدوا إليه إلى المستشفيات لإجراء عملية التّنظيف للمعدة... واضطرّت الإدارة إلى الإنصات إلى صوت العقل، ونداء الحكمة، وخفت لهيب هذه الفتنة أيضا بعد حين. وأذكر هنا من بين الذين وقعت نقلتهم (ت. ث) و(م. ح). كما أذكر من بين الذّين اضطرّوا إلى شرب مواد التّنظيف كلاّ من (ر. ن) و(ت. ص). وكانا يقطنان غرفة بسجن جندوبة: وفي إحدى عيدي سنة 1996 أدّى بعض سجناء الرأي صلاة العيد في جناح "ج" بسجن تونس، وبلغ الأمر إلى الإدارة، التّي سلطت عليهم عقوبة تستحق الذكر، مع أنّها عاقبت بها كثيرا من سجناء الرأي، لعلّ من أبرزهم الدكتور منصف بن سالم، وتتمثّل في إيوائهم بالتداول ولمدّة 15 يوما في غرفة الشواذ... ومن الذين سلطت عليهم هذه العقوبة أذكر السجين (ع. م). أمّا الدّعوة إلى الصّلاة فجريمة لا تغتفر، يستحق القائم بها أفظع العقوبات وأقساها... وأذكر هنا أنّه في صائفة 1993، وفي إطار سياسة طبّقتها الإدارة لسنوات طوال، أراد بعض المسؤولين مضايقة سجين الرأي (ص. ش) و(ش. ب) فآوت معهما ثلاثا من مساجين الحق العام. وهم (س. ولد العيارية) و(م. س) و... لكن هؤلاء وجدوا من الرحمة والتّفهم وحسن المعاملة ولين العريكة لدى الأخوين المذكورين ما جعلهم يقرّرون إقامة الصّلاة والاستقامة. ونظرا لكونهم موجودين في السّجن المضيّق، ولا يوجد معهم من يشي بهم إلى الإدارة، فإنّهم كانوا يقيمون الصّلاة جماعة (خاصّة الصلوات التّي تقام خارج الوقت الإداري). وفي ليلة من ليالي شهر أوت (آب) 1993، وإثر آذان المغرب مباشرة، وأثناء تأديتهم للصلاة جماعة، أطلع عليهم الملازمان (ن. ع) و(ف. م) من كوّة المراقبة فوجداهم متلبّسين "بالجريمة". ثمّ فتحا الباب وأخرجا السجناء ليتحصّلوا منهم إقرارا بأنّهم أدّوا الصّلاة جماعة، وهو ما كان، فوقع مباشرة هم في غرفة المعاقبين بعد نزع ثيابهم الشخصية، ووضعهم في السّجن المضيق لمدّة 10 أيّام. وقد تولّى تسليط العقوبة المذكورة كلّ من (ف.م) و(ن.ع)... واحتجاجا على ذلك شنّ (ص. ش) إضرابا عن الطّعام نقل بسببه إلى المصحة ولذلك كانت الاستجابة لإقامة الصّلاة تمثل شجاعة نادرة، قلّما يقدّم عليها السّجين، ممّا اضطرّ الكثيرين من الذّين اقتنعوا بضرورة إقامتها إلى التّقية...
