وظيفةسيئة ..

[elabbady2002]

وظيفةسيئة
بقلم انطون تشيكوف
ترجمة مصطفى العبادي
www.anamasri.com

“ مَنْ هناك؟ ”

لا جوابَ.الخفير لا يَرى شيئا ًَ،ولكن خلال زمجرةِ الرياحِ وحفيف الأشجارِ يَسْمع ِبوضوح وقع أقدام شخص مايَسير على طول الدربِ أمامه.اليلة من ليالي مارسِ، غائمة وضبابية، ويبدو للخفير أن الأرض، والسماء وهونفسه وأفكارِه قد امتزجت جميعهاً لتصبح شيئاواحدا واسعِا،ًأسودا و منيعاِ. يُمْكِنهُ فقط أَنْ يَتلمّسُ طريقَه.

“ مَنْ الذي يمشي هناك؟ ” يُكرّرُ الخفير، ويهيأ له بأنّه يَسْمعُ هَمْسا و ضحكاتً مكتومة. “ من هناك؟ ”

“ أنا، صديق …” يُجيبُ صوتَ رجل عجوزِ.

“ ولكن مَنْ أنت؟ ”

“ أنا …مسافر. ”

“ أي نوع من المسافرين؟ ” يَبْكي الخفير بغضب، يُحاولُ إخْفاء رهبتِه بالصَياح. “ ماذا تُريدُمن هنا؟ تطَوْف حول المقبرةِ في الليل، أيها الشرير! ”

“ ْلا تَقُل إن هذه مقبرة ؟ ”

“ لماذا، وأَيّ شىء ستكون عدا ذلك؟ بالطبع هي مقبرةُ! ألا تَرى ذلك؟ ”

“أوه … يا اللهِ! ” اسمع صوت تَنَهُّد رجل عجوزِ. “ لاأَرى شيئاًَ، لا شىء البتة،لا شيء. أوه ياإلهي ظلام،ظلام! أنت لا تَستطيعُ رُؤية يَدُّكَ أمام وجهِكِ، الدنيا ظلام يا صديقي...”

“ لكن مَنْ أنت؟ ”

“ أَنا حاجّ، صديق , رجل متجول. ”

“ الشياطين، عصافير الليل. … نوع جميل مِنْ الحجاجِ! انهم سكارى …” يَهْمسُ الخفير، وقد اطَمأنَ بِصوت وتنهداتِ الغريبِ. “ لقد اغريتني بالخطيئة.تجدهم يَشْربونَ طوال اليومَ ويَطُوفونَ في الليل.... لَكنِّ يهيألي بأنّك ماكُنْتَ لوحدك؛ بَدا وكأنكماشخصان أوثلاثة. ”

“ أَنالوحدي، صديقي، لوحدي تماما. آه..يا لخطايانا …”

يَتعثّرُ الخفير أمام الرجلِ ويتوقّفِ.

“ كَيفَ وصلت الى هنا؟ ” َسْألهُ.

“ضللتُ طريقَي، أيها الرجل الطيب. كُنْتُ ذاهبا إلى طاحونةِ ميتريفسكي وضللت طريقَي. ”

“ عجبا!وهَلْ هذا طريقِ َطْاحونة ميتربفسكيُ أيها الأبله؟! للذهاب الى طاحونة ميتريفسكي يَجِبُ أَنْ تلزم اليسارِ، تسير بلا دوران حتى تخرج من البلدةِ ثم تسلك الطريقِ الرئيسي ِ. لقدَكنت تثمل وسرت نحو ميلين بعيدا عن طريقِكِ. كان لا بدَّ وأنْ تأخذ توصيلة من البلدةِ. ”

“ لقد فعلتُ، صديقي … حقاً فعِلتُ؛ أنا لَنْ أَخفي خطئي. لكن كيف َأَذْهبُ الآن؟ ”

“ اَذْهبُ مباشرة وعلى طول هذا الدربِ حتى نهايته، وبعد ذلك درً إلى اليسارِ واَذْهبْ حتى تعَبرَالمقبرةِ بالكاملِ وتصل إلى البابِ. سيكون هناك باب … اَفْتحُه واَذْهبُ ببركة الله. انتبه لا تَسْقطُ في الخندقِ. وعندماتصبح في خارج المقبرةِ اَذْهبُ على طول الطّريق سر بمحاذاة الحقول حتى تصل الى الطريقِ الرئيسيِ. ”

“ متعك الله بالصحةَ، صديقي. لترحمك ملائكة السماء وتحفظك .هلاَأْخذُت بيدي أيها الرجل الطيب ! َكنُ رحيماُ! قُدْني إلى البابِ. ”

“ كما لو كَانَ عِنْدي وقتُا لأهْدره! اذهب بنفسك! ”