وكذلك ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما تعدون المفلس فيكم ؟ قالوا: المفلس فينا من لا له درهم ولا دينار، قال: المفلس من يأتي يوم القيامة وله حسنات أمثال الجبال، فيأتي وقد شتم هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا، وقذف هذا، وضرب هذا، فيقتص هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار . رواه مسلم .
وقد قال تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات) . فدل ذلك على أنه في حال إساءته يعمل حسنات تمحو سيئاته . وهذا مبسوط في موضعه .
والمعتزلة موافقون للخوارج هنا في حكم الآخرة، فإنهم وافقوهم على أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار، لكن قالت الخوارج. نسميه كافراً
وقالت المعتزلة: نسميه فاسقاً، فالخلاف بينهم لفظي فقط.
وأهل السنة أيضاً متفقون على أنه يستحق الوعيد المرتب على ذلك الذنب، كما وردت به النصوص. لا كما يقوله المرجئة من أنه لا يضر مع الإيمان ذنب، ولا ينفع مع الكفر طاعة !
وإذا اجتمعت نصوص الوعد التي استدلت بها المرجئة، ونصوص الوعيد التي استدلت بها الخوارج والمعتزلة - تبين لك فساد القولين ! ولا فائدة في كلام هؤلاء سوى أنك تستفيد من كلام كل طائفة فسادَ مذهب الطائفة الأخرى].أ.هـ.
فالخوارج مذهبهم واضح وصريح في تكفير أصحاب الكبائر.
أما خوارج اليوم من أصحاب الفكر التكفيري فإن غالبهم يأنف أن يُنسب إليه القول بتكفير مرتكب الكبيرة وربما يصرح بعضهم ببراءته من هذا القول لكنهم لبسوا لبوساً آخر في تبني هذا القول حيث إنهم يكفرون أصنافاً من أصحاب الكبائر:
كالمجاهر بالكبيرة
أو المصر عليها
أو المستخف بها
أو المرخص لها
وهذه هي نقطة الخلاف الرئيسية بينهم وبين مخالفيهم.
وستأتي مناقشة هذا المذهب الجديد وبيان فساده ومخالفته لمذهب السلف في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى ...
تحياتي