  #7  
قديم 18-11-2003, 02:34 PM
حسام الدين حسام الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
المشاركات: 89
إفتراضي

واذكر هنا الشاب (ن. ص) أصيل الجنوب الغربي، و(ن. غ)، أصيل الشمال، اللّذان بقيا أشهرا عديدة وهما يقيمان الصّلاة وهما مضطجعان على فراشيهما متظاهرين بالنّوم، وكان ذلك في سجن الهوارب عام 1995. ولا يفوتنا هنا أن نذكر منع الإدارة للاغتسال في الغرف... لكن ما حيلة ذلك الشاب الذّي أصبح جنبا؟ هل ينتظر دورة الاستحمام العام، التّي قد تأتي بعد أسبوع أو أسبوعين، وقد لا تأتي إلاّ بعد عدّة أسابيع... كان الاغتسال في الغرف ممنوعا منعا باتا في سجون عديدة مثل سجن تونس وبرج الرومي والمهدية... وكان الوشاة والمخبرون الذّين يقدّمون "خدماتهم" من أجل شطر رغيف زائد يُلطّف به عضّة الجوع، أو حبّة أسبرين لتسكين ألم ضرس... أو من أجل ابتسامة يحظى بها من المسؤول عن الجناح، أو أحد أعوانه... كان هؤلاء الوشاة لا حصر لهم... فهم في كلّ مكان يراقبون، ويحصون الأنفاس، وينتظرون أيّ شيء يمكّنهم من تحقيق "طموحاتهم"... لذلك ترى السّجين الذي يعتزم الاغتسال يتستّر ويتلطّف كي لا يشعر أحد بما يزمع القيام به... فتراه يختار الوقت المناسب مثل بث مقابلة رياضية، أو حلقة من مسلسل تلفزي، ينشغل عموم المساجين بمتابعته... ثمّ يخفي المنشفة تحت ثيابه، ويتسلل إلى دورة المياه... ثمّ ينزع ثيابه ويضعها في سلّة، محجوبة عن الأنظار، ويتظاهر بقضاء حاجته البشرية... ويسكب الماء على جسده من قارورة أعدّها للغرض، تجنّبا لإحداث أيّ صوت يمكن أن يشي به (سيلان الماء)، ويؤجّل غسل شعر رأسه لكي لا يقبض عليه متلبسا بجريمة الاغتسال، أليس في بلل الشعر دليل قاطع على التّورط... وبعد عملية تمويه تطول أو تقصر يتمّ غسل رأسه، مشعرا من حوله بأنّه يريد التّخلص من القشرة... وكلّ هذه الاحتياطات قد لا تؤدّي إلى تجنيبه "وليمة" في السجن المضيق، ثمّ 10 أيام في غرفة انفرادية، في ظروف تبرأ التعاسة منها... لا تزال صلاة الجماعة تثير بعض المسؤولين، الذّين ما فتئوا يتصدّون لها. واذكر هنا السيد (ع. س)، الذّي منع صلاة الجماعة في جناح "ج" بالسجن المدني بتونس في خريف 2001، والسجين (أ. ع) ذاق الأمرّين من تعليمات المسؤول المذكور واستفزازاتهأمّا سجناء الحق العام الذين يريدون أداء صلاتهم في السّجن المضيق، عند تسليط هذه العقوبة عليهم، فإنّهم قد يؤمرون بعدم أداء الصلاة تماما، كما وقع للسجين (س. س) في سجن برج الرومي ربيع العام 1999 في عهد السيد (ع. ع). [انظر ملحق عدد 1 بصفحة 6 ي]. الصوم نلاحظ بدءا أنّ عدد سجناء الحق العام، الذين يؤدّون هذه الفريضة قليل جدّا. ويزداد هذا العدد تقلّصا مع تقدّم الشهر... ومن أبرز ما يحضرني في مسألة الصيام ما أقدم عليه السيد مدير سجن المهدية الملازم (س. ع) سنة 1997. ففي أوّل يوم من شهر رمضان عمد المدير المذكور إلى بث شريط سنمائي إباحي وخليع جدّا في منتصف النّهار، عبر شبكة الفيديو. كما أعاد الكرّة من الغدّ، مما أحدث استفزازا لدى عموم المساجين. وقد شعرت الإدارة بذلك عن طريق مخبريها وعيونها وتوقّف الأمر عند ذلك... ومن أبرز ما يتحجّج به المساجين المفطرون انعدام الأكلة المناسبة، وهم محقون في ذلك. وشعورا من الإدارة