مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 20-11-2006, 01:16 PM
غــيــث غــيــث غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الخيمة العربية
المشاركات: 5,289
إفتراضي الإنترنت مهد الكراهية.. (مقال )

بقلم:د. صالح سليمان عبد العظيم

ربما لا توجد وسيلة اتصال معاصرة تحمل بين طياتها كل هذا الكم الهائل من الكراهية وتأجيج المشاعر الدينية والعرقية والوطنية مثلما هو الحال مع الإنترنت. فقد سمحت هذه الوسيلة لكل من يرتادها بأن ينفث مشاعر الغضب والكراهية التي تنطوي عليها نفسه، وتعبر عنها انتماءاته، ولا يستطيع التفوه بها في الواقع المعيشي، من دون خوف ومن دون تعقب، سواء من جانب السلطات الرسمية أو من جانب السلطات الاجتماعية الأخرى أفرادا ومؤسسات.
ويتسق ذلك مع كون النشأة الأولى للإنترنت لم تكن تهدف إلى تعميق التواصل بين البشر وتدعيم أواصر الحوار فيما بينهم. ظهرت البدايات الأولى للإنترنت في أواخر الستينات من القرن الماضي من خلال مشروع عسكري تبنته الولايات المتحدة الأميركية يهدف إلى ضمان الحفاظ على بنية المعلومات الخاصة بها حال تعرضها لضربة عسكرية مفاجئة.

ورغم أن شبكة الإنترنت تجاوزت هذا الارتباط العسكري الخاص بالنشأة لتنتشر فيما بعد في مختلف الجامعات ومراكز البحوث العلمية حيث يستخدمها ملايين المؤسسات والأفراد، فإن هذا الطابع العسكري للإنترنت مازال ملازما لها حتى الآن، على الأقل من خلال الطابع الهجومي والعدائي الذي تنطوي عليه العديد من مواقع الإنترنت الحالية.

فالإنترنت قد أصبحت ملاذاً للجماعات الأصولية بكافة أشكالها وانتماءاتها، كما أصبحت موطنا للأقليات في جميع أنحاء العالم للدفاع عما تراه حقوقا لها، كما أنها قد أصبحت واجهة للدول والوزارات والحكومات والمؤسسات الدولية والإقليمية والمحلية. كما أنها قد أصبحت ملاذا لكل من يريد أن يعبر عن هواجسه، ويريد أن يطلع الآخرين عما يواجهه من مخاطر ومعاناة. وعبر كل هذه المواقع لا يطالعنا سوى صوت منشئيها وتوجهاتهم المسبقة، حيث يبدو صخب الأيديولوجيات وتناطح المصالح بشكل قل أن نجد له نظيرا في أي مكان آخر.


ورغم ما أطلقته الإنترنت في عالمنا العربي من حريات غير مسبوقة للتعبير، بشكل تجاوز قدرات الدول العربية ذاتها على الرقابة والسيطرة، فإنها قد أطلقت مشاعر العداء والكراهية المكبوتة في جميع أشكالها وألوانها. وعلى ما يبدو أن الهيمنة التي مارستها بعض الدول العربية على الكلمة المكتوبة طوال العقود السابقة من جانب، وشعور المواطن العربي بالغبن والظلم الاجتماعي والسياسي من جانب آخر، قد أطلق ما يمكن أن نطلق عليه الحريات المنفلتة غير الناضجة والمثيرة للعداء والكراهية أكثر منها الداعمة للحوار والنقاش العقلانيين.

ورغم أن هذا الانفلات في استخدام الحريات المتاحة عبر الإنترنت قد سمح بإطلاق الكامن والدفين من المشاعر والتوجهات والانفعالات من جانب، إلا أنه قد كرس حالة العداء والكراهية الموجودة عبر الواقع المعيشي، وأعاق إمكانيات التوصل لقدر ما من العقلانية والتفاهم من جانب آخر.