بوجاهة ذلك سمحت بدخول القفاف (قفة المؤونة إلى المساجين في كلّ أيّام الأسبوع طيلة شهر رمضان، بخلاف غيره من الشهور، حيث يسمح بدخول القفاف في ثلاث أيّام فقط من الأسبوع. ورغم أنّ الإدارة العامّة للسجون والإصلاح خصّصت للمساجين ما يفي بتوزيع نصف لتر من الحليب وشيئا من المسفوف في 5 أيّام من الأسبوع، على أن يقع توزيع شيء من المسفوف مع الزيت والسكر في اليومين الباقيين، فإنّ القلّة القليلة من المديرين من يحترم ذلك... وفي حديث لي مع الوكيل (ع. ت) عام 1999 عن الأكلة واحتجاجي على عدم توزيع السجور لمدّة طويلة، أجاب المسؤول بكلّ وقاحة أنّ عدد الصائمين لا يتجاوز سجناء الصبغة الخاصّة (أي سجناء الرأي)، وقليل جدّا من سجناء الحق العام، لذلك فإنّ الإدارة تفكّر في الكفّ عن توزيع السحور... >* تلاوة القرآن الكريم في بداية رحلة العذاب (1990-1991) كان من المسموح به جلب كتب التّفسير، وكتب السيرة، والفقه وأصوله، وكتب اللّغات. ثمّ بدأت الانتكاسة بعد صدور الأحكام في المحكمتين العسكريتين: ثم منع جلب الكتب، وفي مرحلة موالية سحبت الكتب التّي سبق أن جلبها أصحابها، وحجزت في حملات تفتيش، نظّمت للغرض، ولم تكتف الإدارة بذلك، بل عمدت إلى حجز المصاحف، التّي تضمّ بين دفتيها زيادة عن سور القرآن الكريم شرحا للألفاظ، أو أسباب النّزول (مثل تفسير الجلالين، أو شرح ألفاظ القرآن الكريم لمخلوف...). ثمّ تلت مرحلة أخرى، عمدت فيها الإدارة إلى حجز المصاحف، التّي تحتوي على دعاء ختم القرآن الكريم (نعم هكذا)، فترى كثير من السّجناء الذي بلغهم هذا الإجراء يعمدون إلى تقطيع تلك الصفحات، سعيا منهم للاحتفاظ بالمصحف. واذكر هنا حالة السّجين (ش. م) بالسجن المدني بتونس، ولا يزال المتصفح للمصاحف يجد الكثير منها قد نزعت منها تلك الصفحات... وفي مرحلة أخرى عمد الملازم أول (ع. ع)، مدير سجن صفاقس، إلى منع المصاحف تماما، ومصادرتها، كما فعل ذلك (ش. ب) في سجن مدينة بنزرت (سنوات 1994-1995...). ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحدّ في سجن صفاقس... كان حفظ القرآن الكريم الشغل الشاغل لكثير من سجناء الرأي، وقد حرموا من الكتب الفكرية، ووسائل التثقيف المختلفة، ومن مواصلة دراستهم، بل حتّى من وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية...; فترى هؤلاء يلقنون بعضهم بعضا السور، التّي يحفظونها، وقد يجازف البعض بكتابة الآيات، التّي يريد حفظها في ورقة صغيرة، بعد أخذ الاحتياطات الضرورية، كأن ينسخ الآيات في بيت الخلاء (القلم ممنوع والورق ممنوع كذلك...) ويتكتّم بعد ذلك عند الإطّلاع عليها، لأنّه مهدد، عند التّفطن إليه، بزيارة السّجن المضيق، والإقامة فيه لمدّة 10 أيام، بعد الوليمة بطبيعة الحال... وقد حدّثني السّجين (ك. ر) بأنّه وإخوانه الموجودين معه في إحدى غرف سجن صفاقس اشتبهت عليهم آية من سورة النساء، واختلفوا في قراءتها، ولم يحسم الأمر، ولم يتيقّنوا من وجه القراءة الصحيحة إلاّ عند قدوم السّجين (ع. م) إلى سجن صفاقس، قادما من السجن المدني بالهوارب، إذ كان يملك مصحفا، وكان يحسن حفظ السورة المذكورة. وقد عمد كثير من المديرين إلى حجز المصاحف، أذكر من هؤلاء (م. ح) مدير سجن رجيم معتوق آنذاك، و(ف) مدير سجن القيروان... وحدّث عن المصاحف المحجوزة ولا حرج... وإن كانت تلاوة القرآن من المقربات إلى ربّ العزة، فإنّها كانت في السجون التونسية مجلبة لأنواع مختلفة من العقوبات، من ذلك أنّ العريف أول (ع. ر)، هدّد السّجين (ق. ب. س)، الذّي كان يتلو القرآن بصوت مسموع بوضعه في بالوعة المياه المستعملة والأقذار، إن سمع صوته مستقبلا. وكان ذلك في صائفة 1995 بسجن الهوارب. أمّا أولئك الذّين كانوا في غرفة 1 جناح بالسّجن المدني بتونس، فقد حرموا كلّهم من أسرّتهم، لأنّ الوكيل آنذاك السيد (ع. ح)، رأى في تلاوتهم رموزا (وشفرات معلومات) يريدون تمريرها إلى سجناء الرّأي في جناح "ج". أمّا السيد (ب. غ)، الذي اشتهر باسم (ب. م) فكان صاحب صولات وجولات في الجناح المضيق بسجن تون إذ يزعجه الاستماع إلى القرآن الكريم، ولا يتورّع أبدا عن اختلاق الدّواعي، التّي تسمح به بمعاقبة المساجين. LY: كما أنّ حصص الإملاءات القرآنية كانت ممنوعة تماما، مثلها مثل كافة الأنشطة الجماعية... وقد علّق الوكيل أوّل (ح. ع) على حرص سجناء الرّأي على حفظ القرآن الكريم بالقول "لستم في السعودية، واللّه لن تخرجوا من السجن إلاّ بعد مددكم كاملة"، تلميحا إلى أنّ حفظ القرآن الكريم في السعودية، يعد سببا من الأسباب، التّي تجعل السّجين يتمتّع بالعفو...
  #8  
قديم 18-11-2003, 02:41 PM
حسام الدين حسام الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
المشاركات: 89
إفتراضي

إن كان من المؤسف تفشّي ظاهرة سبّ الجلالة في المجتمع التونسي عموما، فإنّ هذه التظاهرة لا تقابل بأي استهجان أو ردع لها، بل تجد شيئا من التّشجيع، بغضّ الطّرف عن مرتكبها، وعدم تحرّج الأعوان، بل من المسؤولين من التّفوه بها. وأسوق هنا بعض الوقائع، في شهر جوان (حزيران) 1994 دخل السجينان (ق. س) و(ب. ل) في إضراب عن الطعام، بسبب تعمد السيد مساعد مدير سجن المهدية سبّ الجلالة أثناء تأديتهما للصلاة داخل الغرفة...
أمّا السيد (هـ. ز) مدير سجن المهدية سنة 1992، الذّي كان قد أبدى شيئا من التّفهم، عند ما طلب منه المساجين التّصدّي لتفشّي ظاهرة الكفر، وكان حينها يؤدّي زيارة لغرفتي 6 و7 في السجن... لم يتوان هو نفسه عن إتيان ذلك في غرفة 8، التّي زارها مباشرة بعد غرفة 7، أي بعد دقائق معدودة من الوعد، الذّي قطعه للمساجين... وكثيرون هم المديرون ومساعدوهم وأعوانهم، الذين لا يرون أي حرج في سبّ الجلالة، ولا يستنكفون من ذلك أبدا... ألم يعاقب (م. ز) مدير برج الرومي سنة 1991، السجين (ع. م)، بعد تغليل يديه ورجليه، بأن وضعه على سرير حديدي دون حشية، وهو عار تمام، وشرع في جلده، طالبا منه سبّ الجلالة، إن أراد لنفسه السلامة. (وهو ما يذكر بما كانت قريش تفعله لبلال بن رباح، الذي كان يعذب في بطحاء مكة، ومعذبوه يطلبون منه الكفر برسالة محمد عليه الصلاة والسلام، وهو يرد عليهم أحد.. أحد). ">وفي الوقت الذي يعاقب فيه السّجين، وبكلّ صرامة، عن ابتسامة، أو تعليق بسيط، أثناء شريط الأبناء في التلفزة، فإنّ أعذارا عديدة تقدّم عند سبّه الجلالة، مثل "هل هو في مسجد حتّى نعاقبه على الكفر؟.. أو الادعاء أنه في ظروف قاسية، وأنها هي السبب في ما يصدر منه). لكن تلك الأعذار لا تلتمس لمن يعلق على الأخبار الرسمية، التي تأخذ قداسة