فقد وجد المواطن العربي على اختلاف مشاربه وتوجهاته في الإنترنت فرصته التاريخية في فضح العديد من الأنظمة العربية التي انتهكت حرياته، وأعاقته عن ممارسة فعالياته ومساهماته المجتمعية. وإذا كان هذا المواطن قد قبل بأشكال الرقابة التقليدية التي مارستها العديد من النظم العربية عليه، فإنه قد وجد ضالته المنشودة في الإنترنت، من دون أن يعلن عن نفسه، ومن دون أن يقدم نفسه أضحية لهذه النظم.


وإذا كان العديد من أبناء الأقليات في العالم العربي قد قبلوا التحيزات والتمايزات التي يمارسها بعض أبناء الأغلبية ضدهم، فإنهم قد وجدوا أيضا ضالتهم المنشودة في الإنترنت لفضح هذه الممارسات، وفي كثير من الأحيان المبالغة في بعضها، بل وفي أحيان غير قليلة اختلاق بعضها.

كما أن الإنترنت قد أطلقت حدة العداءات بين المواطنين العرب أنفسهم، فما كان مختبئا في الماضي، وما كان يصعب التعبير عنه عبر الوسائل التقليدية، قد وجد له متسعا عبر الإنترنت، وعبر التعليقات المتواصلة التي يطلقها ملايين العرب من مجهولي الهوية. فالمعارك الطاحنة عبر الإنترنت التي تبرزها تعليقات القراء الذين يستخدمون في الغالب أسماء حركية تكشف المدى الذي وصلت إليه العلاقات فيما بين المواطنين العرب أنفسهم.


تكشف الاستخدامات العربية المعاصرة للإنترنت عن حالة مخيفة من التنميط يمارسها البعض ضد البعض الآخر. وتنبع حالة التنميط التي يمارسها المواطنون العرب ضد بعضهم البعض من عدم معرفة بالآخر وجهل تام بشؤون حياته. فهؤلاء شحاذون، وهؤلاء أغبياء، وهؤلاء خبثاء، وهؤلاء مترفون، وهؤلاء منحلون، وهؤلاء أذلاء، وهؤلاء كافرون، وهؤلاء ملحدون، وهؤلاء عملاء، إلى آخره من قائمة الوصفات الجاهزة التي يطلقها البعض ضد البعض الآخر عبر صفحات الإنترنت. إضافة إلى ذلك، كشفت حالة التنميط التي تظهر عبر صفحات الإنترنت عن الدور السلبي الذي تمارسه وسائل الإعلام العربية في تغذية حالة سوء الفهم بين المواطنين العرب بما يدعم من استشراء حالة التنميط فيما بينهم.

إذا كانت الإنترنت قد فتحت آفاقا جديدة للعلنية والمكاشفة، فإنها ومن خلال التحيزات الأيديولوجية والنيات العدائية المسبقة قد عمقت من حدة الخلاف والعداء بين المواطنين العرب العاديين الذين لم تكن تشغلهم هموم السياسة، وأوضاع الأقليات، والاختلافات الدينية، والانتماءات العرقية. وهذه هي المخاطر الجمة التي أطلقت عقالها الإنترنت. صحيح أنها قد أشركت الكثيرين في النقاش، لكنها أشركتهم بأطرهم الفكرية والأيديولوجية المسبقة، وليس بضرورات الحوار العقلاني الواعي الذي يهدف إلى تقدم الواقع العربي المعاصر وتحسين شروط العيش فيه.


قد يكون للإنترنت فائدة من حيث إنها قد تسمح للجميع أن يعلن عما يجيش في صدره من خوف وتوجس وعداء وكراهية، لكن الخوف يكمن هنا في أن تساهم الإنترنت في المزيد من استفحال هذه الحالة من خلال تحويل المواطنين العرب إلى جيتوهات منفصلة عبر صفحات الإنترنت لا تسمع سوى صوتها، ولا تهدف سوى إلى تحقير الآخر أو إلى إبادته.
__________________
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م