أكثر من قداسة الدين ولفظ الجلالة.. السّجادة والسبحة واللّباس التّقليدي في سعيه للتصدّي لكلّ ما له علاقة بالدّين، ولو من بعيد، ارتأى السيد (ف. ر) مدير سجن الهوارب إلى حجز كلّ السجادات. وقام بحملات تفتيش للغرض... وعمد السيد المدير، بعد حجزها، إلى تزيين المكاتب الإدارية المختلفة بها، فتراها معلقة، أو ملقاة على كرسي، في مكتب الإرشاد، أو مكاتب التّنشيط، وفي المصحة وغيرها من المكاتب، لكن لا يجوز للمعتقلين أن يصلوا عليها. أمّا السبحة فشأنها شأن السجّادة فقد منعت طيلة سنوات، وفي كلّ السجون تقريبا، وإن كانت السبحة مصنوعة في السجن بأيدي السجناء أنفسهم. وكذلك الأمر بالنسبة للزي التقليدي التونسي (الجبة والشاشية...) فقد منع مبكّرا (1991) من كافة السّجون التّونسية، ولا يزال الأمر كذلك، في كثير من السجون. وإن كان السيد (ن. ع) مدير سجن المسعدين قد ارتأى سنة 1995 الاحتفال بيوم اللّباس التقليدي، فوقف أمام مصوّر السّجن متوسطا سجينين وسجينتين وهم يرتدون اللّباس التقليدي، ووشحت مجلة "الأمل"، التّي تصدر عن الإدارة العامة للسجون والإصلاح غلافها الخارجي بتلك الصورة، لم ير هذا المدير نفسه مانعا في حجز كلّ تبّان طويل، ومنع دخلوها إلى سجن المسعدين، ممّا أدّى إلى الإحجام عن الذهاب للاستحمام جملة. ">هذه بعض ملامح التّعامل مع شعائر الدّين ومظاهره في السّجون التونسي.ة ونحن على يقين من أنّ هناك من الممارسات الكثير لم يبلغنا عنها شيء، ولعلّها أشدّ فظاعة مما أوردنا في هذه العجالة، لكن حسبنا أن شرعنا في عملية التّوثيق لهذه الفترة، وعساها تكمّل الصورة، ويطلع من يريد الإطّلاع على واقع مرير، حرصت الإدارة طويلا على التّعتيم عليه، بمعاقبة كلّ من سمحت له نفسه بنقل شيء من حياته التّعيسة في غياهب السّجون إلى العالم الخارجي... لكن هل يمكن أن يدوم ذلك؟ كلاّ. إنّ المصلحة العليا لبلدنا تقتضي جرأة وشجاعة وحزما ومروءة، في توثيق هذه الحقائق الأليمة.. - جرأة في بسط كلّ الملفات للدّرس دون تستر على أي منها، وتشريك كلّ الأطراف الموجودة على الساحة لتقديم رأيها ورؤيتها..- وشجاعة في تحميل كلّ من تجاوز حدود صلاحياته، وتعسّف في استعمال نفوذه، والسلطة المنوطة بين يديه، مسؤولية الآلام والجراح التّي تسبّب بها" وحزما في تنفيذ ما يتوصل إليه بفضل تلك الجرأة وتلك الشجاعة. ومروءة تمكّن من طي صفحة الماضي، على أن لا ترى تلك الممارسات تعود من جديد... إنّ نتيجة واحدة قد يصل إليها المتأمّل في شعائر الذّين ومظاهره في السجون التّونسية، تتمثّل في التّنكيل بسجناء الرأي، والانتقام منهم، بقطع النّظر عن العهود والمواثيق الدولية، ودستور البلاد، وكلّ القوانين.. المنظمة للأوضاع داخل السجون، وإن أدّى ذلك إلى الدّوس على المقدّسات، وانتهاك حرمات الدّين وشعائره. ذلك التّنكيل، الذي كان يمثّل العملة الرائجة، والبضاعة النافقة، وجواز السفر نحو رضا المسؤولين، والارتقاء في السلم الوظيفي، وصك الغفران عن التقصير.. ">لكن فات هؤلاء المسؤولين أنّهم أقدموا، بسياستهم تلك، على خطوة من الخطورة بمكان، حيث إنّهم نقلوا الصراع من المجال السياسي إلى المجال العقدي، بل قد سمحت المؤسسة من حيث لم تشعر، أو لم تقدّر خطورته، إلى بعض رجالها بممارسة قناعاتهم الخاصّة تحت غطاء رسمي. ">ومن المفيد أن نلاحظ أنّ معاملة سجناء الرّأي كانت في العموم تمثل انعكاسا لما يستجدّ من أحداث على السّاحة القطرية والإقليمية والدولية، وكانت تتأثّر سلبا، في الأغلب، وإيجابا أحيانا بالأحداث أو ما يصدر هنا أو هناك من بيانات ومقالات وأخبار... وقد تدرّج هذا التّنكيل بسجناء الرّأي، حتّى بلغ أوجّه سنة 1995، وهذا لا يعني أبدا أنّ صفحة الانتقام والتّشفي قد طُويت بعد ذلك، وأنّ المعاملة قد تحسّنت في السنين الموالية... "ألا يحقّ للكثير أن يترحم على عهد لم يخل أي سجن فيه من مسجد تقام فيه الصّلاة، صلاة الجمعة، وصلاة الجماعة، ولا تزال المنابر والمحاريب في كلّ من سجن الناظور والكاف والهوارب... شاهدة على ذلك، وكان المرشدون الدينيون يزورون السجون أسبوعيا، لتقديم مواعظهم ودروسهم، ويستمعون إلى أسئلة المساجين ويجيبون عنها... أما اليوم فالحال غير الحال صحافي تونسي منفي قسرا في جنوب تونس هــوامش الجناح المضيق: غرف تحت الأرض مشهورة بتردّي ظروف الإقامة، وهي ضيقة جدّا، وتكاد تنعدم فيها التهوئة نظرا لشدّة الاكتظاظ في السجون التونسية، فإنّ كلّ سجين وافد لا يتحصل على سرير إلاّ بعد عدّة شهور، وفي الأشهر الأولى فإنّه ينام على الأرض، ويفقد مكان نومه، إذا قام لقضاء حاجة، والوافد الجديد فإنّ مكان نومه يكون عامّة أمام باب دورة المياه، التّي ليس لها باب.
القفة: سلّة تونسية يحمل فيها أهل السجين ما يحتاجه قريبهم من أكل في كلّ زيارة.
وقع محاكمة قيادة حركة النهضة فى صائفة 1992 أمام محكمتين عسكريتين هما محكمة ثكنة بوشوشة ومحكمة ثكنة باب سعدون بالعاصمة
المصدر: العدد السابع من مجلة أقلام أون لاين

لقد تعدى الفساد في تونس الحملة ضد المحجبات فاصبحت الشعوذة والسحر والدعارة من الامور الغير مستنكرة ومن الامور التي يتم الاعلان عنها بشكل علني وانتهى الامر الى منع الصلاة وقراءة القرآن وسب الله
ألا قاتلهم الله على مايقومون به
  #9  
قديم 24-11-2003, 11:38 AM
sary111 sary111 غير متصل
كاتب قدير ومحترم
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: بلاد المخبرين
المشاركات: 239
إفتراضي شي طبيعي عندهم !!!


اخي الكريم
هذا شي طبيعي من ناس متجردة من الاخلاق والادب ومن الدين ومن الحياء طبيعي انه يصدر منهم مثل كذا واكثر الذنب عمره مايكون راس يبقى ذنب طول عمره سافل حقير منحط محارب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وتونس الحقيقة ان حكومتها تقدر تقول محفل ماسوني كلها من زين الشياطين بن اليهود إلى آخر وزير منحط ، ولاتتوقع يجيبون لك في اي ادارة او مسئولية الا واحد زيهم فالقحبه لاتلد الا قحبه ماسمعنابغير كذا ..
الصبر جميل وكم بيجلسون يحكمون عيال اليهوديه عشر سنين؟ عشرين سنة؟ اربعين سنة؟ مصيرهم للمزبلة ،، والعاقبة للمتقين .. بس اهم شي لا احد يقبل توجهاتهم الفاسدة والعمل على فضحهم مع انهم مفضوحين قدام الله وخلقه.. وكل عام وانتم بخير ...
  #10  
قديم 24-11-2003, 10:10 PM
كوكتيل كوكتيل غير متصل
ديـنـاصـور الـخـيـمـة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2001
الإقامة: فوق الثراء
المشاركات: 11,627
إفتراضي

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م